تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العلاقات التاريخية بين الصوفية والسلفية



أحمد الظرافي
12-02-2008, 07:04 PM
العلاقات التاريخية بين الصوفية والسلفية
بقلم: أحمد الظرافي

رواد التصوف الأوائل وموقف الإمام أحمد منهم
يعتبر القرن الثالث الهجري هو القرن الذهبي لازدهار التصوف ونشأته، ففيه ظهر الجيل الأول من كبار مشائخ الصوفية المرجوع إليهم، من أمثال الحارث بن أسد المحاسبي، وذي النون المصري، وأبي سليمان الداراني، وأبي جعفر الطوسي، وأبي يزيد البسطامي، وإسحاق بن هاني النيسابوري، وإسماعيل بن إسحاق السراج، وبدر بن المنذر، وبشر بن الحارث الحافي، وحاتم الأصم، وحمدان، وسهل التستري، ومحمد بن الحسين البرجلاني الواسطي، ومعروف الكرخي، ويحيى بن معاذ ويوسف بن الحسين الرازيين، وغيرهم من كبار رواد التصوف الأوائل الذين سلكوا النهج الفلسفي في تصوفهم، وظهرت لهم أحوال ومقامات، وخرجوا عن سنن الدين الواضح.


"وقد انتشر هؤلاء ومريدوهم في الأرجاء، وملأوا بصرخاتهم الوديان وشواطئ الأنهار وبطون الصحاري وسفوح الجبال"


وفي هذا القرن – الذي يعتبر عصر الثقافات، ونشوء الفرق المتعددة الطارئة على الإسلام والمتأثرة بالثقافة الفارسية الوافدة- أمتاز الصوفية كل الامتياز عن الزهاد وطريقتهم، التي هي مراقبة سلوك المرء مع الله تعالى، والخوف منه، وترويض النفس ومجاهدتها على التحقق بالقيم الإنسانية العليا وترك سفاسفها مع عفةٍ صادقة، ورغبة خالصة في العبادة والزهد.


وكان الإمام أحمد بن حنبل ( 164ـ 241هـ/780ـ 855م(، والمنسوب إليه المذهب الحنبلي، هو أول شخصية في الإسلام، تنبهت لشطط الصوفية ومحدثاتهم وانحرافاتهم عن القواعد الشرعية، وهو أول من تصدى للرد عليهم والتحذير من بدعهم وأفكارهم الفلسفية الطارئة على الدين الإسلامي الحنيف. وكان ذلك من واقع تجربة احتكاكه بهم وجلوسه إليهم ومرافقته لهم، لفترة طويلة من الوقت.


فالإمام أحمد بن حنبل، مع صحبته الطويلة لكبار مشائخ الصوفية في عصره فإنه لم يرَ الزهد في السكوت الطويل، والاحتباس في الخلوات، والانقطاع عن منابع العلم والفقه، ولا في البكاء والنشيج، وكثرة الزعيق، وإنما رأه في القول الحكيم، والعفة الصادقة، والكتب والمحابر والعلم، دون الخروج عن الوعي والعقل، وسنة الرسول والسلف.


وقد كان الإمام أحمد بن حنبل، يتهم بعض المنتمين إلى المذهب الصوفي، ويصمهم بالخروج عن الدين نهائيا، ولما عرف الإمام أحمد طريقة الحارث المحاسبي – أحد الصوفية في عصره – في الخلوة، وسمعه يتحدث في شيء من علم الكلام والصفات، كرهه وهجره وعده من أصول البلية وآفاتها، وكان أحمد ابن حنبل يقول: " احذروا من الحارث – يعني المحاسبي – أشد التحذير" وكان يقول لأصحابه بعد أن سمع بعض كلامه: لا أرى لكم أن تجالسوه.


"وقد تأثرت حياة الحارث المحاسبي بغضبة أحمد فكرهه الناس وهجروه واستخفى من العامة فلما مات – بعد أحمد بعامين – لم يصلّ عليه غير أربعة نفر."


" ولم يألُ الإمام ( أحمد ) جهدا في أن يوصي المتوكل ويشير عليه بإقصاء صنّاع البدعة والجهمية وأهل الأهواء" - رغم امتعاضه منه وابتعاده عنه- " فقد رآهم جميعا مخالفين للكتاب مختلفين فيه ومتفقين على مخالفته"


ثم تتالى بعد ذلك الإنكار على الصوفية، من قبل العلماء المتمسكين بالشريعة وبعقيدة السلف. وكان أشد ما ينكره أهل السنة المتمسكين بعقيدة السلف على الصوفية عند استكمال تعاليمهم الفلسفية في القرن الثالث هو تقديس الأولياء. " وصار ما قاله الإمام أحمد وفعله من كره طريقة الخلوة في العبادة أصلا في مذهبه ينكر الاعتراف بأي قيمة شرعية لصور العبادة التي استحدثها المتصوفة الغلاة "


وكان الصوفية بدورهم يزدرون هؤلاء العلماء ويشنعون عليهم بأنهم مشبهة وحشوية.

العوامل التي ساعدت على انتشار التصوف
ومع ذلك فلم يتراجع التصوف، بل إنه ازداد تطورا وغلوا في القرون التالية، وشكل المتصوفة فرقًا انتشرت في كل أنحاء العالم الإسلامي، شرقيها وغربيها.


وفي أثناء هذه الفترة ظهر رعيل آخر من رموز الصوفية الذين كان لهم تأثير كبير في انتشار التصوف. من أمثال ابن العربي ، وجلال الدين الرومي وعبد القادر الجيلاني ، وغيرهم كثير ..


ومن العوامل التي ساعدت على إنتشار التصوف ما يلي:


1- أن بعض العلماء كانوا – ولا زالوا - يُعلون من قيمة هذه الظاهرة الدينية-


2- أن الطرق الصوفية كانت تلقى تشجيعا ودعما من قبل حكام الدويلات المستقلة، لانخداع حكام هذه الدويلات بما عليه الصوفية، وانتسابهم الظاهري، إلى السنة، وما كانت تلعبه بعض الطرق الصوفية من دور في نشر للإسلام، وهي في طور التشكل. فعلى سبيل المثال " وجد المتصوفة الرعاية من السلاجقة وقادة الجند الأتراك في الحقبة الأخيرة من الخلافة العباسية، فأسست لشيوخهم الزوايا والخانقات وأوقفت عليها الأوقاف".


3- لجوء الصوفية إلى التخفي والابتعاد عن العلماء، خشية من الاحتكاك معهم في قضايا كلامية، تفصح عن حقيقتهم.


4 - الرحلات والسياحات التي كان يقوم بها الصوفية للترويج لأفكارهم وطرقهم، وجلوسهم لتدريسها أينما حلوا.


ومن أبرز هؤلاء محي الدين ابن عربي، أو الشيخ الأكبر كما يسمونه – وهو مدرسة صوفية قائمة بذاتها - فقد شملت رحلاته وسياحاته شتى بقاع المعمورة، وكان لها الأثر البارز في نقل مجمل الآراء والأفكار والآداب الصوفية، إلى مختلف أنحاء هذا العالم. وظهر لابن العربي أتباع ومريدون في جميع البلدان التي زارها، وعمل هؤلاء على نشر مؤلفاته وشرحها وتدريسها والترويج لها.


5- تراجع مدرسة الرد على الصوفية، التي كان الحنابلة من أبرز روادها، وذلك لعدم وجود دولة أو سلطة حاكمة، تنتصر للمذهب الحنبلي، وتتولى رعاية العلماء والفقهاء المنتمين إليه، وتعمل على تعميم هذا المذهب، ونشر أفكاره وتطبيقها على أرض الواقع، أسوة بالمذاهب الأخرى.


وكما هو معروف تاريخيا فإن أغلب الدويلات التي قامت في المشرق على امتداد التاريخ الإسلامي، كانت عادة ما تنتصر للمذهب الشافعي، وأما أغلب الدويلات التي قامت في المغرب فكانت عادة ما تنتصر للمذهب المالكي.


وهذا بجانب المذهب التي كانت تقوم عليه الخلافة العباسية، وهو المذهب الحنفي. وهذه الدول أثرت في توجيه الاتجاهات العامة لدى الناس وتركت بصماتها الفكرية وثقافتها واختياراتها المذهبية.


ولولا أن المذهب الحنبلي مذهبا أصيلا، يرتكز على الكتاب والسنة، وأيضا لولا وجود أتباع مخلصين عملوا على المحافظة على هذا المذهب، لطواه التاريخ، كما طوى غيره من المذاهب عندما لم تجد من يأخذ بيدها بعد موت أصحابها، مثل مذهب الإمام الأوزاعي، ومذهب الإمام سفيان الثوري ومذهب الامام زيد بن علي.


وقد جاءت مرحلة الحروب الصليبية وسلسلة الغزوات المغولية الهمجية لديار الإسلام، وما نجم عنها من خراب ودمار ومن حالة عدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي والتي بدأت بسقوط بغداد ، جاءت لتوفر الظروف المواتية لاتساع نفوذ التصوف في صفوف الفئات الاجتماعية الحضرية، ولتحوله من تيار ثقافي محدود في المجتمع والثقافة الإسلامية، إلي قوة اجتماعية - ثقافية مهيمنة.


هبّة شيخ الإسلام ابن تيمية
لقد استمر التراجع في مدرسة الرد على الصوفية، حتى القرن السابع الهجري، وهو القرن الذي جاء فيه شيخ الإسلام، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (661ـ 728 هـ، 1263 ـ 1328 م).


