تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منتديات النقاش.. حرية الكلام تفضح العجز



kheder
02-23-2009, 02:30 AM
منتديات النقاش.. حرية الكلام تفضح العجز
هبة ربيع (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1178724226461&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout#***1)
إذا لم تقترن الحرية بالمسؤولية والفعالية ستبقى نتائجها فقيرة للغاية في الوقت الذي تصمت فيه وسائل إعلام الأنظمة العربية إلا عن الترويج لوجهة نظر أنظمتها، تضج منتديات النقاش الإلكترونية "بصراخ" المواطنين وأمنياتهم من الأطياف كافة، مع النظم الحاكمة، وغالباً ضدها. وذاك الإفراز كون حالة من الامتلاء، يشهدها الفضاء الإلكتروني العربي، بمعارك كلامية فرضتها اللحظات التاريخية التي تعيشها المنطقة، والتي تتجلى وتتخذ من الأخبار المنشورة في مواقع الصحف والفضائيات مادة أساسية للتعليق والرد عليها.
فإذا كان غالبية المواطنين عاجزين عن التعبير عن آرائهم، وعن اتخاذ موقف يعبر عنهم بالفعل، لكونهم يعيشون في حالة من "الخرس الجماعي" كرستها سياسات الأنظمة الاستبدادية ومنظوماتها الإعلامية التي تتجاهلهم عمدا وقصدا؛ فإن ساحات النقاش تروج لثقافة ما يسمى "الرأي والفعل الافتراضي" حيث تستطيع أن تستنكر، تندد، تشجب، تدعو للمقاطعة، وتنظم حملة توقيعات وأنت جالس بمأمن في بيتك أو مكتبك.
توحيد الهم
تتنوع الموضوعات التي تتناولها منتديات النقاش، وإن كانت القضايا الداخلية السياسية تشكل الهم الأكبر دوما والقاسم المشترك فيما بينها؛ إلا أن الحرب اللبنانية الإسرائيلية وما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية استطاعت توحيد الهم العربي (كموضوع للنقاش) واختلاف الآراء وتضاربها خاصة مع ما تطرحه من خلاف في وجهات النظر حول المقاومة وتقييم موقف الأنظمة العربية منها.
وبعد رصد استطلاعي، أمكن تكوين جملة من الموضوعات التي ناقشتها الحلقات النقاشية في المنتديات، منها مثلا ما ضمه منتدى أبناء مصر www.egyptsons.com (http://www.egyptsons.com/)، الذي ناقش قضايا مثل: هل انتصر حزب الله أم لا، مقارنة بالنصر المصري في أكتوبر 73؟ وإمكانية مقاطعة المنتجات الأمريكية، وكيفية تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك. وعلى موقع "عاشق لبنان" www.leblover.com (http://www.leblover.com/) نوقشت قضايا مثل: التخطيط الأمريكي لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، ولماذا لم يتعاطف العرب مع المقاومة العراقية وتعاطفوا مع حزب الله؟ وما منطق التعاملات العربية الإسرائيلية؟.
ما خفي أعظم
في المنتديات نجد أن حرية كبيرة تتيحها بإمكانية التخفي وراء اسم مستعار، وهذا جعل النقاشات ساخنة ومشتعلة، وأحيانا متناقضة، وبلا رتوش مهما كان نوعها.
وبمجمل حالات التعبير عن الرأي، نجده قاد إلى التأكيد على تلك الفجوة التي تكبر وتتعمق بين الأنظمة العربية وشعوبها، وبين بعض مثقفيها ونخبها والمواطنين العاديين.
غالبية التعليقات لم تتوانَ عن اتهام الأنظمة العربية صراحةً بالعمالة والجاسوسية لصالح إسرائيل وأمريكا وذلك في ضوء تراجع دور الأنظمة تارة، وتآمرها وبشكل مباشر وغير مباشر مع العدوان على لبنان (والمقاومة عموما) تارة أخرى.
فقد نالت أنظمة "الاعتدال" نصيبا كبيرا من الغضب الشعبي، فالحكام خونة، والملك حسين أخبر إسرائيل بموعد حرب أكتوبر، وأنظمة كثيرة سلمت بغداد للاحتلال. والكل يحاصر "حكومة حماس"، كما طرح البعض وبنوع من المنطق: "إذا كان هذا موقفهم المعلن من المقاومة فبالتأكيد ما خفي أعظم...".
