تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكسب الأعداء..؟!



عزام
01-31-2009, 08:11 AM
كيف تكسب الأعداء..؟!
زهير سالم
طُلب إلينا ونحن فتية صغار أن نقرأ كتاباً عنوانه (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس).كان اسم مؤلف الكتاب (ديل كارنيجي). للمؤلف المذكور كتاب آخر عنوانه (دع القلق وابدأ الحياة). كان الكتاب الثاني، الذي لم نُوص بقراءته لأننا لم نكن نعاني من القلق والاكتئاب، لا يقل عن الكتاب الأول في عظم الفائدة. إن لم أقل إنه يتجاوزه في بعض النصائح العملية التي تسعفك عندما تنكسر على صدرك أو على ظهرك النصال على النصال.

الذي يثير الاستغراب أو القلق أن صاحب كتاب دع القلق وابدأ الحياة، أو وابتسم للحياة على خلاف بين المترجمين العرب، قضى منتحراً إثر موجة اكتئاب حاد!! ما أروع سكينتنا مع قولنا (حسبنا الله ونعم الوكيل)؟!!.

من دروس كتاب دع القلق وابدأ الحياة، درس مازلت أطبقه بعد خمسين عاماً من قراءة الكتاب: توقع الأسوأ ووطن النفس عليه. ستجده أهون من القلق والتوتر الذي أنت فيه!! أنت متوتر لأنك تأخرت، والسيارة التي تقلك إلى المطار وقعت في مأزق سير، ستفوتك الطائرة، أو اللقاء.. حسناً أسوأ شيء سيحدث هو أنك ستعود إلى البيت.. وهكذا يدور دولاب حكمة الرجل الذي لم تسعفه حكمته ساعة يأس.

وصفة (توقع الأسوأ ثم توطين النفس عليه) لنفي القلق والتغلب عليه نافعة ومجربة فعليك بها حسبما يعلق الإمام السيوطي في كتابه (الرحمة في الطب والحكمة) على الكثير من وصفاته التي يؤكد أنها ( مجربة ) وهذا يعني أن سلفنا هم الذين سبقوا إلى المنهج التجريبي في ميدان العلوم البحتة وليس فرنسيس بيكون أو غيره من علماء الغرب.

و لنعد إلى موضوعنا ، فليس موضوعنا اليوم عن كسب الأصدقاء كما أنه ليس عن ديل كارنيجي القلق حتى الانتحار. حديثنا اليوم عن براعة بعض الناس في (كسب الأعداء) أو عن قدرة آخرين على تفتيت المجتمعات والجماعات. بحيث يمكن لمن يتتبع سلوكهم وتصرفاتهم وأقوالهم أن يستخلص منها كتباً أكثر شهرة وربحية من كتب ديل كارنيجي ذائعة الصيت في طريقة كسب الأصدقاء.

وحين أقول براعة (بعض الناس) فإنني أقصد بهذا البعض زعماء ورؤساء وقادة وحكومات وهيئات ومؤسسات وكتّابا ومثقفين وأفرادا..

ومع أن الإسلام جعل من بعض مقاصد شريعته العامة بناء مجتمع (البنيان المرصوص) حيث شرع لحماية هذا البنيان الكثير من الأحكام وحرم الكثير من السلوكيات وعلى رأسها التناجي بالإثم والعدوان والغيبة والنميمة وبهت الناس، وقذفهم والافتراء عليهم وإشاعة السوء في بنيان المجتمع والمجاهرة به سواء على الصعيد الفردي أوالجماعي إلا أن هذه المعاصي أو الموبقات أصبحت مع الأسف جزءاً من منهج الحياة العامة لمجتمعات تنتمي تاريخياً إلى الإسلام.

في كتابه (ميلاد مجتمع) يصر المفكر الإسلامي مالك بن نبي رحمه الله تعالى على أن ميلاد المجتمع الجديد القادر على تحمل عبء النهوض إنما يبدأ ببناء شبكة علاقة اجتماعية تقود إلى إقامة مجتمع البنيان المرصوص.

