تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المشروع الإسلامي وفلسفة "الحكومة الملتحية"



من هناك
05-06-2009, 08:07 PM
المشروع الإسلامي وفلسفة "الحكومة الملتحية"



حسن الحسن (http://islamyoon.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1239888633848&pagename=Islamyoun/IYALayout&ref=body#***1)05-05-2009




http://islamyoon.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1241504758837&ssbinary=true


يتلخص المشروع الإسلامي بعنوان ’الإسلام هو الحل’. وهو ما تبنته الحركات والأحزاب الإسلامية كشعار لها في كافة مراحلها، كما تعلقت به الأمة الإسلامية بشكل متزايد مع ظهور فساد الحلول المستوردة وسوء أنظمة الحكم الوضعية وزيف الديمقراطية الغربية وعدم تحقيقها أي تقدم للأمة على أي صعيد يذكر.إلا أنه رغم اتفاق أصحاب العمل الإسلامي على العنوان أعلاه فقد تباينت رؤاهم في تفصيل محتواه وإسقاط الأحكام المستمدة منه على الوقائع والأحداث ضمن رؤيتين رئيسيتين. تنادي الأولى منهما بالتغيير الجذري الشامل وقلب المجتمع الجاهلي الحديث المنحرف عن شرع الله برمته وإعادة تشكيله على أساس الإسلام. فيما تتبنى الرؤية الأخرى المشاركة بفاعلية في الواقع السياسي الحديث انطلاقاً من معطياته التي تفرضها الأنظمة الحاكمة والقوى الدولية. وتتقصد هذه الرؤية تحقيق إصلاح ما أمكن بشكل جزئي وتدريجي متوخية تجنب الصدام مع الحكام أو مع الرأي العام. وقد اعتنق هاتين الرؤيتين حركات إسلامية عديدة نادت بإحياء الخلافة ووحدة بلاد المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية وتحرير المقدسات. إلا أنّ تلك الحركات كانت تكتشف مع كل تجربة تمر بها صعوبة المهمة وعمق هيمنة المستعمر الغربي على بلاد المسلمين، لا سيما في الأوساط السياسية والأمنية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية الفاعلة التي شكلت رأس حربة في محاربة المشروع الإسلامي، مما حال بشكل رئيس دون تمكن الحركات الإسلامية من تحقيق أهدافها.


