تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا نحب امتنا؟



عزام
01-28-2009, 12:55 PM
لماذا لا نحب امتنا؟
بقلم عزام
ما هو اكثر الاسماء انتشارا في العالم؟ انه "محمد" ولا ريب.. وقد يتساءل الناس عن سر محبة المسلمين لرسولهم الكريم؟ ولماذا ينتفضون حينما يحاول احدهم تشويه صورته في حين لا يبالي النصارى كثيرا بالاعتراض على من يسخر من "يسوعهم" بل قد يشاركون هم في هذه السخرية ايضا تحت اسم الفن او حرية التعبير.. لا شك ان للقضية بعدا ابعد من العمق الديني للموضوع اذ اننا نشهد هذه المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى بين غير الملتزمين من المسلمين وبالتالي لا نستطيع تفسير هذا الامر الا وكأن هناك شيء مزروع فينا تجاه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم .. شيء يستعصي علينا شرحه لمن لم يشعر به.. فما سر هذه المحبة يا ترى؟؟

لن اقول اني قادر على الاحاطة بجميع جوانب هذا السؤال العميق الذي تفكرت فيه مليا ولكن سأكتفي بذكر احد جوانبه فقط.. ان احد اسرار محبة المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم انهم استشعروا محبته لهم.. محبته لأمته.. نعم.. مع بعد الزمان والمكان فإننا نستشعر طيف محبته لنا اينما رحلنا وارتحلنا.. افتح القرآن الكريم تجد ان نفس رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كادت تتقطع نفسه حسرات على هداية امته.. قال سبحانه : "فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" (فاطر8) حتى ان رب العالمين عاتبه على ذلك بقوله "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين".
نفتح كتب السيرة فنجد عائشة رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال : يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً)

تأمل معي في عظيم شفقته بأمته حين يضرب هذا المثل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها" (رواه البخاري) فها هو يحبنا اكثر مما نحب انفسنا ويخاف علينا اكثر مما نخاف على انفسنا ويريد ان يحمينا من النار ونحن نلقي بانفسنا فيها.. نعم هذا هو محمدنا.. صلى الله عليه وسلم .. فأين لكم بمثله؟؟ ماذا تقولون في رجل سؤل عما يطلب يوم تقول كل نفس "نفسي نفسي".. فقال: " أمتي يا رب، أمتي يا رب" .. ماذا نقول عن رجل يدخر لنا شفاعته ليوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه؟؟ يوم تذهل فيه كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد..

ولم يكن حبه لأمته او مفهومه لها قاصرا على من عاصره فقط بل امتد ليشملنا نحن ايضا.. نحن الذين لم يرهم ولم نره.. ولكن ربط بيننا حبل خفي من المحبة والمودة والنصرة.. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون وددت انا قد رأينا اخواننا قالوا اولسنا اخوانك يا رسول الله قال بل انتم اصحابي واخواني الذين لم يأتوا بعد" فها هو يذكرنا ويشتاق الينا فكيف لا نشتاق لرؤيته بأبي أنت وأمي يا رسول الله.. كيف لا نشتاق لرؤية من عاش معنا باحاسيسه ومشاعره وترقب معنا كل فتنة ستصيب المسلمين من بعده .. فها هو يحذرنا من المسيح الدجال.. ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.. ومن علامات يوم القيامة.. بحيث لا تجد مشكلة في عصرنا الا وقد ذكرها الرسول الكريم وذكر سبل النجاة منها. فهل بعد هذا من حب ومودة؟

ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو اكمل الناس في كل شيء.. هو الاب الافضل والقائد الامثل والمشرع الاحكم والرجل الاكرم والعابد الاتقى.. ولكن مع ذلك لن نعدم ان نجد من يجادل في صفة من هذه الصفات مدعيا ان فلانا نابزه فيها.. فالإنسان طبع على حب الجدال والمراء.. لكنه لن يفلح ابدا – مهما حاول- في اعطاءنا مثيلا عن رجل احب امته اكثر من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.. احبها حبا ليس له مثيل.. حبا بدت آثاره على ارض الواقع وليس في كتب اللاهوت المعتقة وملاحم الاناجيل المنحولة ففي حين نجد ان بطرس اقرب تلاميذ يسوعهم ينكره ثلاثا نجد ابي بكر الصديق يفدي حبيبه المصطفى بدمه وروحه وماله في احداث خلد القرآن بعضها وخلدت السيرة بعضها الآخر.. ان ثلاثمائة عام من الاكاذيب والاساطير والافتراءات في قصة نبي الله عيسى عليه السلام وتحويرها الى ملحمة لاهوتية حزينة تبكي من يسمعها ويراها في دور السينما لم تفلح في تحريك مشاعر النصارى ودفعهم لتطبيق حبهم ليسوع على ارض الواقع بل اكتفوا بذرف الدموع للحظات ومتابعة حياتهم المناقضة لتعاليم المسيح.. فبالله عليكم؟؟ اهذه محبة؟؟ وكيف تكون المحبة دون اثبات وطاعة؟؟ اما نحن فمنهجنا " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله".

