تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إلى من أنكر رؤية الله يوم القيامة



المهاجر7
02-11-2009, 04:55 PM
من مسائل الاعتقاد التي تضافرت على إثباتها دلائل الكتاب والسنة، وأجمع السلف الصالح عليها، مسألة رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، حيث دلت الأدلة الشرعية على أن المؤمنين يرون ربهم عيانا لا يضارون في رؤيته كما لا يضارون في رؤية الشمس والقمر .
فمن أدلة الكتاب على الرؤية قول الحق سبحانه: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }(القيامة:22-23)، قال ابن عباس في تفسير الآية: " تنظر إلى وجه ربها إلى الخالق". وقال الحسن البصري :"النضرة الحسن، نظرت إلى ربها عز وجل فنضرت بنوره عز وجل".
ومن أدلة رؤيته سبحانه يوم القيامة قوله تعالى:{ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }(المطففين:15)، قال الإمام الشافعي :" وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ "، ووجه ذلك أنه لما حجب أعداءه عن رؤيته في حال السخط دل على أن أولياءه يرونه في حال الرضا، وإلا لو كان الكل لا يرى الله تعالى، لما كان في عقوبة الكافرين بالحجب فائدة إذ الكل محجوب .
ومن أدلة رؤيته سبحانه يوم القيامة أيضا قوله تعالى: { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }(يونس:26) والزيادة وإن كانت مبهمة، إلا أنه قد ورد في حديث صهيب تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بالرؤية، كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة، وتنجينا من النار، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل، ثم تلا هذه الآية { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }.
هذا ما يتعلق بالأدلة من كتاب الله تعالى في إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، أما أحاديث السنة فقد نص أهل العلم على أن أحاديث الرؤية متواترة، وممن نصَّ على ذلك العلامة الكتاني في نظم المتناثر، و ابن حجر في فتح الباري، و العيني في عمدة القاري، و ابن حزم في الفصل، و ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل وغيرهم، ومن جملة تلك الأحاديث:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا، يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك ) رواه مسلم . ومعنى " تضارون" أي لا يزاحم بعضكم بعضا، أو يلحق بعضكم الضرر ببعض بسبب الرؤية، وتشبية رؤية الباري برؤية الشمس والقمر، ليس تشبيها للمرئي بالمرئي، وإنما تشبيه الرؤية في وضوحها وجلائها برؤية العباد الشمس والقمر إذ يرونهما من غير مزاحمة ولا ضرر .
2- حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنكم سترون ربكم عيانا ) رواه البخاري .
3- حديث صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة، وتنجينا من النار، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل، ثم تلا هذه الآية { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } رواه مسلم .
4- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) متفق عليه .
5- حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه ) رواه البخاري .
أما الإجماع فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى 6/512 - :" أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن المؤمنين يرون الله بأبصارهم في الآخرة ".
ورغم هذا الإجماع وتلك الأدلة التي بلغت حد التواتر - والتي لم نذكر سوى اليسير منها - إلا أن المعتزلة أنكرت رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وزعمت أن ذلك محال، وسلكوا في سبيل تأييد قولهم ونصرته مسلكين، المسلك الأول: الاعتراض على استدلالات أهل السنة، والمسلك الثاني: الاستدلال لمذهبهم ، وسوف نعرض لكلا المسلكين – بعد ذكرهما – بالنقد والتمحيص ليستبين ضعف ما بنو عليه مذهبهم وفساده.
اعتراضات المعتزلة على أدلة أهل السنة
اعترض المعتزلة على ما أورده أهل السنة من أدلة الكتاب باعتراضات، من ذلك قولهم: أن المراد بالنظر في قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } هو انتظار الثواب لا النظر بالأبصار.
وأجاب أهل السنة عن ذلك بأن تفسير النظر في الآية بمعنى الانتظار خطأ بيّن، لأن النظر إذا عُدِّي بإلى كان ظاهرا في نظر الأبصار، يقول العلامة اللغوي أبو منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة ( 14/371 ):" ومن قال: إن معنى قوله:{ إلى ربها ناظرة }: بمعنى منتظرة فقد أخطأ، لأن العرب لا تقول: نظرت إلى الشيء بمعنى انتظرته، وإنما تقول: نظرت فلاناً، أي: انتظرته، ومنه قول الحطيئة:

<FONT size=4>وقد نظرتكم أبناء صادرة <FONT color=teal>للورد طال بها حوزي [ الحوز: السير الشديد ]