التيارات الإسلامية
رغم الأعاصير التي هبت على المشروع الإسلامي، فإنه لم يتهاو كما توهم البعض حصوله. على العكس من ذلك، فقد اشتدت جاذبيته للجماهير المسلمة مع مرور الوقت، لا سيما مع تساقط البدائل المقترحة من اشتراكية وليبرالية وقومية ووطنية وديمقراطية الواحدة تلو الأخرى. وبدل أفول نجم الحركات الإسلامية السياسية الداعية إلى استئناف الحياة الإسلامية، أخذت تتكاثر وتجد رواجاً، إلا أنها بقيت محصورة عموماً ضمن ثلاث تيارات أساسية.
التيار الإسلامي المسلح: يتوجه هذا التيار بحسب أدبياته إلى مناجزة العالم الغربي الرأسمالي الكافر المستعمر وأعوانه بالسيف، معللا نهجه هذا بأنّ قوى الغرب لا تفهم سوى منطق القوة، وأنه لا أمل بفكاك الأمة من أنظمة الحكم الفاسدة المستأثرة بالسلطة والثروة في بلاد المسلمين من غير ضرب الطاغوت الأصلي وإضعاف هيبته وهيمنته من خلال عملية استنزاف مستمرة طويلة الأمد، وهو ما يؤدي بحسب تصور أصحاب هذا التيار إلى تقهقر الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي التابعة للدول الكبرى، وبالتالي إلى سقوطها بيد الحركات المجاهدة حين يظهر الله الفئة المؤمنة على الكافرة الهالكة.
وقد قام هذا التيار بمناوشة خصوم المشروع الإسلامي المحليين والعالميين من خلال ضربات عسكرية متقطعة أو من خلال مواجهات مستمرة، محاولاً استنزافهم حيثما تمكن وكيفما أمكن، غير مبالٍ سوى بالمعركة الفاصلة المتواصلة إلى آخر رمق، وغير آبه بما يشاع عنه من انتهاكات نالت كثيراً من صورته وبعثت القلق في نفوس المسلمين قبل غيرهم من سيطرته على العمل الإسلامي العام، فضلاً عن شكوك كثيرين في جدوى ما يمكن أن يتحقق على يد هذا التيار لو صار أمر الحكم الإسلامي إليه.
التيار الإسلامي الشمولي: يعتبر هذا التيار أنه لا خلاص للأمة من دون إجراء عملية تغيير شاملة ومتكاملة فيها استناداً إلى قواها الذاتية وتطبيق الإسلام دفعة واحدة. محذراً ارتباط المسلمين أفراداً وجماعات بالقوى الاستعمارية أو أتباعها، واصفاً ذلك بالانتحار السياسي الذي يؤدي إلى تجذير هيمنة الاستعمار بدل إزالته. رافضاً التدرج في المنهج أو التلون بالواقع، منكراً كل ما استحدث في العالم الإسلامي من هويات (وطنية وقومية) ودويلات (مستقلة) ومنظمات (جامعة عربية ومجلس تعاون خليجي ومؤتمر عالم إسلامي) لمخالفتها الأحكام الشرعية التي تنص على وجوب وحدة الأمة وتحكيم شريعتها. مبتعداً عن ردات الفعل وقعقعة السلاح، مكتفياً بمفاصلة الحكومات فكرياً وسياسياً إلى أن يتمكن من استلام زمام الأمور من خلال كسب القوى الفاعلة في المجتمع والدولة.
تقصد هذا التيار التغلغل في صفوف الأمة عبر مناصريه ومحازبيه من خلال العيش الطبيعي في المجتمع، محاولاً (أ) توجيه الرأي العام بحسب معاييره ومفاهيمه السياسية والفكرية والتكتلية والفقهية. (ب) تقديم مشروع إسلامي مفصل ومبلور. (ج) كسب ثقة الناس عبر خوضه صراعاً فكرياً وكفاحاً سياسياً مبدئياً مع خصوم الأمة ومع المشاريع المستوردة والمبادئ الوضعية. (د) تتمثل أبرز نقطة عند هذا التيار في رفضه المشاركة في أي سلطة قائمة في العالم الإسلامي، وتصوره بأنه لا بد من أخذ السلطة من خلال سحب الغطاء عن أي شرعية تتلبس بها الأنظمة الحاكمة من جهة وكذلك من خلال كسب مفاتيح التغيير بغية إقامة الحل الإسلامي المنشود.

التيار الإسلامي الواقعي: يكيف أصحاب هذا التيار أنفسهم مع الواقع السائد عبر حلول توصف عادة بالوسطية. ويبحث هؤلاء عن دور لهم ضمن العملية السياسية الجارية في المجتمع، مستعملين لغته وقوانينه وآلياته، متخذين من النظام السياسي القائم خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، معتبرين الدعوة للانقلاب عليه مغامرة خاسرة، وفي أحسن الأحوال حلماً مثالياً لا أكثر. ولذلك تتمحور أعمالهم ضمن إطار الخطوط الحمراء التي ترسم ما هو مسموح به من أعمال جزئية ضمن سقف الأنظمة الحاكمة.

ولذلك نشط هذا التيار في القيام بالمشاريع الخيرية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ودور الأيتام وجمعيات مكارم الأخلاق والإغاثة الإسلامية والمدارس الإسلامية وما شاكل لسد الثغرات التي تولدت في المجتمعات الإسلامية جراء إهمال أنظمة الحكم لها. كما شارك هذا التيار حين سمح له في خوض الانتخابات البلدية والنقابية والبرلمانية، حيث لا مجال لتغيير جوهري في السياسات القائمة، فضلاً عن عدم إمكان تغيير قواعد اللعبة السياسية أو الانقلاب عليها من خلالها. وكان جل طموح هؤلاء أن يحظوا بمواقع متقدمة في المجتمع والدولة على أمل أن يؤهلهم هذا لتقديم شيء أكثر أهمية في المستقبل.


