تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها



مقاوم
12-17-2008, 05:09 AM
القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
عبد الرحمن عالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده ورسوله وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فلا ريب أن سلامة العقيدة أهم الأمور، وأعظم الفرائض، ولهذا رأيت أن يكون عنوان هذه الكلمة: "القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها".

العقيدة: هي ما يعتقده الإنسان ويدين به من خير وشر، من فساد وصلاح. والمطلوب: هو التمسك بالعقيدة الصحيحة، وما يجب على العبد في ذلك؛ لأن في هذا العالم عقائد كثيرة، كلها فاسدة إلا العقيدة التي جاء بها كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهي العقيدة الإسلامية الصافية النقية من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، هذه هي العقيدة التي جاء بها كتاب الله، ودلت عليها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي الإسلام.

قال الله - تعالى -: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}[1]، وقال - عز وجل -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[2]. فالإسلام هو دين الله لا يقبل من أحد سواه، قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[3]، وهو دين الأنبياء كلهم.

فهو دين آدم أبينا - عليه الصلاة والسلام -، وهو دين الأنبياء بعده نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، وسليمان، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ودين غيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو دين نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - الذي بعثه الله به للناس عامة، قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد))[4]، وفي لفظ: ((أولاد علّات)) والمعنى: أن دين الأنبياء واحد وهو توحيد الله، والإيمان بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة دون كل ما سواه، والإيمان بالآخرة والبعث والنشور، والجنة والنار والميزان، وغير هذا من أمور الآخرة، أما الشرائع فهي مختلفة، وهذا معنى "أولاد علّات" أولاد لضرّات، كنى بهذا عن الشرائع، كما قال - سبحانه -: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[5]. إخوة الأب: أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات، هكذا الأنبياء دينهم واحد وهو توحيد الله والإخلاص له.

وهو معنى "لا إله إلا الله"، وهو إفراد الله بالعبادة، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وما يتفرع بعد ذلك من البعث والنشور، والجنة والنار، والميزان والحساب والصراط، وغير هذا.

هكذا الأنبياء دينهم واحد، كلهم جاءوا بهذا الأمر - عليهم الصلاة والسلام - ولكن الشرائع تفرقت، بمثابة الأولاد لأمهات العلات، فشريعة التوراة فيها ما ليس في شريعة الإنجيل، وفي الشرائع التي قبلها أشياء ليست فيها، وفي شريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أشياء غير ما في التوراة والإنجيل، فقد يسر الله على هذه الأمة وخفف عنها الكثير، كما قال - جل وعلا -: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[6]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((بعثت بالحنيفية السمحة))، فالله بعثه بشريعة سمحة ليس فيها آصار، وليس فيها أغلال، وليس فيها حرج، كما قال - سبحانه -: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[7]، كان أتباع الشرائع الماضية قبل شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا يتيممون عند فقد الماء، بل يؤخرون الصلوات ويجمعونها حتى يجدوا الماء، ثم يتوضئون ويصلون، وجاء في هذه الشريعة المحمدية التيمم، فمن عدم الماء أو عجز عنه تيمم بالتراب وصلى، وجاء في ذلك أنواع كثيرة من التيسير والتسهيل.

وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس عامة، إلى الجن والإنس، والعرب والعجم، وجعله الله خاتم الأنبياء. وكان من قبلنا لا يصلون إلا في بيعهم ومساجدهم ومحلات صلاتهم، أما في هذه الشريعة المحمدية فإنك تصلي حيث كنت، في أي أرض الله حضرت الصلاة صليت، في أي أرض الله من الصحاري والقفار، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))[8].

فالشريعة الإسلامية التي جاء بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - شريعة واسعة ميسرة ليس فيها حرج ولا أغلال، ومن ذلك المريض لا يلزمه الصوم، بل له أن يفطر ويقضي، والمسافر يقصر الصلاة الرباعية، ويفطر في رمضان، ويقضي الصوم، كما قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[9]، والمصلي إن عجز عن القيام صلى قاعداً، وإن عجز عن القعود صلى على جنبه، وإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقياً، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وإذا لم يجد من الأكل ما يسد رمقه من الحلال جاز له أن يأكل من الميتة ونحوها ما يسد رمقه حتى لا يموت.

