تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أجهزة دولة الخلافة



دار الاسلام
12-24-2008, 12:30 AM
إن أجهزة دولة الخـلافة تختلف عن أجهزة النظم المعروفة الآن، وإن تشابهت في بعض مظاهرها. فأجهزة دولة الخـلافة تؤخذ من الأجهزة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، بعد هجرته إليها وإقامة الدولة الإسلامية فيها، والتي سار عليها الخلفاء الراشدون من بعده صلوات الله وسلامه عليه.
وباستقراء النصوص الواردة فيها، يتبين أن أجهزة دولة الخـلافة في الحكم والإدارة هي على النحو التالي:

دار الاسلام
12-24-2008, 12:39 AM
1- الخليفة
2- المعاونون (وزراء التفويض)
3- وزراء التنفيذ
4- الولاة
5- أمير الجهاد (الجيش)
6- الأمن الداخلي
7- الخارجية
8- الصناعة
9- القضاء
10- الجهاز الإداري (مصالح الناس)
11- بيت المال
12- الإعلام
13- مجلس الأمة (الشورى والمحاسبة)

دار الاسلام
12-24-2008, 12:48 AM
أولاً: الخـليـفـة
الخليفة هو الذي ينوب عن الأُمة في الحكم والسلطان، وفي تنفيذ أحكام الشرع. ذلك أن الإسلام قد جعل الحكم والسلطان للأُمة، تُنيب فيه من يقوم به نيابة عنها. وقد أوجب الله عليها تنفيذ أحكام الشرع جميعها.
وبما أن الخليفة إنما ينصبه المسلمون؛ لذلك كان واقعه أنه نائب عن الأُمة في الحكم والسلطان، وفي تنفيذ أحكام الشرع؛ لذلك فإنه لا يكون خليفة إلا إذا بايعته الأُمة، فبيعتها له بالخـلافة جعلته نائباً عنها، وانعقاد الخـلافة له بهذه البيعة أعطاه السلطان، وأوجب على الأُمة طاعته.
ولا يكون مَنْ يلي أمر المسلمين خليفة إلا إذا بايعه أهل الحل والعقد في الأُمة بيعة انعقاد شرعية، بالرضى والاختيار، وكان جامعاً لشروط انعقاد الخـلافة، وأن يبادر بعد انعقاد الخـلافة له بتطبيق أحكام الشرع



****


دولة الخلافة دولة بشرية وليست دولة إلهية
الدولة الإسلامية هي الخـلافة، وهي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا، فإذا بويع لخليفة بيعة صحيحة في أي بلد من بلاد المسلمين، وأقيمت الخلافة، فإنه يحرم على المسلمين في كل بقاع الدنيا أن يقيموا خلافة أخرى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». والخلافة هي لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، بالأفكار التي جاء بها الإسلام والأحكام التي شرعها، ولحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، بتعريفهم الإسلام ودعوتهم إليه، والجهاد في سبيل الله. ويُقال لها أيضاً الإمامة وإمارة المؤمنين. فهي منصب دُنيوي، وليست منصباً أخروياً. وهي موجودة لتطبيق دين الإسلام على البشر، ولنشره بين البشر. وهي غير النبوة قطعاً.
فالنبوة منصب إلهي، يعطيها الله لمن يشاء، يتلقى فيها النبي أو الرسول الشرع من الله بواسطة الوحي، بينما الخـلافة منصب بشري، يُبايع فيه المسلمون مَنْ يشاؤون، ويُقيمون عليهم خليفة مَنْ يُريدون مِن المسلمين. وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان حاكماً، يطبق الشريعة التي جاء بها. فكان يتولى النبوة والرسالة، وكان في الوقت نفسه يتولى منصب رئاسة المسلمين في إقامة أحكام الإسلام. وقد أمره الله بالحكم، كما أمره بتبليغ الرسالة. فقال له: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ}[049:005]، وقال: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ}[105:005] ، كما قال له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}[067:005]، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ }[019:006]، وقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ}[001:074].
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتولى مَنصِبين: مَنصِب النبوة والرسالة، ومَنصِب رئاسة المسلمين في الدنيا لإقامة شريعة الله التي أوحى له بها.
أما الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يتولاها بشر، وهم ليسوا أنبياء، فيجوز عليهم ما يجوز على البشر من الخطأ، والسهو، والنسيان، والمعصية، وغير ذلك؛ لأنهم بشر. فهم ليسوا معصومين؛ لأنهم ليسوا أنبياء ولا رسلاً. وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الإمام (الخليفة) يمكن أن يخطئ، كما أخبر بأنه يمكن أن يحصل منه ما يُبـَـغِّضُه للناس، من ظلم، ومعصية، وغير ذلك، بل أخبر بأنه قد يحصل منه كفر بَواح، وعندها لا يطاع، بل يُقاتـَل. فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الإمام جُنَّة، يقاتل من ورائه ويُتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه»، وهذا يعني أن الإمام غير معصوم، وأنه جائز عليه أن يأمر بغير تقوى الله. وروى مسلم عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» [عبد الله هو ابن مسعود]. وروى البخاري عن جُنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدّثْ بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعَنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بَواحاً عندكم من الله فيه برهان». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله. فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» رواه الترمذي. فهذه الأحاديث صريحة في أنه يجوز على الإمام أن يخطئ، وأن ينسى، وأن يعصي. ومع ذلك فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بلزوم طاعته ما دام يحكم بالإسلام، ولم يحصل منه كفر بَواح، وما لم يأمر بمعصية؛ ولذلك فإن الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يخطئون ويصيبون، وليسوا معصومين أي ليسوا أنبياء حتى يقال إن الخلافة دولة إلهية، بل هي دولة بشرية يبايع فيها المسلمون خليفة لإقامة أحكام الشرع الإسلامي.

دار الاسلام
12-24-2008, 09:16 PM
شروط الخليفة (http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
يجب أن تتوفر في الخليفة سبعة شروط حتى يكون أهلاً للخـلافة، وحتى تنعقد البيعة له بالخـلافة. وهذه الشروط السبعة شروط انعقاد، إذا نقص شرط منها لم تنعقد الخـلافة.

