تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إيران وأمريكا: عداء في الظاهر وصفقات في الباطن



أحمد الظرافي
03-02-2009, 04:54 PM
إيران وأمريكا: عداء في الظاهر وصفقات في الباطن


بقلم: أحمد الظرافي

الثورة الإيرانية التي قامت عام 1979، لم تكن في بداية أمرها، ثورة شيعية خالصة، قادتها المؤسسة الدينية أو المرجعية، كما تسمى عند الشيعة، بل كانت ثورة اختلط فيها الديني بالاجتماعي بالسياسي بالقومي، واشتركت فيها مختلف القوى والفعاليات على الساحة الإيرانية ، الدينية منها وغير الدينية، إضافة إلى الأحزاب اليسارية، مثل الحزب الشيوعي، وحزب توده، والحزب القومي الاشتراكي. وكان للنقابات العمالية التي كانت تنشط فيها هذه الأحزاب – بجانب الجموع الحاشدة التي كانت تخرج من المساجد والحسينيات - دور كبير في الإضرابات والمظاهرات التي عمت أنحاء إيران عشية الثورة والتي قوضت نظام الشاه واتت بالخميني إلى السلطة.
وقد بذلت الولايات المتحدة الأمريكية التي خسرت مصالحها الحيوية في إيران نتيجة لتقويض نظام الشاه آنذاك، بذلت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول اليساريين الإيرانيين الموالين لموسكو إلى السلطة في طهران، لأن ذلك كان سيكون بمثابة انتصار كبير للمعسكر الشيوعي السوفيتي، على حساب المعسكر الرأسمالي الأمريكي والغربي، في ذروة الحرب الباردة بينهما، فكان ذلك سيعتبر تحقيقا لحلم الاتحاد السوفيتي في الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج، ومن ثم حرمان واشنطن وحلفائها، من الموارد النفطية الهائلة التي "تشفطها" من بحيرات هذه المنطقة بأرخص الأسعار ، والتي تعتبر المحرك الأساسي للآلة الصناعية الرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف الدول الغربية، والتي يتوقف عليها رخاء المجتمعات الغربية. ومن هنا يرى المحللون أن واشنطن قد ساعدت بشكل أو آخر على تسلم الخميني وأتباعه لمقاليد الأمور في طهران، بعد اندلاع الثورة، لأن الخميني كان معروفا بعداوته الشديدة للشيوعيين مثلما عرف بعداواته للأمريكيين.
وقال الباحث الأمريكي روبرت ديفوس ، صاحب " لعبة الشيطان " في مقابلة مع مجلة الوطن العربي 10/3/2006.:.. تاريخيا فإن الولايات المتحدة وافقت على قدوم الخميني للسلطة ... وقد ذهب البريطانيون أبعد من ذلك ونقلوا للخميني أسماء عملاء ال " كي . جي . بي " في طهران التي حصلوا عليها من منشق روسي . أي أنهم حاولوا حماية الخميني.. وفي نفس الوقت وقف المحافظون الجدد مع إيران من أمثال ريشارد بيرل ومايكل ليدين وتحالفوا مع إسرائيل لتزويد إيران الخميني بالسلاح واستمر ذلك ما بين 1981 حتى 1985 عندما كشف الموضوع.
بل أن هناك من يذهب أبعد ذلك وهو أنه كان هناك صفقة ما بين الخميني وواشنطن – لاسيما بعد تسلم الخميني لزمام قيادة الثورة ومقاليد الحكم في طهران. وهذا ما صرح به تحديدا، أبو الحسن بني صدر، أول رئيس إيراني بعد الثورة والقائد العام للقوات المسلحة، بين 1980 و1981، قبل أن يختلف مع الخميني فيستقيل – أو بالأصح يقال - من منصبه بعد ذلك.
