تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اوباما والعالم العربي: غزل او دجل



من هناك
01-29-2009, 03:27 PM
يواصل باراك أوباما إرسال إشاراته الإيجابية باتجاه العالم الإسلامي، فبعد أن أعترف ضمنا في خطاب التنصيب بأن سياسة سلفه جورج بوش تجاه المسلمين خلت من الاحترام ومن الإنصاف بقوله، إننا نسعى لسلوك طريق جديد يأخذنا إلى الأمام يستند على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.
أوباما عاد وفي مقابلة تلفزيونية ليؤكد بأنه سيفي بتعهداته، بشأن العراق وببذل الجهود لصنع السلام في المنطقة، إلى جانب توجيه خطاب إلى المسلمين من عاصمة إسلامية، معتبرا بأن بلاده "مستعدة لإطلاق شراكة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة" مع العالم الإسلامي. وأوضح أوباما بأن "ما سنقدمه إلى العالم الإسلامي هو يد الصداقة"، وبعد أن تحدث عن تجربته في إندونيسيا قال "لا بد للأطفال في العالم الإسلامي من أن يحظوا بثقافة أفضل". وأضاف أنه يريد أن ينقل لشعبه بأن العالم الإسلامي مليء بالناس العاديين الذين يريدون أن يعيشوا حياتهم في سلام، وأنه يريد أن يؤكد للمسلمين بأن الأمريكيين ليسوا أعداءهم، مقرا بإمكانية أن ترتكب في بعض الأحيان أخطاء.
وبشأن الحرب على الإرهاب، أكد أوباما على ضرورة اعتماد الدقة في التعابير، وعدم المزج بين الإسلام والإرهاب. كما أكد بأنه سيستمر في قناعته "بتغليب أمن إسرائيل"، لكنه أضاف "أعتقد أيضا أن هناك إسرائيليين يؤمنون بأهمية صنع السلام".
وإذا كانت مقاربة أوباما تجاه العالم الإسلامي تعد إيجابيه مقارنة بجورج بوش، فإن من السهولة رصد خللا يبدو راسخا في العقلية السياسية الأمريكية. ففي حين يقر أوباما بإمكانية ارتكاب أخطاء، فإن ذلك الإقرار يبدو هزيلا ناهيك عن التعالي عن التفكير باعتذار صريح للمسلمين عن المصائب والحروب والتي تسببت بها أمريكا في المنطقة. بل وأكثر من ذلك فإن أوباما يعرض بالمسلمين بقوله بأن من الواجب على أطفالهم أن يحظوا بثقافة أفضل. وهو في قوله بأنه يريد أن ينقل للأمريكيين بأن العالم الإسلامي مليء بالناس العاديين، يؤكد الصور النمطية السلبية والتي رسمها الإعلام الغربي وتصريحات بعض السياسيين عن المسلمين والتي يبدو أن أوباما نفسه لم يستطع أن يتخلص منها.
وإذا كانت غالبية من المسلمين تسعى أيضا لعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة، فأن تلك العلاقات يجب تقييمها من خلال معايير جادة ونزيهة. فالولايات المتحدة هي التي تحتل أجزاء من العالم الإسلامي، وسياستها التي تسببت بمقتل أكثر من مليوني عراقي وأفغاني، وهي التي تدعم أنظمة فاسدة، كما إنها تحارب وتحاصر التجربة الديمقراطية الفلسطينية والتي تعتبر فريدة في المنطقة. وإذا كانت حجة من أعلنوا الحرب على الإرهاب بتدمير أفغانستان والعراق، بأنهم فعلوا ذلك ردا على هجمات سبتمبر، فأن من قام بتلك الهجمات يمثلون أنفسهم، في حين أن الإدارة الأمريكية والتي تسببت بمعاناة لإعداد كبيرة من المسلمين تم انتخابها مرتين.
وإذا كنا لنعذر أوباما في بعض مواقفه لنقص في المعلومات أو المستشارين غير المنحازين، فإن ما حدث من جرائم حرب موثقة بالصوت والصورة في غزة لم يمنعه من الاستمرار في قناعته "بتغليب أمن إسرائيل"، مما يجعلنا نتشكك في أطروحاته ووعوده خصوصا مع تجاربنا الطويلة والمرة مع الوعود الغربية. وفي الوقت الذي نرحب فيه بأية مبادرة لإصلاح الخلل في العلاقات وإزالة الظلم والغبن, فإننا نخشى أيضا أن يكون الدافع لمواقف أوباما هو موازيين القوى، وليس المبادئ الأخلاقية والتي أصابها ضرر كبير في ولايتي بوش.
ياسر سعد
[email protected] ([email protected])