شروط الانعقاد وهي:

أولاً: أن يكون مسلماً. فلا تصح الخـلافة لكافر مطلقاً، ولا تجب طـاعته؛ لأن الله تعـالى يقــول: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}[141:004]. والحكم هو أقوى سبيل للحاكم على المحكوم، والتعبير بلن المفيدة للتأبيد قرينة للنهي الجازم عن أن يتولى الكافر أي حكم مطلقاً على المسلمين، سواء أكان الخـلافة أم دونها. وبما أنّ الله قد حرَّم أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل؛ فإنه يحرُم على المسلمين أن يجعلوا الكافر حاكماً عليهم.
وأيضاً فإن الخليفة هو وليّ الأمر، والله سبحانه وتعالى قد اشترط أن يكون وليّ أمر المسلمين مسلماً. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ }[059:004] وقال:{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ}[083:004] ولم ترد في القرآن كلمة (أولي الأمر) إلا مقرونة بأن يكونوا من المسلمين، فدلّ على أن وليّ الأمر يشترط فيه أن يكون مسلماً. ولما كان الخليفة هو ولي الأمر، وهو الذي يُعيّن أولي الأمر من المعاونين والولاة والعمال، فإنه يشترط فيه أن يكون مسلماً.

ثانياً: أن يكون ذكراً. فلا يجوز أن يكون الخليفة أنثى، أي لا بد أن يكون رجلاً، فلا يصح أن يكون امرأة. لما روى البخاري عن أبي بَكْرَة قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولّوْا أمرهم امرأة». فإخبار الرسول بنفي الفلاح عمن يولون أمرهم امرأة هو نهي عن توليتها، إذ هو من صيغ الطلب، وكون هذا الإخبار جاء إخباراً بالذم لمن يولون أمرهم امرأة بنفي الفلاح عنهم، فإنه يكون قرينة على النهي الجازم، فيكون النهي هنا عن تولية المرأة قد جاء مقروناً بقرينة تدل على طلب الترك طلباً جازماً، فكانت تولية المرأة حراماً. والمراد توليتها الحكم: الخـلافة وما دونها من المناصب التي تعتبر من الحكم؛ لأن موضوع الحديث ولاية بنت كسرى مُلكاً، فهو خاص بموضوع الحكم الذي جرى عليه الحديث، وليس خاصاً بحادثة ولاية بنت كسرى وحدها، كما أنه ليس عاماً في كل شيء، فلا يشمل غير موضوع الحكم، فهو لا يشمل القضاء، ولا مجلس الشورى والمحاسبة، ولا انتخاب الحاكم، بل كل هذا يجوز لها على الوجه المبين لاحقاً.

ثالثاً: أن يكون بالغاً. فلا يجوز أن يكون صبياً، لما روى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ». وله رواية أخرى بلفظ: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم»، ومن رفع القلم عنه لا يصح أن يتصرف في أمره، وهو غير مكلف شرعاً، فلا يصح أن يكون خليفة، أو ما دون ذلك من الحكم، لأنه لا يملك التصرفات. والدليل أيضاً على عدم جواز كون الخليفة صبياً ما روى البخاري: «عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمـه زينب بنت حميد إلى رسـول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسـول الله، بايعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو صغير. فمسح رأسه ودعا له...». فإذا كانت بيعة الصبي غير معتبرة، وأنه ليس عليه أن يبايع غيره خليفة، فمن باب أولى أنه لا يجوز أن يكون خليفة.

رابعاً: أن يكون عاقلاً. فلا يصح أن يكون مجنوناً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُفع القلم عن ثلاثة»، وذكر منها: «المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق». ومن رُفع عنه القلم فهو غير مكلف؛ لأن العقل مناط التكليف، وشرط لصحة التصرفات. والخليفة إنما يقوم بتصرفات الحكم، وبتنفيذ التكاليف الشرعية، فلا يصح أن يكون مجنوناً؛ لأن المجنون لا يصح أن يتصرف في أمر نفسه، ومن باب أولى لا يصح أن يتصرف في أمور الناس.

خامساً: أن يكون عدلاً. فلا يصح أن يكون فاسقاً. والعدالة شرط لازم لانعقاد الخـلافة ولاستمرارها؛ لأن الله تعالى اشترط في الشاهد أن يكون عدلاً. قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}[002:064] فالذي هو أعظم من الشاهد، وهو الخليفة، من باب أولى أنه يلزم أن يكون عدلاً؛ لأنه إذا شرطت العدالة للشاهد، فشرطها للخليفة من باب أولى.

سادساً: أن يكون حراً. لأن العبد مملوك لسيده فلا يملك التصرف بنفسـه. ومن باب أولى أن لا يملك التصـرف بغيره، فلا يملك الولاية على الناس.

سابعاً: أن يكون قادراً. من أهل الكفاية على القيام بأعباء الخـلافة؛ لأن ذلك من مقتضى البيعة، إذ إن العاجز لا يقدر على القيام بشؤون الرعية بالكتاب والسنة اللذين بويع عليهما. ولمحكمة المظالم تقرير (صنوف العجز) التي يجب أن لا تكون في الخليفة لكي يكون قادراً من أهل الكفاية.



شروط الأفضلية

هذه هي شروط انعقاد الخـلافة للخليفة، وما عدا هذه الشروط السبعة لا يصلح أيُ شرط لأن يكون شرط انعقاد، وإن كان يمكن أن يكون شرط أفضلية إذا صحت النصوص فيه، أو كان مندرجاً تحت حكم ثبت بنص صحيح؛ وذلك لأنه يلزم في الشرط، حتى يكون شرط انعقاد، أن يأتي الدليل على اشتراطه متضمناً طلباً جازماً حتى يكون قرينة على اللزوم. فإذا لم يكن الدليل متضمناً طلباً جازماً كان الشرط شرط أفضلية، لا شرط انعقاد، ولم يرد دليل فيه طلب جازم إلا هذه الشروط السبعة؛ ولذلك كانت وحدها شروط انعقاد. أما ما عداها مما صح فيه الدليل فهو شرط أفضلية فقط، كأن يكون قرشياً، أو مجتهداً، أو ماهراً في استعمال السلاح، أو نحو ذلك مما ورد فيه دليل غير جازم.

دار الاسلام
12-24-2008, 09:19 PM
وحدة الخلافة
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
يجب أن يكون المسلمون جميعاً في دولة واحدة، وأن يكون لهم خليفة واحد لا غير، ويحرم شرعاً أن يكون للمسلمين في العالم أكثر من دولة واحدة، وأكثر من خليفة واحد.