قال أبو الحسن بني صدر في مقابلة مع مجلة المشاهد السياسي العدد 36 ، 17-23نوفمبر1996:" لقد كان هناك ثورة وافق عليها الخميني كما وافق على الديمقراطية وعلى أن يكون الشعب هو مصدر السلطات، لكنه بعد ما وصل إلى قيادة الثورة عقد صفقة مع الأمريكيين والإسرائيليين وقام بانقلاب. هذه الحقيقة". وقال: نحن قمنا بالثورة من أجل إقامة الديمقراطية الحقيقية في إيران ليس ديمقراطية على طريقة الغرب، بل ديمقراطية تفتح الباب لمشاركة الجميع في القرار. لكن الخميني كما قلت سابقا، عقد صفقة سرية مع الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين وقام بانقلاب حقيقي. وفي هذا الاتجاه: يعتبر أبو الحسن بني صدر عملية اقتحام السفارة الأمريكية في طهران تمثيلية دبرها الخميني مع الأمريكان.
وقال بني صدر في مقابلة أجراها مؤخرا مع جريدة الشرق الأوسط 4 فبراير2009: ..أما في ما يخص أزمة الرهائن الأميركيين بعد احتلال الطلبة الإيرانيين للسفارة الأميركية، فبالطبع عقدت السلطات في إيران صفقة سرية مع إدارة رونالد ريغان لإطلاق الرهائن الأميركيين، في إيران ولبنان. (جزء منها كان معروفا تم الاتفاق عليه في الجزائر ويقضي بالإفراج عن نحو 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي جمدتها أميركا بعد الثورة مقابل إطلاق الأميركيين المحتجزين في السفارة الأميركية بطهران، وجزء آخر متعلق بشراء أسلحة أميركية وإسرائيلية لدعم المجهود الحربي الإيراني خلال الحرب مع العراق مقابل إطلاق أميركيين محتجزين في لبنان، وهى الصفقة التي عرفت بإيران غيت). وأشار بني صدر إلى أن القيادة الإيرانية تقوم بالعداء في الظاهر، ثم اعتماد سياسة عقد صفقات في السر. وضرب مثلا على ذلك بفضيحة إيران جيت. وفضيحة "إيران جيت" هي تلك الفضيحة التي قام بها الرئيس ريغان في عام1985- 1986 وأعطى إيران مقابل إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في بيروت صواريخ هوك وتاو لاستخدامها في حربها ضد العراق " فأمريكا – لدى قادة طهران وفي وسائل الإعلام الإيرانية- هي الشيطان الأكبر وإسرائيل هي أداة تنفيذ هذه السياسة الشيطانية. وعندما قررت إيران في مرحلة معينة من حربها مع العراق أن تشتري سلاحا أمريكيا فعلت ذلك بوساطة إسرائيلية، وضربت عرض الحائط بكل المبادئ، وذلك على رغم كل ما يذكر عن نفي ذلك. كل هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن اليمين المسيحي الجديد في الحزب الجمهوري الأمريكي، قام باستغلال الثورة الإيرانية، وأزمة الرهائن الأمريكيين في طهران، وتوظيفهما أمام الرأي العام الأمريكي للإطاحة بالرئيس الأمريكي الديمقراطي كارتر، ومن ثم عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض من جديد ، بعد أن كانوا قد خرجوا منه في أعقاب فضيحة (ووترجيت) التي كان بطلها الرئيس نيكسون الجمهوري، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. وفعلا حقق الجمهوريون هدفهم فكسبوا الانتخابات التي جرت في أواخر عام 1981 وعادوا عودة قوية إلى البيت الأبيض من جديد بزعامة رولاند ريجن اليميني المحافظ. واحترق كارتر والديمقراطيون بتلك الأزمة وذهبوا ضحية لها.