كان ابن تيمية فقيه الشام في عصره، وامتاز بدرجة عالية، من التقوى والورع في الدين، وقد هاله ما بلغه أمر الصوفية والجهمية والرافضة في زمنه، وما كانت عليه العامة من هوس بزيارة القبور والتوسل بالأولياء، فكان أن رفع الراية، واستأنف النضال في سبيل إحياء السنة، وإعادة الصفاء لعقيدة السلف، والمنافحة عنهما، وفي تفنيد بدع المبتدعين، بكل ما أوتي من قوة وجرأة وملكات خطابية وجدالية وإنشائية. فرد بعنف على الحلاج، وابن عربي وجلال الدين الرومي، وأصحاب نظرية "وحدة الوجود"، وأنصار القول بالتوسل، وهاجم الفلسفة وأصحابها، وألحق إخوان الصفا بالنصيرية.


ولم يكن ابن تيمية مجرد ناقد وداحض لفكر المبتدعة وأصحاب الفرق الضالة، وحسب، ولكنه كان إلى جانب ذلك صاحب مشروع إصلاحي عقدي فكري. " مثلما هو بالدرجة نفسها صاحب مدرسة مازال انتشارها واسعًا حتى اليوم في كل أرجاء العالم الإسلامي."


"واتصف الإمام بن تيمية بالصراحة والصرامة وعنف النضال" ولم يخش في المبتدعة لومة لائم، ولم يثنه عن كشف أباطيلهم، ما تعرض له من ضغوط ومن محنٍ وحبسٍ وتنكيلٍ واضطهاد " وقد سجن - ابن تيمية - في القاهرة من أجل أفكاره من عام 706هـ =1307م إلى عام 711هـ =1311م، ورجع إلى دمشق حيث دخل السجن مرة أخرى عام 720هـ =1320م لبضعة شهور، وقد تم آخر سجن له في القلعة في شهر شعبان/ يوليو عام 726هـ =1326م بسبب الفتوى التي يشجب فيها زيارة مقابر الأولياء واستمر رهن سجن القلعة يقضي أيامه ولياليه في التأليف والعبادة حتى توفي فيه سنة728هـ.


"وقد خلف ابن تيمية من الكتب والرسائل ما لم يبلغه أحد من مصنفي المسلمين، تنقية وجدالا ومحاججة وتقريرا " وهو يعتبر مدرسة قائمة بذاتها في نقد الصوفية والرافضة وقد تركزت نظرية شيخ الإسلام ابن تيمية، في نقد الصوفية على دراسة مؤلفات ابن عربي، وتفنيد محتوياتها المخالفة، وهو الذي أثار عليه قضايا رئيسية، رددها كل من أتى من بعده من المنكرين على الصوفية، فكان العلامة ابن تيمية أول السابقين بكشفها.


وتبع ابن تيمية " في قوته وطريقته تلميذه النجيب ابن قيم الجوزية، فوسع من بعده، وأكمل وحرر وخلف كتبا في اللغة والحديث والسنة والفقه والتفسير والسيرة، فصارا ينبوعين لكل وارد وصادر وضوءين لكل قادر وسائر" وقد نهل من بحرهما العلماء ودعاة الإصلاح الذين جاءوا بعدهما.


وقد كانت كتب شيخ الإسلام ابن تيمية – ولا زالت - منهلا رئيسيا لكل من تصدى للرد على الصوفية من العلماء في شتى أرجاء بلاد الإسلام. بل إن أحد كبار صوفية اليمن في زبيد، واسمه محمد بن محمد المزجاجي، يزعم أن مبدأ الإنكار على الصوفية يرجع إلى ابن تيمية.


ومن هنا يأتي حقد الصوفية والرافضة على ابن تيمية رحمه الله، وتأليبهم عليه وتحذيرهم أتباعهم من كتبه، وتشهيرهم به في كل مناسبة، ووصمهم له بالتجسيم والنصب والنفاق، ودمغوه بكل نقيصةٍ وبكل صفةٍ شنيعة، وجعله الشيعة عدوا للسنة، كذبا ونفاقا وأصبحت هذه من إحدى وسائلهم الخبيثة للعب بعقول الصوفية وللضحك على ذقون السذج من أهل السنة، وهذا واضح في شبكة الشيعة العالمية الفصل السابع " الصراع بين السنة وابن تيمية" وحشدوا تحت هذا العنوان معظم ما قاله فيه بعض العلماء المحسوبين على أهل السنة من أمثال تقي الدين السبكي والحافظ العراقي، وابن حجر الهيتمي، من قدح وذم، وحذروا من كتبه وكتب تلميذه ابن القيم، ثم أضافوا إليهما شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في التاريخ المعاصر.


ثم تبع ابن تيمية رعيل آخر من المنكرين، منهم من أدركه وأخذ عليه، كالعلامة محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة748، وإسماعيل بن عمر ابن كثير المتوفى سنة774هـ، فضلا عن تلميذه النجيب السالف ذكره، أعني محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية المتوفي سنة 751هـ.


ويلاحظ أن أكثر المنتقدين للصوفية من المذهب الحنبلي، وقد عُرف الحنابلة بشكلٍ عامٍ بكفاحهم الشديد حول العقيدة الإسلامية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تأثرهم " بسيرة الإمام أحمد في العلم والعمل والاهتمام بالحديث الشريف وعلومه، والعناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التقيد بما تقتضيه هذه الفريضة" وعلى رأس هؤلاء المتأثرين – بطبيعة الحال – شيخ الإسلام ابن تيمية.


ردود الأفعال على فكر ابن تيمية
"وليس هناك من شك في أن دعوة ابن تيمية وآراءه، التي أعادت الحيوية إلي التيار السلفي السني، قد وجدت صدي خارج مصر وبلاد الشام."


إلا أن الهبّة الإصلاحية، والصحوة الدينية السلفية السنية، التي أذكاها الإمام ابن تيمية، لم تجد من يتبناها من القائمين على الأمر.


وكان القائمون بالأمر يومئذٍ هم المماليك، وكانت دولتهم قد قامت عام 1250، وهؤلاء كانوا عسكرا، نشأوا في الثكنات، وكانوا لا يجيدون سوى الفروسية والقتال، ولم يكونوا يتوفرون على حصيلة علمية أو فقهية تؤهلهم للتمييز بين الصالح والطالح والنافع والضار، والمصلح والمبطل.


وعندما، كان يثور الجدل ويحتدم الخلاف حول مسألة من المسائل، كان سلاطين المماليك يحيلون ذلك عادة إلى من حولهم من الفقهاء من المذاهب الأخرى. ونحن طبعا لا نقصد بهذا التقليل من دور المماليك، ودفاعهم عن الإسلام والأمة ضد المغول والصليبيين.


وكان سلاطين المماليك وولاتهم بشكل عام يتبعون مع تقي الدين ابن تيمية سياسة (الساخن والبارد) - كما يقولون - مجاملةً للمعارضين من جهة، واحترامًا من جهة ثانية لأفكار العالم ابن تيمية .


والأخطر من ذلك أن تلك الدعوات الإصلاحية، كانت تصطدم مع العلماء المقلدين وفقهاء السلاطين وغيرهم، من المذاهب الأخرى، وكثير من هؤلاء، كانوا يجنحون نحو التصوف ويميلون إليه، ومن ثم كانوا بطبيعتهم يناوئون دعاة المنهج السلفي التصحيحي، وينتصرون للصوفية والتصوف، من حيث أرادوا أو لم يريدوا، ولم تكن تروقهم أفكار أصحاب المناهج السلفية، لا سيما وأنهم كانوا ينظرون إليها من زاوية مذهبية ضيقة، وكانوا ينتصبون لمناوأتهم، وتقريعهم، وإثارة الشبهات حولهم، وتأليف الكتب للرد على أفكارهم، ودمغهم بالخطأ والتشدد والغلو.


وبناء على ذلك فإن أعنف هجمة تعرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية، قد جاءت من ابن حجر الهيتمي المكي، رأس الشافعية في عصره ، والإمام المقدم الحجة في المذهب عندهم- وقد كشفت الدراسات القليلة التي أجريت حتي الآن علي أعمال ابن حجر الهيتمي – كما قال أحد المحققين - أنه لم يكن في حقيقته سوى " صوفي يدعو إلى عقيدة وحدة الوجود صراحةً".


والمهم أنه كان لهذه الهجمة الهيتمية، أسوأ الأثر على ابن تيمية، وفكره وعلى تشويه دعوته في أرجاء واسعة من بلاد الإسلام، ولازالت أقوال ابن حجر الهيتمي، في ابن تيمية من المسلمات التي لا تقبل الجدال أو الشك، لدى الصوفية، ولدى من يعتبرون أنفسهم ممثلين لمذهب الإمام الشافعي، في اليمن وكان المذهب الشافعي هو المذهب المقدم لدى المماليك – مع إعترافهم بالمذاهب الثلاثة الأخرى -.


مزايدة العثمانيين في دعم الصوفيين
فهؤلاء العثمانيين، مع سلامة نيتهم وإخلاصهم في خدمة الإسلام وقوة اندفاعتهم في الدفاع عنه وعن الأمة، ونجاحهم في رد غارات النصارى الصليبيين على بلاد المسلمين، وكسر شوكتهم، إلا أنهم، لشدة هوسهم بالمثل العليا عن العدالة والتسامح ومحبة الشعب، قد زادوا الطين بلة، فيما يتعلق بالتصوف.


وإذا كان المماليك، قبلهم يظهرون التسامح حيال الفرق الصوفية، وينتصرون لهم، وسمحوا تحت ضغط الفئات الشعبية لمجموعات الدراويش بممارسة شعائرهم وطقوسهم، وكانوا يقدمون الاحترام لزعماء الطرق الصوفية، إلا أن المماليك لم يتخلو عن تصلبهم في بعض الأمور، فقد منعوا حتى النهاية تداول مؤلفات الصوفي الأندلسي المعروف محيى الدين بن العربي ( 1164- 1240م ).