كما يجب أن يكون نظام الحكم في دولة الخـلافة نظام وحدة، ويحرم أن يكون نظاماً اتحادياً؛ وذلك لما روى مسلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ومَنْ بايع إماماً، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر». ولما روى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أتاكم وأمرُكُم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشقّ عصاكم، أو يُفرّق جماعتكم، فاقتلوه». ولما روى مسلم عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». ولما روى مسلم أن أبا حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم».
فالحديث الأول يبيّن أنه في حالة إعطاء الإمامة، أي الخـلافة، لواحد، وجبت طاعته، فإن جاء شخص آخر ينازعه الخـلافة، وجب قتاله وقتله إن لم يرجع عن هذه المنازعة.

والحديث الثاني يبين أنه عندما يكون المسلمون جماعة واحدة، تحت إمرة خليفة واحد، وجاء شخص يشق وحدة المسلمين، ويفرق جماعتهم وجب قتله. والحديثان يدلان بمفهومهما على منع تجزئة الدولة، والحث على عدم السماح بتقسيمها، ومنع الانفصال عنها، ولو بقوة السيف.

والحديث الثالث يَدلّ على أنه في حالة خلوّ الدولة من الخليفة - بموته أو عزله أو اعتزاله- ومبايعة شخصين للخلافة، يجب قتل الآخر منهما، أي يكون الخليفة هـو الذي بويع بيعةً صحيحةً أولاً، ويُقتل الذي بويع بعد ذلك إن لَم يعلن تركه للخـلافة، ومن باب أولى إذا أعطيت لأكثر من اثنين. وهذا كناية عن منع تقسـيم الدولة، ويعني تحريم جعل الدولة دولاً، بل يجب أن تبقى دولة واحدة.

والحديث الرابع يدل على أن الخلفاء سيكثرون بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الصحابة، رضوان الله عليهم، سألوه بماذا يأمرهم عندما يكثر الخلفاء، فأجابهم بأنه يجب عليهم أن يفوا للخليفة الذي بايعوه أولاً؛ لأنه هو الخليفة الشرعي، وهو وحده الذي له الطاعة، وأما الآخرون فلا طاعة لهم؛ لأن بيعتهم باطلة، وغير شرعية؛ لأنه لا يجوز أن يُبايَع لخليفةٍ آخر مع وجود خليفة للمسلمين. وهذا الحديث كذلك يدل على وجوب أن تكون الطاعة لخليفة واحد، وبالتالي يدل على أنه لا يجوز أن يكون للمسلمين أكثر من خليفة، وأكثر من دولة واحدة.

أبو عقاب الشامي
12-25-2008, 09:40 AM
تابع اخي الكريم معلومات يجب ان تعرفها الامة في الوقت الحالي

فخر الدين الرازي
12-25-2008, 09:50 AM
الخليفة عليه ان يكون عالما يصلح للقضاء , وان يكون عالما بامور الحكم والسياسة, وان يكون قرشيا لقوله صلى الله عليه وسلم : الائمة من قريش.
راجع تمهيد الاوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني.

دار الاسلام
12-25-2008, 04:36 PM
طريقة نصب الخليفة
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
حين أوجب الشرع على الأُمة نصب خليفة عليها، حدد لها الطريقة التي يجري بها نصب الخليفة، وهذه الطريقة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة. وتلك الطريقة هي البيعة. فيجري نصب الخليفة ببيعة المسلمين له على العمل بكتاب الله وسنة رسوله. والمقصود بالمسلمين هم الرعايا المسلمون للخليفة السابق إن كانت الخـلافة قائمةً، أو مسلمو أهل القطر الذي تقام الخـلافة فيه إن لَم تكن الخـلافة قائمةً.

أما كون هذه الطريقة هي البيعة فهي ثابتة من بيعة المسلمين للرسول، ومن أمر الرسول لنا ببيعة الإمام. أما بيعة المسلمين للرسول، فإنها ليست بيعة على النبوة، وإنما هي بيعة على الحكم، إذ هي بيعة على العمل، وليست بيعة على التصديق. فبُويع صلى الله عليه وسلم على اعتباره حاكماً، لا على اعتباره نبياً ورسولاً؛ لأن الإقرار بالنبوة والرسالة إيمان وليس بيعة، فلم تبق إلا أن تكون البيعة له باعتباره رئيس الدولة. وقد وردت البيـعـة في القرآن والحديث.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ}[012:060]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}[010:048]. وروى البخاري قال: حدثنا إسماعيل، حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عُبادة ابن الوليد، أخبرني أبي عن عُبادة بن الصامت قال: «بايعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم».

وفي مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «… ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر».
وفي مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». وروى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». فالنصوص صريحة من الكتاب والسنة بأن طريقة نصب الخليفة هي البيعة. وقد فَهِم ذلك جميع الصحابة، وساروا عليه، وبيعة الخلفاء الراشدين واضحة في ذلك.

دار الاسلام
12-25-2008, 04:45 PM
إذا لم يكن هنالك خليفة
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
إذا لم يكن هنالك خليفة مطلقاً، وأصبح فرضاً على المسلمين أن يقيموا خليفة لهم؛ لتنفيذ أحكام الشرع، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، كما هي الحال منذ زوال الخـلافة الإسلامية في اسطنبول، بتاريخ الثامن والعشرين من رجب 1342هـ، الموافق 3 آذار 1924م، فإن كل قطر من الأقطار الإسلامية الموجودة في العالم الإسلامي أهل لأن يُبايع خليفة، وتنعقد به الخـلافة، فإذا بايع قطر ما من هذه الأقطار الإسلامية خليفة، وانعقدت الخـلافة له، فإنه يصبح فرضاً على المسلمين في الأقطار الأخرى أن يبايعوه بيعة طاعة، أي بيعة انقياد، بعد أن انعقدت الخـلافة له ببيعة أهل قطره، على شرط أن تتوفر في هذا القطر أربعة أمور:
أحدها: أن يكون سلطان ذلك القطر سلطاناً ذاتياً، يستند إلى المسلمين وحدهم، لا إلى دولة كافرة، أو نفوذ كافر.
ثانيها: أن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر بأمان الإسلام، لا بأمان الكفر، أي أن تكون حمايته من الداخل والخارج حماية إسلام، من قوة المسلمين، باعتبارها قوة إسلامية بحتة.
ثالثها: أن يبدأ حالاً بمباشرة تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً، وأن يكون متلبساً بحمل الدعوة الإسلامية.
رابعها: أن يكون الخليفة المُبايَع مستكملاً شروط انعقاد الخـلافة، وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية؛ لأن العبرة بشروط الانعقاد.
فإذا استوفى ذلك القطر هذه الأمور الأربعة، فقد وجدت الخـلافة بمبايعة ذلك القطر وحده، وانعقدت به وحده، وأصبح الخليفة الذي بايعوه انعقاداً على الوجه الصحيح هو الخليفة الشرعي، ولا تصح بيعة لسواه.
فأي قطر آخر يبايِع خليفةً آخر بعد ذلك، تكون بيعتُه باطلةً ولا تصح؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «… فوا ببيعة الأول فالأول»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من بايع إماماً، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإذا جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر».

