تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدعوة الفردية والدعوة الجماعية



عزام
12-24-2008, 04:13 PM
الدعوة الفردية
عبد الكريم بكار

إن الناظر في جملة النصوص الشرعية ، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير أصحابه يرى رأي العين أن كل مسلم مكلف بأن يقوم بشيء من الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ بحسب الوسع والطاقة ، بل إن مجرد الالتزام العملي بالشعائر الإسلامية يعد ضرباً مهماً من ضروب الدعوة إلى الله تعالى ؛ إذ طالما كان لسان الحال أبلغ من لسان المقال .
ولذا فإنني أرى أن الأصل هو الدعوة (الفردية) حيث إنها الصورة الفطرية والبسيطة والقليلة الكلفة ، والتي لا تحتاج إلى أية مواءمة ... وحين يجد المسلم مجالاً للدعوة إلى الله ـ تعالى ـ فإن عليه أن يخوض غماره ولو كان وحده ، ولا يُطلب منه أن ينتظر أحداً ؛ إنها المبادرة الفردية التي تُعدُّ بحق المقياس الدقيق لحيوية المجتمع ووعيه بأهدافه ومسؤولياته .
ومن المؤسف أن كثيراً من الجماعات تنظر إلى أولئك الناشطين بصورة فردية نظرة تشكك أو استخفاف أو استغراب ؛ لأنها ترى أن الدعوة الفردية غير ذات معنى أو قليلة الجدوى أو غير طبيعية ....
وهذه النظرة بعيدة عن الصواب ، وعن الموضوعية ، وهي فضلاً عن أنها ليست مؤصَّلة شرعاً غيرُ ممكنة التطبيق ، حيث إن هناك كثيراً من الناس لا يصلحون للعمل الجماعي لأسباب عديدة ، منها ضعف حاسة الانضباط والانصياع لديهم ، ومنها الاعتداد الزائد بالرأي الشخصي ، ومنها الانحراف ـ أحياناً ـ في المزاج إلى ما هنالك من دواع تجعل بعض من يعمل في الحقل الدعوي يرى أن نشاطه المنفرد مناسب له .
ويضاف إلى هذا أن بعض الأمراض والمشكلات التي تعاني منها بعض الجماعات تنفِّر الآخرين من التعاون معها ، أو الانضمام إليها ، بل يكون في الانضمام إليها نوع من القيود دون أدنى مقابل من التحفيز أو التوجيه.
ومن جهة أخرى فإن لكل جماعة شروطها ـ المكتوبة وغير المكتوبة ـ فيمن يصلح للانضمام إليها ، وقد يجد كثير من الناس أنفسهم غير مؤههَّلين لأن ينضووا في ظل أية جماعة إسلامية .
وقبل هذا وبعده فإن كثيراً من الأعمال الدعوية يمكن للإنسان أن يمارسه بنفسه دون مساعدة أحد ؛ ونحن ننظر إلى الجماعات على أنها وسائل لا غايات ، فإذا كان بالإمكان أداء الواجب ونشر الخير من غيرها على الوجه المطلوب لم يكن هناك ما يدعو إلى الاستيحاش من العمل الفردي .
وقد قام في تاريخنا المعاصر أشخاص كثيرون بأعمال جليلة على مستوى التنظير ن وعلى مستوى العمل والحركة ؛ وربما قلنا : إنَّ بعضها كان من الضخامة على نحو تعجز عنه جماعة بل جماعات! .
ومجالات العمل الفردي أكثر من أن تحصى ؛ فالدرس الجيد ، والخطبة الممتازة ، والكتاب الناجح ، والصلة الفردية ببعض الأشخاص ، ومساعدة الناس على اجتياز بعض الصعوبات ، وإصلاح ذات البين ، والمنافحة عن الإسلام ، وكثير من صور الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كل ذلك يمكن أن يتم بصورة فردية ، بل إن كثيراً منها لا يكون إلا كذلك . لا يعني هذا أننا ندعو أهل الخير إلى اعتزال بعضهم بعضاً والاستبداد بالرأي والسلبية ؛ فهذه سمات لا