تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : آخر ما تبقى من الفصاحة عند أطفالنا كلمة (بابا)..



من هناك
05-04-2009, 11:57 PM
آخر ما تبقى من الفصاحة عند أطفالنا كلمة (بابا).. مقال وقصته
الجمعة 31 مارس 2006 2:31 م

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فقد جمعني مجلس مع الدكتور محمد حسان الطيان ـ نفع الله به ـ، فحدثنا الدكتور فيها عن قصة مقالته (بابا.. كلمة فصيحة)، وقصتها كالتالي:

في أحد الاحتفالات، قام الشيخ هشام الحمصي ـ أحد الخطباء المشهورين بدمشق الشام، وقد سماه الدكتور: خطيب الأدباء، وأديب الخطباء ـ فألقى كلمة ضمنها قصيدة عمر بهاء الدين الأميري، التي يشكو فيها فراق أولاده، وهي:

أين الضجيج العذب والشغب
أين التدارس شابه اللعـب؟


أين الطفولة في توقــــدها
أين الدمى في الأرض والكتب؟

أين التشاكس دونما غرض
أين التشاكي ماله سبـب؟

أين التباكي والتضاحــك في
وقت معا ، والحزن والطرب؟

أين التسابق في مجاورتي
شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟

يتزاحمون علـى مجالستي
والقرب مني حيثما انقلبوا؟

يتوجهون بسـوق فطـرتهم
نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا

فنشيدهم: (بابا) إذا فرحـوا
ووعيدهم: (بابا) إذا غضبوا

وهتافهم: (بابا) إذا ابتعدوا
ونجيهم: (بابا) إذا اقتربوا

بالأمس كانوا ملء منـزلنا
واليوم، ويح اليوم قد ذهبوا

وكأنما الصمت الذي هبطت
أثقاله في الدار إذ غربـوا

إغفاءة المحموم هدأتها
فيها يشيع الهم والتعب

ذهبوا ، أجل ذهبوا ،ومسكنـهم
في القلب ، ما شطوا وما قربوا

إني أراهم أينما التفـــتت
نفسي وقد سكنوا ، وقد وثبوا

وأحس في خلدي تلاعبـهم
في الدار ليس ينالهم نصب

وبريق أعينهم ، إذا ظفروا
ودموع حرقتهم إذا غلبـوا

في كل ركن منهم أثـر
وبكل زاوية لهم صخب

في النافذات زجاجها حطموا
في الحائط المدهون قد ثقبوا

في الباب قد كسروا مزالجـه
وعليه قد رسـموا وقد كـتبوا

في الصحن فيه بعض ما أكلوا
في علبة الحلوى التي نهبـوا

في الشطر من تفاحة قضموا
في فضلة الماء التي سكـبوا

إني أراهم حيثما اتجهــت
عيني كأسراب القطا سربوا

بالأمس في (قرنايل&nbsp http://www.alsaha.com/Images0/Smily/wink.gif نزلوا
واليوم قد ضمتهم (حلــب)

دمعي الذي كتمته جلدا
لما تباكوا عندما ركبوا

حتى إذا ساروا وقد نزعوا
من أضلعي قلبا بهم يجب

ألفيتي كالطفل عاطفـة
فإذا به كالغيث ينسكب

قد يعجب العذال من رجـل
يبكي ، ولو لم أبكي فالعجب

هيهات ما كل البكا خور
إني وبي عزم الرجال أب

فبدأ الهمس في القاعة، كيف يستخدم الشيخ لفظة (بابا) وهي غير فصيحة، وقال الدكتور محمد حسان الطيان أن الداعي لهذا الهمس والنقد هو الحسد للشيخ هشام الحمصي، كون الناس يفدون إليه من كل حدب وصوب لسماع خطبه.
وبعد أن انتهى الشيخ هشام الحمصي من خطبته، قام الدكتور محمد حسان الطيان فأثنى على الشيخ هشام الحمصي، وبيّن أن كلمة (بابا) فصيحة، وكأن هذا القول لم يعجب الحاضرين، فكانت بعد ذلك هذه المقالة.