فالعقيدة الإسلامية هي توحيد الله والإخلاص له - سبحانه -، والإيمان به، وبرسله، وبكتبه، وبملائكته، وباليوم الآخر من البعث والنشور، ومن الجنة والنار وغير ذلك من أمور الآخرة، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه - سبحانه - قدر الأشياء، وعلمها وأحاط بها، وكتبها عنده - سبحانه وتعالى -. ومن أركان الإسلام الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج. ومن واجباته وفرائضه الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، إلى غير ذلك.

فالإسلام: هو الاستسلام لله، والانقياد له - سبحانه - بتوحيده، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله - عليه الصلاة والسلام -، ولهذا سمي إسلاماً؛ لأن المسلم يسلم أمره لله، ويوحده - سبحانه -، ويعبده وحده دون ما سواه، وينقاد لأوامره ويدع نواهيه، ويقف عند حدوده، هكذا الإسلام.

وله أركان خمسة وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.

والشهادتان معناهما: توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأن محمداً رسوله - عليه الصلاة والسلام - إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وهاتان الشهادتان هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فلا معبود بحق إلا الله وحده، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، كما قال - عز وجل -: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[10].

وأما شهادة أن محمداً رسول الله فمعناها أن تشهد عن يقين وعلم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي المكي ثم المدني هو رسول الله حقاً، وهو أشرف عباد الله، وقرابته وأسرته هم أفضل العرب على الإطلاق، فهو خيار من خيار من خيار - عليه الصلاة والسلام -، وهو أشرف الخلق وسيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه.

فعليك أن تؤمن بأن الله بعثه للناس عامة إلى الجن والإنس، إلى الذكور والإناث، إلى العرب والعجم، إلى الأغنياء والفقراء، إلى الحاضرة والبادية، هو رسول الله إلى الجميع، من اتبعه فله الجنة، ومن خالف أمره فله النار، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) خرجه البخاري في صحيحه[11].

فهذه العقيدة الإسلامية العظيمة مضمونها توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسوله حقاً، والإيمان بجميع المرسلين، مع الإيمان بوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، هذه هي العقيدة الإسلامية المحمدية، وقد وقع من بعض الناس قوادح فيها، ونواقض تنقضها يجب أن نبينها في هذه الكلمة.

والقوادح قسمان:

(يتبع)

خفقات قلب
12-17-2008, 10:40 AM
بارك الله فيك..موضوع مهم جدا..يرجى تثبيته
خصوصا..أن قسم الفرق مترع بقوادح العقيدة
متابعة..

ايمان نور
12-20-2008, 07:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
نتابع معك أخى بارك الله فيك ورفع قدرك فى الدارين ..

مقاوم
12-20-2008, 08:15 PM
جزاكما الله خيرا على المتابعة ونفعنا وإياكم بالمضمون.

والقوادح قسمان:

قسم ينقض هذه العقيدة ويبطلها، فيكون صاحبه كافراً نعوذ بالله. وقسم ينقص هذه العقيدة ويضعفها.

فالأول: يسمى ناقضاً، وهو الذي يبطلها ويفسدها، ويكون صاحبه كافراً مرتداً عن الإسلام، وهذا النوع هو القوادح المكفرة، وهي نواقض الإسلام، وهي الموجبة للردة، هذه تسمى نواقض.

والناقض يكون قولاً، ويكون عملاً، ويكون اعتقاداً، ويكون شكاً، فقد يرتد الإنسان بقول يقوله أو بعمل يعمله، أو باعتقاد يعتقده، أو بشك يطرأ عليه، هذه الأمور الأربعة كلها يأتي منها الناقض الذي يقدح في العقيدة ويبطلها، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم وسموا بابها: "باب حكم المرتد".

فكل مذهب من مذاهب العلماء، وكل فقيه من الفقهاء ألف كتباً في الغالب عندما يذكر الحدود يذكر "باب حكم المرتد"، وهو الذي يكفر بعد الإسلام، ويسمى هذا مرتداً، يعني أنه رجع عن دين الله وارتد عنه، قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من بدل دينه فاقتلوه)) خرجه البخاري في الصحيح[12].

