تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قيام الأوزاعي...



أم ورقة
09-09-2003, 08:25 AM
قيام الأوزاعي
عن موقع طريق الاسلام


عالم الشام وشيخ الإسلام وعلم الأعلام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي
كأنى به يقول ويتضرع إلى الله تعالى :


أسيرُ الخطايا عند بابك واقـفٌ علىَ وجَلٍ مما بـه أنت عـارف
يخاف ذنوباً لم يَغِب عنك عَيْبُها ويرجوك فيها فهو راجٍ وخـائف
من ذا الذي يُرجى سواك ويُتَّقى ومالك في فصل القضاء مـخالفُ


قال الوليد بن مزيد : كان الأوزاعي من العبادة على شيءٍ ما سمعنا بأحد قوى عليه، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو قائم يصلى.
وقال الوليد بن مسلم : ما رأيت أكثر اجتهاداً في العبادة من الأوزاعي
ولقد بلغ الأوزاعي في العلم والعمل مرتبة عالية حتى قيل : إذا اجتمع الثوري والأوزاعي ومالك على أمر فهو سنة .
وها هو الأوزاعي يرحمه الله يرسم لنا طريق القيام، ويوضح فضله وأثره فيقول رحمه الله : من أطال القيام في صلاة الليل هوَّن الله عليه طول القيام يوم القيامة .
ولقد طابق قوله عمله فكان رحمه الله من القوامين بالليل .
قال أبو مسهر : كان الأوزاعي يحي الليل صلاة وقرآناً وبكاءاً، وجاء أن أمه كانت تدخل منزله وتتفقد موضع مصلاه، فتجده رطباً من دموعه في الليل .
وروى أيضاً أن أمرأةً قالت لزوج الأوزاعي وقد رأت بللاً في موضع سجوده :
ثكلتك أمك !! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في موضع الشيخ .
فقالت لها امرأة الأوزاعي : ويحك هذا يصبح كل ليلة من أثر دموع الشيخ في سجوده.
هذه هي العلاقة بين العبد وربه ، علاقة الحب والرجاء والخوف، فلا يحب سواه، ولا يرجو غيره ولا يخاف إلا منه، ولذلك لما دخل الأوزاعي على السفاح الذي قتل بني أمية، وأقام ملك بني العباس ـ سأله السفاح عن دماء بني أمية، فلم يتلجلج، ولم يخف، ولم يقل إلا الحق، قال : دماؤهم عليك حرام، فغضب عبد الله بن على السفاح وقال : ويحك ولم ؟! فقال الأوزاعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : ثيبٍ زانٍ ونفسٍ بنفس وتارك لدينه ".
قال : ويحك أوليس الأمر لنا ديانة ؟!
قال الأوزاعي : وكيف ذاك ـ فقال السفاح : أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوصى إلى على ؟
فرد عليه الأوزاعي قائلاً :
لو أوصى إليه ما حَكَّم الحكمين ـ يقول الأوزاعي : فسكت وقد اجتمع غضباً ، فجعلتُ أتوقع رأسي تقع بين يدي، ثم أشار السفاح بيده أن اخرج .
هكذا قام الأوزاعي بدور العالم الناطق بالحق بين يدي سلطان جائر ـ وهو في ذلك لا يخشى إلا الله، وهذا لا يأتي إلا من قلب صادق قوي يعرف ربه حق المعرفة، وما ذاك إلا لما عالجه من قيام الليل والتأمل في ما عند الله مما هو خير وأبقى .
ولدار الآخرة خير، ولنعم دار المتقين
رحم الله أبا عمرو الأوزاعي.