<<بابا>>.. كلمة فصيحة
كان حفلاً بهيجاً.. ضم ثلة من العلماء والأعيان والأفاضل، وتقاطر فيه الخطباء يتحفوننا بأفانين من القول والوعظ والإرشاد، وكان منهم خطيب فاضل أديب استهل كلمته ـ وما أحسن ما استهلها ـ بقصيدة عذبة رقيقة للشاعر بهاء الدين الأميري يشكو فراق أولاده فيقول:
أين الضجيج العذب والشغب
أين التدارس شابه اللعب

يتوجهون بشوق فطرتهم
نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا
ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم (بابا) إذا ابتعدوا
ونجيُّهم (بابا) إذا اقتربوا
وما إن وصل الخطيب إلى هذا البيت من القصيدة حتى همس لي صاحبي بالجنب في أذني يسأل مستنكراً: أليست كلمة بابا أعجمية؟، فأشرت إليه أن لا، وتابعت الاستماع مستمتعاً بالقصيدة والخطبة.
ثم بدا لي أن أنبه على أصالة هذه الكلمة في العربية، فقمت شبه خطيب وعلقت على الأستاذ الأديب مبيناً أن كلمة بابا عربية الأصل، كريمة النجاد والمحتد، مستدلاً بما جاء في المعاجم العربية من أنه (( بأبأ الصبي إذا قال بابا))، وكثر الهمس والتعليق، وتعدى صاحبي بالجنب إلى أصيحاب جُنُب، بل إلى أساتذة أجلاء ما كانوا ليوافقوني على ما ذهبت إليه بعد أن أتى عليهم حين من الدهر يسمعون هذه الكلمة تتردد على ألسنة أعجمية، أو ترطن بها ألسنة عامية لا عهد لها بالفصحى وأهلها.
وأدركت لتوّي أن ما سقته من حديث المعاجم في تلك العجالة لم يُجد نفعاً، ولم يجد لديهم مقنعاً في أصل كلمة غَبَرَ على الناس زمن يعتقدون فيه أنها أعجمية تسرّبت إلينا من اللغة الفرنسية(papa)، بل لقد نادى بعض الخواص بإلغاء تعليمها لأطفالنا في مراحل تعليمهم الأولى لما تحمله من أوضار العجمة!.
وإن تعجب فعجبٌ أمرُ من ينكر وجود هذه الكلمة في المعاجم العربية، ثم حين يتبدّى له على وجه اليقين أنها موجودة يُعجزه استخراجها، لأنه لا يعلم من أي باب تخرج وتحت أي أصل تندرج!.. مع أن الأمر في غاية السهولة واليسر، ولو أنه فتح الجزء الأول من معجم اللسان لقرأ في صفحاته الأولى (مادة بأبأ) الكلام التالي:
((... وبأبأتُهُ أيضاً، وبأبأتُ به قلت له: بابا. وقالوا: بأبأ الصبيَّ أبوه إذا قال له: بابا. وبأبأه الصبيُّ إذا قال له: بابا. وقال الفراء: بأبأتُ بالصبيِّ بِئْبَاءً إذا قلت له: بأبي. قال ابن جني: سألت أبا علي فقلت له: بأبأتُ الصبي بأبأة إذا قلت له بابا، فما مثال البأبأة عندك الآن؟))..(لسان العرب(بابا)).
وتكاد معاجمنا العربية القديمة والحديثة تجمع على هذا الذي نقله صاحب اللسان، فقد أورد المادة بهذا المعنى كل من الفيروز آبادي في قاموسه، والزبيدي في تاجه، كما جاءت في معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا، والمعجم الوسيط.
(انظر مادة (بأبأ) في القاموس المحيط، وتاج العروس، ومتن اللغة، والمعجم الوسيط).
ولو ذهب الباحث ينقِّر في كتب اللغة وعلومها لظفر بكثرة كاثرة من النصوص تثبت هذه اللفظة بمعناها الذي تعارف عليه الناس اليوم، فقد جاء في نوادر اللغة لأبي زيد الأنصاري (119-215) ـ وهو المعنيّ بقول سيبويه في الكتاب: حدثني الثقة ـ:
