تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البيداغوجيا (كيفية إيصال المعلومة )



دار الاسلام
12-01-2008, 12:26 AM
البيداغوجيا (كيفية إيصال المعلومة )

تحدثنا في لقاءات سابقة عن أهم المعارف التي تبني عليها الأعمال الإعلامية , (مجرد سرد و تعريف بسيط ), ثم تدرجنا إلى مرحلة أكثر عمقا فتحدثنا عن إحدى ركائز المعارف الإعلامية : "اللغة والبلاغة " و اليوم في هذا اللقاء الطيب ,فإننا نواصل تدرجنا ذاك بالحديث عن ركيزة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى ألا وهي " كيفية إيصال المعلومة "أو ما يعرف بالبيداغوجيا ,بحيث يصبح لنا بعدها رؤية واضحة لأي عمل يقوم به الإعلام فتسهل علينا مراقبته و عد أنفاسه و بالتالي التحكم فيه إذا ما استطعنا أن نزيل تخديره المركز على المتلقي المسلم , ليتحول من مجرد متلق ساذج إلى ناقد نبيه يحاسب الإعلام ...
إن الفكر يمثل حجر الزاوية و الأساس في تحديد شكل و مسار حياة الأمم و الأفراد بل و يتعدى دور الفكر الحاضر ليؤثر بشكل حاسم في مستقبل الأمم و الأفراد فالطريقة التي يفكر بها الناس هي التي تحدد سلوكهم و أعمالهم،إذن فدور الفكر يتمثل في التحديد و السيطرة و التوجيه للأعمال، فالإنسان أسير في سلوكه و أعماله للفكر الذي رسخ في ذهنه و بل و حتى ذوق الإنسان أسير في أكثره لهذا الفكر. وهذا الأمر أدركه الغرب لذلك فهو لا يتوانى في استخدام أي أسلوب يستطيع من خلاله الولوج إلى عقولنا أو السيطرة على تفكيرنا لتطويعنا لخدمة أهدافه.

وبما أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته وفطرته ،و يميل للعيش على شكل مجتمعات ، ولا يعيش منفردا ، وهذه خاصية فسيولوجية ، أوجدها الله عز وجل به , لذلك برزت حاجة الإنسان للاتصال بغيره من البشر ، بإحدى وسيلتي الإحساس, البصر والسمع ، وذلك من أجل إيصال معلومة من إنسان إلى غيره سواء فرد أو مجموعة أفراد.

وإيصال المعلومة دائما له هدف ، فلا يُتصور أن يقوم فرد من الأفراد بالاتصال بآخر أو بمجموعة من أجل إيصال معلومة من غير هدف ، حتى لو كان الهدف التسلية ، فالتسلية هنا هي هدف .
وما يهمنا في هذا المقام هو آلية إيصال تلك المعارف والمعلومات التي تحمل أفكارا ،وهدف الجهة المعنية أو صاحب الفكرة والمتمثل في حمل المُتَصَل بهم أو المتَلقين لهذه الفكرة ،على تغيير قناعاتهم أو أفكارهم إذا تمكن من الوصول إلى عقولهم ، وإقناعهم .

فالقول بأنه يوجد " في كل إنتاج إعلامي بعد دلالي و بعد بيداغوجي تربوي وان على الناقد أن يتحسسهما لمعرفة غايات هذا الإنتاج السياسية و خلفياته الفكرية "
يعني أن الإعلامي عند صياغته للمادة الإعلامية ,, يفكر كثيرا في كيفية وصولها إلى المتلقي , و ليس الوسيلة هنا هي المقصودة , بل كيف تقع معلومات هذه المادة في نفسه و كيف تتعامل معها النفس البشرية و ما يمكن أن ينتج عنها من ردات أفعال عند المتلقي ,, وهذا بدوره يوجب على الناقد ضرورة الإلمام بالمعارف النفسية و الاجتماعية و البيداغوجية..


