تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشك وسوء الظن



المتابع
05-17-2009, 11:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


إن الشك وسوء الظن داء خطير ومرض من أمراض القلوب ، ابتلي به البعض من الناس ، فما إن تقول له كلمة أو تعمل عملاً إلا وبدأ الشك يساوره وسوء الظن يداخله فيما قلت وعملت ـ فلا حول ولا قوة إلا بالله ـ وكان ينبغي عليه أن يتأكد ويمحص الأمر حتى يرى ما الدافع لذلك القول والفعل ، بل كان من الواجب عليه أن يُحسن الظن بإخوانه المسلمين ، فلا يُسئ الظن إلا إذا تبين له ذلك ، فبعض الناس ما إن ينقل له أن فلاناً من الناس قال كذا وكذا حتى يسئ الظن ويشك في ذلك القول ، والله تعالى يقول : { ياأيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } ( الحجرات6 ) ، يقول بن سعدي في تفسير هذه الآية : [ وهذه أيضاً من الآداب التي ينبغي على أولي الألباب التأدب بها واستعمالها ، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بنبأ ، أي خبر ، أن يتثبتوا في خبره ، ولا يأخذوه مجرداً ، فإن في ذلك خطراً كبيراً ، ووقوعاً في الإثم ، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل ، حُكم بموجب ذلك ومقتضاه ، فحصل من تلف النفوس والأموال بغير حق ، بسبب ذلك الخبر ما يكون سبباً للندامة ، بل الواجب عند سماع خبر الفاسق التثبت والتبين ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : { إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث } ( البخاري ومسلم ) ، أراد الشك يعرض لك في الشيء فتحققه وتحكم به ، وقيل : أراد إياكم وسوء الظن .
فأحسن الظن بالناس ، يُحسن الناس الظن بك ، فينبغي لمن سمع قولاً مثلاً فلم يستطع تفسيره أو تحليله ، ينبغي عليه ألا يُسيء الظن بل يذهب إلى القائل ويقول : يا أخي لقد قلت ذلك القول فماذا تقصد به ، حتى يتبين الأمر .

مساوئ سوء الظن :
فسوء الظن قد يجر إلى عواقب وخيمة ومساوئ عديدة منها :
1- العداوة والبغضاء والشحناء بين الناس .
2- قد يجر الإنسان إلى ماهو أشد منه من غيبة أو نميمة أو كذب من أجل الإضرار بالآخرين.
3- المقاطعة والكراهية .
وعد الإمام بن حجر سوء الظن بالمسلم من الكبائر الباطنة ، وذكر أنه الكبيرة الحادية والثلاثون ، وقال : وهذه الكبائر مما يجب على المكلف معرفتها ليعالج زوالها لأن من كان في قلبه مرض منها لم يلق الله بقلب سليم ، وهذه الكبائر يذم العبد عليها أعظم مما يذم على الزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها من كبائر ذنوب البدن وذلك لعظم مفسدتها ، وسوء أثرها ودوامه .

أقسام سوء الظن :
وسوء الظن ينقسم إلى قسمين كلاهما من الكبائر وهما :
1- سوء الظن بالله : وهو أبلغ في الذنب من اليأس والقنوط ( وكلاهما كبيرة ) وذلك لأنه يأس وقنوط وزيادة ، لتجويزه على الله تعالى أشياء لا تليق بكرمه وجوده .
2- سوء الظن بالمسلمين : وهو أيضاً كبيرة من كبائر الذنوب ، وذلك أن من حكم بشر على غيره بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره ، وعدم القيام بحقوقه والتواني في إكرامه ، بل وإطالة اللسان في عرضه ، وكل هذه مهلكات موبقات ، وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالباً لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه وسوء طويته ، فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه ، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه .
والظن مذموم في كثير من الأمور ، قال تعالى : [ وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ] ( يونس 36 ) . وعن سعيد بن المسيب قال : كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك ، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شراً ، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
يقول الشاعر :
فـلا تـظـنـن بـربـك ظـن سـوء
فــإن الله أولــى بــالـجـمـيـل
ولا تـظـنـن بنفـسـك قـط خـيراً
فـكـيـف بـظـالـم جـان خجـول
وظـن بـنـفـسـك السـوءَ تجـدها
كـذلـك خـيـرهـا كـالمستـحـيل
ومـا بـك مـن تـقـىً فيـها وخـير
فـتـلـك مـواهـب الـرب الجـليل
ولـيـس لـهـا ولا مـنـهـا ولكن
مـن الـرحـمـن فاشكـر للـدليـل

مضار سوء الظن :
ومن مضار سوء الظن :
1- يؤدي إلى غضب الله وسخطه .
2- دليل على فساد النية وسوء الطوية .
3- خلق من أخلاق المنافقين .
4- يولد الشحناء والبغضاء بين الناس .
5- مفتاح للعواقب الوخيمة والأعمال السيئة .
6- يورث الذل والهوان على الله ثم على الناس .
7- دليل ضعف الإيمان .
8- دليل على عدم الثقة بالنفس .

مضار الشك :
وللشك مضار ومخاطر نذكر منها :
1- الشك يضعف الإيمان بالله عز وجل وبالملائكة والكتاب والنبيين وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
2- يدخل الوسواس على القلب فلا يجعله يثبت على يقين .
3- الريب والشك والوسواس آفات نفسية تجعل الثقة مهزوزة بي أفراد المجتمع .
4- المصاب بداء الشك مريض في نفسه لا يستطيع أن يثبت في حال من الأحوال .
5- الشك في الله شرك أكبر .
6- الشك سمة ضعف الإنسان وقوة الشيطان عليه .
7- الشكوك في الرعية تفسدها .
8- الاستكانة للشك تجلب التهم .
9- الشك ينتج إساءة الظن بأقرب الناس .
فاتق الله أخي الكريم ، وأحسن الظن بالناس ، ولا ترتاب ولا يساورك الشك فيهم لتحبهم ويحبونك ، وتألفهم ويألفونك ، فيدوم الود والإخاء والصفاء ، والألفة بين الناس والوفاء ، وإياك وسوء الظن أو الشك فإنهما يوجبان التقاطع والتدابر والتنافر والفرقة والبعد عن الناس ، فالله تبارك وتعالى يُعرض عن المتخاصمين حتى يصطلحا ، فمن حق المسلم على المسلم إذا لقيه أن يسلم عليه ، فبسوء الظن لايمكن أن يحصل ذلك ، وهذا ليس من أخلاق المسلم ، بل الواجب على المسلم التحلي بالأخلاق الفاضلة الحسنة حتى يُرضي ربه سبحانه .

طرابلسي
05-17-2009, 02:09 PM
أحسنت النصح والبيان ... أحسن الله إليك

المتابع
05-17-2009, 02:35 PM
أحسنت النصح والبيان ... أحسن الله إليك
بارك الله فيك أخي وأحسن الله إايك وأبعد الله عنك الشك وسوء الظن بعباده المؤمنين