أما العثمانيون فإنهم لم يكتفوا بحماية الدراويش الصوفيين، والانتصار لهم، وإنما حولوا طرق الدراويش إلى نظام عام في الحياة الدينية، وإلى جزء لا يتجزأ من الإسلام ومن حياة المسلمين، واحتفوا أيما حفاوة بتخليد ذكر مشائخ الصوفية وبذلوا همة كبيرة في نسخ مؤلفاتهم ونشرها والعناية بقبورهم وأضرحتهم، وعلى رأس أولئك ابن العربي، الذي كان له تأثير كبير على نشوء الفكر الاجتماعي العثماني وتطوره. وإذا كانت مؤلفاته قد أحرقت في القاهرة وأغرقت في مياه النيل في عهد المماليك، فقد حفظت في اسطنبول وقونية بإجلال وأُعيد نسخها.


وفي أثناء فتوحاته لبلاد الشام ومصر أظهر السلطان سليم الأول إهتماما كبيرا بالأولياء وأمكنة العبادة التي يقدسها الشعب، وانتشرت أسطورة تقول أن الفاتح الرهيب وقف في مسجد بني أمية بدمشق، ذليلا أمام درويش رث الثياب ولم يجرؤ على مبادرته بالكلام .. بيد أن أكبر دوي كان ذاك الذي أحدثته زيارته لقبر ابن العربي في ضاحية دمشق، حيث أمر ببناء ضريح رائع له.


وقد حافظ السلطان سليم الأول على استقلال الحجاز الذاتي، كاملا واعترف بوضعها الخاص وبالحقوق الموروثة للهاشميين وتركوا لهم كافة صلاحياتهم في مكة، واكتفى العثمانيون بتولي حراسة الشواطئ البحرية وحماية الحجاج وقوافل المؤن والمواد الغذائية للمدن المقدسة، ومنذ عام 1517 ، بدأ مبعوثو السلطان سليم الأول الخاصون، يزورون مكة كل عام حيث يقومون بتوزيع الأموال والهدايا، وأصبحت هذه عادة لدى من جاء بعده من السلاطين، فكانوا يجمعون الفقراء خارج المدينة ويوزعون عليهم أموالا بالنقد الذهبي.


وهذا ما أدى إلى ازدهار حركة التصوف في شتى بقاع الإسلام، وفرض نفسه بقوة على الحياة العامة، واختلط فيه ما هو سني بما هو شيعي، نظرا لكون الكثير من الطرق باتت مخترقة من قبل مريدين شيعة، واتسع نطاق التماهي بين مؤسسة العلماء والتصوف حتي بات من الصعب، منذ القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، أن يوجد عالم مسلم بدون انتماء صوفي طرقي. وانتشرت "حمى" مجاورة البيت الحرام، في مكة في هذه المرحلة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل.


وبدا للصوفية في هذا العصر، أنهم قد كسبوا الجولة – جولة الصراع مع أصحاب النهج السلفي – وبأن الجو قد صفا لهم غاية الصفاء، وتمكنت طرقهم وانفردوا بالساحة الإسلامية طولا وعرضا، وأصبح لهم فيها دولا وصولجانات داخل الدول، وتخلصوا إلى الأبد من انتقادات الإمام أحمد بن حنبل، واستراحوا من أفكار تقي الدين بن تيمية وتلامذته وكتبهم التي كانت تقض مضاجعهم، وتشوش عليهم، فهاهي كتبهم وأفكارهم قد أهملت وتركها الناس وراء ظهورهم، أو وضعوها في سلة الإهمال والنسيان، ولم يعد لها أثر في الواقع، إلا في القليل النادر، وهاهم قد أصبحوا يمارسون شتى شعائرهم وطقوسهم، في أمنٍ وأمان، وبحرية تامة، بما باتت تتضمنه تلك الطقوس والشعائر من بدع وشطحات، ومن تجاوزات تمسّ العقيدة، وتجاوزات تخص الشريعة، ومن استغراق في الغيبيات وإيمان بالخزعبلات، وحلقات رقص وتمايل، بعد أن خرست ألسن العلماء عن توجيه النقد لهم، وسكتوا عن التنديد بشطحاتهم، إلا من عصم الله منهم.


تلك كانت أمانيهم. وما دروا أن ما كانوا يتمتعون به من هدوء، لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصمة، وبأن الأمة حبلى بمن سيأتي ليجدد ما أندرس من مبادىء الدين، ويقوض حصون البدع التي شُيدت على غير أساس متين، ويميط أقنعة الزيف عن وجوه الصوفية لتظهر على حقيقتها، ويعيد الاعتبار لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. فمن هو هذا القادم يا ترى؟


إنه الشيخ العالم العامل، الإمام المقدم، الداعية الإصلاحي البارز، محمد بن عبد الوهاب النجدي التميمي.


ولمتابعة قصة هذا العالم الفذ نحيل إلى مقالنا السابق الدعوة السلفية وعبقرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب االمنشور في مأرب برس في الشهر الماضي. ( نوفمبر 2008)

من هناك
12-03-2008, 02:51 AM
شكراً لك على المقالة ولكنها بحاجة إلى تدعيم من مصادر تاريخية واضحة

مثلاً،

وقد كشفت الدراسات القليلة التي أجريت حتي الآن علي أعمال ابن حجر الهيتمي – كما قال أحد المحققين - أنه لم يكن في حقيقته سوى " صوفي يدعو إلى عقيدة وحدة الوجود صراحةً"
لا اظن ان هناك دليل قوي عليها وإن كان موجوداً فمن هو هذا المحقق؟

فخر الدين الرازي
12-03-2008, 01:52 PM
لا تستغرب اخ فاروق ما يشوش به هؤلاء على مثل ابن حجر الهيتمي وغيره من كبار الوجوه الشافعية والمالكية والحنفية.
فسبب هذا الحقد الاعمى ان ابن حجر لم يرى في ابن تيمية الا مبتدعا جهويا فكال له ولمناصريه.
على ان حشوية الحنابلة كانوا ومنذ عصر الخلافة العباسية يضمرون للشافعية والحنفية والمالكية الحقد , كونهم ينزهون الله عن الجسمية والمكان حتى فشت فتنتهم مما استدعى تدخل الدولة لقمعهم.
فمما قاله ابن حجر الهيتمي في ابن تيمية:
قال الشيخ ابن حجر الهيتمي في كتابه الفتاوى الحديثية (ص 116) ناقلاً المسائل التي خالف فيها ابن تيمية إجماع المسلمين ما نصه:"وان العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوقًا دائمًا فجعله موجبًا بالذات لا فاعلاً بالاختيار تعالى الله عن ذلك، وقوله بالجسمية، والجهة والانتقال، وانه بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر، تعالى الله عن هذا الافتراء الشنيع القبيح والكفر البراح الصريح" اهـ.
وقال أيضًا ما نصه (ص 203) :"وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إله هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود وتعدوا الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم وليسوا كذلك" اهـ.
وقال أيضًا ما نصه (حاشية الإيضاح ص 443) :"ولا يُغتر بإنكار ابن تيمية لسنّ زيارته صلى الله عليه وسلم فإنه عبد أضلَّه الله كما قال العز بن جماعة، وأطال في الرد عليه التقي السبكي في تصنيف مستقل، ووقوعه في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بعجيب فإنه وقع في حق الله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا، فنسب إليه العظائم كقوله: إن لله تعالى جهة ويدًا ورجلاً وعينًا وغير ذلك من القبائح الشنيعة" اهـ.

فانت ترى ايها القارئ العزيز ان ابن حجر لم يكن حشويا ولا حلوليا او قائلا بالاتحاد!!
كيف وابن حجر هذا كفر من يقول بالجهة لله او من يدعي قدم العالم بالنوع. افيكون قائل ذلك حلوليا اتحاديا؟! لقد عرفنا سبب حقدكم الاعمى وعرفنا لماذا تتهمونه. لانكم لا ترون في هذا الوجود الا ابن تيمية الذي اجمع علماء زمانه على كونه مبتدعا والفوا فيه الكتب والرسائل ومحاضر ختمت باختام السادة الشافعية والمالكية والحنفية كما الحنبلية.

اما عن حقد الحشوية الحنبلية على السادة الشافعية فنراه ههنا واقرأوا جيدا:

وهذا محضر مقروء ومثبوت على الإمام ناصر السنة محدث الشام أبي محمد القسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر الشافعي رحمه الله ..
وهذا المحضر عليه خطوط كبار العلماء من الشافعية في عصرهم يكاتبون دولة نظام الملك في القرن الخامس الهجري بسبب أفعال الحشوية الأوباش، وشاهدنا في هذا المحضر ما ستراه من تعدي المشبهة على الإمام الشافعي!! .

نص المحضر :

بسم الله الرحمن الرحيم يشهد من ثبت إسمه ونسبه وصح نهجه ومذهبه واختبر دينه وأمانته من الأئمة الفقهاء والأماثل العلماء وأهل القرآن والمعدلين الأعيان وكتبوا خطوطهم المعروفة بعباراتهم المألوفة مسارعين إلى أداء الأمانة وتوخوا في ذلك ما تحظره الديانة مخافة قوله تعالى ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله .

