تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الاجتهاد والتقليد



أبو طه
12-26-2008, 04:31 PM
قال الأخ فخر أن 99% من علماء الأمة هم مقلدون وضرب مثالا بالأئمة النووي وابن حجر رحمهم الله.
فإذا كان هؤلاء الأئمة العظام مقلدين فمن باب أولى أن كل علماء عصرنا مقلدون وربما لا يستحقون لقب عالم.

الكلام هذا فيه مبالغة كبيرة جدا ولا يمكن لأحد أن يستسيغه، والأمر أبسط من ذلك ولا يحتاج إلى تعقيد.
والجواب عليه أن الاجتهاد هو بذل الجهد في محاولة الوصول إلى الحكم الشرعي في مسألة معينة لمن يملك أدوات الاجتهاد.

وللعلماء في هذا بالباب كلام كثير، والاجتهاد مقسم إلى درجات ومراتب فهناك المجتهد المستقل والمطلق والمقيد، والتقليد لا يكون إلا للعامة الذين لا يملكون أدوات الاجتهاد.
أما الاجتهاد الذي ندر وجوده بين العلماء فإنما هو الاجتهاد المستقل كاجتهاد أئمة المذاهب الأربعة رحمهم الله بحسب قول الإمام السيوطي.
ولا شك أن التقليد مطلقا بدون قيد أمر مذموم لغير العوام خصوصا لمن آتاه الله عقلا وعلما يمكنه من ترجيح الأدلة وأقوال أهل العلم، فكيف يكون إمام مثل النووي أو ابن حجر مقلدا؟
هذا لا يمكن بحال، ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون في فروع المذهب الشافعي على أصول صاحب المذهب الإمام الشافعي.
بل إن كثيرا من هؤلاء العلماء لم يكونوا يتعصبون لقول أئمتهم
فأكبر إمامين في المذهب الحنفي (أبو يوسف ومحمد بن الحسن) خالفا إمام المذهب أبا حنيفة في نصف المذهب، ويقال في ثلثي المذهب ومع ذلك فهم منتسبون للمذهب الحنفي.

ثم إن أقوال السلف في ذم التقليد كثيرة معروفة سأنقلها فيما بعد لتبيان حثهم للناس على التحري وبذل الجهد وعدم الاكتفاء بقولهم مجردا عن أدلتهم.

إن حديث النبي عليه الصلاة والسلام "استفت قلبك ولو أفتاك الناس" يجافي الدعوة إلى التقليد المطلق.
فالدعوة إلى التقليد المطلق هي دعوة إلى الجمود وتعطيل العقول
وهي لا شك تجافي فطرة المسلم الذي يجب عليه بذل وسعه في معرفة الحق وإلا كان فيه شبه من الجاهليين الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.

إن أحدنا لو أصابه مرض وذهب إلى الطبيب فأخبره بأنه سيجري له عملية جراحية لا يستسلم لقول الطبيب مباشرة ولا يبادر بإجراء العملية بل ربما يستشير عدة أطباء ويقرأ ويتثقف حول مرضه حتى يطمئن قلبه لقرار الطبيب.
هذا الأمر نفسه يجب أن نطبقه في أمور الفتوى، فلا ينبغي لمسلم مثلا أن يكتفي بتقليد شيخ الأزهر بأن فوائد البنوك حلال وليست ربا،
بل عليه أن يستفتي العلماء الثقات ويقرأ كلامهم وادلتهم.
فلو ان مسألة عرضت لي، فإن أضعف الإيمان بالنسبة لي هو استفتاء عدة علماء أثق في دينهم مع استبيان أدلتهم ومقارنتها، فإذا ما اطمأن قلبي للفتوى أخذت بها.

إن مقولة أن أغلب علماء الأمة مقلدون هي خاطئة، فأكثر علماء الأمة مجتهدون في الفروع على أصول مذاهبهم وهذا لا ينافي خروجهم في الفروع على قول أئمة المذاهب كما سبق وذكرت.
والواجب على كل من آتاه الله علما وفهما أن يجتهد في حدود ما مكنه الله فيه فقد نجد عالما مجتهدا في التفسير أو الفرائض مقلدا في الفقه والحديث وهكذا.