دار الاسلام
12-25-2008, 04:47 PM
المدة التي يمهل فيها المسلمون لإقامة خليفة (http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
المدة التي يمهل فيها المسلمون لإقامة خليفة هي ثلاثة أيام بلياليها، فلا يَحِلّ لمسلم أن يبيت ثلاث ليال وليس في عنقه بيعة. أما تحديد أعلى الحد بثلاث ليال، فلأن نصب الخليفة فرض منذ اللحظة التي يتوفى فيها الخليفة السابق أو يعزل، ولكن يجوز تأخير النصب مع الاشتغال به مدة ثلاثة أيام بلياليها، فإذا زاد على ثلاث ليال، ولم يقيموا خليفة، يُنظَر، فإن كان المسلمون مشغولين بـإقامة خليفة، ولم يستطيعوا إنجاز إقامته خلال ثلاث ليال، لأمور قاهرة لا قبل لهم بدفعها، فإنه يسقط الإثم عنهم؛ لانشغالهم بـإقامة الفرض، ولاستكراههم على التأخير بما قهرهم عليه. روى ابن حبان وابن ماجة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استُكْرِهوا عليه». وإن لم يكونوا مشغولين بذلك فإنهم يأثمون جميعاً حتى يقوم الخليفة، وحينئذٍ يسقط الفرض عنهم. أما الإثم الذي ارتكبوه في قعودهم عن إقامة خليفة فإنه لا يسقط عنهم، بل يبقى عليهم يحاسبهم الله عليه، كمحاسبته على أية معصية يرتكبها المسلم، في ترك القيام بالفرض.

أما دليل وجوب مباشرة الاشتغال في بيعة الخليفة لمجرد خلو منصب الخـلافة، فهو أن الصحابة قد باشروا ذلك في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، في اليوم نفسه، وقبل دفنه صلى الله عليه وسلم ، وقد تمت بيعة أبي بكر بيعة انعقاد في اليوم نفسه، ثم في اليوم الثاني جمعوا الناس في المسجد لبيعة أبي بكر بيعة الطاعة.

أما كون أقصى مدة يمهل فيها المسلمون لنصب الخليفة ثلاثة أيام بلياليها؛ فذلك لأن عمر عهد لأهل الشورى عند ظهور تحقق وفاته من الطعنة، وحدّد لهم ثلاثة أيام، ثم أوصى أنه إذا لم يُتفق على الخليفة في ثلاثة أيام، فليقتل المخالف بعد الأيام الثلاثة، ووكّل خمسين رجلاً من المسلمين بتنفيذ ذلك، أي بقتل المخالف، مع أنهم مِنْ أهل الشورى، ومِنْ كبار الصحابة، وكان ذلك على مرأى ومسمع من الصحابة، ولم يُنقَل عنهم مُخالف، أو مُنكِر لذلك، فكان إجماعاً من الصحابة على أنه لا يجوز أن يخلوَ المسلمون من خليفة أكثر من ثلاثة أيام بلياليها، وإجماع الصحابة دليل شرعي كالكتاب والسنة.
أ
خرج البخاري من طريق المِسْوَر بن مخرمة قال: «طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكثير نوم» أي ثلاث ليال. فلما صلى الناس الصبح تمت بيعة عثمان.

ولذلك، فإن على المسلمين عند شغور مركز الخليفة، أن ينشغلوا في بيعة الخليفة التالي وينجزوها خلال ثلاثة أيام، أما إذا لَم ينشغلوا ببيعة الخليفة بل قضي على الخـلافة وقعدوا عنها، فهم آثمون منذ القضاء عليها وقعودِهم عنها، كما هو حادث اليوم، فالمسلمون آثمون لعدم إقامتهم الخلافة منذ إلغاء الخلافة في 28 رجب 1342هـ، إلى أن يقيموها، ولا يبرأ من الإثم إلا من تلبس بالعمل الجاد لها مع جماعة مخلصة صادقة؛ فبذلك ينجو من الإثم، وهو إثم عظيم كما بيّنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «… ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» للدلالة على عظم الإثم.