إن جماعة من الحشوية والأوباش الرعاع المتوسمين بالحنبلية أظهروا ببغداد من البدع الفظيعة والمخازي الشنيعة مالم يتسمح به ملحد فضلا عن موحد ولا تجوز به قادح في أصل الشريعة ولا معطل، ونسبوا كل من ينزه الباري تعالى وجل عن النقائص والافات وينفي عنه الحدوث والتشبيهات ويقدسه عن الحلول والزوال ويعظمه عن التغير من حال إلى حال وعن حلوله في الحوادث وحدوث الحوادث فيه إلى الكفر والطغيان ومنافاة أهل الحق والإيمان وتناهوا في قذف الأئمة الماضين وثلب اهل الحق وعصابة الدين ولعنهم في الجوامع والمشاهد والمحافل والمساجد والأسواق والطرقات والخلوة والجماعات ثم غرهم الطمع والإهمال ومدهم في طغيانهم الغي والضلال إلى الطعن فيمن يعتضد به أئمة الهدى وهو للشريعة العروة الوثقى وجعلوا أفعاله الدينية معاصي دنية
وترقوا من ذلك إلى القدح في الشافعي رحمة الله عليه وأصحابه واتفق عود الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر ابن الأستاذ الإمام زين الإسلام أبي القسم القشيري رحمة الله عليه من مكة حرسها الله فدعا الناس إلى التوحيد وقدس الباري عن الحوادث والتحديد فاستجاب له أهل التحقيق من الصدور الفاضل السادة الأماثل وتمادت الحشوية في ضلالتها والإصرار على جهالتها وأبو إلا التصريح بأن المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل وإنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب أمرد بشعر قطط وعليه تاج يلمع وفي رجليه نعلان من ذهب وحفظ ذلك عنهم وعللوه ودونوه في كتبهم وإلى العوام ألقوه وأن هذه الأخبار لا تأويل لها وأنها تجري على ظواهرها وتعتقد كما ورد لفظها وإنه تعالى يتكلم بصوت كالرعد كصهيل الخيل وينقمون على أهل الحق لقولهم أن الله تعالى موصوف بصفات الجلال منعوت بالعلم والقدرة والسمع والبصر والحياة والإرادة والكلام وهذه الصفات قديمة وإنه يتعالى عن قبول الحوادث ولا يجوز تشبيه ذاته بذات المخلوقين ولا تشبيه كلامه بكلام المخلوقين ومن المشهور المعلوم ان الأئمة الفقهاء على إختلاف مذاهبهم في الفروع كانوا يصرحون بهذا الإعتقاد ويدرسونه ظاهرا مكشوفا لأصحابهم ومن هاجر من البلاد إليهم ولم يتجاسر أحد على إنكاره ولا تجوز متجوز بالرد عليهم دون القدح والطعن فيهم وان هذه عقيدة أصحاب الشافعي رحمة الله عليه يدينون الله تعالى بها ويلقونه باعتقادها ويبرؤن إليه من سواها من غير شك ولا إنحراف عنها وما لهذه العصابة مستند ولا للحق مغيث يعتمد إلا الله تعالى ورأفة المجلس السامي الأجلي العالمي العادلي القوامي النظامي ارضوي أمتعه الله بحياة يأمن خطوبها باسمة فلا يعرف قطوبها فإن لم ينصر ما أظهره ويشيد ما أسسه وعمره بأمر جزم وعزم حتم يزجر أهل الغواية عن غيهم ويردع ذوي الاعناد عن بغيهم ويامر بالمبالغة في تأديبهم رجع الدين بعد تبسمه قطوبا وعاد الإسلام كما بدأ غريبا وعيونهم ممتدة إلى الجواب بنيل المأمول والمراد وقلوبهم متشوفة إلى النصرة والإمداد فإن هو لم ينعم النظر في الحادث الذي طرقهم ويصرف معظم هممه العالية إلى الكارث الذي أزعجهم وأقلقهم ويكشف عن الشريعة هذه الغمة ويحسم نزعات الشيطان بين هذه الأمة كان عن هذه الظلامة يوم القيامة مسؤولا إذ قد أديت إليه النصائح والأمانات من أهل المعارف والديانات وبرئوا من عهدة ما سمعوه بما أدوه إلى سمعه العالي وبلغوه والحجة لله تعالى متوجهة نحوه بما مكنه في شرق الأرض وغربها وبسط قدرته في عجمها وعربها وجعل إليه القبض والإبرام واصطفاه من جميع الأنام فما ترد نواهيه وأوامره ولا تعصى مراسمه وزواجره والله تعالى بكرمه يوفقه ويسدده ويؤيد مقاصده ويرشده ويقف فكرته وخواطره على نصرة ملته وتقوية دينه وشريعته بمنه ورأفته وفضله ورحمته . ))اه


فلا تعجبوا ان رايتم مثل هذا الاخ يلمز في السادة الشافعية فانه ليس الا مقلد لما كان عليه الحشوية في القدم. والحمد لله رب العالمين

خفقات قلب
12-03-2008, 02:37 PM
أراك يا فخر الدين الرازي حاقدا على الحنابلة..مع أن الشافعي يقول عنه:
"خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل"،


لا أقول لك إلا كما قال الشافعي:
أضحى ابن حنبل حجَّةً مبرورةً... وبِحُبِّ أحمدَ يُعـرَفُ المـتنسِّكُ
وإذا رأيت لأحمـد متنقِّصـاً...فاعلم بـأنَّ سُتـورَهُ ستُهَتَّـكُ

فخر الدين الرازي
12-03-2008, 02:45 PM
معاذ الله ان احقد على فضلاء السادة الحنابلة. انما كلامي عن حشوية الحنابلة الذين يعتقدون التجسيم ...

من هناك
12-03-2008, 02:48 PM
اخي الرازي،
لا تتمادى كثيراً في شتم والحنابلة لأنهم افضل مني ومنك ومنهم من هو افضل من كل شافعية واحناف هذا العصر.

لقد كانت ملاحظتي حول مسالة توثيق كلمة واحدة في المقالة لزيادة قيمتها العلمية، لكنك بحاجة لتوثيق كل الحقد الذي ينضح من هذه المشاركة واظن انه من واجب المشرف المرور عليها بصراحة لأنها لا تنم إلا عن تحفز للتشفي وهذا حال اشاعرة هذا العصر (هداكم الله)

خفقات قلب
12-03-2008, 02:50 PM
ما يشوش به هؤلاء على مثل ابن حجر الهيتمي وغيره من كبار الوجوه الشافعية والمالكية والحنفية.


حدد من هم حشوية التجسيم..لأنك أخرجت الحنابلة من السادة وكبار الوجوه!

فخر الدين الرازي
12-03-2008, 03:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قلت اخ فاروق:
اخي الرازي،
لا تتمادى كثيراً في شتم والحنابلة لأنهم افضل مني ومنك ومنهم من هو افضل من كل شافعية واحناف هذا العصر

هل رأيتني اشتم كل الحنابلة؟ الم تلاحظ انني قيدت الذين اهاجمهم بانهم (حشوية) الحنابلة؟ وهل حشوية الحنابلة هم كل الحنابلة؟
ما لكم الستم تعرفون ابن الجوزي وابن عقيل والتميمي.... من فضلاء الحنابلة؟
وهل كلامي الا موجه على الذين يضمرون التشبيه من غير هؤلاء.

قلت:
لقد كانت ملاحظتي حول مسالة توثيق كلمة واحدة في المقالة لزيادة قيمتها العلمية، لكنك بحاجة لتوثيق كل الحقد الذي ينضح من هذه المشاركة واظن انه من واجب المشرف المرور عليها بصراحة لأنها لا تنم إلا عن تحفز للتشفي وهذا حال اشاعرة هذا العصر (هداكم الله)

اتيتك بالتوثيقات من كلام ابن عساكر الاشعري الشافعي ومن كلام ابن حجر الهيتمي. انا لم آت بشيء من كيسي.
ولا يمكنك منعي من الرد على واحد جعل من ابن حجر الهيتمي الذي يعتبر من متأخري الشافعية الذين يؤخذ باقوالهم في الفقه, اقول لا يمكنك منعي من الرد على من جعله ملحدا حلوليا اتحاديا.
فليس ابن تيمية باعظم عندي من ابن حجر الهيتمي. ولسان حالي يقول ما قاله ابن حجر الهيتمي ذاته: ((و من هذا ابن تيمية حتى يرجع اليه في الدين؟)
فانا شافعي المذهب والعقيدة ومن حقي ان ادافع عن مذهبي .

اما حال الاشاعرة في هذا العصر فليس كما تظن. فلا ادري من هذا الذي يسمسنا بالجهمية وبمخانيث المعتزلة وو ثم تريد منا السكوت ! لا والله . عقيدتي لا تقبل الاستسلام امام الحشوية.

قالت الاخت خفقات:
حدد من هم حشوية التجسيم..لأنك أخرجت الحنابلة من السادة وكبار الوجوه!

طيب راجعي كتاب ابن الجوزي والذي اسمه: ( دفع شبه التشبيه باكف التنزيه) لتعرفي من هم حشوية الحنابلة.
ثم ارجعك الى مقال قيّم يبين لك واحدا من هؤلاء الذين اتكلم عنهم . واقرئي ما في هذا الرابط بتأن وموضوعية , ثم اخبريني عن رأيك.
http://www.al-razi.net/website/pages/m21.htm (http://www.al-razi.net/website/pages/m21.htm)

آن لكم ان تتعرفوا على الآراء الاخرى التي تخالف آراءكم. فلا ينبغي ان تظلوا متقوقعين داخل مفهوم ابن تيمية وابن القيم. فان اكثرية اصحاب المذاهب السنية الاربعة لا يتبعون منهجهما.

فخر الدين الرازي
12-03-2008, 03:38 PM
الكلام موجه للاخ العزيز بلال وليس للاخ العزيز فاروق. حصل خطأ ارجو التصحيح

أسامة1
12-03-2008, 04:15 PM
فخر الأشعرية المرزرزة


أراك متحاملا كثيراعلى من خالف مذهبكم الضال


نراكم قريبا

مقاوم
12-03-2008, 04:20 PM
بدأت رائحة الأحباش تفوح بقوة. أخونا الرازي كأنه ما صدق أن فتحت له ثغرة ليذم شيخ الإسلام وتلميذه فظهر الحقد الدفين واستشهد بكلام أحد حساد ابن تيمية الكثر الذين كادوا له وكانوا سببا في دخوله السجن.