إن البعد الدلالي ، يعني دلالات الألفاظ والجمل ، ولكنه هنا يحمل في طياته معانٍ أكثر من دلالات الألفاظ و الجمل , إذ يشمل البعد الدلالي معنى التراكيب , و التكرار , و التركيز, و إتيان الفكرة المراد إيصالها من كل الجوانب المراد تناولها منها , فان أردنا المناوأة ، عرّضنا لدحض الفكرة وأتينا بكل ما يردها , و تجاهلنا أو شوشنا أو قللنا من شأن ما يدعمها .
فلو أتينا كوسيلة إعلامية ، على ما لا نريد أن يَظهر إلا عواره ، وخطؤه ، وزيفه ، أتينا بكل ما يتوافق مع هذه الفكرة التي نحملها ، فندعمها بآراءٍ غير آرائنا ، وتجاهلنا كل ما لا يوافق هذه الفكرة والمفاهيم التي لدينا ، وكأننا أحطنا بالفكرة من جميع الجوانب التي تظهر قوة طرحنا ، وتبين فكرتنا التي نريد أن نوصلها للمتلقي .

فإلى جانب الدلالات الظاهرة للإنتاج الإعلامي و دلالات مكوناته البصرية و السمعية , له دلالات نفسية أخرى , مهمتها تهيئة النفوس إلى قبول موقفنا من الفكرة , و في الغالب يكون هذا الجانب أهم بكثير من الدلالات الظاهرة , إذ هو ما سيبقى في النفس , وهو ما سيؤثر في السلوك .

أما البيداغوجيا :فهي المعارف المتعلقة بكيفية إيصال المعلومة , و مراحل تبليغ هذه المعلومة , حتى نصل بها إلى زرعها في النفوس , ثم تحويلها إلى مفهوم مؤثر في السلوك .
فلا معنى لأن تكون الأفكار التي تجهدنا في إيصالها للناس ، وتكلفنا الأموال والجهود المختلفة ، مجرد كلمات يرددها الناس ، دونما تأثير في سلوكهم ، فالأصل أن تتحول هذه الكلمات إلى معانٍ لها دلالاتها في النفس ، فتقودُ النفسَ إلى التصرف بناء على هذه المفاهيم والدلالات .

فالبيداعوجيا هي سلوك في التنقل بالمعلومة درجة درجة حتى تصبح مفهوما مؤثرا في السلوك .
فهي معرفة و سلوك ينطلق بداية من دراسة إمكانيات المتلقي , فندرس نقاط قوته و نقاط ضعفه , وندرس نقاط تنبهه و نقاط غفلته , ثم التعامل معها بطريقة تخدم الهدف الذي نريد أن نصل إليه في سلوكه , و مشاعره , ثم في أفكاره .

إذن فالبيداغوجيا هي مشرحة السلوك الإنساني و ما يدفع إليه و ما يؤثر فيه , و كيفيات التحكم في كل ذلك .
و هذه المعارف يدرسها الإعلامي بتعمق , إذ إن عمله هو التأثير في السلوك الإنساني و مواقفه , و بالتالي التحكم في ردات أفعاله و توجيهها .
وقد قلنا سابقا ، أن الأهداف التي من اجلها يعمل الإعلام ، هو التأثير في الرأي العام ، والرأي العام هو آراء الناس المختلفة في المجتمع ، فيقوم الإعلام باستخدام البيداغوجيا ،

أولا : لدراسة ما يؤثر في آراء أفراد هذا المجتمع .
ثانيا : ليدرس الإعلام كيفية إيصال المعلومة إليهم باستخدام المؤثرات من خلال معرفة نقاط القوة والضعف في تلقيهم .
ثالثا : العمل على نقل أفكار ومفاهيم الإعلام من خلال أخباره التي يلقيها إلى عيون وآذان المتلقين فتصل إلى قلوبهم وعقولهم من خلال المؤثرات التي استخدمها الإعلام للوصول إلى ذلك ، فيتغير سلوك الفرد بناءً عليها .
و البيداغوجيا كما نرى لا تخلو من بعد تربوي , و التربية هي صقل السلوك الإنساني بحسب منهج معين مبني على فكرة معينة , لأجل الوصول به إلى تناغمٍ في حياته الخاصة , و حياته الاجتماعية .