الحكومة الملتحية
تبنى التيار الواقعي فلسفة "الحكومة الملتحية"، تلك التي يعتبرها الدكتور عبد الكبير المدغري ضرورة مرحلية للوصول إلى الحل الإٍسلامي الشامل. معتبراً أنّها "لن تتعدى تدبير المال والاقتصاد في بنيته وشروطه الحالية، وتوجيهاته الرأسمالية الليبرالية، وتعليمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتركيبة الاقتصاد الربوي ... ولذلك فإن الحكومة الملتحية لن يكون لها من الإسلام إلا اللحية بحكم الضرورة وما تفرضه الأوضاع الداخلية والخارجية."
وغاية الحكومة الملتحية بحسب أدبيات أصحابها، أن تقدم نفسها للأمة تحت شعار ’الإسلام هو الحل’ بلحى كثيفة وطويلة متدلية من ذقون القائمين عليها، للتدليل على عمق التوجه نحو الالتزام بأحكام الشريعة. محاولين الوقوف عند الشكل في المرحلة الحالية كخطوة إلى الأمام في المشروع الإٍسلامي العام. ولذلك فلا داعي بحسب هؤلاء إلى "التشدد" في تطبيق الحدود أو حظر الربا أو منع السواح من ممارسة أنشطتهم المعتادة في الملاهي والشواطئ والمقاهي، أو إعلان الجهاد ضد الأعداء، أو دفع الأمة نحو التوحد الاندماجي في دولة واحدة، أو طرد نفوذ المستعمرين والتخلص من عملائهم من بلاد المسلمين أو أو أو ...! فالقيام ببعض ذلك فضلاً عنه كله سيستجلب تحرك القوى المناوئة للحل الإسلامي الشامل داخلياً وخارجياً وهو ما لا يمكن تحمل عواقبه بحسب تقديرهم.



إشكاليات الحكومة الملتحية
ثمة عوائق جوهرية تعترض تسويق وقبول فلسفة الحكومة الملتحية، إذ أنها تتناقض من حيث المبدأ مع ما هو معروف من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الرافض كل عروض المساومة على الدين كله أو جزء منه مقابل السلطة والثروة حتى في أشد أوقات المحنة والاستضعاف للفئة المؤمنة.إن تسليم أصحاب فكرة الحكومة الملتحية بمعطيات الواقع كأساس للبناء عليه وتطويره يغلق الأبواب أمام علاج للمشكلات التي تعاني منها تلك البلاد الإسلامية. فمثلاً إن التسليم بالمغرب أو الأردن أو موريتانيا أو لبنان أو الكويت كأوطان نهائية (ولو في المدى المنظور)، والتعاطي مع المشاكل التي تجابهها تلك البلدان من خلال هذا المنظور يؤدي بطبيعة الحال إلى قصور في ايجاد العلاج لكثير من المشاكل، حيث راعت قوى الاستعمار الغربي عند إنشائها لهذه الأوطان عدم قدرتها على معالجة شؤونها الأمنية والسياسية والاقتصادية ذاتياً. ما يعني أن التسليم بهذا الواقع والعمل من خلاله هو إقفال لأبواب الحل، التي تتجاوز الحدود المصطنعة وترتبط بالبعد المتعلق بالأمة الإسلامية وما تمتلكه من طاقات ومقدرات ثقافية ومادية ومعنوية.
أضف إلى ذلك أنه تم تجربة أكثر من نموذج للحكومة الملتحية فعلاً في أكثر من زمان ومكان وفشلت فشلاً ذريعاً، على نحو ما حصل مع حكومة الإنقاذ في السودان مثلاً، تلك التي رفعت شعار الإسلام ومارست نقيضه، وقد ثبت فشلها للقاصي والداني رغم مرور عقدين على ممارستها فلسفة الحكومة الملتحية. وبدل معالجة مشاكل السودان المتراكمة والمتنوعة وإحداث تقدم ونهضة فيه، بات السودان كله في مهب الريح. ما أدى إلى تحميل المشروع الإسلامي كل مآسي ما آل الوضع إليه هناك.