ودخول المحافظين الجدد في صفقات ولقاءات خلف الكواليس، مع قيادة الثورة الشيعية ذات المضمون القومي الفارسي، الصاعدة في طهران، غير مستبعد على الإطلاق ، إذ أن هؤلاء – ومثلهم كثير من القيادات اليهودية في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة – يحثون على التعامل مع الشيعة ويوصون الحكومات الغربية بالتمكين لهم في المنطقة وتلك بالنسبة لهم إستراتجية كفيلة بضمان أمن إسرائيل وبتحقيق أهدافهم الخبيثة في تفتيت منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
ويشير الباحث الأمريكي روبرت ديفوس في مقابلته مع مجلة الوطن العربي المذكورة أعلاه ، إلى أن : إسرائيل ترى الأقليات حلفاء لها مثل الموارنة والدروز والعلويين .. وأن الشيعة لم يكونوا يؤمنون بالقضية العربية بل كانوا يهتمون بقضايا أخرى، كما يشير إلى أن هناك دراسات عديدة في مراكز الأبحاث توصي بالتعامل مع الإسلاميين الشيعة لأنه يمكن الوثوق بهم على خلاف الإسلاميين السنة. بل يدعو باحثون مثل ريشارد بيرل ودانييل بليتكام لقيام جمهوريا شيعية في المنطقة.
وفي أزمة الخليج الثانية التي دشنها الرئيس العراقي صدام حسين بعملية اجتياح الكويت في 2أغسطس 1990، اتخذت إيران موقفا صارما من العراق، إلا أنها مع وصول الحشود الأجنبية إلى أراضي الحرمين، بدأت تقلل من لهجتها تجاه العراق وتصعدها ضد التواجد الأجنبي في المنطقة، واتخذت قرارا بعدم المشاركة مع التحالف الثلاثيني الدولي والعربي في الحرب ضد العراق، وكانت تلك خطوة إيجابية قوبلت بالارتياح من قبل الحركات الإسلامية في البلدان العربية والإسلامية. بل أن ذلك قد طمأن القيادة العراقية ودفعها لأن تسرع بإرسال طائراتها لتودعها في إيران خوفا من تعرضها إلى القصف، وقد قوبل ذلك بأحسن العبارات الودية وبمعسول الكلام من المسئولين الإيرانيين، دعاة الوحدة الإسلامية.
وفعلا ظلت القيادة الإيرانية ملتزمة بذلك الحياد طوال فترة الغارات الجوية على العراق. ولكن عند بدء عملية الاجتياح البري فعلت إيران ما لم يكن في الحسبان، وثبت أن ذلك الهدوء لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة، فإنه ما أن بدأت الحرب البرية ووصلت طلائع القوات الأمريكية إلى الحدود العراقية الجنوبية حتى زجّ الإيرانيون بعشرات الآلاف من الجماعات العراقية الشيعية التابعة لهم ليطعنوا الجيش العراقي في الظهر طعنة نجلاء قاصمة، عندما كان يخوض مع القوات الغازية أكبر معركة بالدبابات منذ الحرب العالمية الثانية، كما وصفتها وسائل الأعلام في ذلك الوقت. وقامت تلك الجماعات بالتنسيق مع أعوانهم في الداخل بثورة همجية عارمة ودمروا جميع المؤسسات العراقية في الجنوب وقطعوا على القوات العراقية خط الرجعة، وارتكبوا مذبحة طائفية غادرة ورهيبة ضد فلول الجيش العراقي التي تقطعت بها السبل بعد الانسحاب من الكويت. وهو الأمر الذي أشر على وجود صفقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين، إلا أن الأنظمة العربية المشاركة في الحرب، وخاصة النظام السعودي اعترضت على ذلك، خوفا من تسلم الشيعة الموالين لإيران لمقاليد الأمور في العراق.
وبعد الحادي عشر من سبتمبر2001 وغزو الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان بدعوى محاربة الإرهاب، كثرت اللقاءات السرية بين المسئولين الإيرانيين والأمريكيين وراء الكواليس وخلف الأبواب المغلقة، في العواصم الغربية، على الرغم من العداء الظاهر بين إيران "محور الشر" والولايات المتحدة " الشيطان الأكبر" وقد عرضت إيران من خلال تلك اللقاءات التعاون بحماس مع الولايات المتحدة لإسقاط نظام طالبان الإسلامي، عدوها اللدود في كابول لا لشيء إلا لأن حركة طالبان حركة سنية تنادي بإقامة خلافة إسلامية، وكانت تناوئ الوجود الإيراني الشيعي في أفغانستان مثلما كانت تناوئ الوجود الأمريكي أو الروسي أو الهندي.