و التحكم بالمعلومات و صياغتها و طريقة تقديمها و تركيز تقديمها و كثافته , و التكرار و التواصل , يؤثر قطعا في مشاعر الإنسان و بالتالي مواقفه , و ردود أفعاله , ثم في مفاهيمه بالتالي في سلوكه .

و لهذا نقول أن الإعلام قد استلم الدور الأكبر لتشكيل السلوك الإنساني انطلاقا مما يقدمه من معلومات و مواقف بصوغها بشكل يخدم توجه من يقف وراءه من سياسيين .

فالتأثير في الإعلام , و تغيير مساره , يعني التأثير في الرأي العام و تغيير مساره , و بالتالي التأثير في سلوك الإنسان و تغيير مساره . ولا احد ينكر ما لهذا العمل من خطورة و أهمية .
أما بالنسبة لسلوك الإنسان ، فإنه لا يُدرسُ التأثير في سلوك الناس بشكل فردي منفصل , بل يدرس على أساس انه سلوك اجتماعي , أو جماعي .أي أن هذا السلوك ليس شاذا ، يقوم به فرد أو أكثر من المجتمع بشكل منفصل ، بل يكون هذا السلوك من ضمن العلاقات الدائمية التي قلنا في تعريف المجتمع أنها من أحد أركانه حتى يكون مجتمعا ، فهذا السلوك الذي نريد أن ندرسه لا بد أن يكون سلوكا جماعيا ، يؤديه أفراد المجتمع أو يقومون به بشكل اجتماعي ولا أعني جماعي ، أي ليس بالضرورة أن يُؤدى السلوك بشكل جماعي كما في صلاة الجماعة ، بل يُدرسُ السلوك بكونه من إحدى سمات هذا المجتمع كالصلاة بأنها إحدى سمات مجتمع مسلم ، لا على أنها تؤدى جماعة . و لذلك لا يحتاج إلى قياس تأثر كل شخص بالمادة المقدمة , إنما يكتفى بملاحظة سريانه في المجموعة البشرية عموما , في القرية أو في المدينة أو في الدولة , أو في الأمة .

كما أن البيداغوجيا , هي رسم المناهج , لغاية إيصال المعلومة , و تركيز الأفكار, ثم تطبيق هذه المناهج على مجموعات بشرية , أو في مجتمع بشري .

و هي مهارات و معارف , و ليس علوما , و إن أخضعت عند المغرقين بالتجارب في هذا العصر المتردي إلى التجربة و الملاحظة .. إي إخضاع الحياة البشرية إلى التجربة المخبرية , أو متابعة سير الحياة البشرية في محيطها الطبيعي لكن بعقلية مختبراتية , لا اجتماعية سياسية .

و بما أنها رسم لمناهج , لها غاية , توضع لأجل أن تطبق على بشر , فإنها تخضع في كل مرة إلى تقييم القائمين عليها , من حيث غاياتهم التي يريدون الوصول إليها , و الحالة الاجتماعية التي يتعاملون معها .
و بالتالي لا يمكن الحديث عن أسس متعارف عليها , بل يمكن الحديث عن خلاصة تجارب أو محاولات مختلفة قد تتوحد في بعض المراحل أو النقاط أو الملاحظات .
وهذا يعني أنه لا يوجد قواعد عامة لهذه البيداغوجيا ، ولا يمكن وضعها في إطار خاص ، يُتعارفُ عليه في مختلف الأماكن والأزمان ، فلا ينطبق عليها لفظ علم بتفصيلاته وما يحمل من قواعد وأسس ، وإذا تكلمنا عن البيداغوجيا فإننا نتكلم عن نتائج لتجارب حدثت مع من جرّب هذا الفن .
وأخيرا ، فإن الإعلام قام للتأثير في الرأي العام ، وبالتالي توجيه السلوك ، وإنتاج ردات الفعل ، من خلال تقديم معلومة للناس تحمل في ثناياها أفكار الواقفِ وراء هذه المعلومات.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=6100 (http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=6100)

خفقات قلب
12-01-2008, 09:32 AM
درست تربية واصول تربية وعلم نفس تربوي ومناهج تعليم،
فما الفرق بين البيداغوجيا وأصول التربية؟!
زيادة هم مثلاًًً!!