كما أدت فلسفة الحكومة الملتحية إلى خلط بين مفهوم الحكومة وبين الأشخاص الذين يسيرونها، حيث يعتبر البعض أن مجرد وجود حاكم ملتح أو منتم إلى تيار إسلامي يقتضي لزوماً اعتبار تلك الحكومة إسلامية كلياً أو جزئياً. ولهذا اعتبر البعض خطأً أن الحكومة القائمة في العراق هي حكومة إسلامية على اعتبار أن أغلب مكوناتها من "الإسلاميين"! غافلين عن أن الحكم الإسلامي هو ذاك الذي تسود فيه أحكام الإسلام وآدابه وقيمه في المجتمع ويكون سلطانه بأمان المسلمين لا الأمريكان والإنكليز. وأن الحكم الذي يقوم على غير أساس الإسلام وتحميه جيوش الاحتلال لا يمكن وصفه بالحكم الإسلامي ولو ترأسه أكبر علماء المسلمين وكان كل فريق الحكم فيه من "الإسلاميين".
ثمة مشكلة أخرى لا تقل خطورة عما سبق وهي أن فلسفة الحكومة الملتحية أنتجت قيادات اقتصرت على شكليات التدين ، كإرخاء اللحية أو بدء الكلام بالبسملة (رغم تقديرنا لذلك واعتبارنا لها أحكاماً شرعية معتبرة لا يصح الاستخفاف بها)، معتبرين ذلك كافياً لإضفاء الشرعية على تصرفاتهم وأقوالهم، حتى ولو خرجوا ببدع من الأقوال والأفكار والأفعال والمقترحات التي تصطدم مع النصوص الشرعية صراحة، ولو قاموا بعد ذلك بسائر الخروقات لأحكام السياسة الشرعية!
ما يلفت النظر أكثر هو أنّ مفاهيم هذه الفلسفة باتت متأصلة في نفوس أصحابها. وبالتالي لم تعد فلسفة مؤقتة أو عابرة او مرتبطة بمرحلة ما. الأمر الذي أدى إلى تحولات جذرية في تفكير هؤلاء، حيث تحولت مطالبهم من إقامة حكومة ملتحية على طريق إقامة الحل الإسلامي الشامل إلى استساغة إقامة حكومات علمانية صرفة (باعتراف أصحابها) وتبجيلها وتقديمها كإنجاز إسلامي عبقري، كما صار إليه الحال في تركيا أردوغان حليفة أميركا. من يدري ربما استساغوها كمقدمة على طريق إقامة حكومة ملتحية لاحقاً!

جواد_الليل
05-06-2009, 11:31 PM
أعذرني .. لم استـطع إكـمال المقـال !!

من هناك
05-07-2009, 04:01 AM
هيدا مع تلوين


المشروع الإسلامي وفلسفة "الحكومة الملتحية"



حسن الحسن (http://islamyoon.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1239888633848&pagename=Islamyoun/IYALayout&ref=body#***1)05-05-2009




http://islamyoon.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1241504758837&ssbinary=true


يتلخص المشروع الإسلامي بعنوان ’الإسلام هو الحل’. وهو ما تبنته الحركات والأحزاب الإسلامية كشعار لها في كافة مراحلها، كما تعلقت به الأمة الإسلامية بشكل متزايد مع ظهور فساد الحلول المستوردة وسوء أنظمة الحكم الوضعية وزيف الديمقراطية الغربية وعدم تحقيقها أي تقدم للأمة على أي صعيد يذكر.إلا أنه رغم اتفاق أصحاب العمل الإسلامي على العنوان أعلاه فقد تباينت رؤاهم في تفصيل محتواه وإسقاط الأحكام المستمدة منه على الوقائع والأحداث ضمن رؤيتين رئيسيتين.

تنادي الأولى منهما بالتغيير الجذري الشامل وقلب المجتمع الجاهلي الحديث المنحرف عن شرع الله برمته وإعادة تشكيله على أساس الإسلام.

فيما تتبنى الرؤية الأخرى المشاركة بفاعلية في الواقع السياسي الحديث انطلاقاً من معطياته التي تفرضها الأنظمة الحاكمة والقوى الدولية. وتتقصد هذه الرؤية تحقيق إصلاح ما أمكن بشكل جزئي وتدريجي متوخية تجنب الصدام مع الحكام أو مع الرأي العام.

وقد اعتنق هاتين الرؤيتين حركات إسلامية عديدة نادت بإحياء الخلافة ووحدة بلاد المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية وتحرير المقدسات. إلا أنّ تلك الحركات كانت تكتشف مع كل تجربة تمر بها صعوبة المهمة وعمق هيمنة المستعمر الغربي على بلاد المسلمين، لا سيما في الأوساط السياسية والأمنية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية الفاعلة التي شكلت رأس حربة في محاربة المشروع الإسلامي، مما حال بشكل رئيس دون تمكن الحركات الإسلامية من تحقيق أهدافها.


