تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين والمخدرات



كاتب بالعدل
01-01-2009, 05:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


فلسطين والمخدرات




المساجد التي قُصفت ، والمستشفيات التي دُمّرت ، والبيوت التي هُدمت على رؤوس أصحابها ، والأطفال الذين تقطّعت أشلائهم على مرأى أهليهم ، والأمهات اللاتي قضين أمام أبنائهن ، والجامعات والمستوصفات والجمعيات الخيرية ... كل هذا القصف المتواصل الدقيق لأهداف دقيقة هي خطة سلام ثانية لحمامة السلام اليهودية صديقة حمائم السلام العربية ، وبلا شك هي جزئ من خطة مبادرة السلام العربية التي يرعاها : "خائن الحرمين" الحالي ، وخادم اليهود "حسني" المصري ، وعضو الموساد " سفيه الأردن ، فالقوم يحثون اليهود على تصفية المسلمين في غزة الذين يعارضون "مبادرة السلام" التي يرعاها "خائن الحرمين" الذي كبُر عليه أن يرعى أمراً لا يوافقه عليه أهل غزة !! هذا ما يقصده كثير من الناس حينما يقولون بأن هناك تواطؤ عربي على يحدث في غزة ..

لعلنا نتذكر حادثة لا زالت حاضرة في ذاكرة أكثر رجال هذا الجيل : قصة احتلال الكويت .. قصة الفتاوى الصاروخية التي انطلقت من مؤسسات الفتوى الرسمية وغير الرسمية تهتف بصوت واحد ملأ الدنيا : الجهاد الجهاد !! كانت الفتاوى تخرج تباعاً بجواز الإستعانة بالجيوش الصليبية ، ووجوب تحرير الكويت من أيدي البعثيين المرتدين عن الدين ، وأن من مات في هذه الحرب فهو شهيد .. غادرت البوارج الأمريكية سواحل بلادها ثلاثة أيام "قبل" دخول صدام "المفاجئ" للكويت ، وانطلقت صواريخ الفتاوى الرسمية وغير الرسمية - لحظة إعلان "بوش الأب" نيته "تحرير" الكويت - على جميع الشاشات والصحف والمجلات العربية الرسمية وغير الرسمية ، وتمت تعبئة الجماهير ، وعملت الحكومات على تدريب الشعوب تدريباً عسكرياً ، وفتحت باب التطوع لمن يريد "جهاد" الكفار البعثيين الذين اعتدوا على حرمة بلد إسلامي ، وحكم الشرع في مثل هذا معلوم !!

كان صدام صديقاً حميماً لأكثر الحكام ، وكان القوم يلقبونه بـ "سيف العرب" ، وتغنى الشعراء بأمجاده ونصْره التاريخي على الفُرْس ، وكان الجميع يرقص من نشوة ذلك النصر الكبير حتى دخل صدّام الكويت وأعلنت "حليفته" أمريكا الحرب عليه ، حينها انقلب الأمر وأصبح "سيف العرب" : عدو العرب المرتد الظالم المعتدي الكافر لاعتناقه البعث ، مع أن "خائن الحرمين" الهالك "فهد" أدخله جوف الكعبة قبل ذلك ضارباً بفتاوى بعض "كبار العلماء" عرض الحائط !!

الذي نشاهده اليوم في غزة يختلف قليلاً عما رأيناه في غزو العراق للكويت : فصدام دخل الكويت خلسة ، واليهود ما زالوا يُعلنون منذ شهور عزمهم اقتحام غزة .. اليهود يقصفون كل شيء وكل أحد ، وصدّام دخل بجيوش بريّة دون قصف يُذكر .. والفرق بين صدّام واليهود هو : أن صدّام بعثي كافر ، أما أولمرت وباراك وبيريز فأبناء العمومة وأصدقاء عملية السلام المزعومة .. كان بإمكان سكان الكويت مغادرة البلاد عن طريق الحدود الجنوبية المفتوحة ، وقد غادر أكثر سكان الكويت البلاد إلى دول الخليج ، أما غزة فالمنفذ العربي الوحيد مغلق في وجه سكانها ..
لماذا هذا الإختلاف !! لأن الكويت كان فيها من يخدم المصالح الأمريكية ، أما غزة فإنها مارقة لم تركع ولم تلعق أحذية أسياد حكام العرب في "تل أبيب" ، فأمريكا لم تُعلن مناصرة غزة حتى نُفتي بضرورة نصرتها ونعبّئ الجماهير ونستنفر الجيوش ، نحن لا زلنا ننتظر إعلان البيت الأبيض تحرير غزة ، عندها تجدون الفتاوى الصاروخية ، والجيوش العربية ، والتعبئة الجماهيرية ، أما قبل أن تُعلن أمريكا هذا الأمر فكل تحرّك محرّم شرعاً وعقلاً ومنطقاً عند الحكام وعلماء التسوّل ..

