تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كفى بالموت واعظا



بشرى
09-06-2003, 12:04 PM
الموت هو الخطب الأفزع والأمر الأشنع الذي يُلين قسوة القلوب المتحجرة.. فالإنسان يهرول وراء الدنيا... ثم يفيق على جرس الموت ليدخل بعد موته بدقائق إلى عالم الآخرة، فالموت يقرع الأبواب و لا يهاب حجاباً ولا يقبل بديلاً ولا يأخذ كفيلاً ولا يرحم صغيراً و لا يوُقِر كبيراً.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يارسول الله فما كانت صحف موسى عليه السلام؟ قال: كانت عِبراً كلها.. عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح. عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك. عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصَبُ، عجبت لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، وعجبت لمن أيقن بأن الحساب غداً ثم لا يعمل.

تذكر الموت دائما و باستمرار، فتفكر يا مغرور في الموت وسكراته وصعوبة كأسه ومرارته. فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك وانتقالك من دنياك من سعة إلى ضيق وخانك الصاحب والرفيق، وهجرك الأخ والصديق، وأخذت من فراشك وغطائك إلى أن غطوك بلحاف من تراب؟

فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك من المال إلا الأكفان، بل هي والله للخراب وذهاب جسمك للتراب. فأين الذي جمعته من مال؟! أنظر لمن ملك الدنيا بأجمعها. فهل راح منها بغير القطن والكفن؟

وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعة من الشقاء: جمود العين وقسوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا)).

إن المتأمل في أمر الموت والاستعداد له في كل لحظة سوف تغدو الدنيا أمامه بلا قيمة ويزهد فيها. وروى عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا من ذكر الموت فإنه يُمحِص الذنوب ويُزهٌد في الدنيا)).
قال صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالموت واعظاً، كفى بالموت مفُرِقٌاً)).

وقيل له: يا رسول الله، هل يحشر مع الشهداء أحد...؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة)).

اتّعظ أخي المسلم قبل فوات الأوان فالموت موقف رهيب يحتاج إلى كثير من التأمل والإعتبار.. أنه إنسان مسجى لا حركة ولا همس..، ومنذ لحظات كان يدك الأرض دكاً. ويرفع صوته ويسعى في حياته غير خائف لا يعلم أن الموت ينتظره وأن ملك الموت وُكٌل به، وأنه صباحاً في الدنيا –على وجه الأرض– ومساءً في بطن الأرض حيث القبر و ظلمته.


*ماذا تعرف عن ملك الموت؟
ملك وكّله الله بقبض الأرواح. ويقُال: إنه الوحيد الذي نجح في إحضار قطعة الطين التي خلق الله منها آدم. من أجل ذلك أوكل الله إليه مهمة قبض الأرواح.. فقال: يارب إن البشر سيكرهونني ويلعنونني.. فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأجعلن لكل منهم سبباً يموت به ينسيهم ذكر اسمك.. وبالفعل فنحن في حياتنا تتعدد الأسباب والموت واحد.. فنقول: فلان مات بكذا وكذا (من الأمراض والحوادث).

ماذا تعرف عن صورة ملك الموت وكيف يأتي الأنسان؟
روى عن عكرمة أنه قال: رأيت من صحف شيث أن آدم عليه السلام قال: يا رب أرني ملك الموت حتى أنظر اليه، فأوحى الله تعالى: إن له صفات لا تقدر على النظر إليها وسأنزله عليك في الصورة التي يأتي فيها الأنبياء والمصطفين؛ فأنزل الله عليه جبريل وميكائيل، وأتاه ملك الموت في صورة كبش أملح قد نشر من أجنحته أربعة الاف جناح، منها جناح جاوز السماوات والأرض، وجناح جاوز الأرضين، وجناح جاوز أقصى المشرق، وجناح جاوز أقصى المغرب. وإذا بين يديه الأرض بما اشتملت عليه من الجبال والسهول والفياض والجن والإنس والدواب، وما أحاط بها من البحار، وما علاها من الأجواء في ثغرة نحره كالخردلة في فلاة الأرض، وإذا له عيون لا يفتحها إلا في مواضع فتحها، وأجنحة لا ينشرها إلا في مواضع نشرها، وأجنحة للبشرى ينشرها للمصطفين، وأجنحة للكفار فيها سفافيد وكلاليب ومقاريض.. فصعق آدم صعقة لبث فيها الى مثل تلك الساعة من اليوم السابع ثم أفاق.