تبقى نقطة وهي الطعن في علماء عصرنا بحجة أنهم ليسوا أهلا للاجتهاد.
الجواب أن كل عصر له رجاله وأهله ومن المستحيل أن يخلو عصر من علماء ثقات يرجع إليهم الناس ليعلموهم دينهم، وإن كان هؤلاء العلماء أقل منزلة ممن سبقوهم من الأئمة العظام.
مثال ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الذي تتلمذ على المذهب الحنبلي مثل أغلب علماء نجد.
الشيخ رحمه الله خالف المذهب في بعض المسائل التي ترجحت عنده بدليلها وقد يتفق في كثير من الأحيان مع قول معتبر في مذهب آخر، وهذا لا يخرجه عن كونه حنبليا فهو حنبلي في الأصول.
وهذا ليس عيبا بل هو أمر محمود للعالم الذي اجتهد في حدود ما أوتي من علم.

والله تعالى أعلم.

أبو طه
12-26-2008, 04:35 PM
كلام السلف في ذم التقليد لغير العامة

قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرُ واحد "
فهذا النص النبوي يقسم المجتهدين إلى مصيب ومخطئ
وتفريعاً لهذه القاعدة قرر المحققون من أهل العلم المنع من التزام مذهب فقهي دون غيره، قال شيخ الإسلام ابن تيميه: (إذا نزلت بالمسلم نازلة فإنّه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو فتح هذا الباب لوجب أن يعرض عن أمر الله ورسوله، ويبقى كل إمام في أتباعه بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم في أمته وهذا تبديل للدين)
بل إن الأئمة الأربعة ورؤوس السلف الصالح نهوا الناس عن تقليدهم إلا فيما تبين وجه الحق فيه، ومنه قول أبي حنيفة: (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)
وقول مالك بن أنس: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه).
وقول الشافعي: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله، ودعوا ما قلت)
وقول أحمد بن حنبل: (لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا).
والتطبيق العملي لذلك من تلامذة الأئمة ظاهر لمن درس اختياراتهم وآراءهم . قال الحجوي: (لا تجد أهل مذهب إلا وقد خرجوا عن مذهب إمامهم، إما إلى قول بعض أصحابه، وإما خارج المذهبإذ ما من إمام إلا وقد انتقد وانتقد عليه قول أو فعل خفي عليه في السنة أو أخطأ في الاستدلال فضعف مذهبه فبارك الله فيك فيك لإقه قولى ولا يأخدنك تطرفك وتشددك لمذهب ولزم لسانك عن التحفظ بقول وهابي مالم تدر عقيدتهمولتعلم أخي الحبيب زادك الله من علما ووفقك للحق أنه أجمع المسلمين على أن من استبان له وجه الحق فعليه أيفتي به ولا يخالفه .
قال الشافعي: أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له أن يدعها لقول أحد سواه .
وقد نقل غير واحد الإجماع عليه ؛ فليس لأحد أن يفتي بغير ما يعتقده صواباً .
ونقل ابن عبد البر جُملاً كثيرة عن السلف في ذم التقليد، منها: قول ابن عباس – رضي الله عنهما -: (ويل للأتباع من عثرات العالم . قيل: كيف ذلك ؟ قال: يقول العالم شيئاً برأيه، ثم يجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منه فيترك قوله ذلك، ثم يمضي الأتباع)
وقول علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: (إياكم والاستنان بالرجال).
وقول ابن مسعود – رضي الله عنه -: (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً)
وعن سفيان بن عيينة قال: (بكى ربيعة، فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: رياء ظاهر، وشهوة خفية؛ والناس عند علمائهم كالصبيان في حجور أمهاتهم، ما نُهوا عنه انتهوا، وما أمروا به ائتمروا).

أبو طه
12-26-2008, 04:37 PM
ما حكم الاجتهاد في الإسلام ؟ وما شروط المجتهد ؟ ابن عثيمين رحمه الله



الحمد لله
"الاجتهاد في الإسلام هو بذل الجهد لإدراك حكم شرعي من أدلته الشرعية ، وهو واجب على من كان قادراً عليه ؛ لأن الله عز وجل يقول : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43 ، الأنبياء/7 ، والقادر على الاجتهاد يمكنه معرفة الحق بنفسه ، ولكن لابد أن يكون ذا سعة في العلم واطلاع على النصوص الشرعية ، وعلى الأصول المرعية ، وعلى أقوال أهل العلم ؛ لئلا يقع فيما يخالف ذلك ، فإن من الناس طلبة علم ، الذين لم يدركوا من العلوم إلا الشيء اليسير من ينصب نفسه مجتهداً ، فتجده يعمل بأحاديث عامة لها ما يخصصها ، أو يعمل بأحاديث منسوخة لا يعلم ناسخها ، أو يعمل بأحاديث أجمع العلماء على أنها على خلاف ظاهرها ، ولا يدري عن إجماع العلماء .