إذا توقفنا في القرن الخامس الهجري عند الإمام أبي حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين وفي ربع المهلكات سنجد باباًَ عنوانه (ذم المراء والجدل). أول ما مررت بالباب ظننت ابتداء أن عطف المراء على الجدل من عطف المترادفات. والمراء هو نوع من اللدد في الانتصار للرأي والذات والمبالغة فيه، والذهاب إلى حد القطيعة بين المتحاورين أو المتجادلين. في الحديث الشريف (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق..) فكيف لمن تركه وهو مبطل؟!. الأروع في الباب من حديث الغزالي هو تفسيره للجدل الذي أظنه مفيداً في السياق الذي نحن فيه.في تفسيره للجدل يقول أن يقف الرجل على رؤوس الناس أو على أطراف ألسنتهم ليرد عليهم كل فعل يفعلونه، وليعيب كل قول يقولونه، وليسفه كل رأي يدعون إليه. إن قاموا عاب القيام، وإن قعدوا عاب عليهم القعود، إن اجتمعوا كره الاجتماع وأظهره مسالبه ومساويه، وإن تفرقوا ذم الفرقة. إن ذكر أحدهم آية من كتاب الله ، بادره بالسؤال في أي سورة هي؟ وما هو رقمها؟ وإن استشهد رجل أمامه بحديث شريف سأله عن راويه ومخرجه، وإن كانت له أكثر من رواية تمسك بما حفظ هو وخطّأ ما حفظ الآخرون. إن استشهد أحدهم ببيت من شعر العرب سأله: من القائل وما المناسبة؟ أو ربما صحح له ما أورد، وأخذ عليه ما ذهب إليه. وإن ذكر أحدهم أمامه باباً من أبواب العلوم أو الفنون أو حتى أمرا من أمور الحياة بادره بالرد عليه وتسفيه رأيه أو تحقير ما عظم أو تعظيم ما حقر.

تلك هي الطريقة التي تحدث عنها الإمام الغزالي بلغة عصره ليضع بين يديك أسهل الطرق لتنفير الناس، وتكثير الأعداء، ولاستثارة الخصومات ولإشاعة الشقاق، وللإشارة إلى النفس والذات : ها أنا ذا انظروا إليّ..

و في المقابل لهذا المنهج نجد منهج القرآن (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم) (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن) ولبناء شبكة العلاقات المتينة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن قال له يا رسول الله (إني أحب فلاناً) (قال هل أخبرته؟ قال: لا. قال قم فأخبره) لأنه بالإخبار هذا تظهر ثمرات الحب. وجعل البسمة على الوجه جسراً لعبور المودة (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) وأردفها (والكلمة الطيبة صدقة) وأكد أن في الإغضاء على... أو في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا.

(بعض الناس) لا يكتب إلا بأقلام الفحم ولا يتكلم إلا بنفث في العقد. يظن نفسه بولتون الأمريكي في مجلس الأمن. إن قال فعلى الناس أن يسمعوا لقوله، وإن أشار لم يكن لهم أن يخرجوا على إشارته. يخال نفسه الفرزدق همام بن غالب شاعر تميم يوم قال:


ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا

وإن نحن أومأنا إلى النـاس وقّفوا


يعيب على من لا يأتمر بأمره أو على كل من يتقدمه برأي أو قول أو فعل وكأنه عند نفسه الذي أُنزل في شأنه .لا تقدموا
فإن تجاوزه كريم، لا عن عجز، ظن ذلك غاية الانتصار ومنتهى الأرب، وعز الطلب. (ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير..). وربما ينسى صاحبنا هذا أنه بقلم الفحم الذي يؤثره يرسم صورته في مرايا الناس وقلوبهم.

الأحداث والمواقف والأفكار والكلمات بستان نجني منه أنا وأنت ما راق وصفا وندع ما اختلط وكدر. آخذين بالاعتبار أن ما يصفو لنا قد يختلط على غيرنا، وما يصفو لغيرنا قد لا يروق لنا (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم..).

