تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من يحاسب "المدعومين" في بلادنا؟ يزوّر رقم سيارتي و



no saowt
09-17-2003, 10:57 AM
بقلم:النائب السابق د· عمر مسيكة

قرع الباب فإذا بي أسمع صوت رجل يقول للخادمة انه يريد السيد عمر مسيكة، نهض صديق كان في زيارتي مسرعاً ليتبين الحكاية، فاذا بالحكاية ان السيد عمر مسيكة مطلوب للمثول أمام مفرزة سير جونية خلال عشرة أيام من تاريخه·

كان من الطبيعي ان رجل الأمن الذي اعتبرني مطلوباً لا يعرفني، أو انه لكثرة ما يوقف من سائقي الدراجات النارية اعتبر انه أمام سائق دراجة نارية ارتكب خطأ وصار مطلوباً لأن البرقية التي يحملها بيده لا تحتوي على أسباب الطلب ولا على صفة المطلوب، ولذا فإنه عندما عرف الصفة والرجل اعتذر لجهله بالاسباب وتمنى الاتصال بمفرزة سير جونية لمعرفة السبب، طبعاً تمنى علينا ذلك لأنه لا يحمل هاتفاً ولا جهاز إرسال ليتصل·

احترت أمام رجل الأمن هذا في الاسباب التي تدعو مفرزة سير جونية لدعوتي للمثول أمامها، هل ان سيارتي مسروقة؟ أم صدمت أحداً هناك ولذا يطلبونني؟ أم السائق، وأعرفه خلوقاً قد تصرف تصرفاً مشيناً لا سمح الله أثناء قيادته للسيارة وهو الذي اعرفه مهذباً وطيباً؟

لم أكن أتصور بعد نصف قرن من العمل في الإدارة اللبنانية وبعد كل الشهادات الطيبة التي وردت عني في المحاضر والمؤلفات والقرارات وصولاً الى شهادة وكيل رئيس مجلس ادارة أحد البنوك الذي توليت تأسيسه عبر الصحف حول نزاهة الدكتور عمر مسيكة وحبه للوطن وسعيه لمصلحة هذا الوطن ان الفساد سيتمدد ليصير كالبساط السحري في بلادنا يطير حيث يشاء، ويستقر حيث يريد، ويتربع على عرش الحرية مرتاحاً ومدخناً "نفساً" من النارجيلة العجمية دون أن يخشى أحداً أو يخاف ملامة·

ولم يدر في خلدي ورجل الأمن الطيب واقف أمامي ان الفساد وصل في سيره الى سيارتي، لكن اتصالي بمفرزة سير جونية أفادني في ان سبب الطلب تسجيل الرادار لسرعة سيارتي مرتين، مع تصويرها، وهي تتجاوز حدود 130كلم/الساعة وعند الساعة الثالثة صباحاً وانها تحمل الرقم "820"·

احترت مجدداً، فالسائق لا يقود سيارتي في مثل هذا الوقت بل يكون بين أولاده ووسط أسرته، وأنا لا أخرج في مثل هذه الساعة لأنني واثق بأن مصير الوطن في أيد أمينة وليس بحاجة الى سهري حتى هذه الساعة للحفاظ على أمنه وسلامته، اما الابناء ففي الغربة·· لكن المخالفتين مسجلتين وموثقتين كما قيل لي بالصور·

في اليوم التالي أوفدت السائق الى جونية لدفع المخالفتين و·· أمري لله ·· كما يقول لسان حالي، ولكن تمنيت على السائق أن يأتيني بالصور لأنني أعاني من الديسك منذ 15 يوماً ولا أخرج من المنزل بناء لنصيحة الطبيب، وهكذا وصل السائق الى مفرزة سير جونية وطلب أن يرى الصور معرفاً الضابط المسؤول فادي الحاج بأمين عام مجلس الوزراء الأسبق الذي يبدو ان رادار مفرزة سير جونية اكتشف لديه هواية متأخرة بالمراهقة بالقيادة مسرعاً والحقيقة ان الرجل كان انساناً مميزاً بكل معنى الكلمة لأنه سارع للتحقق من الحكاية ولما عرف السبب اتصل بي مباشرة معتذراً بأن الكاميرا التقطت، ومرتين، صورة لسيارة من نوع مرسيدس يسميها العامة "النملة" أو "أم عيون" تحمل رقمي نفسه مزوراً وتتجول بسرعة 130كلم في الساعة ليلاً وان صاحبها الذي ستعمم أوصاف سيارته على الحواجز والدوريات لمعرفته، وان كنت أتصوره مدعوماً حتى يجرؤ على السير بهذه السرعة وبأرقام مزورة لنائب سابق وأمين أسبق لرئاسة الحكومة ورئيس حالي للمركز الثقافي الاسلامي·

وطبعاً، يجب في مثل هذه الحال معرفة هذا "المدعوم" اذ لا يمكن لسيارتي الهوندا أن تتحول مرسيدساً وأم عيون دفعة واحدة وان تسير بسرعة الصاروخ وكأن الارض أرضها والسماء سماؤها وقد أضافت أرزة الى الرقم ما لم تكن "مدعومة" فنحن في عصر المدعومين، وهذه المعرفة لن تكون صعبة اذا كان رجال الأمن، ونثق انهم كذلك، مثل هذا الضابط المحترم الذي يتولى مفرزة سير جونية والذي أوقف الملاحقة ضدي ولم يكتف بذلك بل اتصل معتذراً عن هذا الخطأ وواعداً بملاحقة المخطئ لمعرفة شخصيته وتوقيفه·

ولكن، حتى لا ينتهي الأمر عند هذا الحد ويكون المدعوم مدعوماً من جهات توفر لأمثاله من المزورين الفرصة للتزوير وللقيادة الرعناء ولاعتبار الوطن ملك أبيهم وطرقاته بأمرهم أتمنى أن نعرف المدعوم وان يحاسب هذا المدعوم حتى لا يأتي زمان يقف فيه انسان عادي أمام أي مفرزة سير ليدفع مرغماً بدل مخالفة قام بها "مدعوم" أو يدخل السجن بسبب اجتياح هذا "المدعوم" للمارة والسيارات نتيجة سرعته الطائشة·

وأقول بالمناسبة للمختلفين على قيادة هذا الوطن ومساره الأصلاحي أن ينتظروا يوماً يصل فيه هذا الفساد الى مواقعهم زوراً وبهتاناً على يد "المدعومين" كما وصل زوراً وبهتاناً الى سيارتي وعندها سيأتي من يقول لهم بأنهم مطلوبون للمثول خلال عشرة أيام أمام الجهات المختصة ومن يدري فقد لا يكون هناك رادار ولا صور لتثبت ان الفاعل انسان آخر، فلا يكون بامكانهم الا دفع الفاتورة عن أفعال لم يقوموا بها وأخطاء لم يرتكبوها، فنحن في عصر "المدعومين" وقانا الله ووقاكم شرهم·