ومثل هذا على خطر عظيم ، فالمجتهد لابد أن يكون عنده علم بالأدلة الشرعية ، وعنده علم بالأصول التي إذا عرفها استطاع أن يستنبط الأحكام من أدلتها ، وعلم بما عليه العلماء ، بأن لا يخالف الإجماع وهو لا يدري ؛ فإذا كانت هذه الشروط في حقه موجودة متوافرة فإنه يجتهد .


ويمكن أن يتجزأ الاجتهاد بأن يجتهد الإنسان في مسألة من مسائل العلم فيبحثها ويحققها ويكون مجتهداً فيها ، أو في باب من أبواب العلم كأبواب الطهارة مثلاً يبحثه ويحققه ويكون مجتهداً فيه" انتهى .


فتوى للشيخ ابن عثيمين عليها توقيعه .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 508) .
والله أعلم

أبو طه
12-26-2008, 04:40 PM
سؤال وجوابه حول الاتباع والتقليد للعلامة المحدث سليمان بن ناصر العلوان


الحمد لله رب العالمين ، أما بعد ... فقد سأل بعض الأخوة وقال : ما الحكم إذا تنازع اثنان في مسألة فقهية ؟ فهل يحق لكل واحد منهما أن يأخذ بما قال إمام مذهبه أم

أنه يجب البحث عن الحق وما ينصره الدليل ؟ أفتونا وجزاكم الله خير الجزاء .

فأجبته : إذا لم يكن في المسألة دليل ظاهر وكان مبني الحكم في المسألة على الاجتهاد فللمسلم أن يقتدي بمن يراه أعلم الناس وأورعهم ولا حرج عليه في ذلك . أما

إذا كان في المسألة دليل فلا يجوز للمسلم أن يأخذ بما يقول إمامه إن كان مخالفاً للدليل بل عليه أن يدع قول إمامه كائناً من كـان إذا بلـغـه الدليل لأنه الواجب على جميع

الخلق .وأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها ، ويستعان بها في فهم النصوص وتصوير المسائل ونحو وذلك .

أما كونها حجة على كلام الله تعالى وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم – فلم يقل به أحد من الأئمة بل هو مخالف للكتاب والسنة والإجماع وقد أمر الله تعالى باتباع كتابه

وطاعة رسوله –صلى الله عليه وسلم – في مواضـع كثيرة مـن القرآن فقال تعالى { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وقال تعالى { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ }

وقال تعالى { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وقال تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ(20)

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ(21). إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ(22) } الآية .

وقد أوصى الأئمة – رحمهم الله – أصحابهم بعدم التقليد وأوجبوا عليهم الأخذ بالدليل لأنه الفرض واللازم على جميع المسلمين فمن ظهر له الدليل وجب عليه اتباعـه وتـرك

مـا عـداه قال تعالى { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِه أولياء قليلا ما تذكرون 3 )}

وقد شهد الله تعالى بالهداية لمن أطاع رسوله –صلى الله عليه وسلم كما في سورة النور { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } ومن ترك الدليل لقول أبي حنيفة أو مالك والشافعي أو أحمد

فقد خالف الأصل الذي أجمع عليه المسلمون ،قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – " أجمع المسلمون على أن من استبانت لـه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم –

لم يكن له أن يدعها لقول أحد " .

وقال الإمام مالك –رحمه الله تعالى – " ليس أحد بعد النبي –صلى الله عليه وسلم – إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي –صلى الله عليه وسلم - وما يفعله بعض الناس من

التعصب لإمام مذهب من ينتسبون إليه فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة المذاهب فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب فالواجب على المسلم أن ينصر

الدليل وأن يأخذ به سواء كان مع المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي أوالظاهري أو مع غيرهم فلم يحصر الله تعالى الحق في هذه المذاهب فاصحابها بشر يخطئون

ويصيبون وليسوا بمعصومين من الزلل والخطأ قال الإمام الشافعي – رحمه الله – " ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم – وتعزب عنه فمهما

قلت من قول أو أَصلت من ِأصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – خلاف ما قلت فالقول ما قال الرسـول صلى الله عليه وسلم وهو قولي " .

وقد تنازع الأئمة رحمهم الله تعالى في مسائل كثيرة في أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع والطلاق والظهار وغيرها فلم يقل أحد مِن أهل المعرفة

والتحقيق أنه يجوز لكل أحد أن يأخذ بما يشاء من هذه المذاهب دون رجوع للأدلة باستثناء المقلد العاجز عن معرفة الدليل .