و قد رد على ابن حجر الهيتمي غير واحد من اهل العلم , و تعقبوه و لاموه على تعصبه و شدته غير المبررة على شيخ الإسلام رحمه الله , كالعلامة المناوي الشافعي و العلامة الشيخ ملا علي قاري الحنفي و العلامة الشيخ ابراهيم الكوراني الشافعي و العلامة الألوسي الحنفي و غيرهم


فقال العلامة عبدالرؤوف المناوي - 1029 هـ - في [شرحه] بعد سوقه لكلام ابن حجر ما نصه: [فقول ابن حجر غير مستقيم، أما أولاً فلأنهما قالا: إن الرؤية المذكورة كانت في المنام، وهذه كتبهما حاضرة، وأما ثانياً فلأنا نؤمن بأن له يداً لا كيد المخلوق، فلا مانع من وضعها وضعاً لا يشبه وضع الخلوق، بل وضع يليق بجلاله، وعجبت من الشيخ ابن حجر كيف أنكر هذا مع وجود خبر الترمذي: أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت: لا أدري ! فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثندوتي –أي ثديي– وتجلى لي علم كل شيء] اهـ



و قال العلامة الحنفي : الشيخ ملا علي قاري - ت 1014 هـ - في كتابه مرقاة المفاتيح



[قال ابن القيم عن شيخه ابن تيمية إنه ذكر شيئاً بديعاً، وهو أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى ربه واضعاً يده بين كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعذبة، قال العراقي: لم نجد لذلك أصلاً. قال ابن حجر: بل هذا من قبيح رأيهما وضلالهما، إذ هو مبني على ما ذهبا إليه وأطالا في الاستدلال له، والحط على أهل السنة في نفيهم له، وهو إثبات الجهة والجسمية لله سبحانه، ولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما تصم عنه الآذان، ويقضي عليه بالزور والبهتان، قبحهما الله تعالى وقبح من يقول بقولهما. والإمام أحمد وأجلاء مذهبه مبرؤون من هذه الوصمة القبيحة، كيف وهي كفر عند كثيرين

أقول- اي العلامة ملا علي القاري - : صانهما الله تعالى من هذه السمة الشنيعة، والنسبة الفظيعة، ومن طالع شرح منازل السائرين تبين له أنهما كانا من أكابر أهل السنة والجماعة، ومن أولياء هذه الأمة،) اهـ بإختصار

ثم نقل العلامة القاري شيئا من عقيدة العلامة ابن القيم رحمه الله ثم عقّب العلامة علي القارئ بقوله :

( انتهى كلامه وتبين مرامه وظهر أن معتقده موافق لأهل الحق من السلف وجمهور الخلف فالطعن الشنيع والتقبيح الفظيع غير موجه عليه ولا متوجه إليه فإن كلامه بعينه مطابق لما قاله الإمام الأعظم والمجتهد الأقدم في فقهه الأكبر ما نصه وله تعالى يد ووجه ونفس فما ذكر الله في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال ولكن يده صفته بلا كيف وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف ) اهـ


و كذلك تعقب ابن حجر الهيتمي و كلامه في شيخ الإسلام رحمه الله , العلامة ابراهيم الكوراني رحمه الله - 1101 هـ - في كتابه [إفاضة العلام] فقال :

( أما إثبات الجهة والجسمية المنسوب إليهما فقد تبين حاله، وأنهما لم يثبتا الجسمية أصلاً، بل صرحا بنفيها في غير ما موضع من تصانيفهما، ولم يثبتا الجهة على وجه يستلزم محذوراً، وإنما أقرا قوله تعالى: "استوى على العرش" على ظاهره الذي يليق بجلال ذات الله تعالى، لا الظاهر الذي هو من نعوت المخلوقين حتى يستلزم الجسمية، وأما قول العراقي لم نجد له أصلاً، ففيه أن ما ذكره ابن القيم ليس فيه أن ما عزاه لشيخه إبداء مناسبة منه بديعة لإرخاء العذبة فهمها مما هو منقول، وهو الحديث الذي أخرجه جماعة منهم أحمد والترمذي وغيرهما وصححوه : أن الله تجلى لي في أحسن صورة ، وفي رواية: أتاني الليلة ربي في أحسن صورة –إلى أن قال– فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي .. الحديث. وإذا كان هذا فهمه منه، واستنباطاً لا نقلاً، لم يرد عليه قول العراقي: ولم نجد له أصلاً ! فالمناسبة التي أبداها ابن تيمية مناسبة صحيحة غير مستلزمة للتجسيم، ولا مبنية عليه أصلاً كما ظنه ابن حجر، بل على صحة التجلي في المظهر مع التنزيه بليس كمثله شيء، وقد دل كلام ابن تيمية -عليه الرحمة- عموماً وخصوصاً على أن الحق سبحانه وتعالى يتجلى لما يشاء على أي وجه يشاء، مع التنزيه بليس كمثله شيء في كل حال، حتى في حال تجليه في المظهر، وهذا هو الغاية في الإيمان والعلم أيضاً] اهـ



و كذا ألف شيخ العراق و علامته العلامة الجهبذ سليل بيت النبوة نعمان الألوسي الحسيني الهاشمي رحمه الله - ت 1317 هـ - كتابه الجليل : " جلاء العينين في محاكمة الأحمدين " بيّن تحامل ابن حجر الهيتمي على شيخ الاسلام و بيّن الكثير من الافتراءات عليه فمن شاء الحق فليطالع هذا الكتاب الجليل


فمما قاله العلامة ابن الألوسي في كتابه ( جلاء العينين في محاكمة الأحمدين) ص 189، في معرض رده على ابن حجر الهيتمي فيما اتهم به شيخ الإسلام ابن تيمية من تهم - ومن ضمنها ما نقلته - :

" إن هذا الكلام العاطل على حلى التحقيق؛ يتلو عنده كل عقل سليم: سبحانك هذا بهتان عظيم، لأن عقيدة هذا الشيخ الجليل مشهورة لدى كل قبيل ، ومسطورة في تأليفاته الشهيرة ، وتصنيفاته وفتاويه الوفيرة، وهو الذي رد أصحابها من أهل الزيغ والضلال كالمجسمة وغلاة الصوفية والفلاسفة الجهال...."

ثم أخذ يرد عليه اتهاماته حتي وصل إلى ما نقلته يا ليدر فقال في ص 379 :


قوله:" وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله تعالى مخلوقا دائما. فجعله موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار "

أقول - اي العلامة الألوسي - : ....ونسبه الملا جلال الدواني للشيخ ابن تيمية في ( العرش) وحاشاه من القول بذلك، بل هو قول مفترى، عامل الله تعالى من افتراه بعدله. وكيف يتخيل عاقل أو يظن جاهل فضلا عن فاضل، أن الشيخ ابن تيمية يقول ذلك ويسلك أخوف المسالك: وهذه ترجمته قد سطرتها المؤرخون ، وسيرته حررتها العلماء العاملون، وأعظم شاهد تآليفه وعقائده المنشورات في الأنام ، وتأييده للكتاب وسنة خير الأنام عليه أفضل السلام. وله في العقائد كتب مبسوطة، وفي رد الفلاسفة والدهرية والمبتدعة تصنيفات مقبولة مغبوطة.

ولعمري إن الشيخ ابن حجر حرر هذا من غير تثبت واحتياط ، ولا يقدر أن يصحح ما رواه عنه حتى يلج الجمل في سم الخياط.) اهـ

(منقول بتصرف يسير)

أسامة1
12-03-2008, 07:32 PM
لعلك ترضخ للحق بلسان من تزعم أنه من أشعريتك ... ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى






عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية وثناء الأئمة عليه وموقف ابن حجر منه


رجاءً الإجابة على سؤالي عن عقيدة الشيخ ابن تيمية ، حيث قرأت أنه انحرف عن العقيدة الصحيحة ، وأنه وصف الله بصفات البشر ، أيضاً قرأت أن علماء مثل ابن حجر العسقلانى لا يقدرونه ، هل يمكنكم توضيح هذه المسألة لي ؟ . شكراً لكم ، والسلام عليكم .


