تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين وسبيل التحرير



طرابلسي
05-10-2009, 01:35 PM
فلسطين وسبيل التحرير

منْ يسترجع شريط التاريخ ولحظاته يدرك أن سنة التداول للأيام بين بني البشر ماضية إلى قيام الساعة. مصداقاً لقوله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) (آل عمران:140)، ولا معنى للامتحان والبلاء إذا ما أتى النصر واستمر على مدار الدهر من غير ما كفاح وجهاد مستمرين؛ جهاد النفس، وجهاد المنكر، وجهاد الأعداء، فإن جاء النصر للأمة من غير أن تحرك ساكناً، أو أن تبذل جهداً، فإن سنة التداول والابتلاء تكون قد تعطلت وتعطل معها بالتالي قانون الامتحان، الذي هو محور الحياة الدنيا قال تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) (الملك:2).
هل حسبت الأمة أن يأتيها النصر على طبق من ذهب كأننا لم نقرأ قوله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (3)) (العنكبوت).

وحينما استبطأ الرسول وصحابته النصر نزل قول الله تعالى: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى" يقول الرسول والذين آمنوا معه متى" نصر الله ألا إن نصر الله قريب 214) (البقرة:214).


جهاد النفس


فلا بد حتى تخطو الأمة نحو النصر من أن يجاهد أفرادها أنفسهم حق الجهاد، إذ إن النصر مرهون بنصر المسلمين لله المتضمن نصر شريعته ودينه والابتعاد عمَّا حرَّم، فإن الجري وراء الشهوات والركون إلى الملذات والسير في سبيل الشيطان وغوايته والارتكاس في حبائله، يستدعي وقفة صامدة، من قلوب بالإيمان عامرة، في وجه طغيان النفوس وفسادها، وهذا ما أشار إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" قالوا وما الجهاد الأكبر؟ قال: "جهاد القلب" . وفي الحديث أيضاً: "أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه"، وذلك بأن يكفهما عن الشهوات ويمنعهما عن الاسترسال في اللذات، ويلزمهما فعل الأوامر، وتجنب المناهي، فإنه الجهاد الأكبر، والهوى أكبر أعدائك، وهو ونفسك أقرب الأعداء إليك، والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) (التوبة:123)، ولا أكفر عندك من نفسك، وإذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك جهاد الأعداء، ولعمري إن جهاد النفس لشديد، بل لا شيء أشد منه فإنها محبوبة وما تدعو إليه محبوب، ولهذا قال الغزالي: وأشد أنواع الجهاد الصبر على مفارقة ما هواه الإنسان وألفه، إذ العادة إذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله ولا يقوى باعث الدين على قمعهما، فلذا كان أفضل الجهاد.
ذلك أن المؤمن إذا لم يتمكن من أن يجاهد نفسه ويتغلب على نزواته، وأهوائه وأن يقيم حكم الله فيها فليس من سبيل له لأن يتمكن من جهاد الأعداء، فكيف سيبذل نفسه رخيصة في سبيل الله وهو لم يتغلب على هواه وهو أعدى أعدائه وألد خصومه؟

نعم، إن أمة يلهث أبناؤها وراء الانحلال والميوعة والإخلاد إلى الأرض أمة لن تشرق شمس النصر عليها يوماً حتى تحقق أمر الله في نفسها، ومن ثمَّ يحقق الله وعده لها، ومن هنا كان قول صلاح الدين ذلك المجاهد العظيم والمحرر للأمة من رجس الصليبيين في جنوده القائمين الذاكرين وهم يستعدون لخوض المعركة الفاصلة: "لن يُهزم جيش فيه أمثال هؤلاء".