ولو جاز لكل مسلم أن يذهب إلى ما يهوى ويشتهي من هذه الأقوال والآراء لكان الدين هو هذه المذاهب ولم يكن حينها للكتاب والسنة كبير فائدة . نعوذ بالله من ذلك .

وحينئذٍ أقول بما اتفق عليه المسلمون من وجوب رد المسائل المختلف فيها إلى الكتاب والسنة على فهم أئمة السلف والنظر في أقوالهم واجتهاداتهم وترجيح ما رجحه
الدليل .

ومن أمثلة ذلك أن العلماء تنازعوا في أحكام نواقض الوضوء واختلفوا في أكل لحم الجزور ولمس النساء فيما دون الجماع وما يخرج من غير السبيلين في الجسد ويعبر

عن ذلك بعض الفقهاء بقوله والخارج النجس من الجسد ([1] (http://www.almeshkat.net/vb/#_ftn1)) .

فكان لكل إمام قول في هذه المسألة ، فمذهب الأئمة الثلاثة مالك وأبي حنيفة والشافعي أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء ، ومذهب أحمد – رحمه الله – أنه ينقض الوضوء ، واختاره ابن حزم .

والصحيح في ذلك مذهب أحمد فقد صح في ذلك حديثان عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يدلان على أن لحم الجزور ينقض الوضوء أحدهما حديث جابر بن سمرة في

صحيح مسلم ([2] (http://www.almeshkat.net/vb/#_ftn2)) والآخر حديث البراء عند أبي داود ([3] (http://www.almeshkat.net/vb/#_ftn3)) والترمذي ([4] (http://www.almeshkat.net/vb/#_ftn4)) وغيرهما .

وأما لمس النساء باليد والقبلة ونحو ذلك فقد ذهب الشافعي إلى أن لمس المرأة ينقض الوضوء سواء كان بشهوة أم بغير شهوة .

وذهب أبو حنيفة إلى أن اللمس لا ينقض الوضوء مطلقاً .

وذهب مالك وأحمد في رواية إلى أنه لا ينتقض الوضوء إلا بشهوة .

والمتأمل للأدلة في هذه المسألة يجد أن الأحناف أقرب المذاهب للصواب وهو رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ، فإنه لم يرد دليل تقوم به حجة يدل على النقض لا

بشهوة ولا بغيرها . والبراءة الأصلية دليل من الأدلة يجب اعتبارها فكان مذهب الأحناف أظهر من غيره في هذه المسألة ، وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم - أنه

يقبل ويخرج إلى الصلاة ولم يذكر أنه توضأ ولم يرد في الحديث أيضاً أن ذلك بدون شهوة فدل على العموم إلا أن في صحة هذا الخبر نظراً فقد رواه أبو داود والترمذي وابن

ماجه من طريق وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة به وهو معلول لم يسمعه حبيب من عروة ([5] (http://www.almeshkat.net/vb/#_ftn5)). وقد صح في الباب غير حديث والله أعلم

وأما الذي يخرج من الجسد كالدم ونحوه فمذهب أحمد أن ذلك ناقض من نواقض الوضوء ومذهب الشافعي أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً وهذا الصحيح وهو قول مالك ورواية

عن أحمد رجحها شيخ الإسلام وكثير من أهل العلم فإنه لم يرد دليل على أن ما يخرج من الجسد سوى السبيلين ينقض الوضوء والأصل عدم النقض .

وهذه الأمثلة إنما ذكرتها ليعلم أن الحق ليس محصوراً على عالم أو طائفة أو مذهب معين وأن المسلم ليس مأموراً باتباع أو التزام مذهب معين بل الحق ضالته ومطلبه

وكل مذهب فيه خطأ وصواب .

فالحنبلي معه كثير من الحق في كثير من المسائل والشافعي والمالكي والحنفي كلهم كذلك وقد تفرد الإمام ابن حزم عن الأئمة الأربعة ببعض المسائل وكان الحق معه

فالأئمة يتفاوتون في بلوغ الأدلة لهم ومعرفة صحيحها من ضعيفها وناسخها من منسوخها ومطلقها من مقيدها ، والمحق يتبع من كان الحق معه دون تحيز ويرد الباطل دون

تشنيع أو قدح في ذواتهم وتنتقص لمكانتهم لأنهم مجتهدون فهم دائرون بين الأجر والأجرين ومع ذلك فلا يجب على أحد اتباع واحد منهم ومن زعم ذلك فقد ضل سواء

السبيل فإنه لا يجب اتباع أحد سوى النبي –صلى الله عليه وسلم لأن قوله الحق ولا ينطق عن الهوى .