وأثناء عمليات القصف الجوي على طالبان والمدن الأفغانية، قدمت إيران للأمريكيين معلومات استخباراتية دقيقة مدعمة بالخرائط التي تحدد بدقة مواقع مقاتلي الحركة لقصفها. وحددوا على تلك الخريطة الأهداف التي نصحوا القوات الأمريكية أن تركز عليها وخاصة في شمال أفغانستان. ولعبت إيران دورا مهما في تشكيل الحكومة الانتقالية في كابول بعد انهيار نظام طالبان وقامت بتعزيز العلاقات معها وأكدت على دعمها لحكومة حميد كرزاي الذي يعتبر مواليا للأمريكيين. وكان الرئيس الإيراني محمد خاتمي أول رئيس دولة أجنبية يزور كابول في 12/8/2002 برفقة العديد من الوزراء، منذ سقوط نظام طالبان، أعداء طهران، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2001. وساعدت إيران بملاحقة المجاهدين من أعضاء تنظيم القاعدة. ولعبت دورا هاما في اعتقال الملا كريكار زعيم جماعة أنصار الإسلام التي تخوض حربا ضد الفصائل الكردية في شمال العراق في أمستردام في هولندا. فضلا عن التعاون الأمني الأمريكي ـ الإيراني، حيث قامت طهران بملاحقة أشخاص اعتقد أنهم أعضاء في القاعدة بناء علي معلومات أمنية أمريكية.
وكل تلك الخدمات وغيرها – بطبيعة الحال - لم تكن خدمات قدمتها طهران لواشنطن مجانا وبدون مقابل.
كما كانت إيران لاعب أساسي في عملية احتلال العراق، وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، في عام 2003، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تبين للقاصي والداني، أن إيران كانت هي المستفيد الأكبر من سقوط هذا النظام في بغداد.
فقبل الاحتلال الأمريكي للعراق كانت التقارير الصادرة عن الدبلوماسيين والمحليين تتحدث عن اتصالات ومحادثات سرية تجري وراء الكواليس في باريس أو بلد آخر حيادي، بين المسئولين الأمريكيين والإيرانيين تمهيدا لضرب العرق وإسقاط نظامه. وأكدت تلك التقارير أنه تم التوصل: إلي أرضية توافق حول احتمال انتهاك الطائرات الأمريكية التي تتعرض لنيران المضادة العراقية المجال الجوي الإيراني. وأن إيران قدمت أيضا معلومات جمعتها أجهزتها المتخصصة حول مخزون الأسلحة الكيميائية والبرامج النووية والصواريخ العراقية وكشفت تفاصيل عن أماكن أو أشخاص ( عملاء ) يفيدون المفتشين الدوليين في مهماتهم. كما سعي الأمريكيون إلي الحصول علي ضمانات تفيد بأن المعارضة الشيعية العراقية في إيران ستلعب الدور المسند إليها في عهد ما بعد صدام.
وذكر برنامج وثائقي لـ'بي بي سي' أن الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي عرض التعاون مع الولايات المتحدة حيال العراق للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين والذياعتبره عدواً لإيران. وبالمقابل - بعثت الإدارة الأمريكية برسالة لطهران عن طريق بلد ثالث طمأنت الحكومة الإيرانية فيها بان إيران لن تكون الهدف التالي في إطار الحرب الأمريكية علي الإرهاب.
وقال دبلوماسي طلب عدم كشف هويته – آنذاك لوسائل الأعلام- وان كانت الحشود تهتف الموت لأمريكا خلال صلاة الجمعة فان إيران تنسق بشأن القضية العراقية كما فعلت العام الماضي بشأن المسألة الأفغانية..وذكرت بعض وسائل الإعلام أن شقيق الرئيس الإيراني محمد خاتمي أعلن في تشرين الأول (أكتوبر) 2002، أن إطاحة صدام حسين... سيكون أسعد يوم بالنسبة لإيران. وفي ذلك الوقت رأى عدد من المسئولين الإيرانيين أن العراق ونظامه العربي المعادي للفرس، بحسب تسمية بغداد للإيرانيين، شر اكبر من الولايات المتحدة.