الأمر المشترك بين الحالتين أن الضحايا هم من المسلمين ، وأن القتلة من الصهاينة (الصليبيين واليهود) ، وحكام العرب موقفهم لا زال على ما هو عليه من مباركة قتل المسلمين ومساندة اليهود والصليبيين بحجج مختلفة مختَلقة ، والشعوب العربية لا زالت على حالها في مظاهرات وصراخ وعويل وإعلان تضامن وحرق خِرق بالية تسمى "أعلام" ..

الأمر المحيّر الذي نراه اليوم في كارثة غزة : غياب مصطلح الجهاد عن الساحة (إلا ما كان من بعض المتظاهرين في اليمن) ، وكأن الجهاد أُلغي من قاموس المسلمين عامة ، والعلماء خاصة ، وهذا بحد ذاته نصر كبير وخطير لليهود والصليبيين .. والذي رأيناه - ولا زلنا نراه – هو استنكار وشجب ومطالبة لحكام العرب بضرورة التدخل ، ومطالبة لمجلس الأمن والمنظمات الدولية بضرورة عمل شيء لوقف العمليات العسكرية اليهودية في فلسطين !!

فلسطين ...... هذه الكلمة غابت عن عقول وقلوب الناس وأصبحت "غزة والضفة" ثم فُصلت الضفة عن غزة ، أما البقية فـ "إسرائيل" !! وهذا نصر آخر لليهود على المسلمين ..

أما المكر الأكبر والأخطر الذي لا زال له تأثير ومفعول قوي على الشعوب ، فهو : نُصرة أهلنا في فلسطين عن طريق المخدرات !!

لعل البعض لا يُدرك حقيقة هذه المخدرات ، ولا حجم تأثيرها على الناس !! إن حقيقة هذه المخدرات ظاهرة للعيان ، ولكن في ظل نشوة البعض وتأثره بها وغياب وعْيه بسبب تعاطيها غاب عنه خطرها !!

نقصد بالمخدرات : جميع الأقوال والأفعال والمواقف التي يراد بها إلهاء الناس وتسكين غضبهم وامتصاص حماسهم وتخدير مشاعرهم وتفتير عزائمهم بجرعات قليلة أو كثيرة متنوعة ومدروسة فتصبح الجماهير مدمنة لهذه المخدرات التي تقتل خلايا الإيمان في القلب وتفتك بالغيرة والضمير في آن واحد !!

فمِن هذه المخدرات :