وأما غيره من العلماء وأئمة المذاهب وغيرهم فلا يؤخذ من أقوالهم إلا ما وافق الحق وهذه المسألة مسألة كبيرة مهمة لا تلج إلا قلب من الهمه الله رشده ووقاه شر نفسه

. وكم من مدع للعلم مشتغل بالتصنيف وقع في التعصب المهلك والتقليد الأعمى ويغضب إذا خولف إمامه ما لا يغضب لكتاب الله ولا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالموفق من جعل كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم حكماً على قول كل أحد . وإن خالفه من خالفه أو بدّعه من بدّعه فقد جرت عادة المقلدين والمتعصبين في

تبديع مخالفيهم وتضليلهم وهذا شأن كل مبطل ومنحرف عن الحق والصراط المستقيم إذا عجز عن إقامة الحجة والدليل لجأ إلى مثل هذه الأفاعيل وقد دل الكتاب والسنة على

أن الحق له أعداء كثيرون يصدون عنه وينهون عنه ويأتون بقوالب متنوعة على حسب أمزجتهم وما تهواه نفوسهم . وصاحب الحق يتعين عليه ألا يتزعزع عن الحق الذي

عليه ويدعو إليه فإن الله ناصره ومؤيده ولا يزال منصوراً ما دام يقوم بنصر الدين ونصر الحق مخلصاً في ذلك لله ولا يزال معه من الله ظهير ما دام على تلك الحالة .

قـال تـعـالى { وَالَّـذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) } . وقال تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) } .ومن نصره

الله فقد كفاه شر أعدائه . ولكن لا يتم النصر إلا بأمرين .

الإخلاص لله تعالى في القول والـعمـل ، وموافـقـة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فـإذا توفر هذان الشرطان فـلا غـالب لـه وإن اجتمـع عليه مـن بـيـن المشرق

والـمغرب ، قـال تـعـالى { إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (160) } والحمد لله رب العالمين .


([1]) اعلم أن بعض الفقهاء –رحمهم الله يتساهلون في الحكم على الأعيان فيحكمون على مسائل بالنجاسة بدون دليل ولا قياس صحيح وقد تقرر في الأدلة الشرعية أن الأعيان طاهرة حتى تتبين نجاستها وكل ما لم تثبت نجاسته بدليل فهو طاهر كالمني ونحوه والله أعلم .

([2]) ج 4/48 نووي .

([3]) ( 2 ) 1/ 315- عون المعبود ) .

([4]) (3) 1/ 122 – 123 ).

([5]) انظر جامع الترمذي 1/133 ونصب الراية 1/70-76وتنقيح التحقيق 1/437-442 .

عزام
12-26-2008, 05:39 PM
السلام عليكم اخي ابا طه
طلبت ان نناقشك
ولا ادري بم نناقشك
فالموضوع بديهي وومحسوم كما تفضل به السادة العلماء
لكن ان اردت ان تناقش امرا مهما بين لي من فضلك سبب اختلاف فتاوى العلماء
ولنكتفي بالمذاهب الاربعة كي نسهل الامر
ولا بأس بضم شيخ الاسلام ابن تيمية والفقه الظاهري ايضا

فخر الدين الرازي
12-26-2008, 08:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قلت اخي ابو طه:
الكلام هذا فيه مبالغة كبيرة جدا ولا يمكن لأحد أن يستسيغه، والأمر أبسط من ذلك ولا يحتاج إلى تعقيد.

والجواب عليه أن الاجتهاد هو بذل الجهد في محاولة الوصول إلى الحكم الشرعي في مسألة معينة لمن يملك أدوات الاجتهاد
اخي الحبيب, لا خلاف بيننا في التعريف . لان الاجتهاد بالمعنى الاعم هو استفراغ المجهود في استنباط الحكم الفرعي عن دليله بشروطه الكثيرة المعروفة كما تفضلت حضرتك, ولكن خلافنا في تعريف المقلد بالمعنى العام . وسيأتي
قلت:
وللعلماء في هذا بالباب كلام كثير، والاجتهاد مقسم إلى درجات ومراتب فهناك المجتهد المستقل والمطلق والمقيد، والتقليد لا يكون إلا للعامة الذين لا يملكون أدوات الاجتهاد.


كلام يكتب بماء الذهب.

قلت:
أما الاجتهاد الذي ندر وجوده بين العلماء فإنما هو الاجتهاد المستقل كاجتهاد أئمة المذاهب الأربعة رحمهم الله بحسب قول الإمام السيوطي.
نعم هذا الاجتهاد المطلق.