الحمد لله
أولاً :
يُعدُّ شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية من المجددين البارزين في الإسلام ، وقد وُلد – رحمه الله – عام 661 هـ وتوفي عام 728 هـ ، وإذا كان أثر المجدد عادة في زمانه وقرنه فإن أثر شيخ الإسلام ابتدأ في زمانه ولا يزال أثره إلى الآن على العلماء وطلاب العلم والجماعات الإسلامية التي تنتسب للسنَّة ، ولا يزال أهل العلم ينهلون من علمه في الرد على أعداء الدين من اليهود والنصارى ، والفرق المنسبة للإسلام كالرافضة والحلولية والجهمية ، والفرق المبتدعة كالأشعرية والمرجئة .
وتحقيقاته في مسائل الفقه والحديث والتفسير والسلوك أشهر من أن نذكر نماذج لها ، فكتبه ومؤلفاته شاهدة عليها ، وليس هو – رحمه الله – بحاجة لمن يزكيه من أمثالنا ، بل علمه وفقهه حاضر شاهد لا ينكره إلا جاهل أو جاحد .
ثانياً :
وشهادات الأئمة في عصره ، وبعد عصره تبين للمنصف كذب الادعاءات التي يفتريها أعداء الملة ، وأعداء السنَّة على هذا الإمام العلَم ، وفي ثنايا هذه التزكيات بيان علم وفقه وقوة حجة هذا الإمام ، وبه يُعرف السبب الذي حاربه من أجله أهل الكفر والبدعة ، وهو أنه هدم أصولهم فخرَّ عليهم السقف من فوقهم ، وسنذكر في بعض هذه الشهادات صحة اعتقاد شيخ الإسلام ابن تيمية ، ونصرته للسنَّة ، ورده على أهل البدع والخرافات .
وهذه التزكيات والشهادات لهذا الإمام لم تكن من تلامذته وأصحابه فحسب ، بل شهد له حتى مخالفوه بالإمام والتقدم في العلم والفقه ، وقوة الحجة ، بل وشهدوا له بالشجاعة والسخاء والجهاد في سبيل الله لنصرة الإسلام ، وهذه بعض الشهادات والتزكيات :
1. قال الإمام الذهبي – رحمه الله - في " معجم شيوخه " :
هو شيخنا ، وشيخ الإسلام ، وفريد العصر ، علماً ، ومعرفة ، وشجاعة ، وذكاء ، وتنويراً إلهيّاً ً، وكرماً ، ونصحاً للأمَّة ، وأمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، سمع الحديث ، وأكثر بنفسه من طلبه وكتابته ، وخرج ، ونظر في الرجال ، والطبقات ، وحصَّل ما لم يحصله غيره .
برَع في تفسير القرآن ، وغاص في دقيق معانيه ، بطبع سيَّال ، وخاطر إلى مواقع الإِشكال ميَّال ، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها ، وبرع في الحديث ، وحفِظه ، فقلَّ من يحفظ ما يحفظه من الحديث ، معزوّاً إلى أصوله وصحابته ، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل ، وفاق الناس في معرفة الفقه ، واختلاف المذاهب ، وفتاوى الصحابة والتابعين ، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب ، بل يقوم بما دليله عنده ، وأتقن العربيَّة أصولاً وفروعاً ، وتعليلاً واختلافاً ، ونظر في العقليات ، وعرف أقوال المتكلمين ، وَرَدَّ عليهم ، وَنبَّه على خطئهم ، وحذَّر منهم ، ونصر السنَّة بأوضح حجج وأبهر براهين ، وأُوذي في ذات اللّه من المخالفين ، وأُخيف في نصر السنَّة المحضة ، حتى أعلى الله مناره ، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له ، وَكَبَتَ أعداءه ، وهدى به رجالاً من أهل الملل والنحل ، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالباً ، وعلى طاعته ، أحيى به الشام ، بل والإسلام ، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولى الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم ، فظُنت بالله الظنون ، وزلزل المؤمنون ، واشْرَأَب النفاق وأبدى صفحته .
ومحاسنه كثيرة ، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي ، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت : إني ما رأيت بعيني مثله ، وأنه ما رأى مثل نفسه .
انظر " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب الحنبلي ( 4 / 390 ) .
2. وقال الحافظ عماد الدين الواسطي – رحمه الله - :
والله ، ثم والله ، لم يُرَ تحت أديم السماء مثل شيخكم ابن تيمية ، علماً ، وعملاً ، وحالاً ، وخلُقاً ، واتِّباعاً ، وكرماً ، وحلْماً ، وقياماً في حق الله تعالى عند انتهاك حرماته ، أصدق النَّاس عقداً ، وأصحهم علماً وعزماً ، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه همةً ، وأسخاهم كفّاً ، وأكملهم اتباعاً لسنَّة محمد صلى الله عليه وسلّم ، ما رأينا في عصرنا هذا مَن تستجلي النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة .
" العقود الدرية " ( ص 311 ) .
3. وقال الحافظ جلال الدين السيوطي – رحمه الله - :
ابن تيمية ، الشيخ ، الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الناقد ، الفقيه ، المجتهد ، المفسر البارع ، شيخ الإسلام ، علَم الزهاد ، نادرة العصر ، تقي الدين أبو العباس أحمد المفتي شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني .
أحد الأعلام ، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة ، وسمع ابن أبي اليسر ، وابن عبد الدائم ، وعدّة .
وعني بالحديث ، وخرَّج ، وانتقى ، وبرع في الرجال ، وعلل الحديث ، وفقهه ، وفي علوم الإسلام ، وعلم الكلام ، وغير ذلك .
وكان من بحور العلم ، ومن الأذكياء المعدودين ، والزهاد ، والأفراد ، ألَّف ثلاثمائة مجلدة ، وامتحن وأوذي مراراً .
مات في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة .
" طبقات الحفاظ " ( ص 516 ، 517 ) .
وقد طعن ابن حجر الهيتمي [ من كبار فقهاء الشافعية ، توفي 974هـ ، وهو شخص آخر غير ابن حجر العسقلاني ، صاحب فتح الباري ، المتوفي 852هـ ] في شيخي الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثيراً ، واتهمهما بالقول بالتجسيم والتشبيه وقبائح الاعتقادات ، وقد ردَّ عليه كثيرون ، وبينوا زيف قوله ، وأظهروا براءة الإمامين من كل اعتقاد يخالف الكتاب والسنة ، ومن هؤلاء :
4. الملا علي قاري – رحمه الله – حيث قال – بعد أن ذكر اتهام ابن حجر لهما وطعنه في عقيدتهما - :
أقول : صانهما الله – أي : ابن القيم وشيخه ابن تيمية - عن هذه السمة الشنيعة ، والنسبة الفظيعة ، ومن طالع " شرح منازل السائرين " لنديم الباري الشيخ عبد الله الأنصاري قدس الله سره الجلي ، وهو شيخ الإسلام عند الصوفية : تبيَّن له أنهما كانا من أهل السنة والجماعة ، بل ومن أولياء هذه الأمة ، ومما ذكر في الشرح المذكور ما نصه على وفق المسطور :
" وهذا الكلام من شيخ الإسلام يبين مرتبته من السنَّة ، ومقداره في العلم ، وأنه بريء مما رماه أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل ، على عادتهم في رمي أهل الحديث والسنَّة بذلك ، كرمي الرافضة لهم بأنهم نواصب ، والناصبة بأنهم روافض ، والمعتزلة بأنهم نوابت حشوية ، وذلك ميراث من أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رميه ، ورمي أصحابه بأنهم صبأة ، قد ابتدعوا ديناً محدثاً ، وهذا ميراث لأهل الحديث والسنة من نبيهم بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة .
وقدس الله روح الشافعي حيث يقول وقد نسب إلى الرفض :
إن كان رفضا حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي
ورضي الله عن شيخنا أبي العباس بن تيمية حيث يقول :
إن كان نصباً حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني ناصبي
وعفا الله عن الثالث – وهو ابن القيم - حيث يقول :
فإن كان تجسيماً ثبوت صفاته *** وتنزيهها عن كل تأويل مفتر
فإني بحمد الله ربي مجسم *** هلموا شهوداً واملئوا كل محضرِ " .
" مرقاة المفاتيح " لملا علي القاري ( 8 / 146 ، 147 ) .
وما بين علامتي التنصيص " " نقله الملا علي قاري عن الإمام ابن القيم من كتابه " مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين " ( 2 / 87 ، 88 ) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة :
يقول الناس : إن ابن تيمية ليس من أهل السنة والجماعة ، وإنه ضال مضل ، وعليه ابن حجر ، وغيره ، هل قولهم صدق أم لا ؟ .
فأجابوا :
إن الشيخ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية إمام من أئمة أهل السنة والجماعة ، يدعو إلى الحق ، وإلى الطريق المستقيم ، قد نصر الله به السنَّة ، وقمع به أهل البدعة والزيغ ، ومن حكم عليه بغير ذلك : فهو المبتدع ، الضال ، المضل ، قد عميت عليهم الأنباء ، فظنوا الحق باطلاً ، والباطل حقّاً ، يَعرف ذلك من أنار الله بصيرته ، وقرأ كتبه ، وكتب خصومه ، وقارن بين سيرته وسيرتهم ، وهذا خير شاهد وفاصل بين الفريقين .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 451 ، 254 ) .
ثالثاً :
كلام الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي - رحمه الله – في شيخ الإسلام ابن تيمية :
الحافظ ابن حجر العسقلاني إمام مشهور ، توفي عام 852 هـ ، وهو صاحب التصانيف النافعة ، مثل " فتح الباري شرح صحيح البخاري " ، و " التلخيص الحبير " ، و " تهذيب التهذيب " وغيرها ، وكان للحافظ ابن حجر كلمات متفرقات في شيخ الإسلام ابن تيمية ، شهد له بها بالعلم والفضل والدفاع عن السنَّة ، وما ينتقده الحافظ ابن حجر – رحمه الله – على شيخ الإسلام قابل للنقض ، وهو نفسه – رحمه الله – هناك من تعقبه في بعض المسائل العقيدية ، ولا يهمنا هنا عرض ذلك ، والبحث فيه ، وإنما يهمنا نقل كلامه – رحمه الله – في شيخ الإسلام ثناء ومدحاً ؛ ليتبين خطأ من قال إن الحافظ – رحمه الله – لا يقدِّر شيخ الإسلام ابن تيمية ! .
وهذه نُبذ من كلام الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في حق شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
1. ألَّف الشيخ ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه " الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر " ردّاً على واحدٍ متعصبي الأحناف زعم أنه لا يجوز تسمية ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، وأنه من فعل ذلك فقد كفر ! ، وقد ذكر فيه خمساً وثمانين إماماً من أئمة المسلمين كلهم وصف ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، ونقل أقوالهم من كتبهم بذلك ، ولما قرأ الحافظ بن حجر رحمه الله هذا الكتاب – " الرد الوافر " - كتب عليه تقريظاً ، وهذا نصه :
الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى .
وقفتُ على هذا التأليف النافع ، والمجموع الذي هو للمقاصد التي جمع لأجلها جامع ، فتحققت سعة اطلاع الإمام الذي صنفه ، وتضلعه من العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرَّفه ، وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس ، وتلقيبه بـ " شيخ الإسلام " في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ، ويستمر غداً كما كان بالأمس ، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره ، أو تجنب الإنصاف ، فما أغلط من تعاطى ذلك وأكثر عثاره ، فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور أنفسنا ، وحصائد ألسنتنا بمنِّه وفضله ، ولو لم يكن من الدليل على إمامة هذا الرجل إلا ما نبَّه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في " تاريخه " : أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة الشيخ تقي الدين ، وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جدّاً شهدها مئات ألوف ، ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد أو أضعاف ذلك : لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته ، وأيضاً فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد ، وكان أمير بغداد وخليفة ذلك الوقت إذا ذاك في غاية المحبة له والتعظيم ، بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلد حين مات غائباً ، وكان أكثر مَن بالبلد مِن الفقهاء قد تعصبوا عليه حتى مات محبوساً بالقلعة ، ومع هذا فلم يتخلف منهم عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف عليه إلا ثلاثة أنفس ، تأخروا خشية على أنفسهم من العامة .
ومع حضور هذا الجمع العظيم : فلم يكن لذلك باعث إلا اعتقاد إمامته وبركته ، لا بجمع سلطان ، ولا غيره ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أنتم شهداء الله في الأرض ) - رواه البخاري ومسلم - .
ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة من العلماء مراراً ، بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع ، وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة ، وبدمشق ، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ، ولا حكم بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه حينئذ من أهل الدولة ، حتى حبس بالقاهرة ، ثم بالإسكندرية ، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه ، وكثرة ورعه ، وزهده ، ووصفه بالسخاء ، والشجاعة ، وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام ، والدعوة إلى الله تعالى في السر والعلانية ، فكيف لا يُنكر على مَن أطلق " أنه كافر " ، بل من أطلق على من سماه شيخ الإسلام : الكفر ، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك ؛ فإنه شيخ في الإسلام بلا ريب ، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ، ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عناداً ، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم ، والتبري منه ، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب ، فالذي أصاب فيه - وهو الأكثر - يستفاد منه ، ويترحم عليه بسببه ، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه ، بل هو معذور ؛ لأن أئمة عصره شهدوا له بأن أدوات الاجتهاد اجتمعت فيه ، حتى كان أشد المتعصبين عليه ، والقائمين في إيصال الشر إليه ، وهو الشيخ كمال الدين الزملكاني ، يشهد له بذلك ، وكذلك الشيخ صدر الدين بن الوكيل ، الذي لم يثبت لمناظرته غيره .
ومن أعجب العجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قياماً على أهل البدع من الروافض ، والحلولية ، والاتحادية ، وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة ، وفتاويه فيهم لا تدخل تحت الحصر ، فيا قرة أعينهم إذا سمعوا بكفره ، ويا سرورهم إذا رأوا من يكفر من لا يكفره ، فالواجب على من تلبّس بالعلم وكان له عقل أن يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشتهرة ، أو من ألسنة من يوثق به من أهل النقل ، فيفرد من ذلك ما يُنكر ، فيحذِّر منه على قصد النصح ، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك ، كدأب غيره من العلماء ، ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف : لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته ، فكيف وقد شهد له بالتقدم في العلوم ، والتميز في المنطوق والمفهوم أئمة عصره من الشافعية وغيرهم ، فضلاً عن الحنابلة ، فالذي يطلق عليه مع هذه الأشياء الكفر ، أو على من سمَّاه " شيخ الإسلام " : لا يلتفت إليه ، ولا يعوَّل في هذا المقام عليه ، بل يجب ردعه عن ذلك إلى أن يراجع الحق ، ويذعن للصواب ، والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل ، وحسبنا الله ، ونعم الوكيل .
صفة خطه أدام الله بقاءه.
قاله ، وكتبه : أحمد بن علي بن محمد بن حجر الشافعي ، عفا الله عنه ، وذلك في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول ، عام خمسة وثلاثين وثمانمائة ، حامداً لله ، ومصليّاً على رسوله محمد ، وآله ومسلماً .
" الرد الوافر " للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي ( ص 145 ، 146 ) ، ونقل الحافظ السخاوي – تلميذ ابن حجر – كلام شيخه في كتابه " الجواهر والدرر " ( 2 / 734 – 736 ) .