دار الاسلام
12-25-2008, 05:42 PM
الإجراءات العملية لتنصيب الخليفة وبيعته
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9/#titl)
إن الإجراءات العملية، التي تتم بها عملية تنصيب الخليفة، قبل أن يُبايَع، يجوز أن تأخذ أشكالاً مختلفة، كما حصل مع الخلفاء الراشدين، الذين جاءوا عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، وهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، رضوان الله عليهم، وقد سكت عنها جميع الصحابة، وأقروها، مع أنها مما ينكر لو كانت مخالفة للشرع؛ لأنها تتعلق بأهم شيء يتوقف عليه كيان المسلمين، وبقاء الحكم بالإسلام. ومن تَتَبُّع ما حصل في نصب هؤلاء الخلفاء، نجد أن بعض المسلمين قد تناقشوا في سقيفة بني ساعدة، وكان المرشحون سعداً، وأبا عبيدة، وعمر، وأبا بكر، إلا أن عمر وأبا عبيدة لَم يرضيا أن يكونا منافسين لأبي بكر، فَكَأَنَّ الأمر كان بين أبي بكر وسعد بن عبادة ليس غير، وبنتيجة المناقشة بُويِع أبو بكر. ثم في اليوم الثاني دعي المسلمون إلى المسجد فبايعوه، فكانت بيعة السقيفة بيعة انعقاد، صار بها خليفة للمسلمين، وكانت بيعة المسجد في اليوم الثاني بيعة طاعة. وحين أحس أبو بكر بأن مرضه مرض موت، وبخاصة وأن جيوش المسلمين كانت في قتال مع الدول الكبرى آنذاك الفرس والروم، دعا المسلمين يستشيرهم فيمن يكون خليفة للمسلمين، ومكث مدة ثلاثة أشهر في هذه الاستشارات. ولما أتمها وعرف رأي أكثر المسلمين، عهد لهم، أي (رشَّح) بلغة اليوم، ليكون عمر الخليفة بعده، ولم يكن هذا العهد أو الترشيح عقداً لعمر بالخلافة من بعده؛ لأن المسلمين بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه حضروا إلى المسجد، وبايعوا عمر بالخـلافة، فصار بهذه البيعة خليفة للمسلمين، وليس بالاستشارات، ولا بـعهد أبي بكر؛ لأن ترشيحه من أبي بكر لو كان عقداً للخلافة لعمر لما احتاج إلى بيعة المسلمين، هذا فضلاً عن النصوص التي ذكرناها سابقاً التي تدل صراحة على أنه لا يصبح أحد خليفة إلا بالبيعة من المسلمين. وحين طُعن عمر، طلب منه المسلمون أن يستخلف فأبى، فألحوا عليه فجعلها في ستة، أي (رشَّح) لهم ستة، ثم عيّن صهيباً ليصلي بالناس، وليقوم على من رشحهم عمر حتى يختاروا من بينهم الخليفة خلال الأيام الثلاثة التي عينها لهم، وقد قال لصهيب: «… فإن اجتمع خمسة، ورضوا رجلاً، وأبى واحد، فاشدخ رأسه بالسيف...» كما نقل ذلك الطبري في تاريخه، وابن قتيبة صاحب كتاب الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء، وابن سعد في الطبقات الكبرى ثم عيّن أبا طلحة الأنصاري مع خمسين رجلاً لحراستهم، وكلَّف المقداد بن الأسود أن يختار للمرشحين مكان اجتماعهم، ثم بعد وفاته رضي الله عنه، وبعد أن استقر المجلس بالمرشحين، قال عبد الرحمن بن عوف: أيكم يخرج منه نفسه ويتقلدها على أن يوليها أفضلكم فسكت الجميع، فقال عبد الرحمن أنا أخلع نفسي ثم أخذ يستشيرهم واحداً واحداً يسألهم أنه لو صرف النظر عنه من كان يرى فيهم أحق بها، فكان جوابهم محصوراً في اثنين: علي وعثمان. بعد ذلك رجع عبد الرحمن لرأي المسلمين يسألهم أي الاثنين يريدون: يسأل الرجال والنساء، يستطلع رأي الناس، ولَم يكن رضي الله عنه يعمل في النهار فحسب بل في الليل كذلك. أخرج البخاري من طريق المِسْوَر بن مخرمة قال: (طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكثير نوم) أي ثلاث ليال. فلما صلى الناس الصبح تمت بيعة عثمان. فصار خليفة ببيعة المسلمين، لا بجعلها عمر في ستة. ثم قُتل عثمان، فبايع جمهرةُ المسلمين في المدينة والكوفة عليّ بن أبي طالب، فصار خليفة ببيعة المسلمين.

وبالتدقيق في كيفية مبايعتهم، رضوان الله عليهم، يتبين أن المرشَّحين للخـلافة كانوا يُعلَنون للناس، وأن شروط الانعقاد تتوفر في كلٍّ منهم، ثم يؤخذ رأي أهل الحل والعقد من المسلمين، الممثلين للأمة، وكان الممثِّلون معروفين في عصر الخلفاء الراشدين، حيث هم كانوا الصحابة، رضوان الله عليهم، أو أهل المدينة. ومَنْ كان الصحابة أو أكثريتهم يريدونه بويع بيعة الانعقاد، وأصبح الخليفة، ووجبت له الطاعة، فيبايعه المسلمون بيعة الطاعة. وهكذا يوجد الخليفة، ويصبح نائباً عن الأمة في الحكم والسلطان.

هذا ما يفهم مما حصل في بيعة الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم، وهناك أمران آخران يفهمان من ترشيح عمر للستة وإجراءات بيعة عثمان رضي الله عنه، وهما: وجود الأمير المؤقت الذي يتولى فترة تنصيب الخليفة الجديد، وحصر المرشحين بستة كحدٍ أقصى.

دار الاسلام
12-26-2008, 11:38 PM
الأمير المؤقت (http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
للخليفة، عندما يشعر بدنو أجله قبيل خلو منصب الخلافة بفترة مناسبة، أن يعيِّن أميراً مؤقتاً لتولي أمر المسلمين خلال فترة إجراءات تنصيب الخليفة الجديد، ويباشر عمله بعد وفاة الخليفة، ويكون عمله الأساس هو الفراغ من تنصيب الخليفة الجديد خلال ثلاثة أيام.

ولا يجوز للأمير المؤقت أن يتبنى الأحكام؛ لأن هذه من صلاحية الخليفة الذي تبايعه الأمة. وكذلك ليس له أن يترشح للخلافة أو يسند المرشحين؛ لأن عمر رضي الله عنه عيّنه من غير من رشحهم للخلافة.
وتنتهي ولاية هذا الأمير بتنصيب الخليفة الجديد؛ لأن مهمته مؤقتة بهذه المهمة.

والدليل على أن صهيباً كان أميراً مؤقتاً عيَّنه عمر رضي الله عنه هو:
قول عمر رضي الله عنه للمرشحين الستة «وليصلِّ بكم صهيب هذه الأيام الثلاثة التي تتشاورون فيها» ثم قال لصهيب: «صل بالناس ثلاثة أيام، إلى أن قال: فإن اجتمع خمسة، ورضوا رجلاً، وأبى واحد، فاشدخ رأسه بالسيف...» وهذا يعني أن صهيباً عيِّن أميراً عليهم، فهو قد عين أميراً للصلاة، وإمارة الصلاة كانت تعني إمارة الناس، ولأنه أعطي صلاحية العقوبة (فاشدخ رأسه)، ولا يقوم بالقتل إلا الأمير.

وقد تم هذا الأمر على ملأ من الصحابة دون منكر؛ فكان إجماعاً بأن للخليفة أن يعين أميراً مؤقتاً يتولى إجراءات تنصيب الخليفة الجديد. كما أنه يجوز بناءً على هذا أن يتبنى الخليفة مادة خلال حياته، تنص على أن الخليفة، إذا توفي ولم يعين أميراً مؤقتاً لإجراءات تنصيب الخليفة الجديد، أن يكون أحد الأشخاص أميراً مؤقتاً.