شبكة التواصل الاجتماعي في دوائرها المنداحة عن المركز الذي هو كلمة الله مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية. فيها من هو مفتاح للخير مغلاق للشر، وفيها من يحب أن تشيع الفرقة والخلل والتنابذ بين الناس ذاك هو العدو فاحذره.

عبد الله بوراي
01-31-2009, 08:49 AM
فإن تجاوزه كريم، لا عن عجز، ظن ذلك غاية الانتصار ومنتهى الأرب .....

سلمت وغنمت
يا ليت قومي يعلمون
عبدالله

عزام
01-31-2009, 09:31 AM
فإن تجاوزه كريم، لا عن عجز، ظن ذلك غاية الانتصار ومنتهى الأرب .....

سلمت وغنمت
يا ليت قومي يعلمون
عبدالله
بوركت اخي الطيب

كلسينا
02-19-2009, 04:00 AM
بارك الله فيك أخ عزام على هذا الموضوع بس بدك مين يستفيد بتصور يللي عم تحكي عنهم حتى قراءة حتى النهاية مابيقرو لأنهم يظنون أنفسهم ممن يفهمون المكتوب من عنوانه ويكتفون بالعناوين .
أخي إن كل الأمراض الإنسانية والإجتماعية والنفسية التي نعيشها ويعيشها مجتمعنا وأهلنا وأخواننا . هي نتيجة بعدنا عن دين الله بصورة أو بأخرى وبالتخلي عن واجباتنا تجاه أهلنا ومجتمعاتنا والإكتفاء بالخلاص الفردي أخي إن كل ما كتب هو نظريت لتساعد بتحديد المشكلة
ولكننا بحاجة للعمل على الحل ولا يكفي أن نكتب عن الحل.أخي مشاكلنا كثيرة وكبيرة ونحن بحاجة ماسة لعمل كثير نسال الله أن يجعلنا وأياكم من عباده العارفين والعاملين .

عزام
02-19-2009, 03:02 PM
بارك الله فيك أخ عزام على هذا الموضوع بس بدك مين يستفيد بتصور يللي عم تحكي عنهم حتى قراءة حتى النهاية مابيقرو لأنهم يظنون أنفسهم ممن يفهمون المكتوب من عنوانه ويكتفون بالعناوين .
أخي إن كل الأمراض الإنسانية والإجتماعية والنفسية التي نعيشها ويعيشها مجتمعنا وأهلنا وأخواننا . هي نتيجة بعدنا عن دين الله بصورة أو بأخرى وبالتخلي عن واجباتنا تجاه أهلنا ومجتمعاتنا والإكتفاء بالخلاص الفردي أخي إن كل ما كتب هو نظريت لتساعد بتحديد المشكلة
ولكننا بحاجة للعمل على الحل ولا يكفي أن نكتب عن الحل.أخي مشاكلنا كثيرة وكبيرة ونحن بحاجة ماسة لعمل كثير نسال الله أن يجعلنا وأياكم من عباده العارفين والعاملين .

وعليكم السلام
انا اخالفك الرأي في كون الكتابة هي نوع من التنظير.. الكتابة والكلام هي طرق مهمة للتوعية وللحوار .. لا احب ان اتكلم عن نفسي ولكن الحمدلله هناك عدد كبير من الناس استطعت ان اقربه للاسلام اكثر بفضل الحوار.. والسر يمكن في ان تحاور من يقرأ لك ولا تكون كمن يعطي محاضرة ويمشي...
عزام

كلسينا
02-19-2009, 06:40 PM
أخي عزام أنا لم أقل الكتابة تنظير . ولكن قلت كل ماكتب هو نظريات تساعد في تحديد المشكلة ونصف العلاج هو التشخيص الصحيح للمرض . ولكن العلاج يبدأ بالخطوات العملية وهذا ما نحن بأمس الحاجة له . على فكرة يوم يللي بدو يوصل العمل على الميناء ماتفكر تتنحى بدك تشمر على زنودك وتنزل على الشارع وأول أسم براسي بالميناء هو أسمك .