وقد تجسد ذلك بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع من العالم، بالطرب الإيراني والشيعي الكبير، لإعدام صدام حسين و«رقصة الموت» حول جسده المشنوق، صبيحة عيد الأضحى المبارك أواخر العام 2006.
وفي بداية الحرب قامت المخابرات الإيرانية بإبلاغ القوات البريطانية الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في العدوان على العراق، عن زوارق حربية في مياه الخليج كان العراق قد أعدها بشكل محكم، لمهاجمة القوات الغازية حال توغلها في المياه الإقليمية العراقية.
وكانت إيران شريكا رئيسيا في المجازر الرهيبة التي حدثت لأهل السنة في العراق وفي حملات التهجير الواسعة التي مورست ضدهم وخاصة من العاصمة بغداد، خلال السنوات الماضية على أيدي المليشيات الشيعية مثل فيلق بدر وجيش المهدي التابعين للحرس الثوري الإيراني. وقد كشف الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في تصريح له في مؤتمر عقد في أنقره في عام 2006، عن أن العراقيين من أهل السنة الذين فتلتهم المليشيات الموالية لإيران يبلغ عددهم زهاء مائتي ألف. وبالجملة فإن ما فعلته إيران في العراق أكثر بكثير مما فعلته في أفغانستان، فكانت المتحمس الأكبر للحكومة العراقية الشيعية التي تشكلت تحت حراب الاحتلال، وأول من أعترف بها وأول من أقام سفارة له في العراق، وكان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أول رئيس دولة أجنبية يزور بغداد تحت الاحتلال. وهي اليوم – أي إيران - شريكا رئيسيا في احتلال العراق بجانب الولايات المتحدة الأمريكية ( الشيطان الأكبر ) سواء نفت ذلك أم لم تنف.
وهناك محللون أمريكيون وغربيون يصفون ما يجري بين الولايات المتحدة وإيران بأنه "تحالف بمنطق الأمر الواقع" إذ يقول هؤلاء: إن إيران والولايات المتحدة حليفتان بمنطق الأمر الواقع في الحرب ضد صدام حسين، وهذا ما كتبه الصحافي اليهودي توماس فريدمان ... في أكتوبر1996 في تعليق له في صحيفة " النيوورك تايمز ".
وأما ما يحدث بين هذين الطرفين من نزاع وخلاف وحروب إعلامية ومواجهات كلامية، فذلك كله صراع على قسمة الغنائم، وحول الماء والكلأ اللذان يدخلان في حمى الطرف الثالث شبه الغائب عن المسرح أو العاجز عن الدفاع عن حماه المستباح. وهو هنا الدول العربية بعامة ودول الخليج بخاصة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لكي يقوم كل منهما بتحسين موقعه وظروف تفاوضه مع الطرف الآخر حتى يكون له نصيب أكبر من الغنيمة، أو لكي يشعر حليفه بأنه موجود وعلى إطلاع بما يجري، وقادر على تعكير الصفو وإثارة المشاكل، وخاصة بالنسبة للضبع الإيراني أمام الثور الأمريكي. فلا تنفرد أمريكا وحدها بالغنيمة بل تترك نصيبا منها لإيران. وهذا مثل خلاف وصراع أخوة جشعين على قسمة تركة جاءت لهم عفوا ومن غير تعب أو مجهود، أو مثل صراع الوحوش على الفريسة في البرية. ومن هذه الزاوية تأتي مقاومة حزب الله الشيعي التابع لإيران في جنوب لبنان، وتصريحات القادة الإيرانيين النارية وخطبهم الصاخبة، حول الشيطان الأكبر.. أمريكا، وحول نسف إسرائيل من الوجود. بل إنني لا أتردد في القول بأن إيران من هذا المنطلق تدعم حركتي حماس والجهاد.