وروى عن أبن عباس –رضي الله عنه– أن إبراهيم خليل الرحمن سأل ملك الموت أن يريه كيف يقبض روح المؤمن فقال له: اصرف وجهك عني فصرف، ثم نظر فرآه في صورة شاب حسن الصورة حسن الثياب طيب الرائحة حسن البشر فقال له: والله لو لم يلق المؤمن من السرور من شيئاً سوى وجهك كفاه ثم قال له: اصرف وجهك عني فصرف وجهه عنه، ثم نظر اليه فإذا صورة إنسان أسود رجلاه في الأرض و رأسه في السماء كأقبح ما أنت راءِ من الصور تحت كل شعرة من جسده لهيب نار فقال له: والله لو لم يلق الكافر سوى نظرة إلى شخصك لكفاه

آداب الصداقة والصديق:
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن للصحبة آداباً قلّ من يراعيها. ولذلك فإننا كثيراً ما نجد المحبة تنقلب إلى عداوة، والصداقة تنقلب إلى بغضاء وخصومة، ولو تمسك كل من الصاحبين بآداب الصحبة لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما.

ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها:
1- أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل.
2- أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» [أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].

3- أن يكون الصاحب ذا عقل راجح.
4- أن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع.

5- ومن آداب الصاحب: أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها.
6- أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.

7- أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح.
8- أن يصبر على أذى صاحبه.

9- أن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف.
10- أن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية.

11- أن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر.
12- أن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس، ويتبعه إذا مات.

13- أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله.
14- أن يحب له الخير كما يحبه لنفسه.

15- أن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه.
16- أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس.

17- أن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
18- ألا يبخل عليه إذا احتاج إلى معونته، فالصديق وقت الضيق.

19- أن يقضي حوائجه ويسعى في مصالحه، ويرضى من بره بالقليل.
20- أن يؤثره على نفسه ويقدمه على غيره.

21- أن يشاركه في أفراحه، ويواسيه في أحزانه وأتراحه.
22- أن يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.

23- أن ينصفه من نفسه عند الاختلاف.
24- ألا ينسى مودته، فالحرّ من راعى وداد لحظة.

25- ألا يكثر عليه اللوم والعتاب.
26- أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع

27- أن يقبل معاذيره إذا اعتذر.
28- أن يرحب به عند زيارته، ويبش في وجهه، ويكرمه غاية الإكرام.

29- أن يقدم له الهدايا، ولا ينساه من معروفه وبره.
30- أن ينسى زلاته، ويتجاوز عن هفواته.

31- ألا ينتظر منه مكافأة على حسن صنيعه.
32- أن يُعلمه بمحبته له كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه أنه يحبه» [أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].

33- ألا يعيّره بذنب فعله، ولا بجرم ارتكبه.
34- أن يتواضع له ولا يتكبر عليه.
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215].

35- ألا يكثر معه المُماراة والمجادلة، ولا يجعل ذلك سبيلاً لهجره وخصامه.
36- ألا يسيء به الظن، قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» [رواه مسلم].

37- ألا يفشي له سراً، ولا يخلف معه وعداً، ولا يطيع فيه عدواً.
38- أن يسارع في تهنئته وتبشيره بالخير.

39- ألا يحقر شيئاً من معروفه ولو كان قليلاً.
40- أن يشجعه دائماً على التقدم والنجاح.

ولا تنسوا الدعاء وسؤال الله التوفيق والإخلاص في العمل. والسـلام عليكم ورحمة الله.