- تكرار مناشدة الحكام العرب بالتدخل لنصرة أهلنا في فلسطين ، وكأن هؤلاء الحكام يأبهون بفلسطين أو بأهلها ، وكأنهم لا يتمنون فناء جميع أهل فلسطين حتى يرتاحوا من "وجع الرأس" ، كما قال بعضهم !!
- تكرار مناشدة المؤسسات الدولية لوقف القتل في فلسطين ، وكأن هذه المؤسسات الدولية ليست تحت سيطرة يهود !!
- إرسال سفن "كسر الحصار" التي شغلت الناس عن حقيقة الوضع داخل فلسطين ، وهذه السفن لا تدخل إلا بموافقة اليهود ، فكيف تكون كسرت الحصار !!
- فتح معبر رفح لدقائق ونقل بعض الجرحى والمرضى والمساعدات عن طريق الأجهزة المصرية حتى يُقال بأن الحكومة المصرية عملت ما بوسعها ، ثم يُغلق المعبر ، ثم يُفتَح وهكذا تُقدّم الجرعات المخدرة للناس !!
- عقد اجتماعات وزارية أو قمم طارئة من أجل القضية ، والآن أصبح الأمر : الإختلاف في عقد القمم ، وكأن هذه القمم أغنت عن المسلمين يوماً !!
- مهرجانات ومظاهرات وهتافات جماهيرية من أجل القضية ، وكأن القضيّة تُحلّ بالنباح والنعيق !!
- خطب رنانة وبيانات جوفاء مكررة من أجل نصرة القضية ، ولو جُمعت الخطب عن فلسطين لنسي الناس مقامات الحريري ، ولكن ما فعلت هذه البلاغة التي كُتبت بحبر ودمع دون دم !!
- طائرات المساعدات الطبية والغذائية من الدول العربية لنصرة القضية ، وهذه الطائرات يجب أن توافق عليها الحكومة المصرية التي تستأذن الحكومة الأمريكية التي تسأذن عمتهم "ليفني" اليهودية !!
- استجداء الحكام للسماح بدعاء القنوت ، ولو وافق بعض الحكام لعُد ذلك فتحا ، ولعلنا نتسالئ : هل يُستجاب دُعاء العاصين المُتَوَعَّدين بالعذاب الأليم الذين تركوا الجهاد المفروض عليهم وتثاقلوا إلى الأرض وأحجموا عن نُصرة إخوانهم المستضعفين !!
- تبرّع بعض الحكومات ببعض الأموال لمساعدة غزة ، وهذه الأموال لا تساوي في مجموعها عُشر ما أرسل من دولة عربية واحدة لأمريكا يوم إعصار "كاترينا" !! ولا ندري إلى الآن أين تذهب هذه الأموال أو هل هي حقيقية أم وهْم كما هو حال جميع قراراتهم ، ولكن الذي نعلمه أن هذه الأموال لا يُعلن عنها إلا بعد الموافقة الأمريكية التي تأتي بعد الموافقة اليهودية !!

هذه المخدرات وغيرها هي ما يتجرعه الناس عبر وسائل الإعلام ، فيرى بعض الناس بصيص أمل في هذا المخدِّر ، ثم يكتشفون بأنه غير فعّال فيتعاطون غيره ، ثم غيره ، ثم غيره ، وهكذا هم في نشوتهم وفتورهم في حين أن الطائرات اليهودية تقصف بيوت ومساجد أهلنا في فلسطين ، وكلما يفقد مخدّر مفعوله أتى الحكام ومِن ورائهم اليهود بأنواع أخرى لينتشي بها المتعاطين الذين يبحثون عن حل لقضيّتهم التي ضاعت في نشوة المخدرات ..

بعض الأغبياء صدقوا دعاوى بعض الخبثاء بأن حماس هي السبب ، وأنها بأفعالها استفزّت اليهود ونتج عنه ما نرى اليوم ، وهذا نوع من أنواع المخدرات الخطيرة ، هؤلاء الحمقى والمغفلين الذين صدقوا دعاوى عملاء اليهود نسوا أو تناسوا بأن اليهود قتلوا الأنبياء والرسل وسبّوا الله فلُعنوا على لسان داود وعيسى بن مريم قبل أن توجد حماس ، وأن اليهود حاولوا قتل نبينا صلى الله عليه وسلم وحاربوه قبل أن توجد حماس ، وأن اليهود كانوا من أعظم أسباب سقوط الخلافة الإسلامية قبل أن توجد حماس ، وأن اليهود احتلوا فلسطين قبل أن توجد حماس ، وأن اليهود قتلوا مئات الآلاف من الفلسطينيين وشردوا الملايين قبل أن توجد حماس ، وهم لا زالوا يقتلون المسلمين في فلسطين قبل استلام حماس الحكم في غزة ، ولا زالوا يقتلون المسلمين في الضفة التي لا تتبع حماس ، ألم يُعلن الله سبحانه وتعالى في كتابه بأن أشد الناس عداوة للذين آمنوا هم اليهود !! فأي ذنب لحماس يا من لا عقل له ولا فهم ولا إحساس !!