وفي الصحيحين[13]: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا موسى الأشعري إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل - رضي الله عنهما - فلما قدم عليه قال: أنزل وألقي له وسادة، وإذا رجل عنده موثق قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينه - دين السوء - فتهود، فقال معاذ: لا أنزل حتى يقتل قضاء الله ورسوله، فقال: انزل، قال: لا أنزل حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى - رضي الله عنه - فقتل))، فدل ذلك على أن المرتد عن الإسلام يقتل إذا لم يتب، يستتاب فإن تاب ورجع فالحمد لله، وإن لم يرجع وأصر على كفره وضلاله يقتل، ويعجل به إلى النار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بدل دينه فاقتلوه))[14].

فالنواقض التي تنقض الإسلام كثيرة منها:

الردة بالقول:
مثل سب الله، هذا قول ينقض الدين، وهكذا سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يعني اللعن والسب لله ولرسوله، أو للعيب والتنقص، مثل أن يقول: إن الله ظالم، إن الله بخيل، إن الله فقير، إن الله - جل وعلا - لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، كل هذه الأقوال وأشباهها سب وردة عن الإسلام.

فمن انتقص الله أو سبه أو عابه بشيء فهو كافر مرتد عن الإسلام - نعوذ بالله من ذلك - وهذه ردة قولية، إذا سب الله أو استهزأ به أو تنقصه أو وصفه بأمر لا يليق، كما تقول اليهود إن الله بخيل، إن الله فقير ونحن أغنياء، وهكذا لو قال إن الله لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، أو نفى صفات الله ولم يؤمن بها، فهذا يكون مرتداً بأقواله السيئة.

أو قال مثلاً: إن الله لم يوجب علينا الصلاة فهذه ردة عن الإسلام، فمن قال: إن الله لم يوجب الصلاة فقد ارتد عن الإسلام بإجماع المسلمين، إلا إذا كان جاهلاً بعيداً عن المسلمين لا يعرف فيعلم، فإن أصر كفر، وأما إذا كان بين المسلمين، ويعرف أمور الدين، ثم قال: ليست الصلاة بواجبة فهذه ردة، يستتاب منها فإن تاب وإلا قتل.

أو قال: الزكاة غير واجبة على الناس، أو قال: صوم رمضان غير واجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب على الناس، من قال هذه المقالات كفر إجماعاً، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل نعوذ بالله من ذلك، وهذه الأمور ردة قولية.

ومنها الردة بالفعل:
والردة الفعلية مثل ترك الصلاة، فكونه لا يصلي وإن قال: إنها واجبة، لكن لا يصلي هذه ردة على الأصح من أقوال العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) رواه الإمام أحمد، والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح[15]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) أخرجه مسلم في صحيحه[16].

وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالة قدره - رحمه الله -: (كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) رواه الترمذي[17] وإسناده صحيح. وهذه ردة فعلية، وهي ترك الصلاة عمداً.

ومن ذلك لو استهان بالمصحف الشريف وقعد عليه مستهيناً به، أو لطخه بالنجاسة عمداً، أو وطأه بقدمه يستهين به، فإنه يرتد بذلك عن الإسلام.

ومن الردة الفعلية كونه يطوف بالقبور يتقرب لأهلها بذلك، أو يصلي لهم أو للجن، وهذه ردة فعلية، أما دعاؤه لهم والاستعانة بهم والنذر لهم فردة قولية.

أما من طاف بالقبور يقصد بذلك عبادة الله، فهو بدعة قادحة في الدين، ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يكون ردة، إنما يكون بدعة قادحة في الدين إذا لم يقصد التقرب إليهم بذلك، وإنما فعل ذلك تقرباً إلى الله - سبحانه - جهلاً منه.

ومن الكفر الفعلي كونه يذبح لغير الله، ويتقرب لغيره - سبحانه - بالذبائح، يذبح البعير أو الشاة أو الدجاجة أو البقرة لأصحاب القبور تقرباً إليهم يعبدهم بها، أو للجن يعبدهم بها، أو للكواكب يتقرب إليها بذلك، وهذا مما أهل به لغير الله، فيكون ميتة، ويكون كفراً أكبر، نسأل الله العافية من ذلك، هذه كلها من أنواع الردة والنواقض عن الإسلام الفعلية.

