تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المجتمع وتقبل الرأي الآخر ..



kheder
02-22-2009, 10:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
المجتمع وتقبل الرأي الآخر ..
لم نعتد تقبل سماع الرأي الآخر ،نعم سنكرر هذه المقولة ونكتب عنها كثيرا !!
لم نعتد تقبل الرأي الآخر، وخصوصا عندما يتعارض مع قناعاتنا الموروثة !!
نعم هذه حقيقة ..
عندما يطرح أحدهم موضوعا يخالف قناعاتنا ، أو يسبح ضد تيار الفتوى التي اعتاد عليها الناس ، وذلك في المنتديات العربية ، تجد ردة الفعل عنيفة جدا ،فبعضهم يكفر الكاتب ، وبعضهم يطالب بحذف الموضوع ، وبعضهم يطالب بطرد العضو (مع كل ما سبق) ،وهي ردة فعل تجسد عقلية رجل الشارع البسيط ، والذي لا ينزع إلا من ثقافة أحادية لا تعترف بالآخر ، بل لا يعلم ما هو الآخر !!!!
وعندما يصل الأمر إلى دهاقنة التطرف ، فهنا سوف يجد فتوى تنتظره بإهدار دمه والتقرب به إلى الله !!!!

وكأنا يجب أن نكون نسخا متشابهة يجترها التاريخ بطوله !!

حقيقة أنا لا ألوم هؤلاء !!
فهم نتاج التربية التي لا تسقينا إلا رأيا واحدا ،، ويجب أن لا نحيد عنه ، وخصوصا في مسائل الدين ..
وزاد من ذلك : التقديس الذي نوليه للرجال ، فأصبح الحق عندنا لا نعرفه إلا بالرجال ، وليس العكس ..

نحن غذينا في تربيتنا على آراء متشنجة ، بدءاً من دراستنا والتي حقنوا عقولنا بتفسيرات مجحفة لبعض الأمور كـ(الولاء والبراء ) مثلا ؛ والذي يتناقض مع روح الإسلام ، بل يتناقض مع أحاديث ومباحات كثيرة ..
وانتهاء بتبني الآراء التعسفية التي تحرم أشياء لم يعرفها آباؤنا القريبون ..
المسألة معقدة جدا ..
وعدم تقبل الرأي الآخر في مجتمعنا ، شيء طبيعي بسبب طريقة التفكير التي يدار بها المجتمع ، والذي ينمي التطرف ونبذ الآخر بقوة ..
والمشكلة تكمن في مسألتين مهمتين :
الأولى ،،
وهي حقن العداوة والانتقاص لمن يتبنى فكرا يخالف فكرك ، وهذا واضح جلي في المجتمع ، فالدهماء من الناس ينفرون بل وينتقصون دين من اختلف معهم في أشياء بسيطة كمسائل الصلاة وكيفيتها مثلا .. ، ويحضرني استنكار بعض الأخوة عندما رأى أحدالأخوة "الباكستانيين" يصلي بصلاة تختلف في بعض نواحيها (كعدم الإطمئنان بين السجدتين) فيسأل ، هل يقبل الله صلاته؟؟
ويبرر أن الطمأنينة من أركان الصلاة ، وعليه فصلاته باطلة !!!!
بينما لو اطلع على آراء الآخرين لوجد أن أبا حنيفة يرى أن الطمأنينة في الصلاة ليست من الأركان ولا الواجبات ، وعليه صلاته صحيحة على رأي أبي حنيفة ؟؟
ولكن ماذا تقول أمام مجتمع لا يعرف إلا لونا واحدا ، ورأيا واحدا ، ورجالا لا يخطئون ، ولا يأتيهم الباطل بين أيديهم ولا من خلفهم !!
الثانية ،،
أن تربية الرأي الواحد ، والتي يشعرونك معها، أنهم أعطوك الحقيقة المطلقة ، التي لا يتسرب إليها الخطأ أو الشك ، وذلك بعدم إطلاعك على الرأي الآخر ، أو تعريفه لك ولو بشيء بسيط ، جعلك تجهل أن هناك آراءً أخرى ، حتى أن بعضهم يعتقد أن ما جئت به شيئا جديدا ، بينما هو رأي له أساسياته وأصوله ، بل نوقش في بدايات الإسلام ، وتبنته فرق إسلامية كثيرة ..
وعملية تجهيلك بالرأي الآخر ، تجعل المجتمع يتقبل فتاوى تحريم "حلق اللحية" ، وزيارة القبور للنساء (والتي يرى جمهور العلماء جوازها إلا مشائخنا) ،والغناء ، وكشف المرأة لوجهها وكفيها ، والسفر إلى بلاد غير المسلمين ، والتصوير والتلفزيون (يبدو أن الفتوى تغيرت بالنسبة للأخيرين) ، ومعها أشياء كثيرة على أنها حقيقة ، بل وتحقن فكرك أن من أفتى بغير ذلك فإما أن يكون جاهلا ، أو متملقا ،أو فاسقا يريد نشر الفساد بين الناس، أو أنه أعطى شيئا مقابل فتواه تلك "فرخة مثلا" ..
بينما لو سمحت لنفسك بقراءة حججهم ، لوجدت أن أصحابنا هم من يتفنن في الأخذ بأشد الآراء ، وعندما لا يكون هناك دليل ولو بسيط يستطيعون معه لملمة منهجهم القاسي ، يفتحون باب سد الذرائع ، ومنه ينطلقون إلى تحريم أشياء ما أنزل الله بها من سلطان ، إلا أنها لا تتوافق ومنهج التشدد والتطرف الذي تربوا عليه ، ويريدون أن يربوا عليه المجتمع ، ولا أدل على ذلك من فتوى تحريم (قيادة المرأة للسيارة) ، والتي لا تملك أمام تبريراتهم إلا أن تضحك ، مع أن أدلة الجواز كثيرة ولا تحصى ، وهناك ما يسند الجواز دون أدلة ، وهو أن الأصل في كل شيء الإباحة ..
ولكن ماذا تستطيع أن تقول ، أمام منهج التطرف والتشديد على الناس ،وامتطاء أشد الآراء في كل مسألة دينية ،،

تحيتي للعقول الهادئة ..
هذا الموضوع منقول