تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل يوجه الكيان الصهيوني ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية؟



مقاوم
03-13-2009, 04:44 AM
هل يوجه الكيان الصهيوني ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية؟
كتب د. أسامة عثمان*

http://qawim.net/images/stories/logoqawim/_exb.pngحتى بعد إعلان إيران إجراءها تجربة أولى «ناجحة» على الأجهزة في مفاعل بوشهر النووي, ما زال المسؤولون "الإسرائيليون" ينهجون سياسة الدفع بالولايات المتحدة, والغرب نحو مواجهة المخاطر النووية الإيرانية, مع رفع مستوى التهديد الذي يهدف إلى الردع, من جانب, وطمأنة الشعب "الإسرائيلي" من جانب آخر, بالرغم من ظهور دعوات من اليمين المتطرف الذي يفاوض قادته للدخول في حكومة نتنياهو لاتخاذ سياسة عدائية من أوباما وإدارته التي يصفونها باليسارية والمعادية لـ"إسرائيل".

فقد صرح أولمرت مطمئنا: «نحن بلد قوي، قوي جداً ونملك قدرات (عسكرية) يصعب تصور مداها وكثافتها». وأضاف:"نبذل جهوداً هائلة لتعزيز قوتنا للردع".

ولم تختلف تصريحات وزير الدفاع باراك عما قاله أولمرت :" حتى إذا كانت محطة بوشهر لا تشكل عنصراً مركزياً في النشاطات النووية العسكرية لإيران، فإن الإعلان عن انتهاء أعمال (بنائها) يؤكد أهمية الإجراءات العملية التي على العالم الحر وفي مقدمه الولايات المتحدة اتخاذها، لأن الوقت يمر».

ومن أجل إحباط الجهود النووية الإيرانية تتبع "إسرائيل" سياسة تقوم على تعزيز الضغوط الدولية, وتشديد العقوبات, على إيران, كما تحذر من الضرر الواقع على المنطقة, إذا ما امتلكت إيران القنبلة النووية, من حيث اختلال التوازنات, والدفع ببعض الدول كالسعودية ومصر نحو امتلاك السلاح النووي كذلك. ومن جهتها تخشى من تنامي قوة ما تسميه الأذرع الإيرانية ومنها حزب الله في الشمال, وحماس, والمنظمات الفلسطينية المسلحة الأخرى في الجنوب.

وتخشى "إسرائيل" من أن مرور الوقت يعمل لصالح إيران التي تقف على بعد عامين على الأكثر لإنتاج رؤوس نووية بكفاءة عالية.

لكنها لا تجد تناغما كافيا في الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما التي تنهج نهج الحوار والديبلوماسية, والحقيقة أن تحولا قد طرأ على التعامل الأمريكي مع إيران منذ الإدارة السابقة, وكان أوضحه حين تم نشر تقرير أجهزة المخابرات والأمن القومي الأميركية،(4/12/2007م) التي أكدت فيه أن إيران أوقفت تطوير برنامجها النووي العسكري منذ سنة 2003م. وقد اتفق معظم المحللين والخبراء "الإسرائيليين" أن هذا التقرير شكل ضربة قوية لسياسة "إسرائيل" تجاه إيران ومشروعها النووي.

ثم أعقب ذلك حديث عن إمكانية تطوير العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين, وقد كان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي صرح أواخر فترة الإدارة الأمريكية السابقة بوجود اتفاق حول مسألة فتح مكتب لرعاية المصالح الأمريكية في "الجمهورية الإسلامية" .

وبعد تسلم إدارة أوباما زمام الحكم في الولايات المتحدة تعززت فرص الحوار والديبلوماسية على خيارات المواجهة العسكرية, وهي تجري مراجعة لسياستها تجاه إيران. وتبحث سبلا للتعامل معها بشأن عدد من القضايا منها السعي للحصول على تعاونها في أفغانستان, بعد التنسيق والتعاون الذي جرى في العراق, وما زال.

أمريكا لا شك تتفهم المخاوف "الإسرائيلية", و"إسرائيل" تدرك أنه لا تطابق بينهما في طريقة التعامل مع إيران, والخطر النووي الذي تمثله, وهي, وإن كانت تستبطن مخاوف حقيقية, بحكم هاجسها الأمني, عقدتها الدائمة, وشاغلها الأعمق؛ فإنها أيضا تجد في الخطر النووي فرصة لصرف الأنظار عن استحقاقات السلام ففي الوقت الذي حاول فيه ميتشل وسولانا التركيز على مفاوضات السلام "الإسرائيلي" العربي حاول المسؤولون "الإسرائيليون" وضع قضية التهديد الإيراني على رأس سلم الاهتمام, معربين عن القلق من افتتاح المفاعل النووي الروسي في إيران.