(( قال العنبريون بأبأ الصبي أباه، وبأبأه أبوه: إذا قال له: يا بابا، ومأمأ الصبي أمه فهو يمأمئها ويبأبئ أباه بأبأة ومأمأة.
ويقال: دأدأت الصبي دأدأة إذا سكتُّه تسكيتاً)).(نوادر اللغة لأبي زيد الأنصاري ص254).
وجاء في رسالة الاشتقاق لابن السراج (316): ومنه أن تجيء اللفظة يراد بها الحكاية، فهذا الضرب لا يجوز أن يكون مشتقاً، وذلك نحو: بأبأ الصبي إذا قال له: يا بابا، وكذلك غاقِ وما أشبهه.(رسالة الاشتقاق لابن السراج ص31).
وفي كتاب الأفعال للسرقسطي (توفي بعد المئة الرابعة للهجرة): (( بأبأ: قال أبو عثمان: قال أبو زيد: بأبأ الصبي أباه وبأبأه أبوه: إذا قال له: بابا)). (كتاب الأفعال للسرقسطي:4/133).
ولا أخفي عن القارئ الكريم أن هذه النقول والنصوص، على كثرتها وتنوعها وقطعية دلالاتها، لم تكن لتشفي غلة الباحث الصدي، فقد أنكر عليّ بعض الفضلاء كل ما سقته من هذه النقول وطالبوني بنص عربي قديم وردت فيه لفظة بابا على نحو صريح لا لبس فيه، ولا مظنة تحريف أو تصحيف، وأغراني البحث فرحت أنقِّب وأنقِّر في المعاجم الأمات، وموسوعات النحو والصرف واللغة.
ولكن هيهات! لقد كنت كمن يعمل في غير معمل، أو ينفخ في غير فحم، فما في هذه الكتب على سعتها وبسط الكلام فيها، شاهد واحد على ما أنا بسبيله. وربَّ رمية من غير رام، فقد عثرت على ضالتي خلال مطالعة عرضت لي في كتاب عبقرية اللغة العربية للدكتور عمر فروخ، وكانت أبياتاً رقيقة للشاعر العربي الغَزِل العباس بن الأحنف (192للهجرة) جاء فيها:
وكانت جارة للحور
في الفردوس أحقابا
فأمست وهي في الدنيا
وما تألف أترابا
لها لعبٌ مصفَّفةٌ
تُلقبهُنَّ ألقابا
تنادي كلما ريعت
من الغِرَّةِ يا (بابا)
(جاءت في الأصل: ((من العزة)) انظر عبقرية اللغة العربية ص219، والتصحيح من ديوان العباس بن الأحنف، طبعة دار الكتب المصرية، شرح وتحقيق عاتكة الخزرجي، حيث وردت القصيدة ص16-18).
ومع كل هذا الذي قدمت فلستُ أزعم أن هذه اللفظة جذر عربي خصب، أو مادة عربية قابلة للاشتقاق والتوليد، وإنما هي اسم من أسماء الأصوات يُروى على سبيل الحكاية، وأسماء الأصوات ـ كما هو معلوم ـ جانب من جوانب اللغة تشترك فيه مع غيرها من اللغات، بل لقد عدّه بعض اللسانيين ـ في علم اللسانيات الحديث والقديم ـ أصل اللغات الإنسانية، منه استمدت ألفاظها، وعن محاكاة الأصواب الطبيعية كدويِّ الريح وخرير المياه نشأت كلماتها، وهي إحدى النظريات المشهورة في نشأة اللغات، وبها أخذ ابن جني في بعض أقواله، انظر الخصائص (1/46-47)، واللغوي الألماني هردر كما جاء في المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي للدكتور رمضان عبدالتواب ص112.
كما أخذ به من المتأخرين آدم سميث (متن اللغة)/18.
دع ذا وتدبَّر معي بُنية لفظة بابا تجدها تعتمد على حرف الباء، وهو حرف شفوي سهل النطق طيِّع المخرج، ولذا سارع الطفل إلى ترديده والمَذل به، فكان أول الحروف تردداً بين شفتيه وكذا حرف الميم، وقد علل علماء الصوت ذلك بأن الطفل يرى حركة الشفتين حين يسمع هذه الأصوات من أمه أو أبيه، في حين ذهب الدكتور إبراهيم أنيس إلى أن عضلات النطق بهذه الأصوات هي نفس العضلات التي يستخدمها في الرضاعة (الأصوات اللغوية216-217، وانظر كتاب الألسنية ولغة الطفل العربي لجورج كلاس ص80، وفقه اللغة للدكتور علي عبدالواحد ص131)، يستوي في ذلك الطفل العربي مع الأعجمي، والتركي مع البربري، فلا غرو بعد ذلك إن وجدت هذه اللفظة في كثير من اللغات العالمية، ولا ضير على العربية إن اشتركت في استعمال لفظ ما مع غيرها من اللغات.