ويرى المتتبع أن المتحاورين متفقون على أن غالبية الدول العربية لها علاقات سرية مع إسرائيل، وهي علاقات ليست حبا ولكن إرضاء لأمريكا، فالرضا دوما يمر عبر بوابة تل أبيب.
ورغم أن التعليقات والنقاشات كانت تخلو من حسابات السياسة كالعادة، وتقترب أكثر من أن تكون انطباعات شخصية ردا على خبر مجهول المصدر، وأحيانا على أخبار موثقة، إلا أنها كانت بمثابة تعبير حقيقي عن أسئلة ملحة في ظل لحظة كاشفة، أخذت تتنازع المواطن البسيط أسئلة كثيرة أملا في تكوين صورة ما عن طبيعة النظام الذي يمثله.
خوف من المسئولية
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1188371096330&ssbinary=true غرف الحوار والنقاش كشفت آمال وطموحات الشعوب التي لم تتحققالدكتورة جيهان رشتي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ترى في انتشار منتديات النقاش ضرورة ملحة في ظل نصوص القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير، فالتهم المطاطية التي تحاك للمواطن الذي يخرج عن ولائه لتعيده إلى "بيت الطاعة" الخاص بالأنظمة العربية كثيرة، فبداية من تكدير الرأي العام والشغب وإهانة رئيس الجمهورية إلى آخر التهم التي من الممكن تكييفها لتلائم أي حالة وتتسبب في اعتقال العشرات.
وتضيف: "يلجأ المواطنون إلى ساحات النقاش، ويتسترون خلف الأسماء المستعارة حتى لا تطولهم يد الأمن".
وتفسر د. نسرين البغدادي، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ظاهرة التعبير عن الرأي عبر ساحات النقاش الإلكترونية وانتشاره في الدول العربية بسبب القيود المفروضة على حقوق التظاهر والاعتصام وأشكال التعبير عن الرأي السلمية كافة.
وتشير إلى أن وسائل التعبير عن الرأي الإلكترونية مثل: منتديات النقاش ورسائل التليفون الخلوي لا يمكن الاعتماد عليها وحدها في قياس رأي عام تجاه قضية بسبب اللجوء للأسماء المستعارة؛ وكأننا خائفون من أخذ موقف حقيقي نتحمل مسئوليته.
حوار الشعوب أم صراعها؟!
القدرة على التواصل سبب آخر للجوء المواطنين إلى منتديات النقاش بالإضافة إلى سقف الحرية المرتفع، كما يمكننا القول إن منتديات النقاش أتاحت الفرصة للشعوب العربية لأن تسمع بعضها البعض.
ففي ساحات الحوار ومنتديات النقاش نجد حوارًا بين السعوديين واللبنانيين عن الدور السعودي وموقفه من حزب الله، كما نجد حوارا بين لبنانيين وإسرائيليين في مواقع أخرى، وحوارات بين عرب ومسلمين وأجانب في مواقع أجنبية كثيرة.
ورغم أن لكل مستوى من مستويات النقاش والحوار حدته وجذوته وأسلوبه وأسبابه، إلا أن ما يهمنا هنا هو حصر الموضوع بشقه العربي العربي؛ ليجد المتابع أن النقاش غالبا ما ينزلق إلى دفاع متعصب وانقياد تبريري أعمى لموقف الدولة التي ينتمي إليها المحاور دون أدنى وعي أو تحييد. بحيث أصبح دور كل مواطن رد التهم عن دولته التي تلتصق بشعبه بشكل تعميمي مطلق، يرافق ذلك الانحياز العاطفي الأعمى نشر أو إظهار (الغسيل الوسخ) لكل طرف بحيث يطفو على السطح دفعة واحدة.
وهذا بحد ذاته عمل وسيعمل على توتير العلاقات بين الشعوب العربية التي تُعتبر رهان الوحدة الحقيقية لهذه الأمة، وضاعف من مكونات الصورة الذهنية السيئة عن بعضها البعض.