نحن نقول: لن تنتصر أمة هؤلاء أبناؤها الذين تنكروا لثقافتهم وفكرهم وحضارتهم.
ومن جهاد النفس أن يتعالى المرء عن مغريات الحياة وسفاسف الأمور والكماليات لينطلق نحو التضحية بكل غال ونفيس في سبيل نصر الأمة وإعلاء كلمة الله، وهل يأتي نصر من غير تضحية وصبر وثبات وصمود في مواجهة النفس الأمارة بالسوء؟ وبماذا ضحت الأمة اليوم من أجل تحرير الأرض، وإيقاف المجازر التي يُذبح فيها أبناؤنا كالخراف على مرأى ومسمع من العالم؟

جهاد المنكر

أما جهاد المنكر فهو الآخر من السبل الرئيسة المؤدية للنصر، إذ عندما يتسلح المسلمون بالنفوس السوية، ويتحصنون بالصلة القوية بربهم ودينهم وشريعتهم عندها تنطلق الهمم نحو إحقاق الحق وإزهاق الباطل ولسوف نجد يومها المنكر يحتضر ويذوب ويزول ونذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة المكرمة وراح يكسر الأصنام : وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .
ولجهاد المنكر وسائل وأساليب وأشكال لا يمكن حصر الحديث عنها في هذه الصفحات المختصرة فذلك يحتاج إلى مؤلفات ومجلدات ولكن لابد قبل أن ننتقل إلى المرحلة الثالثة وهي الجهاد في سبيل الله من مجاهدة المنكر في نفوسنا ومدننا وأحيائنا وقرانا، ولابد من أن يتصدى للإصلاح فئة تحمل لواء الدعوة وإلا لحق الإثم بالجميع، إذ أمر الله سبحانه في كتابه العزيز: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (آل عمران:104).


جهاد الأعداء
وبعد تحقيق النصر في المرحلتين السابقتين "جهاد النفس وجهاد المنكر"، ترتقي الأمة إلى مستوى يمكنها معه أن تخوض الجهاد، وأن تحمي بيضة المسلمين، وأن تأخذ بناصيتها نحو العز والنصر والرفعة.

وكيف لأمة لا يعرف أبناؤها أحكام الطهارة وغيرها من البدهيات الإسلامية.. كيف لها أن تنفض عنها غبار الذل والمهانة وأن تعلنها مدوية في سماء المجد بأنا ها قد عدنا لنحرر الأرض؟.
وأمة لا تتجه إلى ربها كيف سيتجه إليها النصر من عنده؟ وأمة تكاسلت وتواكلت حتى في أبسط الأمور على غيرها من الأمم فهي تلبس مما لم تنسج، وتأكل مما لم تزرع، وتستجدي السلاح من الأعداء، وتطلب الرحمة من قلوب الذئاب، وتتباكى أمام التماسيح البشرية ذات القلوب الوحشية؟!
ليس ثمة نصر ما دمنا راقدين مستمرين فيما نحن فيه حتى نحقق النصر على النفس، وعلى المنكر، وعندها يثمر ذلك نصراً مؤزراً يعيد للدنيا إشراقها وبريقها وتعود للحرية مجدها.

أما إذا جاء النصر في هذه الظروف التي تمر بها أمتنا فإنه لن يلبث بين ظهرانينا سوى بضع ساعات، إذ إننا نفتقد البيئة الصالحة لاحتضانه، والمحافظة عليه.

النصر إذن لابد أن تسبقه انتصارات مرت الإشارة إليها بإيجاز حتى يمكث بيننا ويدوم لنا ذلك أن الدم في الجسم إذا أُصيب بفيروس فإنه يفسد إذا لم تُعالج أسبابه، ولسوف يبيد كل دم جديد يدخل إلى شرايين الجسم حينها.




منقول

مقاوم
05-10-2009, 02:34 PM
بعد أمرك أبو عمر، لي العديد من المآخذ على هذا المقال وسيكون لي عودة لتفصيلها إن شاء الله.

أولها هذ الحديث:
"رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" قالوا وما الجهاد الأكبر؟ قال: "جهاد القلب" .فهو لا يصح نقلا ولا عقلا!!