هؤلاء الأغبياء الذي يقعون في الحفرة تلو الأخرى ، والمكر بعد الغدر ، وينساقون كالبهائم وراء كل ناعق فاسق فاجر يريد تخدير الناس وصرفهم عن الجهاد بحجج لا تنطلي على البهائم ، ولولا قول ربنا في بعض البشر {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف : 179) لقلنا بأن الذين يُصدّقون هذه الدعاوى ليسوا من بني آدم الذين كرّمهم الله بالعقل ، ولقلنا بأنهم بهائم ، ولكن نُكرم البهائم ونقول بأن هؤلاء أضل من التيوس والبقر !!

ألم يُعلن الكفار قبل سنوات بأنهم يريدون دخول الكويت بحجة تحريرها من صدام فاحتلوا الكويت وجزيرة العرب ولا زالوا !! ألم يقل الكفار قبل بضع سنوات بأنهم يريدون دخول أفغانستان بحجة وجود أسامة فيها وبحجة تحرير نساء أفغانستان من الحجاب وتحرير الرجال من اللحى فدخلوا أفغانستان ودمروا ما فيها واحتلوها ولا زالوا !! ألم يقولوا قبل بضع سنوات بأنهم يريدون احتلال العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل فدخلوا العراق وسفكوا الدماء وهتكوا الأعراض ولا زالوا !!

المشكلة اليوم لا تكمن في قتل المسلمين في غزة فقط ، وإن كانت هذه المصيبة من أعظم المصائب على المسلمين ، ولكن هناك مشكلة كبيرة وعظيمة تغافل عنها الناس في خضم هذا السكر وهذه النشوة المخدرة !! المشكلة أن الناس تناسوا فلسطين واختزلوا المشكلة في "خالد مشعل" و"هنية" و"حماس" !! وهل فلسطين هي غزة أو حماس أو مشعل وهنية يا من جمع بين الذل والغباء !!

من أراد أن يعرف تحقيق قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، وتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله أدخل الله تعالى عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم" . ‌(رواه أحمد والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني في صحيح الجامع ‏:‏ 675) فلينظر حالنا اليوم ، إن الذل الذي نحن فيه لم يكن في تاريخ الأمة من قبل ، فنحن اليوم لا نعد العدة لتحرير فلسطين ، ولا نطالب حكام العرب بفعل ذلك ، ولا نعد العدة لدخول غزة أو نطالب الحكام بفعل ذلك ، ولا ننصر غزة بمال ولا رجال ولا سلاح !!

إن بعض الناس اليوم يستجدون إخوان القردة للتوقف عن قتل المسلمين في غزة !! يستعطفون النصارى الحربيين الصائلين علينا أن يرحموا إخواننا !! هل هناك مسلم عاقل يصدّق هذا !!

إننا نطلب من قتلة الأنبياء والرسل التوقف عن قتل ألد أعدائهم وأبغض الخلق إليهم بعد تمكنهم منهم !! إننا نطالب الملعونين في الزبور والإنجيل والقرآن وعلى لسان الأنبياء والرسل أن يراجعوا ضمائرهم !! إننا نستجدي أحقر أهل الأرض وألأم أهل الأرض وأقذر أهل الأرض وأرذل أهل الأرض أن يعطفوا على أهل الطهر والشرف والعزة من أهل الإسلام !! إننا نطلب من الجبناء الأذلاء إخوان القردة والخنازير أن يُعملوا بعض الإنسانية في التعامل مع إخواننا في فلسطين !!

هل هناك ذل أعظم وأكبر من أن نطلب ونستجدي اليهود ليعطفوا ويرحموا المسلمين ونحن على مرمى حجر منهم !! هل بقي في قلب مسلم ذرة من كرامة أو إحساس فضلاً عن إسلام أو إيمان ، بعد كل هذا !!

الكل يطلب من الكل التدخّل ، ولكن الكل نسي الله الذي بيده مقاليد كل شي وهو على كل شيء قدير !! لم يطلب أحد من الله النصر !! الكل ركض خلف أكياس المخدرات من المؤسسات الدولية والقمم العربية وما يسمونه بالقيم الإنسانية ، وبعض الذين توجهوا إلى الله بالدعاء جهلوا أو تجاهلوا بأن الله قد أجاب دعائهم في كتابه حين أمرهم بالجهاد في سبيله ووعدهم بالنصر من عنده !!