تعمق ذلك في ضوء ارتفاع وتيرة الصراع الطائفي الذي عكسته منتديات الحوار، والذي ضاعف الفرقة والخلاف، وهي قضية خطيرة وفي غاية الأهمية يجدر منحها مساحات من التحليل والفهم ومعرفة الدور الذي تلعبه هذه المنتديات في العلاقات بين المذاهب أكان تقريبا أم تفريقا؟
محاولة للفهم
لا تقدم التحليلات السياسية التي يقدمها الناشطون في المنتديات إجابات شافية لكل ما يدور بعقل المواطن من تساؤلات، ويمكن إدراك ذلك بسهولة إذا راجعت ما يُكتب في منتديات النقاش.
كما أن المنتديات هذه تكون مليئة بالأسئلة وعلامات الاستفهام، وهي أسئلة جوهرية وطازجة من وحي اللحظة وتستدعى بعامل خبرة المتفاعلين وانهماكهم مع قضاياهم القديمة وحديث الساعة، في حين تكون الإجابات منقوصة دوما، وغالبا ما يقع المناقش فريسة الواقع الذي يفرض نفسه عليه وعلى أحلامه.
فمثلا نجد أسئلة مثل: هل أنت مع أو ضد خطف حزب الله الجنديين الإسرائيليين؟ هل أنت مع أو ضد انعقاد قمة عربية طارئة؟ وتتوالى الأسئلة، هل أنت مؤمن بانتصار لبنان أم لا؟ هل ستوفي إسرائيل بعهدها؟ هل تأمن قتلة الأنبياء والرسل؟ هل تعتقد أنها كانت الحرب الأخيرة التي قادتها إسرائيل؟ هل تعتقد أن لبنان الآن آمنة من العدوان الذي انتهى بانتصارها؟ أتعتقدون بأن الحرب كانت وحدة وطنية حقيقية أم لا؟ هل سيتمكن أهل فلسطين من استغلال نصر لبنان لخدمة مصلحتهم؟ هل يمكن للشعوب العربية أن تتكاتف مع بعضها البعض لتفعل ما فعلته لبنان وحدها؟.
لنجد أنها بمجملها أسئلة جوهرية لقضايا كبيرة لكن النقاش حولها بدا سطحيا غير مدعم بل عاطفي في مجملة.
سندرك أثناء توغلنا في المنتديات، أن هناك إجماعًا على أن هناك عجزا في الفعل، لكن الأهم هنا هو أن نعترف بعجز الفهم، وتحديدا عندما تغص المنتديات بالمتحاورين وتفرغ الشوارع من المتظاهرين، فحرية "الحكي"، وما أكثرها، كشفت عن العجز في الفعل وحتى التواجد في الميدان.
فضفضة العاجزين
وسيكشف تحليل المداخلات ومحاولات الإجابة عن الأسئلة المثارة في المنتديات عن أنها محاولات للفضفضة والتطهر بالكلام والتفريغ بالحوار، فالمداخلات خالية من أي اقتراحات بحركة عملية على أرض الواقع؛ باستثناء إعادة نشر أخبار عن فتح باب التبرعات أو أرقام حساب تم نشرها في الصحف المحلية أو التنويه عنها في التليفزيون، كما تخلو من اقتراحات إبداعية قابلة للتطبيق العلمي.
فمعروف عن شعوبنا التفافها حول المقاومة لكنها لا تعرف ماذا تفعل لنصرتها، وتكره الأنظمة وعاجزة عن الثورة عليها، لتكتفي بالدعاء وتمني الخلاص، وهي فَرِحَة بنصر حزب الله لكنها عاجزة عن استغلاله، وتدرك أن قصف النار توقف لكنها تواجه قصف الأنظمة، و"مثقفوها" في مسيرة تيئيس سيطول أمدها... إلخ.
وسنجد أن المنتديات وحدها ليست هي الحل كله، بل تكون البداية منها، وإن لم ننطلق لغيرها فعلا وممارسة سنبقى "نعض الهواء" أمام أنظمة لا تعبأ بالكلام، ولا تخجل من "عقلانيتها" المزيفة.
والمطلوب هنا في ظل إدراكنا للدور الذي تلعبه المنتديات الإجابة عن سؤال مهم حتى لا تكون حريتنا أداة لهدف واحد يتمثل في فضح عجزنا، وهو: متى سيتحول الفعل الافتراضي إلى فعل على أرض الواقع؟ أي ماذا بعد الكلام وطرح الأفكار؟
من أسرة اسلام اونلاين

منقول