02 ترجم الحافظ ابن حجر لشيخ الإسلام ابن تيمية ، عليهما رحمة الله ، ترجمة حفيلة في كتابه " الدرر الكامنة " ، قال في أولها :
" .. وتحول به أبوه من حران سنة 67 ، فسمع من ابن عبد الدائم والقاسم الأربلي والمسلم ابن علان وابن أبي عمر والفخر في آخرين ، وقرأ بنفسه ونسخ سنن أبي داود وحصل الأجزاء ونظر في الرجال والعلل ، وتفقه وتمهر ، وتميز وتقدم ، وصنف ودرس وأفتى ، وفاق الأقران ، وصار عجباً في سرعة الاستحضار وقوة الجنان والتوسع في المنقول والمعقول والإطالة على مذاهب السلف والخلف .. " انتهى .
الدرر الكامنة ، في أعيان المائة الثامنة "1/168) .
وقد نقل في هذه الترجمة كثيرا من نصوص الأئمة ، في الثناء على شيخ الإسلام رحمه الله ، والإقرار بإمامته في علوم المعقول والمنقول ، ومن ذلك قوله :
03 " وقرأت بخط الحافظ صلاح الدين العلائي ، في ثبت شيخ شيوخنا الحافظ بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل ، ما نصه : وسمع بهاء الدين المذكور على الشيخين شيخنا وسيدنا وإمامنا فيما بيننا وبين الله تعالى ، شيخ التحقيق ، السالك بمن اتبعه أحسن طريق ، ذي الفضائل المتكاثرة ، والحجج القاهرة ، التي أقرت الأمم كافة أن هممها عن حصرها قاصرة ، ومتعنا الله بعلومه الفاخرة ونفعنا به في الدنيا والآخرة ، وهو الشيخ الإمام العالم الرباني والحبر البحر القطب النوراني ، إمام الأئمة ، بركة الأمة ، علامة العلماء ، وارث الأنبياء ، آخر المجتهدين ، أوحد علماء الدين ، شيخ الإسلام ، حجة الأعلام ، قدوة الأنام ، برهان المتعلمين ، قامع المبتدعين ، سيف المناظرين ، بحر العلوم ، كنز المستفيدين ، ترجمان القرآن ، أعجوبة الزمان ، فريد العصر والأوان ، تقي الدين ، إمام المسلمين ، حجة الله على العالمين ، اللاحق بالصالحين ، والمشبه بالماضين ، مفتي الفرق ، ناصر الحق ، علامة الهدى ، عمدة الحفاظ ، فارس المعاني والألفاظ ، ركن الشريعة ، ذو الفنون البديعة ، أبو العباس ابن تيمية !! "
الدرر الكامنة (186-187) .
رابعاً :
إذا كانت هذه النصوص التي نقلناها أو أشرنا إليها ، من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله ، أو مما نقله الحافظ عن غيره ، ناطقة بتقدير شيخ الإسلام ، والإشادة بمنزلته من العلم والدين ؛ فإن ذلك لا يعني أن الحافظ لم يخالف شيخ الإسلام البتة في مسألة من المسائل العلمية ، أو لم ينتقده قط ؛ فما زال أهل العلم يردون بعضهم على بعض ؛ من غير أن يلزم من ذلك أن يكون الراد لا يقدر المردود عليه قدره ، فضلا عن أن يبدعه أو يضلله ، وقديما قال الإمام مالك رحمه الله قولته الشهيرة : " كل يؤخذ من قوله ويترك ، إلا صاحب هذا القبر " ، أو نحوا من ذلك ، ـ يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ .
وهذا بغض النظر عما إذا كان الصواب ، في المسألة المعينة ، مع شيخ الإسلام ، أو مع مخالفه ومن يرد عليه ، الحافظ ابن حجر أو غيره . فكيف إذا كان الصواب في عامة ما أنكروه عليه ، أو معظمه في جانب شيخ الإسلام ، رحم الله الجميع .

ويمكن مراجعة كثير من هذه المسائل التي انتقدت على شيخ الإسلام ، ولا سيما من قبل ابن حجر الهيتمي ، المشار إلى موقفه آنفا ، فيما كتبه الشيخ نعمان خير الدين ابن الآلوسي رحمه الله ، في كتابه النافع : " جلاء العينين في محاكمة الأحمدين " ، يعني : أحمد بن تيمية ، وأحمد بن حجر الهيتمي ، عليهما رحمة الله .
وينظر أيضا كتاب : دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو بحث أكاديمي من إعداد الدكتور : عبد الله بن صالح الغصن .
خامساً :
ما ورد في السؤال من أن شيخ الإسلام انحرف عن العقيدة الصحيحة ووصف الله تعالى بصفات خلقه ، هو من أفرى الفرى ، وأبين الكذب على شيخ الإسلام ومنهجه وعقيدته ، ومن يطالع شيئا من مصنفاته الكبار أو الصغار يتحقق ذلك ، ومن هذه النصوص والقواعد التي يشق الإشارة إلى جميعها هنا ، فضلا عن نقلها ، قوله رحمه الله :
" اتفق سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس كمثله شيء ، لا فى ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وقال من قال من الأئمة : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها " اهـ
فتاوى شيخ الإسلام (2/126) .
وقال رحمه الله :
" ثم القول الشامل في جميع هذا الباب : أن يوصف الله بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ، وبما وصفه به السابقون الأولون ؛ لا يُتجاوز القرآن والحديث .
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ؛ لا يتجاوز القرآن والحديث . ٍ
ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجى ، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه ، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول ، وأفصح الخلق في بيان العلم ، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد .
وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء ، لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ، ولا في أفعاله ، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة ، وله أفعال حقيقة ، فكذلك له صفات حقيقة ؛ وهو ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة ؛ فانه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه ، ويمتنع عليه الحدوث ؛ لامتناع العدم عليه ، واستلزام الحدوث سابقة العدم ، ولافتقار المحدَث إلى محدِث ، ولوجوب وجوده بنفسه ، سبحانه وتعالى .
ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل ؛ فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه ، كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه ، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ؛ فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، ويحرفوا الكلم عن مواضعه ، ويلحدوا في أسماء الله وآياته .
وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل ؛ أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات ؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل ؛ مثلوا أولا ، وعطلوا آخرا ؛ وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته ، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم ، وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى .. "
فتاوى شيخ الإسلام (5/26-27) .