أبناء الصحابة الذي قتَلوا اليهود وأخذوا أموالهم وسبوا ذراريهم يستجدون اليهود العطف ويتمسكنون بين يدي النصارى !! أي ذل أعظم من هذا وأي خذلان لدين وشرف ومروءة أعظم من هذا الخذلان !! كيف نطلب من البريطانيين التدخل وجيوشهم تقتل إخواننا في أفغانستان والعراق وهم من سلّم فلسطين لليهود !! كيف نطلب من الفرنسيين المدد وهم من قتل ملايين المسلمين وجيوشهم لازالت تقتل إخواننا في أفغانستان !! كيف نطلب من أمريكات التدخل وطائراتها هي التي تقصف أهلنا في غزة والعراق وأفغانستان !! كيف نطلب من الروس التدخل وهم من قتل عشرات الملايين من المسلمين وجيشهم إلى الساعة تقتل إخواننا في الشيشان !! كيف نطلب من دول صليبية تتحكم بها قوى يهودية أن تتدخل لنصرة المسلمين !! أي حمق وغباء وتلاعب بالحقائق هذا !! لا نقصد بالأحمق الذي يطلب هذه التدخلات فهؤلاء تجار مخدرات ، إنما الأحمق من يصدق هذه الدعاوى ..

عزائنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال "لاتزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ، قاهرين لعدوهم ، لايضرهم من خالفهم حتىتأتيهم الساعة وهم على ذلك" (مسلم) .. عزائنا أن الأمة كلها لم تنتشي بنشوة المخدرات ، فهناك من العقلاء من يحرم على نفسه المخدرات التي تسمى "حلولاً سياسية" !!

هناك من رجال الأمة من لم تنطلي عليه هذه البهرجة وهذه الدعايات لتلك المخدرات بأنواعها الخبيثة ، فلا إعلام ولا بيانات ولا فتاوى حكومية ولا جرائد ولا مجلات أثّرت في هؤلاء لأنهم تجرعوا مضادات إيمانية تقيهم سموم الكذب والدجل ، فلا زالت فلسطين في نظر هؤلاء دولة إسلامية استردادها فرض عين على المسلمين .. لا زال هؤلاء الرجال يؤمنون بواجب الجهاد في سبيل الله رغم كل هذه المخدرات المنتشرة في وسائل الإعلام المحلية والعالمية ورغم كل هذا الكيد والمكر المحلي والعالمي ..

إنني أبشّر أمة الإسلام بأن رجالاً من بعض الدول الإسلامية قد دخلوا فلسطين في هذه الأحداث ، وهم يعملون بصمت ويخططون ويجهزون لإخوانهم للدخول في فلسطين ، وهؤلاء الرجال من أهل الحصانة ضد الأمراض الخبيثة : يرون قتل جميع اليهود في فلسطين قربة إلى الله ، ويرون تحرير أرض المسرى فرض عين على الأمة ، وقد وضعوا جميع المؤتمرات والقرارات والمعاهدات مع يهود تحت أقدامهم .. هؤلاء نوع خاص من الرجال لم يرهم يهود منذ زمن بعيد .. هؤلاء أبناء سعد بن معاذ الذي حكم في يهود بحكم الله من فوق سبع سموات ، وسيرى اليهود بعد هذه الفوضى التي تغلغل من خلالها إخواننا في فلسطين ما ينسيهم وساوس الشياطين ، فليعد أهل فلسطين للمرحلة القادمة ، فقد جائهم إخوان الزرقاوي وخطاب .. وليعلم اليهود بأن غبائهم هذا سيعود وبالاً عليهم ، وأن وقت الكذب والتخدير الذي يسمى بسلام وحوار وتعايش قد ولّى إلى غير رجعة ، لقد دخل فلسطين اليوم قوم قليلوا الكلام كثيروا الفعال أهل تدمير وتفجير وسفك دماء وإرهاب وضرب رقاب ونحر أعناق ليقفوا صفّاً مع إخوانهم من أهل فلسطين المجاهدين الصامدين الذين لم يبدلوا ولم يغيّروا ولا زالوا ينتظرون إكرام الله لهم بالشهادة واللحوق بإخوانهم الذين سبقوهم ، إنما أعلنت هذا ليستعد من يريد الجهاد في فلسطين فقد وجد إخوانكم فيها ثغرا ..