التيارات الإسلامية
رغم الأعاصير التي هبت على المشروع الإسلامي، فإنه لم يتهاو كما توهم البعض حصوله. على العكس من ذلك، فقد اشتدت جاذبيته للجماهير المسلمة مع مرور الوقت، لا سيما مع تساقط البدائل المقترحة من اشتراكية وليبرالية وقومية ووطنية وديمقراطية الواحدة تلو الأخرى. وبدل أفول نجم الحركات الإسلامية السياسية الداعية إلى استئناف الحياة الإسلامية، أخذت تتكاثر وتجد رواجاً، إلا أنها بقيت محصورة عموماً ضمن ثلاث تيارات أساسية.

التيار الإسلامي المسلح: يتوجه هذا التيار بحسب أدبياته إلى مناجزة العالم الغربي الرأسمالي الكافر المستعمر وأعوانه بالسيف، معللا نهجه هذا بأنّ قوى الغرب لا تفهم سوى منطق القوة، وأنه لا أمل بفكاك الأمة من أنظمة الحكم الفاسدة المستأثرة بالسلطة والثروة في بلاد المسلمين من غير ضرب الطاغوت الأصلي وإضعاف هيبته وهيمنته من خلال عملية استنزاف مستمرة طويلة الأمد، وهو ما يؤدي بحسب تصور أصحاب هذا التيار إلى تقهقر الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي التابعة للدول الكبرى، وبالتالي إلى سقوطها بيد الحركات المجاهدة حين يظهر الله الفئة المؤمنة على الكافرة الهالكة.
وقد قام هذا التيار بمناوشة خصوم المشروع الإسلامي المحليين والعالميين من خلال ضربات عسكرية متقطعة أو من خلال مواجهات مستمرة، محاولاً استنزافهم حيثما تمكن وكيفما أمكن، غير مبالٍ سوى بالمعركة الفاصلة المتواصلة إلى آخر رمق، وغير آبه بما يشاع عنه من انتهاكات نالت كثيراً من صورته وبعثت القلق في نفوس المسلمين قبل غيرهم من سيطرته على العمل الإسلامي العام، فضلاً عن شكوك كثيرين في جدوى ما يمكن أن يتحقق على يد هذا التيار لو صار أمر الحكم الإسلامي إليه.

التيار الإسلامي الشمولي: يعتبر هذا التيار أنه لا خلاص للأمة من دون إجراء عملية تغيير شاملة ومتكاملة فيها استناداً إلى قواها الذاتية وتطبيق الإسلام دفعة واحدة. محذراً ارتباط المسلمين أفراداً وجماعات بالقوى الاستعمارية أو أتباعها، واصفاً ذلك بالانتحار السياسي الذي يؤدي إلى تجذير هيمنة الاستعمار بدل إزالته. رافضاً التدرج في المنهج أو التلون بالواقع، منكراً كل ما استحدث في العالم الإسلامي من هويات (وطنية وقومية) ودويلات (مستقلة) ومنظمات (جامعة عربية ومجلس تعاون خليجي ومؤتمر عالم إسلامي) لمخالفتها الأحكام الشرعية التي تنص على وجوب وحدة الأمة وتحكيم شريعتها. مبتعداً عن ردات الفعل وقعقعة السلاح، مكتفياً بمفاصلة الحكومات فكرياً وسياسياً إلى أن يتمكن من استلام زمام الأمور من خلال كسب القوى الفاعلة في المجتمع والدولة.
تقصد هذا التيار التغلغل في صفوف الأمة عبر مناصريه ومحازبيه من خلال العيش الطبيعي في المجتمع، محاولاً


(أ) توجيه الرأي العام بحسب معاييره ومفاهيمه السياسية والفكرية والتكتلية والفقهية.
(ب) تقديم مشروع إسلامي مفصل ومبلور.
(ج) كسب ثقة الناس عبر خوضه صراعاً فكرياً وكفاحاً سياسياً مبدئياً مع خصوم الأمة ومع المشاريع المستوردة والمبادئ الوضعية.
(د) تتمثل أبرز نقطة عند هذا التيار في رفضه المشاركة في أي سلطة قائمة في العالم الإسلامي، وتصوره بأنه لا بد من أخذ السلطة من خلال سحب الغطاء عن أي شرعية تتلبس بها الأنظمة الحاكمة من جهة وكذلك من خلال كسب مفاتيح التغيير بغية إقامة الحل الإسلامي المنشود.