ونصوص شيخ الإسلام في هذا المعنى كثيرة جدا ، كما أشرنا ، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله .
والله الموفق .




الإسلام سؤال وجواب

فخر الدين الرازي
12-03-2008, 08:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه. ولا عدوان الا على الظالمين. وبيعد:

الكلام اخذ منحى ابعد مما كنت اتصوره, وحقيقة لم اكن اريد ان ادخل فيه لولا الحمية التي اخذتني عندما قرأت التدليس والكذب من ان المحققين قد حسموا امر ابن حجر الهيتمي بانه حلولي!!!
وكان من ضمن كلامي ان ما دفع هؤلاء القوم الى ذلك ان ابن حجر هذا قد فضح ابن تيمية واظهر عواره. اذ هو قرأ كتب هذا الاخير ووقف على حقيقة حاله , بخلاف عيره الذين ما اطلعوا على كتب ابن تيمية فلم يدروا حقيقة مذهبه.
ولعل قائل يقول : هذا علي القاري قد قال كلاما جميلا عن ابن تيمية. وعلي القاري ماتريدي حنفي كما هو معلوم . فلم تكفرون ابن تيمية؟
فنجيب, ان امثال القاري الذين قالوا هذا الكلام ما كانوا بعد قرأوا كتب ابن تيمية ووقفوا على حقيقة عقيدته. وذلك مرجعه ان ابن تيمية وعقيدته كانت مطموسة طوال تلك الأيام , فكانت كتبه حبيسة المكتبات قليل من انتبه لها او اهتم بها, لان بدعته انطفأت سريعا بعد موته , ولكن لم يمنع هذا من وجود قرأ كتبه وافتتن به كابي عز (الحنفي!) وغيره.
فعلي القاري مثلا ما كان يدري حقيقة مقولة ابن تيمية ولا حتى عقائده, ولكن لما بدأت حقيقة هذا الرجل تظهر اختلف كلام القاري معه كثيييييرا. فنراه في شرحه على الشفا يقول: (( وقد أفرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبيّ (صلى الله عليه وسلم ) كما أفرط غيره حيث قال: كون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة، وجاحده محكوم عليه بالكفر، ولعل الثاني أقرب إلى الصواب لأنّ تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفراً لأنّه فوق تحريم المباح المتّفق عليه.))

اترك لكم التعليق على هذا الكلام وفي هذا الكلام عبرة .
على ان مما يؤكد هذا الذي جئتكم به, ان علي القاري يقول بتكفير كل من ادعى ان الله في جهة. حيث سرد في كتابه شرح مشكاة المصابيح توافق الائمة الاربعة الشافعي ومالك واحمد وابو حنيفة على كفر من اعتقد بالجهة, وقال انهم حقيقون بذلك. فتأمل
ونحن نعلم ان ابن تيمية جهوي يعتقد الجهة لله ولا يماري في ذلك عاقل. فحكمه عند علي القاري التكفير قطعا . فلو علم منه حقيقة اعتقاده ما كان ليقول عنه انه من اولياء الله! بل لقال عنه انه من اولياء الشيطان!.
على ان هذا الكلام الذي تضحك به على غيري يا اخ مقاوم لا ينطلي علي.فالقاري من كبار الائمة عند السادة الماتريدية وانصحك بمراجعة كتابه شرح كتاب الفقه الاكبر لتقف على حقيقته و لتعلم ان هذا الرجل يلمز ويعادي من يقول بالجهة لله.
اما بالنسبة للامام المناوي, فحقيقة انا لم اقرأ ايا من كتبه بعد, ولكن من خلال ما جئتنا به :
بعد سوقه لكلام ابن حجر ما نصه: [فقول ابن حجر غير مستقيم، أما أولاً فلأنهما قالا: إن الرؤية المذكورة كانت في المنام، وهذه كتبهما حاضرة، وأما ثانياً فلأنا نؤمن بأن له يداً لا كيد المخلوق، فلا مانع من وضعها وضعاً لا يشبه وضع الخلوق، بل وضع يليق بجلاله، وعجبت من الشيخ ابن حجر كيف أنكر هذا مع وجود خبر الترمذي: أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت: لا أدري ! فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثندوتي –أي ثديي– وتجلى لي علم كل شيء] اهـ


اقول هذا كلام من حسن الظن بامثال ابن تيمية لا غير. لان كلام ابن تيمية في هذه المسألة اي ان لله يدا ليست كأيدينا صحيح. ولكن نحن لا نخالف ابن تيمية هل لله يدا لا كأيدينا ام لا؟ نحن نخالفه انه يجعل يد الله عضوا وجزءا من الله. ولعل المناوي غفل عن ذلك ولم يدرك حقيقة كلام ابن تيمية.
وعلى كل حال فمثل المناوي يبدّع من اعتقد الجهة لله ويكفر من يعتقد الجسمية لله, فالامر بسيط.
اما الآلوسي فلا ريب انه حصل علما جما وبلاغة عجيبة. ولكن مثله الذين تأثروا بابن عبد الوهاب لا يمكنك ان تحتج به علينا. فهو من محبي الرجل ونحن من مبغضيه, فلا ادري كيف لهذا ان يكون حجة علينا؟ الرجل نوافقه فيما لم يخالف اصول اهل السنة والجماعة ولكن لا نوافقه فيما خرج عنها.

اما الاخ اسامة فاهلا بك.
اما عن الذهبي فهو تلميذ ابن تيمية فلا ريب انه سيمدحه. الا ان الذهبي خالفه في امور كثيرة كمسألة التبرك والدعاء عند القبور والتوسل.... فهو قد شحن كتبه من ذلك, واستحسن كثيرا من ذلك, ثم هو رد عليه في رسالة مهمة تسمى الرسالة الذهبية ,ارسلها لابن تيمية ناقدا له اثبتها انا هنا ان شاء الله قريبا ,و بيّن فيها حاله وهاجمه فيها وتنقص منه لا بل وبدعه. فكان الاولى ان تاتي بهذه الرسالة ايضا واراك لم تفعل؟ لماذا؟ آه صحيح انت لست الا مجرد ناقل!!!

واما السيوطي و ابن حجر العسقلاني وغيره وغيره من الائمة الذين ترجموا لابن تيمية , فهم انما حسّنوا الظن به لما تواتر عندهم من كون ابن تيمية تاب من عقيدته الحشوية بحيث اعلن عن نفسه انه اشعري. وترى ذلك صريحا في الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني وغيره. ومن هذا الذي يظن ان العسقلاني والسيوطي يمدحان الحشوية والجهوية المشبهة وكتبهما عابقة بتبديعهم وتضليلهم؟ من راجع كتب الشيخين كيف له ان يقول ذلك؟ ولا ارى الا انك لم تقرأ شيئا لهما.انما انت ناقل تريد التشغيب ليس الا.
ثم تعال الى هنا. ارجوك لا تضحك علي بايرادك لكلام ائمتي في العقيدة والمذهب وكأنك تحاول بذلك الزعم ان هؤلاء الاعلام يمثلونكم. لا والله هؤلاء ائمة اهل السنة هؤلاء اشاعرة الذين تضللونهم وتدعون انهم من مخانيث المعتزلة والجهمية, فكفاكم ادعاء ان هؤلاء يمثلونكم, واذهب واضحك على غيري في ذلك , فنحن نعرف هذه الابواب ومحاولتكم حشر انفسكم مع هؤلاء الاعلام هم اصلا لا يقبلوه. افيقبل السيوطي رحمه الله الذي الف رسالة في نجاة ابوي النبيّ صلى الله عليه وسلم ورسالة في اثبات وجود الابدال والاقطاب اقول افيقبل من الف مثل هذه الرسائل ان نحشره مع الذي يبدع ويكفر من يقول ذلك؟ سؤال اتركه لك عزيزي..... والحمد لله رب العالمين

أسامة1
12-04-2008, 04:25 AM
ما هذا النفاق الذي لا يستطيع أن يسبقك إليه ابن سلول لو كان حاضرا
تحاول تأويل كلام الآعلام بطريقتك المبتذلة لتنتصر لمذهبك الضال
وتتهم ابن حجر بأشعريتك المحترقة
لا والله ليس أشعريا إلا أنكم تتمسحون بالأعلام لظنكم بإمكانكم مناطحة الكبار بتمسحكم هذا
من وافق الأشاعرة بمسألة فليس أشعريا ومن وافق المبتدعة ببدعة ليس بدعيا
ومن وافق المعتزلة بمسألة ليس معتزليا ومن وافق المرجئة بمسألة ليس مرجئا وهلم جرا
وبالنهاية كذبت وربي كل ما فسرته إنما هو تفسير من شيطانك الكبير ومشايخك الذيين علموك السحر

فخر الدين الرازي
12-05-2008, 09:16 PM
اقرأ هنا لترى من هو المنافق
http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=235203#post235203 (http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=235203#post235203)