ومنها: الردة بالاعتقاد:
ومن أنواع الردة العقدية التي يعتقدها بقلبه وإن لم يتكلم بها ولم يفعل، بل بقلبه يعتقد، إذا اعتقد بقلبه أن الله - جل وعلا - فقير، أو أنه بخيل، أو أنه ظالم، ولو أنه ما تكلم، ولو لم يفعل شيئاً، هذا كفر بمجرد هذه العقيدة بإجماع المسلمين. أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد بعث ولا نشور، وأن كل ما جاء في هذا ليس له حقيقة، أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد جنة أو نار، ولا حياة أخرى، إذا اعتقد ذلك بقلبه ولو لم يتكلم بشيء، هذا كفر وردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك وتكون أعماله باطلة، ويكون مصيره إلى النار بسبب هذه العقيدة.

وهكذا لو اعتقد بقلبه ولو لم يتكلم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليس بصادق، أو أنه ليس بخاتم الأنبياء وأن بعده أنبياء، أو اعتقد أن مسيلمة الكذاب نبي صادق، فإنه يكون كافراً بهذه العقيدة.

أو اعتقد بقلبه أن نوحاً أو موسى أو عيسى أو غيرهم من الأنبياء - عليهم السلام - أنهم كاذبون أو أحداً منهم هذا ردة عن الإسلام، أو اعتقد أنه لا بأس أن يدعي مع الله غيره كالأنبياء أو غيرهم من الناس، أو الشمس والكواكب أو غيرها، إذا اعتقد بقلبه ذلك صار مرتداً عن الإسلام؛ لأن الله - تعالى -يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[18]، وقال - سبحانه -: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[19]، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[20]، وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[21]، وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[22]، وقال - سبحانه -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[23]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

فمن زعم أو اعتقد أنه يجوز أن يعبد مع الله غيره من ملك، أو نبي، أو شجر، أو جن، أو غير ذلك فهو كافر، وإذا نطق وقال بلسانه ذلك صار كافراً بالقول والعقيدة جميعاً، وإن فعل ذلك ودعا غير الله واستغاث بغير الله صار كافراً بالقول والعمل والعقيدة جميعاً، نسأل الله العافية من ذلك.

ومما يدخل في هذا ما يفعله عباد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب المدد منهم، فيقول بعضهم: يا سيدي المدد المدد، يا سيدي الغوث الغوث، أنا بجوارك اشف مريضي، ورد غائبي، وأصلح قلبي، يخاطبون الأموات الذين يسمونهم الأولياء، ويسألونهم هذا السؤال، نسوا الله وأشركوا معه غيره - تعالى -الله عن ذلك - فهذا كفر قولي وعقدي وفعلي.

وبعضهم ينادي من مكان بعيد وفي أمصار متباعدة يا رسول الله انصرني ونحو هذا، وبعضهم يقول عند قبره: يا رسول الله اشف مريضي، يا رسول الله: المدد المدد، انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه، انصرنا على أعدائنا. والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، إذ لا يعلم الغيب إلا الله - سبحانه -، هذا من الشرك القولي والعملي، وإذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز وأنه لا بأس به صار شركاً قولياً وفعلياً وعقدياً نسأل الله العافية من ذلك. وهذا واقع في دول وبلدان كثيرة، وكان واقعاً في هذه البلاد، كان واقعاً في الرياض والدرعية قبل قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، فقد كانت لهم آلهة في الرياض والدرعية وغيرهما، أشجار تعبد من دون الله، وأناس يقال: إنهم من الأولياء يعبدونهم مع الله، وقبور تعبد مع الله.

(يتبع)

منال
12-28-2008, 06:10 PM
بوركت عمو مقاوم على النقل القيّم

صرخة حق
12-28-2008, 09:05 PM
مثل سب الله، هذا قول ينقض الدين، وهكذا سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يعني اللعن والسب لله ولرسوله، أو للعيب والتنقص،

إذن لا بد ألا نلام إن كفّرنا من وجدناه أعلن ذلك دون أن يتبعها بتوبة

***

جزاك الله خيرا على النقل المبارك ونتابع معكم

منال
01-03-2009, 03:27 AM
ومنها الردة بالفعل:
والردة الفعلية مثل ترك الصلاة، فكونه لا يصلي وإن قال: إنها واجبة، لكن لا يصلي هذه ردة على الأصح من أقوال العلماء

أيعني هذا أنه كافر يخرج من الملة؟
وماذا لو كان أحد المحارم عم أو خال ممن لا يحافظون على الصلاة تتحجب منهم المرأة؟
وجزاكم الله خيرا

عبد الله بوراي
01-03-2009, 03:39 AM
من القوادح أن توجد العلة واضحة و لا يوجد من يطبق الحكم . ...