التيار الإسلامي الواقعي: يكيف أصحاب هذا التيار أنفسهم مع الواقع السائد عبر حلول توصف عادة بالوسطية. ويبحث هؤلاء عن دور لهم ضمن العملية السياسية الجارية في المجتمع، مستعملين لغته وقوانينه وآلياته، متخذين من النظام السياسي القائم خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، معتبرين الدعوة للانقلاب عليه مغامرة خاسرة، وفي أحسن الأحوال حلماً مثالياً لا أكثر. ولذلك تتمحور أعمالهم ضمن إطار الخطوط الحمراء التي ترسم ما هو مسموح به من أعمال جزئية ضمن سقف الأنظمة الحاكمة.

ولذلك نشط هذا التيار في القيام بالمشاريع الخيرية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ودور الأيتام وجمعيات مكارم الأخلاق والإغاثة الإسلامية والمدارس الإسلامية وما شاكل لسد الثغرات التي تولدت في المجتمعات الإسلامية جراء إهمال أنظمة الحكم لها. كما شارك هذا التيار حين سمح له في خوض الانتخابات البلدية والنقابية والبرلمانية، حيث لا مجال لتغيير جوهري في السياسات القائمة، فضلاً عن عدم إمكان تغيير قواعد اللعبة السياسية أو الانقلاب عليها من خلالها. وكان جل طموح هؤلاء أن يحظوا بمواقع متقدمة في المجتمع والدولة على أمل أن يؤهلهم هذا لتقديم شيء أكثر أهمية في المستقبل.


الحكومة الملتحية
تبنى التيار الواقعي فلسفة "الحكومة الملتحية"، تلك التي يعتبرها الدكتور عبد الكبير المدغري ضرورة مرحلية للوصول إلى الحل الإٍسلامي الشامل. معتبراً أنّها "لن تتعدى تدبير المال والاقتصاد في بنيته وشروطه الحالية، وتوجيهاته الرأسمالية الليبرالية، وتعليمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتركيبة الاقتصاد الربوي ... ولذلك فإن الحكومة الملتحية لن يكون لها من الإسلام إلا اللحية بحكم الضرورة وما تفرضه الأوضاع الداخلية والخارجية."
وغاية الحكومة الملتحية بحسب أدبيات أصحابها، أن تقدم نفسها للأمة تحت شعار ’الإسلام هو الحل’ بلحى كثيفة وطويلة متدلية من ذقون القائمين عليها، للتدليل على عمق التوجه نحو الالتزام بأحكام الشريعة.


محاولين الوقوف عند الشكل في المرحلة الحالية كخطوة إلى الأمام في المشروع الإٍسلامي العام.


ولذلك فلا داعي بحسب هؤلاء إلى "التشدد" في تطبيق الحدود أو حظر الربا أو منع السواح من ممارسة أنشطتهم المعتادة في الملاهي والشواطئ والمقاهي، أو إعلان الجهاد ضد الأعداء، أو دفع الأمة نحو التوحد الاندماجي في دولة واحدة، أو طرد نفوذ المستعمرين والتخلص من عملائهم من بلاد المسلمين أو أو أو ...! فالقيام ببعض ذلك فضلاً عنه كله سيستجلب تحرك القوى المناوئة للحل الإسلامي الشامل داخلياً وخارجياً وهو ما لا يمكن تحمل عواقبه بحسب تقديرهم.



إشكاليات الحكومة الملتحية
ثمة عوائق جوهرية تعترض تسويق وقبول فلسفة الحكومة الملتحية، إذ أنها تتناقض من حيث المبدأ مع ما هو معروف من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الرافض كل عروض المساومة على الدين كله أو جزء منه مقابل السلطة والثروة حتى في أشد أوقات المحنة والاستضعاف للفئة المؤمنة.

إن تسليم أصحاب فكرة الحكومة الملتحية بمعطيات الواقع كأساس للبناء عليه وتطويره يغلق الأبواب أمام علاج للمشكلات التي تعاني منها تلك البلاد الإسلامية. فمثلاً إن التسليم بالمغرب أو الأردن أو موريتانيا أو لبنان أو الكويت كأوطان نهائية (ولو في المدى المنظور)، والتعاطي مع المشاكل التي تجابهها تلك البلدان من خلال هذا المنظور يؤدي بطبيعة الحال إلى قصور في ايجاد العلاج لكثير من المشاكل، حيث راعت قوى الاستعمار الغربي عند إنشائها لهذه الأوطان عدم قدرتها على معالجة شؤونها الأمنية والسياسية والاقتصادية ذاتياً. ما يعني أن التسليم بهذا الواقع والعمل من خلاله هو إقفال لأبواب الحل، التي تتجاوز الحدود المصطنعة وترتبط بالبعد المتعلق بالأمة الإسلامية وما تمتلكه من طاقات ومقدرات ثقافية ومادية ومعنوية.