ونحن نتبنى هنا أن يكون الأمير المؤقت، إن لم يعينه الخليفة في مرض موته، يكون أكبر المعاونين سناً، إلا إذا ترشح فيكون التالي له عُمْراً من المعاونين، وهكذا، ثم يتلوهم وزراء التنفيذ بالكيفية السابقة.
وينطـبـق هـذا في حـالـة عزل الخليفة، فإنَّ الأمير المؤقت يكون أكبر المعاونين سناً إن لم يترشح، فإن ترشح فمن يليه إلى أن يفرغوا، ثم أكبر وزراء التنفيذ سناً، وهكذا. فإن أرادوا الترشيح كلهم فيلزم الأصغر من وزراء التنفيذ بالإمارة المؤقتة.

وينطبق هذا كذلك في حالة وقوع الخليفة في الأسر مع بعض التفاصيل المتعلقة بصلاحيات الأمير المؤقت عند كون الخليفة مأمول الخلاص وعند كونه غير مأمول الخلاص. وسينظم هذه الصلاحيات قانون يصدر في حينه.
وهذا الأمير يختلف عن من ينيبه الخليفة مكانه عند خروجه للجهاد أو في سفر، كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يخرج للجهاد، أو عند حجة الوداع، أو نحو ذلك، فإن من ينيبه في هذه الحالة يكون بالصلاحيات التي يحددها الخليفة له في رعاية الشؤون التي تقتضيها تلك الإنابة.

دار الاسلام
12-26-2008, 11:46 PM
حصر المرشحين
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
من تتبع كيفية تنصيب الخلفاء الراشدين، يتبين أن هناك حصراً للمرشحين كان يتم، ففي سقيفة بني ساعدة كان المرشحون أبا بكر، وعمر، وأبا عبيدة، وسعد بن عبادة، واكتفي بهم، لكن عمر وأبا عبيدة لَم يكونا يعدلان بأبي بكر فلم ينافساه عليها، وأصبح الترشيح عملياً بين أبي بكر وسعد بن عبادة، ثم انتخب أهل الحل والعقد في السقيفة أبا بكر خليفةً وبايعوه بيعة الانعقاد، ثم في اليوم التالي بايع المسلمون أبا بكر في المسجد بيعة الطاعة.

ورشح أبو بكر للمسلمين عمر خليفةً ولَم يكن معه مرشح آخر، ثم بايعه المسلمون بيعة الانعقاد ثم بيعة الطاعة.
ورشح عمر للمسلمين ستةً وحصرها فيهم ينتخبون من بينهم خليفةً، ثم ناقش عبد الرحمن بن عوف الخمسة الباقين وحصرهم في اثنين: علي وعثمان، بعد أن وكله الباقون. وبعد ذلك استطلع رأي الناس واستقر الرأي على عثمان خليفةً.

وأما علي رضي الله عنه فلم يكن معه مرشح آخر للخـلافة فبايعته جمهرة المسلمين في المدينة والكوفة وصار الخليفة الرابع.

ولأن بيعة عثمان رضي الله عنه قد تحقق فيها: أقصى المدة المسموح بها لانتخاب الخليفة أي ثلاثة أيام بلياليها، وكذلك حصر المرشحين بستة، ثم من بعدُ باثنين، فإننا سنذكر كيفية حدوثها بشيء من التفصيل لفائدتها فيما نحن بصدده:
1 - توفي عمر رضي الله عنه يوم الأحد صباحاً مستهل المحرم سنة 24 هجرية على أثر طعنته من أبي لؤلؤة لعنه الله، حيث كان عمر رضي الله عنه قائماً يصلي في المحراب فجر الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة 23 هجرية. وقد صلى عليه صهيب رضي الله عنه وفق ما أوصى به عمر رضي الله عنه.
2 - فلما فرغ من شأن عمر، جمع المقداد أهل الشورى الستة الذين أوصى لهم عمر في أحد البيوت، وقام أبو طلحة بحجبهم، فجلسوا يتشاورون، ثم وكلوا عبد الرحمن بن عوف أن يختار منهم خليفةً وهم راضون.
3 - بدأ عبد الرحمن نقاشهم وسؤال كل منهم: إن لَم يكن هو الخليفة فمن يرى الخليفة من الباقين؟ وكان جوابهم لا يعدو علياً وعثمان. وبالتالي حصر عبد الرحمن الأمر باثنين من ستة.
4 - بعد ذلك أخذ عبد الرحمن يستشير الناس كما هو معروف.
5 - في ليلة الأربـعـاء أي ليلة اليوم الثالث بعد يوم وفاة عمر رضي الله عنه (الأحد)، ذهب عبد الرحمن إلى دار ابن أخته المسور بن مخرمة، وهنا أنقل من البداية والنهاية لابن كثير:
(فلما كانت الليلة التي يسفر صباحها عن اليوم الرابع من موت عمر، جاء إلى منـزل ابن أخته المسور بن مخرمة فقال: أنائم يا مسور؟ والله لَم أغتمض بكثير نوم منذ ثلاث...) أي الليالي الثلاث بعد وفاة عمر الأحد صباحاً، أي ليلة الاثنين، وليلة الثلاثاء، وليلة الأربعاء، إلى أن قال (إذهب فادع إليَّ علياً وعثمان… ثم خرج بهما إلى المسجد… ونودي في الناس عامةً: الصلاة جامعة...) وكان ذلك فجر الأربعاء، ثم أخذ بيد علي، رضي الله عنه وكرم الله وجهه، وسأله عن المبايعة على كتاب الله وسنة رسوله وفعل أبي بكر وعمر، فأجابه علي رضي الله عنه الجواب المعروف: على الكتاب والسنة نعم، أما فعل أبي بكر وعمر فإنه يجتهد رأيه، فأرسل يده، ثم أخذ بيد عثمان وسأله السؤال نفسه فقال: اللهم نعم، وتمت البيعة لعثمان رضي الله عنه.

وصلى صهيب بالناس الصبح وصلى الظهر من ذلك اليوم، ثم صلى عثمان رضي الله عنه بالناس العصر خليفةً للمسلمين. أي أنه على الرغم من بدء بيعة الانعقاد لعثمان رضي الله عنه عند صلاة الصبح، إلا أن إمرة صهيب لَم تنتهِ إلا بعد بيعة أهل الحل والعقد في المدينة لعثمان، وقد اكتملت قبيل العصر حيث كان الصحابة يتداعون لبيعة عثمان إلى ما بعد منتصف ذلك النهار وقبيل العصر، وقد اكتمل الأمر قبيل العصر، فانتهت إمرة صهيب وصلى عثمان بالناس العصر خليفةً لهم.