نقول للبقية الباقية من رجال الأمة :

ماذا تنتظرون !! ألا زلتم في نشوتكم مستَغْفلين !! هل فعلاً تنتظرون الحكام أم أنكم تخادعون أنفسكم بهذه المطالبات التي أضحكت عليكم أهل الأرض قاطبة !! أقول للبقية الباقية من رجال مصر : ابدؤوا بقتل حسني ومن معه ، فإن لم تستطيعوا فاحرقوا سفارة يهود واقتلوا كل يهودي في مصر ثم ازحفوا شرقا تجاه غزة ، وإن وقف في طريقكم أحد من الجيش أو حرس الحدود فاقتلوه ولا كرامة ، فإن الجهاد عليكم فرض عين ، ومن منعكم من أداء هذا الفرض حماية ليهود فإنه مستحق للقتل باتفاق أهل العلم ، ولا تنتظروا إعلان أمر من كلب "بيريز" الذليل "حسني" ، بل أعلنوا أنتم الجهاد في سبيل الله واقتحموا على يهود فلسطين واقتلوا من يقف في طريقكم ، هكذا تكون النُّصرة ، وأي شيء غير هذا هو من الكذب على النفس أولاً ، ثم من الكذب على الناس ، ومن المخادعة لله ، ومن يخادع الله فإنما يخدع نفسه ..

كم رأينا في موسم الحج من الرجال من يهتف بأعلى صوته "لبّيك اللهم لبّيك" ، وهذه الجملة لها معاني ومغازي غابت عمن يرددها بلا فهم ولا وعي ، فلبّيك معناها السرعة في الإجابة ، والله تعالى قال في كتابه {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} وقال {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء : 75) ، فمن قال "لبّيك اللهم" ولم يسارع لنجدة إخوانه المستضعفين فإنه كاذب في دعواه ينطبق عليه قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التوبة : 38-39) ، فمن ادعى طاعة الله ثم تثاقل فإنما يخدع نفسه ..

إن استهداف المصالح اليهودية في جميع الأرض ، واستهداف أشخاص اليهود في جميع الأرض لا يحتاج إلى فتوى ، بل يحتاج إلى قلب حي ، وغيرة إسلامية ، وروح إيمانية ، فمن رأى وسمع ما يفعله اليهود بإخواننا وأخواتنا في فلسطين لا يحتاج إلى فتوى ليفتك بيهود ومصالحهم وينكي فيهم .. هناك سفارات يهودية ، ومؤسسات يهودية ، وشركات يهودية ، وأشخاص يهود في كل بقعة من الأرض ، فإن سلِم هؤلاء اليوم فلا سلِم المسلمون بعد اليوم .. أيّ كرامة وأي إسلام ندعيه إن تركنا اليهود يقتلون إخواننا وأبنائنا ونحن نقف هكذا دون حراك ونكتفي بحساب أعداد الموتى والجرحى !!

أيكون أكبر همنا ومبلغ علمنا انتظار فتوى أو مقال أو بيان أو تصريح أو انتظار تحرّك العملاء أو عبّاد الصليب !! أبمثل هذا يشتري شباب الأمة جنة عرضها السموات والأرض !! ألمثل هذا يشتري الله سبحانه وتعالى من المسلمين أنفسهم وأموالهم !! أيُعقل أن يُقتل المسلمون وتُقصف غزة منذ أيام ولا نرى أو نسمع عن تفجير لسفارة أو حرق لمؤسسة يهودية أو ذبح لأبناء اليهود في أي بقعة من الأرض !! أعقمت نساء المسلمين أن يلدن رجالاً غير القابعين في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها من الثغور !!

أين أهل الغيرة في مصر والشام والمغرب وجزيرة العرب عن سفارات اليهود والأمريكان والبريطانيين ومصالحهم !! أين أبناء الجاليات المسلمة في أوروبا وأمريكا من المصالح اليهودية !!