جاء في تكملة المعاجم العربية لدوزي: ((وبابا بالبربرية والتركية: الأب(ابن بطوطة 2/416)، وكذلك هي في لغة الفولة أو الفولان أو فلان (هجسون)، وكذلك في العربية (شيرب لغة العرب32، ومحيط المحيط)) (معجم دوزي1/225-226).
على أن ما يدور في فلك بحثنا هذا هو التأكيد على أن أسلافنا العرب الفصحاء الذين عنهم أخذت اللغة حاكَوا أطفالهم فيما تردد بين شفاههم كما تؤكد معظم النقول السابقة، وما الغرابة في ذلك؟ ألم يحاكوا ما هو أقل من الطفل منزلة وفصاحة، وهي الأنعام والسوائم على اختلاف أنواعها؟ بلى فقد حاكَوا صوت الغراب فقالوا:غاقِ، ودعَوا الحمار للشرب فقالوا: سَأ ومن أمثالهم: ((قِف الحمار على الردهة ولا تقل له سَأ)) ((جمهرة اللغة3/293. والرواية في مجمع الأمثال2/94 (( قرِّب الحمار من الردهة ..))، يضرب للرجل يعلم ما يصنع)، وزجروا البغل فقالوا: عَدَس، وعليه شاهد النحاة المشهور:
عَدَس ما لعبّاد عليك إمارة
أمنت وهذا تحملين طليقُ
(انظر في أسماء الأصوات: شرح المفصل4/15، وشرح الكافية2/79، وجامع الدروس العربية 1/192، والنحو الوافي).
بل لقد تعدوا ذلك إلى تسمية صاحب الصوت باسم صوته المنسوب إليه، فسموا الغراب غاقِ، والبغل عدس، وعلى ذلك قول الشاعر:
إذا حملتُ بدني على عدس
على الذي بين الحمار والفرس
فلا أبالي من غزا ومن جلس
(جامع الدروس العربية1/163، وشرح المفصل4/79)، وزادوا فألحقوا أسماء الأصوات بأشرف الكلمات أي بالأسماء ليكون أدل على دخولها في ظاهر أقسام الكلمات فصرفوها تصريف الأسماء (انظر شرح الكافية2/81).
وبعد، فما زال في الجعبة فضل سهام، على أن فيما تقدم غنية لمن اغتنى، والأمر متروك لأرباب اللغة وسَدَنة العربية ليروا فيه رأيهم، ولعل قادمات الأيام تسمح بعرض المزيد أو بتناول ألفاظ أخر من بقايا الفصاح، بمشيئة الله سبحانه، وإن مع اليوم غدا، وإن مع العسر يسرا، وفوق كل ذي علم عليم.

مقاوم
05-05-2009, 04:01 PM
خوش حجي يا بابا :)

من هناك
05-05-2009, 04:13 PM
ما عجبك الموضوع

شيركوه
05-14-2009, 01:17 AM
حلو الله يجزيك الخير يا معلم ابو الليل ^^

مقاوم
05-14-2009, 04:41 AM
ما عجبك الموضوع
على العكس تماما. لكن جاء ردي بالكويتي ومعناه : كلام جميل يا أخي. :smile:

من هناك
05-14-2009, 04:49 PM
على العكس تماما. لكن جاء ردي بالكويتي ومعناه : كلام جميل يا أخي. :smile:وانت شو خصك بالكويت

مقاوم
05-14-2009, 08:46 PM
وانت شو خصك بالكويت
that's for me to know and you to find out :wink:

من هناك
05-14-2009, 08:48 PM
نسينا انك ريال هناك

مقاوم
05-15-2009, 07:13 AM
مش أحسن ما كون دياي بكندا؟

شيركوه
05-15-2009, 03:34 PM
يه يه يه
اشتغل الردح بين معلمي بلال وعمي مقاوم
حلو
مسلسل جديد
احلى من ردح فخورتي
خخخ