ويفسر صاحب البداية والنهاية لماذا صلى صهيب بالناس الظهر علماً بان أمر البيعة لعثمان قد تم عند الفجر فيقول: (… بايعه الناس في المسجد، ثم ذُهِبَ به إلى دار الشورى «أي البيت الذي اجتمع فيه أهل الشورى» فبايعه بقية الناس، وكأنه لَم يُتم البيعة إلا بعد الظهر، وصلى صهيب يومئذٍ الظهر في المسجد النبوي، وكان أول صلاة صلاها الخليفة أمير المؤمنين عثمان بالمسلمين هي صلاة العصر...)
(هناك اختلاف حول يوم طعن عمر ووفاته وبيعة عثمان ... ولكننا ذكرنا الراجح منها).

وعليه فإن الأمور التالية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند الترشيح للخـلافة بعد شغورها (بالوفاة أو العزل ...) وهي:
1 - العمل في موضوع الترشيح يكون في الليل والنهار طيلة أيام المهلة.
2 - حصْر المرشحين من حيث توفر شروط الانعقاد، وهذه تقوم بها محكمة المظالم.
3 - حصْر المرشحين المؤهلين مرتين: الأولى بستة، والثانية باثنين، والذي يقوم بهاتين هو مجلس الأمة باعتباره ممثلاً للأمة؛ لأن الأمة فوضت عمر فجعلها ستةً، والستة فوضوا من بينهم عبد الرحمن فجعلها بعد النقاش في اثنين، ومرجع كل هذا كما هو واضح هي الأمة أي ممثلوها.
4 - تنتهي صلاحية الأمير المؤقت بانتهاء إجراءات البيعة وتنصيب الخليفة وليس بإعلان نتيجة الانتخاب، فصهيب لَم تنتهِ إمرته بانتخاب عثمان بل بانتهاء بيعته.

دار الاسلام
12-26-2008, 11:49 PM
عـزل الخليفـة
(http://khilafah.net/main/index.php/ajhisa/alkhalifah/C9#titl)
إذا فقد الخليفة أي شرط من شروط الانعقاد السبعة، فإنه لا يجوز له شرعاً الاستمرار في الخـلافة، ويكون مستحق العزل.

والذي يملك قرار عزله هو فقط (محكمة المظالم). فهي التي تقرر إن كان فَقَدَ أي شرط من شروط الانعقاد أو لا. وذلك أن حدوث أي أمر من الأمور التي يُعزل فيها الخليفة، والتي يستحق فيها العزل، مَظْلـِمَة من المظالم، فلا بد من إزالتها، وهي كذلك أمر مِن الأمور التي تحتاج إلى إثبات، فلا بدّ مِن إثباتها أمام قاضٍ. وبما أن محكمة المظالم هي التي تحكم بـإزالة المظالم، وقاضيها هو صاحب الصلاحية في إثبات الـمَظْلـِمَة والحكم بها؛ لذلك كانت محكمة المظالم هي التي تقرر فقد الخليفة لشروط الانعقاد أو لا، وهي التي تقرر عزل الخليفة.

على أن الخليفة إذا فقد شرط الانعقاد فخلع نفسه، فقد انتهى الأمر، وإذا رأى المسلمون أنه يجب أن يُخلع لفقدانه أحد شروط الانعقاد، ونازعهم في ذلك، فإنه يُرجَع للفصل في ذلك إلى القضاء؛ لقوله تعالى:{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}[059:004] أي تنازعتم أنتم وأُولو الأمر، وهذا تنازع بين وليّ الأمر وبين الأُمة، ورده إلى الله والرسول هو رده إلى القضاء، أي إلى محكمة المظالم.

دار الاسلام
12-27-2008, 02:30 AM
الخليفة عليه ان يكون عالما يصلح للقضاء , وان يكون عالما بامور الحكم والسياسة, وان يكون قرشيا لقوله صلى الله عليه وسلم : الائمة من قريش.
راجع تمهيد الاوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني.
سيتم الاجابة على الاسئلة و الرد على المداخلات ...بعد الانتهاء من اكمال الموضوع ..
فبارك الله بكم ... و ندعوكم للمشاركة و تفعيل الموضوع بالنقاش !