ومن هذه الزاوية أيضا تأتي الضغوط الصهيو أمريكية على إيران وتصريحات القادة والمسئولين الأمريكيين والصهاينة حول التهديد بغزو إيران أو بضرب المفاعل النووي الإيراني. وهي تصريحات متبادلة منذ ثلاثة عقود دون أن يكون لها أي صدى على أرض الواقع، والغرض منها ذر الرماد في العيون والضحك على الذقون ليس إلا، فإيران تتضخم عسكريا وتتقدم تقنيا وتكنولوجيا وتستمر في تطوير مشروعها النووي، وفي التمدد سياسيا وثقافيا – في المنطقة وفي غير المنطقة- والكيان الصهيوني بدوره، يزداد توسعا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويزداد عربدة وغطرسة تجاه الشعب الفلسطيني، وآخرها العدوان الهمجي على غزة في يناير2009، والذي لم نسمع خلاله من إيران زعيمة محور الممانعة، سوى الكلام والتصريحات الفارغة، التي لم تسمن ولم تغن من جوع. وفوق ذلك وقبله وبعده فالتنسيق الإيراني الصهيو أمريكي شغال، على قدم وساق، والصفقات بين الجانبين تتم على أعلى مستوى، سواء في العراق أو أفغانستان أو لبنان وربما في أماكن أخرى – كفلسطين مثلا – الله أعلم!! والضحية والخاسر الأكبر من وراء ذلك هم العرب والمسلمون.
واللوم في ذلك لا يقع على إيران أو أمريكا فكل منهما يلهث بعد مصالحه، وإنما يقع اللوم بدرجة أساسية على الأنظمة العربية الرسمية الخانعة والمنبطحة تحت الأقدام، والذين انطلت عليهم هذه الخدعة الرهيبة. فالأنظمة العربية هي التي باعت العراق وأفغانستان وهي التي فرطت في فلسطين، وتخلت عن دعم مقاومة شعبها، وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه لتلج منه إيران بمبرر دعم حركات المقاومة في فلسطين. رغم أنه يستحيل أن يكون من شارك في احتلال أفغانستان المسلمة وفي احتلال العراق المسلمة وقبل ذلك في ضرب ثورة الشيشان المسلمة ، يستحيل أن يكون نصيرا للمجاهدين في فلسطين المسلمة، ولو ملأ الدنيا بالشعارات وضجها بالهتافات. وأنا والله لا أخشى على حماس من الكيان الصهيوني بقدر ما أخشى عليها من إيران. فالكيان الصهيوني يريد الأرض والموارد، وأما إيران فتريد غزو القلوب والعقول ومعهما الأرض. وحماس حذرة من الكيان الصهيوني ومحصنة تجاهه، وهي تستمد قوتها وشرعيتها وتعزز وجودها من خلال مقاومته، في الوقت الذي هي فيه، مطمئنة لجانب إيران. وهنا مبعث القلق، فمن مكمنه يؤتى الحذر، كما قال المثل العربي.


***

صرخة حق
03-02-2009, 06:48 PM
رغم أنه يستحيل أن يكون من شارك في احتلال أفغانستان المسلمة وفي احتلال العراق المسلمة وقبل ذلك في ضرب ثورة الشيشان المسلمة ، يستحيل أن يكون نصيرا للمجاهدين في فلسطين المسلمة، ولو ملأ الدنيا بالشعارات وضجها بالهتافات. وأنا والله لا أخشى على حماس من الكيان الصهيوني بقدر ما أخشى عليها من إيران. فالكيان الصهيوني يريد الأرض والموارد، وأما إيران فتريد غزو القلوب والعقول ومعهما الأرض



ثم تظل تهين في العرب وتسجن وتقتل وتعذب لتروي غليلها وحقدها( وآياتها) الدفين على فتح العرب بلاد فارس ووصولهم للصين







موضوع قيم وجزاك الله خيرا