من أجل أن تخفف إدارة أوباما من قلق صقور الحكومة "الإسرائيلية" من برنامج إيران النووي الذي يثير الهواجس الأمنية "الإسرائيلية" فإنها في حاجة إلى إقناعها باستمرار الجهود الأمريكية و الدولية الرامية إلى تقويض الطموح النووي الإيراني.

ولا يخفى أن تعيين روس مستشارا خاصا لهيلاري كلينتون بشأن منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا بما فيها إيران, وهو الذي يحظى بثقة "إسرائيل", يعني أن واشنطن تأخذ "إسرائيل" بالحسبان.

ويشعر تعيين روس مستشارا خاصا لهيلاري كلينتون بشأن منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا بما فيها إيران باستبقاء خيار الحوار والطرق الديبلوماسية لوقف المساعي النووية الإيرانية, ويقلل من فرص , أو ذرائع "إسرائيل" لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. وقد بين روس في تصريحات صحفية أن الوقت لم يتأخر لإيقاف مشروع إيران النووي, وأنه يعتقد أن مزيدا من الضغط على طهران قد يحقق ذلك, بل يدعو إلى عقوبات ذكية لدفع النظام في طهران لتغيير سلوكه.

وقد قالت مصادر في الخارجية الأمريكية لصحيفة الشرق الأوسط إن عملية مراجعة سياسات أمريكا حيال إيران ما زال أمامها عدة أشهر, وأن الملامح الرئيسة لهذه المراجعة ستظهر بشكل واضح بعد الانتخابات الإيرانية حزيران يونيو المقبل.

ولأمريكا غيرُ سبب يدعوها إلى رفض التصعيد في المنطقة, وهي تسير نحو ( الانسحاب) من العراق, للتفرغ لأفغانستان , وهو ما يمكن لإيران أن تقدم فيه جهدا مساعدا, بشكل, أو بآخر, يحدد اتساعه حجم التوافقات الأمريكية الإيرانية.

ويرى بعض المحللين أن "إسرائيل" يمكنها الاستمرار في الضغط الدولي لمجابهة الخطر الإيراني, كما تملك بدائل عن الضربة العسكرية في حال استمرت طهران في مشروعها النووي منها:

تعزيز قدرة الردع النووي "الإسرائيلي"، وإعادة النظر في سياسة "إسرائيل" النووية الضبابية، والإعلان في الوقت المناسب عن "إسرائيل" دولة نووية.
وتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة.
وانضمام "إسرائيل" إلى الحلف الأطلسي.

كيف سيتعامل اليمين "الإسرائيلي" مع هذا التحدي؟

مع ترجح تسلم اليمين "الإسرائيلي" بقيادة نتنياهو ورفقة ليبرمان زمام الحكم؛ هل من تحولات دراماتيكية في هذا الموضوع؟

لا شك أن تشددا ينتظر أن يتضاعف من حكومة اليمين المتوقعة من هذا الملف, فقد صرح زعيم الليكود بعيد تكليفه قائلا إن "إسرائيل" تجتاز مرحلة مصيرية وعليها مواجهة تحديات هائلة. وأكد أن «إيران تسعى إلى امتلاك السلاح النووي وتشكل التهديد الأكبر لوجودنا منذ حرب الاستقلال. إن أذرع الإرهاب الإيرانية تحيط بنا من الشمال والجنوب» في إشارة إلى «حزب الله» و «حماس».

ويضاف إلى كلام نتانياهو ما نشرته صحيفة «يديعوت احرونوت». التي قالت إن خطة العمل التي أعدتها هيئة الأركان "الإسرائيلية" للسنة الحالية تنطلق من اعتبار إيران «تهديدا لوجود "إسرائيل"». ونقلت عن رئيس الأركان غابي أشكنازي وصفه إيران بأنها الخطر رقم واحد الذي يستعد الجيش "الإسرائيلي" لمواجهته». وكان ليبرمان قد رفع في حملته الانتخابية أيضاً شعار «الأمن ل"إسرائيل" بواسطة الردع النووي»، معلناً إصراره على تولي منصب وزير الدفاع للحيلولة دون امتلاك إيران السلاح النووي.