دار الاسلام
01-28-2009, 03:53 AM
ثانياً: المعاونون (وزراء التفويض)
المعاونون هم الوزراء الذين يُعيّنهم الخليفة معه، ليعاونوه في تحمّل أعباء الخـلافة، والقيام بمسؤولياتها. فكثرة أعباء الخـلافة، وبخاصة كلما كبرت وتوسعت دولة الخـلافة، ينوء الخليفة بحملها وحده، فيحتاج إلى مَن يعاونه في حملها، والقيام بمسؤولياتها.
ولا يصح تسميتهم (وزراء) دون تقييد، حتى لا يلتبس مدلول الوزير في الإسلام مع مدلول الوزير في الأنظمة الوضعية الحالية على الأساس الديمقراطي الرأسمالي العلماني، أو غيره من الأنظمة التي نشهدها في العصر الحاضر.
ووزير التفويض، أو معاون التفويض، هو الوزير الذي يعينه الخليفة ليتحمل معه مسؤولية الحكم والسلطان، فيفوض إليه تدبير الأمور برأيه، وإمضاءها حسب اجتهاده وفق أحكام الشرع، فيقلده الخليفة عموم النظر والنيابة.
أخرج الحاكم والترمذي عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وزيراي من السماء جبريل وميكائيل، ومن الأرض أبو بكر وعمر»، وكلمة الوزير في الحديث تعني الـمُـعين والمساعد، الذي هو المعنى اللغوي، وقد استعمل القرآن الكريم كلمـة (وزيـر) بهـذا المعنى اللغوي، قال تعالى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي }[029:020]، أي مُعيناً ومساعداً. وكلمة (وزير) في الحديث مطلقة تشمل أي معونة، وأية مساعدة، في أي أمر من الأمور، ومنها إعانة الخليفة في مسؤولية الخـلافة وأعمالها. وحديث أبي سعيد ليس مختصاً بالمعاونة في الحكم؛ لأن جبريل وميكائيل وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء، لا علاقة لهما بمعاونته في مسؤولية الحكم وأعماله؛ لهذا فإن كلمة: «وزيراي» في الحديث لا تدل إلا على المعنى اللغوي الذي هو مُعينان لي. ويفهم من الحديث جواز تعدد المعاونين.
ومع أن أبا بكر وعمر لم يظهر عليهما القيام بأعباء الحكم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا أن جعلهما وزيرين له، يجعل لهما صلاحية معاونته في كل شيء دون تحديد، بما فيه شؤون الحكم وأعماله. وقد استوزر أبو بكر بعد أن تولى الخـلافة عمر بن الخـطاب معـاوناً له، وكانت معـاونته له ظاهرة.
وبعد أن تولى الخـلافة عمر، كان عثمان وعلي معاونين له، إلا أنه لم يكن يظهر أن أياً منهما كان يقوم بأعمال المعاونة لعمر في شؤون الحكم، وكان وضـعهما أشـبه بوضـع أبي بكر وعمر مع الرسـول صلى الله عليه وسلم . وفي أيام عثمان كان علي ومروان بـن الحكـم معـاونين لـه، إلا أن علـيـاً كان مبـتـعـداً لعدم رضاه عن بعض الأعمال، لكن مروان بن الحكم كان ظاهراً قيامه بمعاونة عثمان في أعمال الحكم.
وإذا كان معاون التفويض وزير صدق فإنه يكون ذا نفع كبير للخليفة، حيث يذكِّره بكل خير ويعينه عليه. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق، إن نسي ذكَّره، وإن ذكر أعانه. وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لَم يذكِّره، وإن ذكر لَم يعنه» رواه أحمد. وقال النووي إسناده جيد. ورواه البزار بإسناد قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
ومن دراسة عمل المعاون على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين، نجد أن المعاون يمكن أن يكلف في مسائل معينة، يكون له عموم النظر فيها، أو في كل المسائل بعموم النظر فيها. وكذلك يمكن أن يعيَّن في مكان يكون له عموم النظر فيه، أو في عدة أمكنة بعموم النظر فيها. أخرج الشيخان من طريق أبي هريرة قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة». وأخرج ابن خزيمة وابن حبان «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من عمرة الجِعرانة، بعث أبا بكر على الحج». أي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وهما وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانا يكلفان بعموم النظر في أعمال معينة وليس في كل الأعمال على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنهما معاونان (وزيران) مقلَّدان عموم النظر والنيابة كما تقتضيه وزارة التفويض. وكذلك كان علي وعثمان في عهد عمر. وحتى إنه في عهد أبي بكر حيث معاونة عمر لأبي بكر كانت ظاهرةً في عموم النظر والنيابة، لدرجة أن قال بعض الصحابة لأبي بكر لا ندري أعمر الخليفة أم أنت، ومع ذلك فقد ولّى أبو بكر عمرَ القضاء في بعض الفترات، كما أخرج البيهقي ذلك بسند قواه الحافظ.
وعليه فإنه يستفاد من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، أن المعاون يقلَّد عموم النظر والنيابة، ولكن يجوز أن يخصَّص المعاون بمكان أو عمل، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر وكما فعل أبو بكر مع عمر، كأن يولي معاوناً لمتابعة الولايات الشمالية وآخر لمتابعة الولايات الجنوبية، ويجوز أن يضع الأول موضع الثاني، والثاني موضع الأول، ويصرف هذا إلى العمل الفلاني وذاك إلى عمل آخر على الوجه الذي تقتضيه معاونة الخليفة، ولا يحتاج إلى تقليد جديد بل يصح هنا نقله من عمل لآخر؛ لأنه مقلَّد أصلاً عمومَ النظر والنيابة، فكل هذه الأعمال ضمن تقليده معاوناً.
وفي هذه يختلف المعاون عن الوالي، فالوالي مقلَّد عموم النظر في مكان فلا يُنقل إلى غيره، بل يحتاج إلى تقليد جديد؛ لأن المكان الجديد ليس داخلاً في التقليد الأول. لكن المعاون مقلَّدٌ عموم النظر والنيابة فيجوز نقله من مكان إلى مكان دون حاجة إلى تقليد جديد، حيث هو مقلَّد أصلاً عمومَ النظر والنيابة في جميع الأعمال.
مما سبق يتبين أن الخليفة يقلد معاونه النيابة عنه في كل أرجاء الدولة مع عموم النظر في كل الأعمال، ومع ذلك فله أن يكلفه بعمل معين: مثلاً هذا لولايات المشرق، وذلك لولايات المغرب وهكذا. وتظهر ضرورة ذلك في حالة كون الوزراء أكثر من واحد حتى لا تتعارض أعمالهم.
وحيث إن حاجة الخليفة، وبخاصة مع اتساع الدولة، ستكون لأكثر من وزير، وجعل عمل كل منهم في كل أرجاء الدولة سيوجِد مشاكل في قيام الوزراء بعملهم؛ لاحتمال التداخل ما دام لكل منهم (عموم النظر والنيابة)، لذلك فنحن نتبنى:
من حيث التقليد: يقلَّد المعاون عموم النظر والنيابة في كل أرجاء الدولة.
ومن حيث العمل: يكلف المعاون بعمل في جزء من الدولة أي أن الولايات تقسم بين المعاونين فيكون هذا معاون الخليفة في المشرق، وذلك معاون الخليفة في المغرب، وآخر معاوناً له في ولاية الشمال وهكذا.
ومن حيث النقل: يُنقل المعاون من مكان إلى آخر، ومن عمل إلى آخر، دون الحاجة إلى تقليد جديد، بل بتقليده الأول؛ لأن أصل تقليده معاوناً يشمل كل عمل.

جواد_الليل
01-30-2009, 06:09 PM
امركم عجب

هل يجوز ان تذهبوا الى اصحاب المجاعة في اريتيريا وتعلمونهم احكام الزكاة ؟؟

أبو عقاب الشامي
01-31-2009, 02:20 PM
امركم عجب

هل يجوز ان تذهبوا الى اصحاب المجاعة في اريتيريا وتعلمونهم احكام الزكاة ؟؟


لا بل نعلمهم كيف ان في نظام الاسلام هناك بيت مال المسلمين وهناك خليفة ملزم بتأمين معيشتهم!!

أما أجهزة الخلافة والوعي عليها من قبل الامة يفيد في أمرين:
- تذكير المسلمين بصورة الخلافة وكيف تكون واعطاء تصور واقعي لها لا ان تبقى خيال وقصص في السيرة تقرأ على المنابر.
- لكي تتحول هذه الصورة الى مفهوم عند المسلمين ولا تكون مما يجهل بعد اقامة الخلافة.