ولكن لم نستغرب؟ فمن غير المستغرب لمن يزرع الوهم –من قساوسة الضلال- الا يحصد الا اوهاما.. ولست انا من يقول هذا الكلام بل شهد على ذلك شاهد من اهلها وهو مايكل هارت المؤرخ الموضوعي المحايد وذلك في كتابه "اعظم مئة شخصية في التاريخ" حيث وضع محمدا صلى الله عليه وسلم على راس القائمة لانه على عكس "يسوع" الذي اخترعه النصارى دعا الى قيم قابلة للتطبيق وليس الى مثاليات مجنحة لا يطبقها احد وهي غير قابلة للتطبيق في الاصل. ولم تكن قضية الاختيار في حجم المساحة الجغرافية التي امتد فيها الاسلام فقد روت لنا كتب التاريخ عن قادة عظماء خدموا امتهم ايضا وبنوا لها امبراطوريات ربما فاقت مساحة الخلافة الاسلامية كامبراطورية المغول التي اسسها جنكيزخان ولكن أين هذه الامبراطورية الآن؟ لقد انحسر المغول داخل حدود بلادهم الاصلية ولم يتركوا أي تأثير اخلاقي كالذي تركه محمدا صلى الله عليه وسلم على البشرية.

لكن مع كل هذا السرد المؤثر فاتني ان اذكر هدف مقالي.. انه ليس مجرد تذكير بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومناقبه وشمائله بل اريد منكم ومن نفسي شيئا على ارض الواقع.. ادعوكم واياي ان نترجم سوية محبتنا له بعمل ملموس.. يقول القرآن الكريم " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة".. فإن كان هو قدوتنا واسوتنا فلم لا نقتدي به في اهم صفة ميزته عن الناس؟؟ في صفة لا ينكرها الا جاحد مكابر الا وهي محبته لامته؟؟ هل احببنا امتنا الاسلامية مثلما احب الرسول الكريم امته يا ترى؟؟ ولا اقصد بالامة مجموعة النظم والقوانين والتشريعات فقط بل الامة كافراد ايضا.. قويها وضعيفها.. محسنها وعاصيها.. برها وفاجرها.. لا والله لا ارانا فعلنا ذلك - الا من رحم ربي- بل ارى البغضاء والشحناء بين المسلمين على أشدها للاسف.. واجد اننا اقتدينا بهذا الاعرابي الذي كان يقول "رب ارحمني انا ومحمدا ولا تدخل معنا الجنة احدا".. لا يهمني محبتكم لمن كان في حزبكم او ينتمي الى مدرستكم الفكرية.. فما عن هذه المحبة الغريزية اتكلم.. ولا يهمني حبكم لشيخ قدستموه وعصمتموه عن الخطايا والهفوات والزلات بدون ان تشعروا.. يل يهمني ان تستشعروا فيكم روح المحبة والمودة والشفقة على مخالفيكم في الرأي من المسلمين.. ان تجدوا لهم عذرا فان لم تجدوا تخترعوا لهم عذرا.. ان تقودوهم الى طريق الحق بكل رحمة ولين كمن يريد ان يحمي الفراشة من القاء نفسها بالنار.. فهلا فعلنا هذا؟؟ اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد..
(ملاحظة: حينما اذكر يسوع فلا اقصد به بأي حال من الاحوال نبي الله عيسى عليه السلام بل هو الشخصية الوهمية التي جعل منها النصارى إلها والتي لم يوجد أي وجود حقيقي لها على ارض الواقع)

كاتب بالعدل
01-29-2009, 11:00 AM
فتح الله عليك أخي .. وبارك فيك وأحسن إليك .

عزام
01-29-2009, 07:19 PM
فتح الله عليك أخي .. وبارك فيك وأحسن إليك .
وفيك بارك الله اخي الكريم