قلت:
ولا شك أن التقليد مطلقا بدون قيد أمر مذموم لغير العوام خصوصا لمن آتاه الله عقلا وعلما يمكنه من ترجيح الأدلة وأقوال أهل العلم، فكيف يكون إمام مثل النووي أو ابن حجر مقلدا؟

هذا لا يمكن بحال، ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون في فروع المذهب الشافعي على أصول صاحب المذهب الإمام الشافعي.

هذا القول لا يوافقك عليه كل العلماء. بل من العلماء من تكلم في هذا الامر , فمنهم من حرم على الذي حصّل آلة الاجتهاد ان يتبع قول غيره وبعضهم اجاز ذلك. فالامر مختلف فيه.بالعموم رأيك يوافق رأي بعض العلماء.
اما بخصوص النووي وابن حجر, فنعم هم مجتهدون بالمعنى الاخص مقلدون بالمعنى الاعم. لانهم يقلدون اصول الشافعي ولا يخرجون عنها , فيقال عنهم انهم مقلدون على هذا المعنى, كما يقال عنهم انهم مجتهدون لعلمهم بطرق استنباط الاصول على منهج امامهم , وقدرتهم على استنباط احكام النوازل من اصولها حسب المذهب الشافعي في الامور التي ليس للشافعي فيها نص.

قلت:
بل إن كثيرا من هؤلاء العلماء لم يكونوا يتعصبون لقول أئمتهم

فأكبر إمامين في المذهب الحنفي (أبو يوسف ومحمد بن الحسن) خالفا إمام المذهب أبا حنيفة في نصف المذهب، ويقال في ثلثي المذهب ومع ذلك فهم منتسبون للمذهب الحنفي.
كلامك على العين والرأس

قلت:
ثم إن أقوال السلف في ذم التقليد كثيرة معروفة سأنقلها فيما بعد لتبيان حثهم للناس على التحري وبذل الجهد وعدم الاكتفاء بقولهم مجردا عن أدلتهم.


كلامهم في الذي حصّل آلة الاجتهاد اخي لافي المطلق.

قلت:
إن حديث النبي عليه الصلاة والسلام "استفت قلبك ولو أفتاك الناس" يجافي الدعوة إلى التقليد المطلق.


هذا الحديث يتأول ليتوافق مع قوله عز وجل: (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون), حتى لا يتوهم ظان ان المقلد له يستفتي قلبه فيما لو افتاه المجتهد وان له ان يرده, للاجماع بان المقلد ليس له الا اتباع المجتهدين وانه ليس يجب عليه ان يسأله عن دقائق استنباطاتهم ودلائلهم , اذ هو غير مطالب بذلك.

قلت:
فالدعوة إلى التقليد المطلق هي دعوة إلى الجمود وتعطيل العقول


الحقيقة اخي اننا ندعو الى الاجتهاد لمن كملت شروطه. ولكن ان يجتهد من لا يصح له الاجتهاد وان يتكلم برأيه فهذا ما نأباه, اذ بفعله هذا يسبب ضررا لنفسه وعلى الآخرين, ودفع المضار اولى من استجلاب المصالح كأصل, وعلى هذا ان لم يوجد من كملت شروطه فالدعوة الى التقليد تكون اولى كما لا يخفى عليكم.

قلت:
وهي لا شك تجافي فطرة المسلم الذي يجب عليه بذل وسعه في معرفة الحق وإلا كان فيه شبه من الجاهليين الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.
انت تخلط بين امرين. بين التقليد في العقيدة وبين التقليد في الفروع. فاما الاول فنعم, فانه يجب على كل مؤمن كمل عقله ان يكون عنده دليل ولو اجمالي على صحة ما يعتقده, والا كان فيه شبه الجاهليين كما تفضلت من حيث التقليد الاعمى بدون دليل, اما الاجتهاد في الفروع فهذا ليس مطالبا فيه جميع المؤمنين, والا لفسدت المعايش من اشتغال الافراد جميعهم بدراسة المذاهب والاصول , وهو امر يطول, فالاصل فيه الوجوب الكفائي الذي اذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين. فلا تجمع بين الاثنين اخي النبيه.