دار الاسلام
12-01-2008, 08:28 PM
درست تربية واصول تربية وعلم نفس تربوي ومناهج تعليم،

فما الفرق بين البيداغوجيا وأصول التربية؟!

زيادة هم مثلاًًً!!


اختي الكريمة ... لو كان عندي اجابة لأجبت :D

خليها لظروفها !!! لو تجلت عندي الافكار ... بتصور راح يجي جواب :cool:

خفقات قلب
12-01-2008, 10:02 PM
إن شاء الله تحين ساعة التجلّي...:smile:

من هناك
12-02-2008, 12:20 AM
البيداغوجيا هي وسيلة لإيصال المعلومة بطريقة تسهل التعلم بينما اصول التربية هي اسس العملية التربوية

العلاقة بينهما هي كالعلاقة بين الأعمدة وواجهة المبنى

دار الاسلام
12-02-2008, 02:21 AM
البيداغوجيا هي وسيلة لإيصال المعلومة بطريقة تسهل التعلم بينما اصول التربية هي اسس العملية التربوية

العلاقة بينهما هي كالعلاقة بين الأعمدة وواجهة المبنى
كلام جميل ...كلام معقول ...مقدرش اقول حاجة عنه :cool:

يعني اصول التربية هي الاسس و الافكار و البيداغوجيا هي الطرق المتبعة و الوسائل ... والله اعلم

خفقات قلب
12-02-2008, 10:26 AM
جزاك الله خيرا يا بلال..
وجزاك الله خيرا يا دار الإسلام على هذا المقال..

من هناك
12-02-2008, 02:12 PM
جزاك الله خيرا يا بلال..
وجزاك الله خيرا يا دار الإسلام على هذا المقال..

لا بد لكل معلم من ان يحيط نفسه علماً بالأساليب البيداغوجية الحديثة كي يستفيد من كل جديد في حقل التعليم وخاصة في هذا العصر الذي اصبح فيه التلميذ معلماً والمعلم تلميذاً.

قد يظن احدهم انني سلبي في عبارتي السابقة عن التلميذ والمعلم ولكن هذا اصل من اصول التعليم الحديثة بحيث يختفي الفارق بين المدرس والدارس ويشترك الإثنان في عملية تعليمية تكاملية واحدة يتعلم فيها التلميذ ما يقربه المدرس إلى فهمه ويتابع المدرس تعلمه مع كل تلميذ جديد لأن كل صف وكل حصة تعليمية تضيف شيئاً إلى خبرة الأستاذ المتطورة دوماً.

خفقات قلب
12-02-2008, 05:05 PM
أتفق معك..لكن المعلم غير الواثق من نفسه يزعجه أن يتفوق تلميذه عليه
متناسيا أن الزمن غير الزمن..والوصول إلى المعلومة الآن لم يعد عسيرا كما السابق

من هناك
12-02-2008, 05:18 PM
أتفق معك..لكن المعلم غير الواثق من نفسه يزعجه أن يتفوق تلميذه عليه
متناسيا أن الزمن غير الزمن..والوصول إلى المعلومة الآن لم يعد عسيرا كما السابق
بالنسبة للأساليب الحديثة لا يقبلون وجود استاذ فاشل او تلميذ فاشل، هم يسعون إلى تعريف الشخص بنقاط قوته واستخدامها ولو ادى ذلك لانتقال الشخص من مكان إلى مكان آخر لأن الفاشل هنا قد يكون ناجحاً هناك