أين أهل الغيرة من الرجال من إخوان عُمير بن الحمام ومحمد بن مسلمة ليُلقوا بأجسادهم في أتون المعركة ويُعلنوا لأهل الأرض بأن الأمة لا زال فيها رجال يحبون الله ورسوله أعزة على الكافرين يقاتلون في سبيل الله ويسترخصون أنفسهم ويطلبون ما عند الله ببذلهم أرواحهم في سبيل إعزاز دينهم !! أين من يجعلون من جماجمهم لبِنات ليرفعوا بها صرح الإسلام فيعيدوا للأمة هيبتها ويحفظوا كرامتها ويقولوا لأبناء القردة والخنازير بأنه آن الأوان لجحافل الإرهاب أن تزحف نحو فلسطين فتطهّرها من الرجس والنجس وترفع عنها ثوب الذل وتكسوها ثوب العز والطهر من جديد ..

صلاح الدين لما أراد تحرير القدس : طهَّر مصر واسترجعها من أيدي العبيديين عملاء الصليبيين ليفتح بجند مصر والشام أرض المقدس ، ولما أراد قطز صد العدوان التتري على الأمة قتل رسل التتر ليعلَم أهل الإسلام في مصر بأنها الحرب ، وأنه لا حوار ولا جدال ولا نقاش ولا أنصاف حلول ، فحمل أهل مصر الأرواح على الأكفّ ونهدوا إلى التتر وحملوا عليهم حملة صادقة وكانت معركة عين جالوت التي قال فيها أهل مصر قولتهم ، فمن يقوم اليوم ليقتل الحوارات والمؤتمرات وينقذ المسلمين من هذه المخدرات ليعودوا إلى سالف عهدهم يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون ويتاجرون مع الله تجارة يستبشرون بالبيع فيها ويفوزون فوزاً عظيما .. أليس في مصر طيّار حر يضرب تل أبيب !! أليس في الأردن جندي حر يوجه صاروخاً في نحور يهود !! أليس في لبنان مسلم !!

ليعلم أهل الإسلام بأن كل مؤتمر أو قمة أو اجتماع للحكومات فهو نوع من أنواع المخدرات .. كل استجداء لحاكم أو مؤسسة دولية هو نوع من المخدرات .. كل مساعدة خالية من الرجال والأسلحة هي نوع من المخدرات .. كل مظاهرة أو تجمع شعبي لا ينتج عنه فعل هو نوع من المخدرات .. كل اقتراح حل شرقي أو غربي أو شمالي أو جنوبي يعرضه الساسة هو نوع من المخدرات ..

على الجموع المسلمة التحصّن وأخذ الحيطة والحذر من هذه المخدرات ، وعليكم بالمضادات الحيوية التي تقيكم شر مفعول هذه المخدرات فتزوّدوا بها {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (البقرة : 197) ، ولا تكونوا كالأموات الذين يمشون بين الأحياء بلا وعي ولا شعور ولا إحساس ، ولكن اطلبوا الحياة الكريمة التي عرّفها لكم نبيّكم صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال : 24) أخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} "أي : للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل ، وقواكم بها بعد الضعف ، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم" (تفسير الدر المنثور ، وانظر تفسير ابن كثير) ، فالحياة في الجهاد في سبيل الله تعالى .. وهذه وصية الصديق رضي الله عنه لسيف الله خالد بن الوليد "اطلب الموت ، توهَب لك الحياة" ، فالحياة الكريمة في طلب الموت في سبيل الله ، ولا حياة بغير ذلك ، وهذا ما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حين قال "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : "حب الدنيا وكراهية الموت" (أبوداود وصححه الألباني) ، فكراهية الموت من الوهن والضعف والخور والذل ، وأمة لا يعانق شبابها الموت : أمّة ميّتة ..


