تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التجرد



كاتب بالعدل
01-27-2009, 01:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،



إن أهم ما يميز المسلم الصادق والمخلص لربه ودينه وأمته ، أنه متجرّد لله تعالى ومخلص في أقواله وأفعاله . أي أنه في كل كلمة ينطقها وكل فعل يقوم به فإن معرفة الله تعالى تكون حاضرة في قلبه ويكون نور التقوى متجلياً في وعيه ، وفي كل حركة أو نشاط يقوم به إنما يقصد به وجه الله عزوجل ولا يطلب لنفسه شهرة ولا منصباً دنيوياً . إنه يطبق معنى الآية الكريمة : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } . { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } .

إن المجاهدين الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا ، ويضحون بأرواحهم ودمائهم وأنفسهم وحياتهم وكل ممتلكاتهم ، قد باعوا دنياهم بآخرتهم وفهموا علة الوجود وعرفوا حقيقة الله وحقيقة أنفسهم .



لذلك فالمسلم المتجرد لله في أقواله وأفعاله يُعرض عن اللغو والجدال بالباطل والمراء ، ولا يَغضب إلا لله ؛ أي يكون غضبه هو استجابة لنصرة الحق لا من أجل الانتصار للنفس أو التعلق بمكتسبات وشهوات دنيوية ، وهو إنسان عاقل ومتبصر ومتنوّر لا يعرف سبيلاً للتعصب الحزبي ، فهو يدور مع الحق حيثما دار ، وهو يقول كلمة الحق ولا يحابي بها أحداً ولا يخش في الله لومة لائم .

المسلم المتجرد لله والمتعلق قلبه بالله يحمل قلباً يسمو به على كل دنية ، وإذا أشكل عليه شيء فإنه يرده إلى الله والرسول ، أي يحتكم إلى الكتاب والسنة ولا يتعصب لهوى النفس أو لرأي يتناقض مع رأي الإسلام أو مع آية في القرآن أو مع حديث شريف أو مع إجماع العلماء الربانيين .

إن المجاهدين المقاتلين من أجل نصرة دين الله لا يُدخلون في خطاباتهم كلمات يغازلون بها الأعداء أو يمتدحون بها طاغوت بحجة مراعاة مشاعر القانون الدولي أو معاهدات الأمم الصليبية المتحدة .

إن التجرد لله عز وجل يقتضي أن يكون المسلم حراً ويتصرف انطلاقاً من توكله على الله واعتماداً عليه ، فالمسلم يعلم أنه عبد مملوك لله ولا حول ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى .

يظهر التجرد واضحاً في مواقف قادة الجهاد العالمي الذين يقاتلون تحت راية التوحيد ، فرغم ما يتعرضون له من حصار وتضييق وحرب عالمية وظروف قاسية ، إلا أن ذلك لم يثنيهم عن دعوتهم ولم يفرض عليهم أن يتنازلوا عن منهج التوحيد والجهاد ومبادئ الإسلام وثوابت العقيدة قيد أنملة رغم ما يلاقونه من ضغوط ميدانية وغدر بعض أبناء جلدتهم وتآمر كل الأعداء عليهم .

إن المسلم المتجرد لله يكون سلوكه كله خاضع لله . وهو إنسان قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رُب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه " .

المسلم المتجرد لله هو المؤمن الحقيقي . وهو من أهل الطائفة المنصورة بإذن الله ، لا يضره من خذله ولا من خالفه حتى يأتي أمر الله وهو على العهد ثابت وماضٍ في طريق التوحيد والجهاد حتى يظفر بإحدى الحسنيين ، إما النصر أو الشهادة .



والحمد لله رب العالمين .

عبد الله بوراي
01-27-2009, 02:20 PM
بارك الله فيك
سلمت يداك

عبد الله

اللهم اجعلنا خيراً مما يظنون
ولا تؤخدنا بما يقولون
وأغفر لنا مالا يعلمون

كاتب بالعدل
01-27-2009, 03:36 PM
حياك الله وشكراً على مرورك الكريم .

يحضرني في هذا المقام أن أذكر بمصطلح "الولاء والبراء" . فهو أعلى معاني التجرد والتحيز للحق والخضوع لله ولأوليائه الصالحين وعباده الموحدين وجنوده المجاهدين ، فولاء المسلم يكون لله وهو بريء من كل شرك أو نفاق أو رياء أو حقد أو غل على المسلمين .

الحديث حول هذا الموضوع يطول وحبذا من الأخوة أن يضيفوا مشاركاتهم الطيبة ليكملوا النقص .

من تمام معاني التجرد والتسليم المطلق لله عز وجل أن يدعو المسلم ربه صادقا بقوله :

( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه ) .

كاتب بالعدل
01-30-2009, 04:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

التجرد لله تعالى هو بلوغ درجة الإيمان المطلق .. والإخلاص التام .. والمطلوب من كل مسلم أن يصل إلى هذه المرحلة ويسعى للحفاظ عليها باستمرار .

من المعينات على تحقق التجرد هو استحضار وجود الله تعالى في كل وقت وحين وفي كل موقف أو مكان .. كذلك فإن الاستمرار في العبادة والذكر وتلاوة القرآن الكريم وأداء النوافل ، كل ذلك يساعد المؤمن في حصوله على هذه المرتبة العالية من الإيمان ..

التجرد هو العبودية المطلقة لله عز وجل ، فلا مجال للرياء أو النفاق في القول أو العمل ..

ومن العوامل التي تحقق معنى التجرد في قلب المسلم هي معرفته بحقيقة الدنيا وعلة الوجود .. وعلة الوجود مذكورة في الآية الكريمة : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) .. علة الوجود هي عبادة الله على النحو الذي أمرنا به .. دون تحريف أو شرك .. علة الوجود هي التوحيد ..

ومما يساعد على تحقق الإخلاص لله عز وجل ، هو تجنب ارتكاب الشبهات والابتعاد عنها .. والالتزام بأوامر الكتاب والسنة .. فمن لم يكن يرى نفسه متجرداً لله فلا بد أن يكون على شيء من التقصير أو المعاصي ( الضلال ) .
والمتجرد لله عز وجل ، لا يتخذ له وكيلاً أو نصيراً سوى الله عز وجل ، وإن خذله كل أهل الأرض ..

المتجرد لله عز وجل ، ليس من مبادئه أن الغاية تبرر الوسيلة .. بل هو يتبع الوسيلة الشرعية التي توصله إلى الغاية النبيلة .. لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ..

المتجرد لله ، تكون نفسه مطمئنة بالإيمان .. وترى النور والثقة بالله عز وجل تشع من عينيه ، وتبدو عليه فراسة المؤمن ..

المتجرد لله ، مرتاح الضمير على الدوام .. وفي أي ظرف يمر فيه مهما كان قاسياً ، فإنه مطمئن بأن الله معه ، وأن الله لن يخذله .. لأنه يلتزم بأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك .. احفظ الله تجده تجاهك ....) .

بارك الله فيكم .

وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من المخلصين لدينه ، وأن يرزقنا حسن الختام ويرزقنا حبه ورضاه .