أضف إلى ذلك أنه تم تجربة أكثر من نموذج للحكومة الملتحية فعلاً في أكثر من زمان ومكان وفشلت فشلاً ذريعاً، على نحو ما حصل مع حكومة الإنقاذ في السودان مثلاً، تلك التي رفعت شعار الإسلام ومارست نقيضه، وقد ثبت فشلها للقاصي والداني رغم مرور عقدين على ممارستها فلسفة الحكومة الملتحية. وبدل معالجة مشاكل السودان المتراكمة والمتنوعة وإحداث تقدم ونهضة فيه، بات السودان كله في مهب الريح. ما أدى إلى تحميل المشروع الإسلامي كل مآسي ما آل الوضع إليه هناك.

كما أدت فلسفة الحكومة الملتحية إلى خلط بين مفهوم الحكومة وبين الأشخاص الذين يسيرونها، حيث يعتبر البعض أن مجرد وجود حاكم ملتح أو منتم إلى تيار إسلامي يقتضي لزوماً اعتبار تلك الحكومة إسلامية كلياً أو جزئياً. ولهذا اعتبر البعض خطأً أن الحكومة القائمة في العراق هي حكومة إسلامية على اعتبار أن أغلب مكوناتها من "الإسلاميين"! غافلين عن أن الحكم الإسلامي هو ذاك الذي تسود فيه أحكام الإسلام وآدابه وقيمه في المجتمع ويكون سلطانه بأمان المسلمين لا الأمريكان والإنكليز.


وأن الحكم الذي يقوم على غير أساس الإسلام وتحميه جيوش الاحتلال لا يمكن وصفه بالحكم الإسلامي ولو ترأسه أكبر علماء المسلمين وكان كل فريق الحكم فيه من "الإسلاميين".


ثمة مشكلة أخرى لا تقل خطورة عما سبق وهي أن فلسفة الحكومة الملتحية أنتجت قيادات اقتصرت على شكليات التدين ، كإرخاء اللحية أو بدء الكلام بالبسملة (رغم تقديرنا لذلك واعتبارنا لها أحكاماً شرعية معتبرة لا يصح الاستخفاف بها)، معتبرين ذلك كافياً لإضفاء الشرعية على تصرفاتهم وأقوالهم، حتى ولو خرجوا ببدع من الأقوال والأفكار والأفعال والمقترحات التي تصطدم مع النصوص الشرعية صراحة، ولو قاموا بعد ذلك بسائر الخروقات لأحكام السياسة الشرعية!

ما يلفت النظر أكثر هو أنّ مفاهيم هذه الفلسفة باتت متأصلة في نفوس أصحابها. وبالتالي لم تعد فلسفة مؤقتة أو عابرة او مرتبطة بمرحلة ما. الأمر الذي أدى إلى تحولات جذرية في تفكير هؤلاء، حيث تحولت مطالبهم من إقامة حكومة ملتحية على طريق إقامة الحل الإسلامي الشامل إلى استساغة إقامة حكومات علمانية صرفة (باعتراف أصحابها) وتبجيلها وتقديمها كإنجاز إسلامي عبقري، كما صار إليه الحال في تركيا أردوغان حليفة أميركا. من يدري ربما استساغوها كمقدمة على طريق إقامة حكومة ملتحية لاحقاً!

مقاوم
05-07-2009, 04:52 AM
يبدو لي أن المقال كله من "المقالات الملتحية"

من هناك
05-07-2009, 04:54 AM
شو عم تلطش مقالاتي؟؟؟

مقاوم
05-07-2009, 05:05 AM
أنا؟؟؟؟!!!! ألطش؟؟؟؟؟!!!!!

كلامي تصريح لا تلميح :)

fakher
05-07-2009, 12:36 PM
هو توصيف دقيق لأيديولوجيات ومناهج الحركة الإسلامية في العالم ...

لأنه بات للحركة الإسلامية أيديولوجيات ومناهج بالجملة والمفرق ...

شيركوه
05-07-2009, 02:11 PM
مشكور معلم بلال على التلوين ^^