قلت:
إن أحدنا لو أصابه مرض وذهب إلى الطبيب فأخبره بأنه سيجري له عملية جراحية لا يستسلم لقول الطبيب مباشرة ولا يبادر بإجراء العملية بل ربما يستشير عدة أطباء ويقرأ ويتثقف حول مرضه حتى يطمئن قلبه لقرار الطبيب.
نعم, ولكن نقلب عليك الاشكال بأن نقول,هب لو انه لم يجد سوى طبيبا وعجز عن رؤية غيره فما يعمل؟ هل يستسلم لقوله ام يبطله؟
واعلم ان العامي الممقلد ليس يجب عليه ان يسأل عن ادلة المفتي الذي لا خلاف على نبوغه في العلم, وليس للمفتي ايضا ان سأله العامي عن فتوى ان يشرح له طريقة الاستنباط والادلة على فتواه, بل يكفي ان يجيبه بقوله - ان كان مجتهدا - او ان يجيبه بكلام امامه. والعامي ليس مطالبا باكثر من ذلك.
نعم للعالم الحذق ان يسأل وان يرجح وان يبحث,لانه اهل لذلك . فالطبيب له ان يسأل استاذه عن طرق العلاج ولكن ليس على المريض ان يوجب على طبيبه ان يشرح له اصول مهنة الطب ومن اين جاء بعلاجه. والمجتهد او المفتي كالطبيب والمقلد كالمريض.
وقد قسّم الشاطبي في كتابه الاعتصام المجتمع الى ثلاثة اقسام: عوام ومن عندهم بعض معرفة بوجوه الاستنباط والمجتهدون, ثم استخلص ان العوام ومن لديهم بعض المعرفة يشتركون باطلاق لفظ التقليد عليهم, وان المجتمع الاسلامي انما ينقسم في الحقيقة اما الى مجتهدين مطلقين او الى مقلدين , وانه ليس للمقلد الا الرجوع لقول المجتهد .

قلت:
فلو ان مسألة عرضت لي، فإن أضعف الإيمان بالنسبة لي هو استفتاء عدة علماء أثق في دينهم مع استبيان أدلتهم ومقارنتها، فإذا ما اطمأن قلبي للفتوى أخذت بها.


انا وانت لسنا مطالبين بترجيح الادلة, فاننا ان عرفنا وجها من العلم فاننا بالتكيد سيغيب عنا وجه آخر لعدم استيعابنا لكل وجوه العلم, ثم لكل مذهب دليله وحجته حيث ان اهله لا يخرجون عنه, وكل واحد يدعي الصحة والفهم الصحيح لنفسه, وليت شعري الم يناظر ابي حنيفة مالكا حين زاره في المدينة, ولم يخرج اي منهما عن مذهبه بل كل منهما تمسك بما عنده, فان ظننت ان رأي مالك اصوب , افغاب ذلك عن ابي حنيفة وفهمته انت يا اخي؟ام تراك تظن ان ابا حنيفة اصر على خطئه؟ بل الحق ان كلا القولين حق وللمقلد ان يأخذ باي منهما ولا حرج. هذا ما بدا لي اخي. والكلام فيه طويل, وصدقا احببت نقاشك, ولكن ارجو منك اخي عدم التطرق لاقوال ابن باز او العثيمين واضرابهما كوني لا اثق بهما, وهذا مطلبي على كل حال. والسلام عليكم.

أسامة1
12-26-2008, 09:22 PM
قلت:
اقتباس:
ثم إن أقوال السلف في ذم التقليد كثيرة معروفة سأنقلها فيما بعد لتبيان حثهم للناس على التحري وبذل الجهد وعدم الاكتفاء بقولهم مجردا عن أدلتهم.
اقتباس:

كلامهم في الذي حصّل آلة الاجتهاد اخي لافي المطلق.

قلت : من قيّد عدم التقليد بالمجتهد فلطالما كان مجتهدا فلا يحتاج لنداء بعدم التقليد
إذن الخطاب للعوام وليس لمن امتلك أدوات الاجتهاد
فإن تعريف التقليد هو : قبول قول الغير بلا دليل .. وعلى العالم أن يبين حكم المسألة بدليلها وهو حاصل ..
وعلى المتبع معرفة الأدلة الإجمالية ومن ثم يرتقي لمعرفة الأدلة التفصيلية كما بينها الشوكاني في كتابه الرسائل السلفية
وأيضا في كتاب الإقليد لمحمد السنقيطي نقلا عن علماء الأمة


قلت:
اقتباس:
إن حديث النبي عليه الصلاة والسلام "استفت قلبك ولو أفتاك الناس" يجافي الدعوة إلى التقليد المطلق.
اقتباس:

هذا الحديث يتأول ليتوافق مع قوله عز وجل: (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون), حتى لا يتوهم ظان ان المقلد له يستفتي قلبه فيما لو افتاه المجتهد وان له ان يرده, للاجماع بان المقلد ليس له الا اتباع المجتهدين وانه ليس يجب عليه ان يسأله عن دقائق استنباطاتهم ودلائلهم , اذ هو غير مطالب بذلك.