عبدالله

مقاوم
01-03-2009, 02:34 PM
أيعني هذا أنه كافر يخرج من الملة؟
وماذا لو كان أحد المحارم عم أو خال ممن لا يحافظون على الصلاة تتحجب منهم المرأة؟
وجزاكم الله خيرا
الخلاف بين الأئمة في هذ المسألة معروف ومشهور وإليك التفصيل:
فقد اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جحودا لها. واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلا. فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولكن يقتل حدا ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكى عليه إسحاق الإجماع، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغيره، ومن الأدلة على ذلك ما راوه الجماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وما رواه أحمد من حديث أم أيمن مرفوعا" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" وما رواه أصحاب السنن من حديث بريدة بن الحصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. وقال الإمام محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.

وقال الإمام ابن حزم : روينا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ومعاذ بن جبل ، وابن ‏مسعود ، وجماعة من الصحابة ‏‎-‎‏ رضي الله عنهم ‏‎-‎‏ وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، ‏وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين ‏رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ‏ومرتد ، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك ، وبه يقول عبد الملك بن حبيب ‏الأندلسي وغيره . انظر ( الفصل (3/274) لابن حزم ، والمحلى (2/326) ونقله الآجري في ‏الشريعة ، وابن عبد البر في التمهيد (4/225). والله أعلم. ‏(الشبكة الإسلامية)

أما التحجب أمام المحارم الكفار فلم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. إلا أن يكون المحرم غير أمين كأن يصفها للغير أو تخشى أن يفتتن بها فتتحجب عنه والله أعلم.

منال
01-03-2009, 06:03 PM
نعم. جزاك الله خيرا عمو مقاوم، كان قد لفت نظري جملة الشيخ على الأصح من أقوال العلماء لهذا سألت. بارك الله في حضرتك

مقاوم
01-07-2009, 04:50 AM
نكمل بعون الله:

ومنها الردة بالشك:
عرضنا للردة التي تكون بالقول، والردة بالعمل، والردة بالعقيدة، أما الردة بالشك فمثل الذي يقول: أنا لا أدري هل الله حق أم لا؟ أنا شاك، هذا كافر كفر شك، أو قال: أنا لا أعلم هل البعث حق أم لا؟ أو قال: أنا لا أدري هل الجنة والنار حق أم لا؟ أنا لا أدري، أنا شاك.
فمثل هذا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافراً لشكه فيما هو معلوم من الدين بالضرورة وبالنص والإجماع.

فالذي يشك في دينه ويقول: أنا لا أدري هل الله حق؟ أو هل الرسول حق؟ وهل هو صادق أم كاذب؟ أو قال: لا أدري هل هو خاتم النبيين؟ أو قال: لا أدري مسيلمة كاذب أم لا؟ أو قال: ما أدري هل الأسود العنسي - الذي ادعى النبوة في اليمن - كاذب أم لا؟ هذه الشكوك كلها ردة عن الإسلام، يستتاب صاحبها ويبين له الحق، فإن تاب وإلا قتل. ومثل لو قال: أشك في الصلاة هل هي واجبة أم لا؟ أو الزكاة هل هي واجبة أم لا؟ وصيام رمضان هل هو واجب أم لا؟ أو شك في الحج مع الاستطاعة هل هو واجب في العمر مرة أم لا؟ فهذه الشكوك كلها كفر أكبر يستتاب صاحبها، فإن تاب وآمن وإلا قتل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من بدل دينه فاقتلوه)) رواه البخاري في الصحيح[24].

فلا بد من الإيمان بأن هذه الأمور - أعني الصلاة والزكاة والصيام والحج - كلها حق وواجب على المسلمين بشروطها الشرعية، هذا الذي تقدم هو القسم الأول من القوادح، وهو القسم الذي ينقض الإسلام ويبطله، ويكون صاحبه مرتداً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

(للحديث بقية إن كان في العمر بقية)