تُحمد في العامة فضلاً عن الخاصة . ومما ينبغي تأكيده في هذا الموضع أن طبيعة العمل الدعوي تؤسس مجالاً خاصاً للداعية ، كما تؤسس علاقات كثيرة ، وهذا وذاك يسببان حساسيات بين العاملين في الساحة الواحدة ، ويجعل المجالات الرحبة ضيِّقة ، كما يجعل إمكانات الاحتكاك والتصادم واردة ، ومن ثم فإنه لا بد للداعية من التحلي بعدد من الصفات ، إلى جانب القيام بتصرفات عديدة من أجل بقاء الساحة الدعوية في حالة من التصافي والوئام ؛ كأن يحاول فهم إخوانه في الساحة من زاوية رؤيتهم لأنفسهم ، وليس من خلال رؤيته الخاصة ، وكأن يصبر على الأذى وسوء الظن والاتهامات وسوء الفهم من قبل إخوانه ؛ إذ إن كثيراً من ذلك لا ينفع معه المواقف المتوترة ، وإنما يترك للأيام لتثبت زيفه .
ومن ذلك البحث عن صيغ للتعاون مع الجماعات والافراد الموجودين في الساحة ؛ حتى يشعر الجميع أنهم يسعون إلى غاية واحدة . ومن المشاهد المؤلمة في هذا أنك ترى الدعاة في المدينة الواحدة ، وقد أعطى كل منهم ولاءه لجماعة من الجماعات التي قد تكون خارج مدينته ، أما علاقته مع الدعاة في مدينته فهي علاقة تشاحن وتنافس! وهذا مع أن التعاون والعمل المشترك البنّاء لا يتم غالباً ، إلا مع الذين يعيشون معه في بلدة واحدة .
إن فكرة تشكيل التيار الواحد ـ رغم تعدد الجماعات ـ ما زالت غائبة عن الساحة الدعوية ، إذ يسيطر على كثيرين منا مقولة : إما أن تكون معي أو نسخة مني أو تابعاً لي وإلا فأنت منافس!! مع أن اللائق بطبيعة الأعمال الدعوية ـ القائمة في أكثر الأمر على الاجتهاد ـ هو أن تكون المقولة : نُشكِّل تياراً واحداً مع احترام الخصوصيات ، ونخدم هدفاً واحداً كبيراً وإن اختلفت الوسائل والأهداف المرحلية .
ومهما اتسعت الساحة الدعوية فإن شيئاً من التنسيق والتفاهم يظل أمراً ملحاً ، وإلا فإن الصدام سيقع لا محالة ما دام هناك نشاطات متعددة ومناهج وأساليب وموازنات متفاوتة .
إن شيئاً من المشاورة والمناصحة بين الدعاة يخفف من التوتر وسوء الفهم والتنافس فوق ما نظن ، وأكثر مما نعتقد .
وأظن أن جعل الأعمال الدعوية متوجهة نحو البناء الحضاري العام هو الذي سوف يوسع مجالات العمل الدعوي ، ويتيح لنا تنوعاً هائلاً من الأنشطة الخيرة التي لن نجدها إذا كان الهدف من دعوتنا بناء جماعة أو السيطرة التعليمية على مسجد أو حي ، أو ما شابه ذلك من الأهداف المحدودة .

اللؤلؤ والمرجان
12-26-2008, 08:16 PM
موضوع مثير للغاية
فهو الامر الذي بعث الله الرسل لاجله وانزل الكتب لاقامته فهو فرض كفاية على الامة وفرض عين على كل فرد يجب عليه ان يامر بالمعروف وينهى عن المنكر
وجزاك الله خيرا على هذه الكلمات ولكن هناك امر هام جدا وهو ان يفهم الداعية ما هي مادة الدعوة التي يجب ان يدعو اليها وان لا يدعو مزاجيا فهذا قد يضر بالدعوة ولقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة الفردية بقوله : بلغوا عني ولو آية
وقوله : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فمن لم يستطع فبلسانه فمن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان
وقوله : فليكن اول ما تدعوهم اليه لا اله الا الله ................................... .....