أخطأت ... فإن المستفتي يستفتي قلبه حين يلتبس عليه الحكم الصائب في المسئلة كما لو أن الأدلة لدقتها أشكلت عليه فيستفتي قلبه مظانة أنه الحكم الصحيح حتى يثبت لديه العكس كمن يرجح عنه بدلالة كذا وكذا
وأما سؤال أهل الذكر لا يكون برأيهم كما قال الشافعي ( سبحان الله وهل وجدتني خارج من كنيسة وواضع زنارا على خصري أقول لك قال رسول الله وتقول وما رأيك ) أو بنحوه
فسؤال الأهل الذكر بالذكر لا بأقوال العلماء المجردة من أدلتها واتباع الأدلة ليست حكرا على أهل الاجتهاد بل هي لكل الناس لمعرفة حكم الله في هذه المسئلة او تلك فيقال بحقه متبع وليس مجتهد وهذا ما يجب عليه أن تكون الأمة لترقى إلى مصاف الصحابة مجتمعين


قلت:
اقتباس:
وهي لا شك تجافي فطرة المسلم الذي يجب عليه بذل وسعه في معرفة الحق وإلا كان فيه شبه من الجاهليين الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.

انت تخلط بين امرين. بين التقليد في العقيدة وبين التقليد في الفروع. فاما الاول فنعم, فانه يجب على كل مؤمن كمل عقله ان يكون عنده دليل ولو اجمالي على صحة ما يعتقده, والا كان فيه شبه الجاهليين كما تفضلت من حيث التقليد الاعمى بدون دليل, اما الاجتهاد في الفروع فهذا ليس مطالبا فيه جميع المؤمنين, والا لفسدت المعايش من اشتغال الافراد جميعهم بدراسة المذاهب والاصول , وهو امر يطول, فالاصل فيه الوجوب الكفائي الذي اذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين. فلا تجمع بين الاثنين اخي النبيه.


قلت : سبحان الله ... كيف منعت بالعقيدة وأجزت بالفقه مع العلم أن الفقه مسلك لفهم العقيدة وسلّم الارتقاء لرضا الرحمن كما أن الأصل بكل مسلم معرفة الأحكام المتعلقة به كفروض عينية أكانت عقدية أم فقهية ما دون الكفائية
فكما استطاع أن يتعلم مهنة يكتسب منها فمن باب أولى معرفة حكم الله فيما أمره الله
فإن لم يستطع أن يتعلم مهنة أو دراسة علمية دنيوية فيمكنه الترخص كما رخّص رسول الله للذي لا يعقل قراءة الفاتحة بان يقول في ركوعه وسجوده سبحان الله والحمد لله .... الحديث والسؤال كم نسبة هؤلاء بالأمة إلا إذا كانت الأمة كلها مغفلة كهذا الذي علمه النبي ...











قلت:
اقتباس:
إن أحدنا لو أصابه مرض وذهب إلى الطبيب فأخبره بأنه سيجري له عملية جراحية لا يستسلم لقول الطبيب مباشرة ولا يبادر بإجراء العملية بل ربما يستشير عدة أطباء ويقرأ ويتثقف حول مرضه حتى يطمئن قلبه لقرار الطبيب.

نعم, ولكن نقلب عليك الاشكال بأن نقول,هب لو انه لم يجد سوى طبيبا وعجز عن رؤية غيره فما يعمل؟ هل يستسلم لقوله ام يبطله؟
واعلم ان العامي الممقلد ليس يجب عليه ان يسأل عن ادلة المفتي الذي لا خلاف على نبوغه في العلم, وليس للمفتي ايضا ان سأله العامي عن فتوى ان يشرح له طريقة الاستنباط والادلة على فتواه, بل يكفي ان يجيبه بقوله - ان كان مجتهدا - او ان يجيبه بكلام امامه. والعامي ليس مطالبا باكثر من ذلك.

بل الواجب على المفتي الارتقاء بالسائل لمعرفة الأدلة الإجمالية بداية حتى يتمكن من فهم التفصيلي منها والعامي مطالب بمعرفة حكم الله لا رأي المفتي ولو سلمنا بأقوال المفتين وخصوصا بهذا الزمان لحللنا الحرام ورحمنا الله
واكبر دليل من النماذج تلك مفتي الأزهر الذي أحل رضاعة الكبير وأجاز شرب بول الرسول وأمر نساء فرنسا المسلمات بطاعة ولي أمرهن ونزع حجابهن


أنصحك بكتاب الرسائل السلفية ففيه أدلة أهل العلم في هذه المسئلة