اللهم أخرس ألسنة المتاجرين بدماء وأعراض المسلمين من أصحاب المؤتمرات والحوارات والإتفاقيات وبائعي مخدرات الكلام في عمليات الإستسلام التي يسمونها زوراً وبهتاناً "عمليات سلام" .. اللهم عليك بكل من وضع يده في يد يهود والصليبيين من المرتدين والمنافقين ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك .. اللهم عليك بمن تسلط على بلاد المسلمين من الحكام البائعين للدين الموالين لأعداء الملة من اليهود والصليبيين ، اللهم ألهم جموع المسلمين الخروج عليهم واسترجاع بلاد الإسلام لتُحكم بشرعك ويقوم فيها علَم الجهاد في سبيلك ..

اللهم متع أعيننا برؤية زحف جيش الكنانة وجند الشام وأمداد اليمن وجند المدينة على فلسطين وتطهيرها من دنس اليهود .. اللهم أقر أعيننا باسترجاع فلسطين وذبح من فيها من اليهود المحتلين .. اللهم أمطر على يهود صواريخ المسلمين من كل مكان .. اللهم إنا ندرأ بك في نحور يهود ونعوذ بك من شرورهم .. اللهم مكن للمسلمين من رقاب اليهود وأحيي سنة سعد بن معاذ فيهم فيُقتل رجالهم وتسبى ذراريهم وتؤخذ أموالهم ، اللهم هذا حكمك من فوق سبع سموات فأرناه اليوم على أيدي من تختار من جندك ..

اللهم قيّض للأمة شباباً في كل الأرض يحرقونها تحت أقدام يهود : يفجرون سفاراتهم ومؤسساتهم ويحرقون مصالحهم ويفتكون بهم ليشفوا صدور قوم مؤمنين ويُذهبوا غيظهم وينتقموا لإخوانهم .. اللهم ازرع في قلوب شباب الأمة حب الجهاد والاستشهاد في سبيلك وارزقنا وإيهاهم شهادة على عتبات المسجد الأقصى بعد نصر وظفر ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
3 محرم 1430هـ

منير الليل
01-01-2009, 06:23 PM
ليس دفاعا عن المملكة العربية السعودية ولا عن جمهورية مصر العربية ولا عن المملكة الأردنية الهاشمية...

لكن الكاتب نسي أو تناسى لحاجة في نفسه: الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية العربية السورية..

أين الصورايخ الإيرانية وأين المجاهدون الإيرانيون..

يمكنهم إستعمال الأراضي السورية للدخول إلى فلسطين المحتلة..

ليست فلسطين محلتة فقط.. هناك أيضا عقول مختلة.

كاتب بالعدل
01-01-2009, 06:32 PM
لكن الكاتب نسي أو تناسى لحاجة في نفسه


لا يعلم ما في النفوس إلا الله . وحده يعلم ما تخفي الصدور . فلا تتألى على الله . الكمال لله وحده . والإنسان مهما أبدع فمجهوده ناقص . جميل أن تكمل النقص ولا داعي للهمز واللمز .

طرابلسي
01-01-2009, 07:00 PM
[quote=كاتب بالعدل;239067. جميل أن تكمل النقص .[/quote]

أعجبتني هذه منّك :) ربما شطب الكاتب من قاموسه سوريا ولم يلتفت إلى إيران لصفويتها في بداية قراءتي لهذا المقال الأكثر من رائع قلت في نفسي بلا شك هذا للكاتب حسين محمود كثر الله من أمثاله نقصد بالمخدرات : جميع الأقوال والأفعال والمواقف التي يراد بها إلهاء الناس وتسكين غضبهم وامتصاص حماسهم وتخدير مشاعرهم وتفتير عزائمهم بجرعات قليلة أو كثيرة متنوعة ومدروسة فتصبح الجماهير مدمنة لهذه المخدرات التي تقتل خلايا الإيمان في القلب وتفتك بالغيرة والضمير في آن واحد !!

منير الليل
01-01-2009, 07:15 PM
وأزيدكم من البيت شعرا..

طرابلسي
01-01-2009, 07:31 PM
وأزيدكم من البيت شعرا..


جيد ما قاله الكاتب في مرفقاتك فهو تكملة لما سبق
إنما المشكل بمفاهيمنا المغلوطة
نادينا بالوطنية على حساب الإسلامية
نادينا بدخول مجالس الكفر لتحصيل بعض المكاسب المادية على حساب الإسلام
نادينا بالحزبية على حساب العقيدة والله المستعان