لكن السؤال يبقى عن استعداد الساسة في "إسرائيل", والمتوقع أن يكونوا من اليمين, لتدشين مرحلة من المواجهة مع إدارة أوباما في الشأن الإيراني, مع توقع أزمة في ملف المفاوضات مع الفلسطينيين, وهل ثمة دلائل في المزاج العام في "إسرائيل" يؤيد ذلك؟

لا يعهد على السياسة "الإسرائيلية" الدخول في صدام مع أمريكا, غير ما يذكر عن مواقف متشددة من زعماء يمينيين كانت تبرز حين كانت واشنطن تحاول ممارسة ضغوط عليهم ل( إبداء قدر من المرونة) في قضية السلام مع الفلسطينيين, ومنهم مناحيم بيغن رئيس الوزراء الأسبق الذي قال لسفير الولايات المتحدة في "إسرائيل" سام لويس, حينها, بأن "إسرائيل" ليست جمهورية موز وإن "شعب "إسرائيل" إن اضطر سيكتفي بالخبز و(المرجرين) إلا أنه لن يقبل الإملاءات"

أما فيما يتعلق بمبادرة "إسرائيل", على الصعيد الخارجي, واصطناعها حروبا, أو أعمالا عسكرية خطيرة؛ فلم يعهد أن فعلت ذلك إلا بغطاء أمريكي, معلن, أو مضمر؛ وفي حالة إيران تغدو الحاجة إلى مثل هذا الغطاء أكثر لزوما؛ لما يتوقعه "الإسرائيليون", من ردة فعل إيرانية كبيرة.

وفوق ذلك فإن المزاج الشعبي العام في "إسرائيل" لا يبدو متحمسا, أو داعما لمثل تلك المجابهة, فقد حذرت ليفني الجمهور "الإسرائيلي" عشية الانتخابات الأخيرة من نتنياهو مدعيةً أن مواقفه ستتسبب في تصادم مع أوباما, واللافت أن الأخير لم يتجاهل تلك التحذيرات, بل إنه بدا مهتما بدفع تلك التهم عن نفسه, ودوما ظل يسعى إلى إظهار توافقه مع إدارة أوباما, قبل انتخابه, وبعد تكليفه بتشكيل الحكومة, وحتى الآن.

ولا يعني امتلاك إيران للسلاح النووي أن تغييرا سيطرأ على موقف الجمهورية الإيرانية من "إسرائيل" التي لا يظهر أنها جادة في تنفيذ ما يصدر عن بعض مسؤوليها من تهديدات بتدمير الكيان الصهيوني, فقد واكبت تصريحات نجاد تصريحاتٌ أخرى, لا بد من استحضارها لفهم حقيقة الموقف الإيراني من "إسرائيل" ومنها ما قاله نائب الرئيس الإيراني إسفنديار رحيم مشائي، مثلا, أن بلاده "صديقة الشعب "الإسرائيلي"

ومن المعروف أن إيران على أبواب انتخابات رئاسية ستجرى في يونيو حزيران المقبل, وأياً كان الفائز فيها, فإن الكلمة الأخيرة تبقى للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي حرص على وضع تصريحات نجاد في إطارها المطلوب.

فهو قد صرح مرارا وتكرارا أن هدف إيران ليس التدمير العسكري للدولة اليهودية ولا للشعب اليهودي, بل إلحاق الهزيمة بالعقيدة الصهيونية, وحل "إسرائيل" عبر استفتاء شعبي يشارك فيه الفلسطينيون الأصليون المسلمون واليهود والمسيحيون، ومنها خطاب خامنئي أمام مسؤولي الهيئة القضائية, 28 حزيران 2005م.

وقد دأب المسؤولون الإيرانيون على القول إنهم لن يعارضوا أي اتفاق يبرمه الفلسطينيون مع " إسرائيل".

وبغض النظر عن دلالات هذه المواقف من مسألة الاعتراف ب"إسرائيل" فإنها تدل على افتقارها إلى نوايا تفضي إلى تدمير "إسرائيل", وهو الأمر الذي لا تلبث "إسرائيل" تستخدمه ذريعة للتحريض على إيران, واعتبارها الخطر الحقيقي , أو التهديد الأبرز لها, بعد السبب المتمثل في دعمها لمنظمات تصفها بالعداء والإرهاب.

ومع استبعاد إقدام "إسرائيل" على خطوة انفرادية بتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية, فإنه لا يستبعد أن تقوم بخطوات محدودة تهدف إلى إعاقة تلك الجهود الإيرانية, من قبيل التخريب وعمليات الاغتيال للخبراء الإيرانيين, مع استمرار الدفع بالجهود الدولية, والأمريكية نحو مزيد من الضغوط والعقوبات المؤلمة, في أقل الأحوال.

* باحث وكاتب فلسطيني.

"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"