تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اتباع السيستاني وحج هذا العام … مأزق وحيرة



دار الاسلام
11-28-2008, 08:49 PM
كتابات - محمد عباس

كان الفرق في تحديد يوم عيد الفطر لهذا العام بمثابة كارثة على الطائفة الشيعية اظهرت بجلاء مقدار الانقسام الذي تعاني منه وحجم الاختلاف بين مراجع الحوزة انفسهم وانعدام الثقة فيما بينهم بحيث يصل الى حد ان السيستاني لايقبل شهادة من يقبلهم السيد محمد سعيد الحكيم الذي حدد يوم الاربعاء اليوم الاول من شهر شوال بعد ان وصلته شهادات عدول لديه برؤية الهلال ليلة الاربعاء , ولست من اتباع اي من هؤلاء ولاغيرهم كما ان هدفي من هذه المقالة ليس الدخول في بحث فقهي حول رؤية هلال شهري رمضان وشوال او الاشهر العربية عامة رغم اني على قناعة انه سياتي اليوم الذي سيهزأ الناس من فكرة ان الرؤية يجب ان تكون بالعين المجردة وعدم جواز اعتماد الرؤية باستخدام الاجهزة الحديثة المعتمدة عالميا والدقيقة فلكيا بنسب تصل الى الصواب المطلق, حيث من المضحك المبكي ان يعتمد كل المراجع الاجهزة الحديثة في تحديد شروق الشمس وغروبها وعليه تحديد مواقيت الصلوة اليومية الخمسة واصدار مواقيت للصلاة لكامل السنة بل ومواقيت لكل سنة دون ان يجادل احد منهم على وجوب رؤية الشروق والغروب بالعين المجردة للتاكد من دخول وقت الصلاة, الا أنه عندما يصل الامر الى صيام شهر رمضان تنقلب الامور راسا على عقب ويتم ادخال العقل في غيبوبة وتبدأ خلايا الدماغ الحوزوي بالجمود والتصلب كما يتصلب الاسمنت على أحاديث يتم تأويلها بتعسف لتتناسب مع توجهات هذا المرجع او ذلك!
على اية حال جرت العادة لدى الشيعة على تقبل هذا الواقع المرير وقتل فرحة العيد في كل سنة وتحويل هذا اليوم المبارك من يوم للالفة الى يوم للفرقة ليس بين الشعية والسنة فحسب بل وصلت ببركات السيد السيستاني هذا العام الى فرقة في البيت الواحد حيث لا أدعي هذا بهتانا فقد صام زوج اختي يوم الاربعاء فيما افطرت زوجته في ذالك اليوم الذي قررت فيه ترك تقليد السيستاني وهم في قرارة انفسهم يلعنون المرجعية والتقليد ويبحثون عن حل لهذه الماساة التي جعلت يوم العيد مأساةَ بدلا من أن تخرج الاسرة مجتمعة لصلاة العيد وتجلس بعدها على مائدة اول افطار بعد شهر الصيام المبارك أخذوا بالانقسام على انفسهم دون ان يكون بمقدورهم ان يقدموا توضيحا لاطفالهم عن سبب هذا الاختلاف في أهم يوم في السنة ولماذا يفرق الدين اكثر مما يوحد؟؟
السؤال المهم في هذا المقال هو كيف سيتعامل اتباع السيستاني مع قضية الوقوف بعرفة في حج هذا العام فلو كان الفرق يوما واحدا لهان الامر ولاصبح من السهل تدارك المشكلة ولكن وحسب التقويم الهجري فان اليوم الاول من شهر ذي الحجة سيكون على اغلب الظن هو يوم التاسع والعشرون من تشرين الثاني اي يوم السبت لان الهلال سوف يولد حسب الحسابات الفلكية يوم الخميس الساعة 16.55 حسب التوقيت العالمي او الساعة 19.55 حسب توقيت الرياض او بغداد اي سيكون بالامكان معاينة الهلال يوم الجمعة المصادف 28\11\2008عند الغروب حتى على رأي من يقول بوجوب الرؤية بالعين المجردة وعليه سيتم اعتبار يوم السبت 29\11\2008 هو اول ايام شهر ذي الحجة وكنتيجة لذلك يكون الوقوف بعرفة في يوم التاسع من شهر ذي الحجة يوم الاحد المصادف 7\12\2008 هذا اليوم سيكون حسب التقويم السيستاني هو يوم السابع من شهر ذي الحجة اي بفارق يومين كما كان عليه الفارق في تحديد اليوم الاول من عيد الفطر وعليه فان اتباع السيستاني سيقفون بعرفة في يوم أخر لا علاقة له بعرفة اي ان وقوفهم لا اعتبار له فقهيا من وجهة نظر السيد السستاني لانه سيكون وقوف في يوم مثل باقي الايام وكما هو معروف فان الحج عرفة ولا حج دون عرفة اي ان حج اتباع السيستاني سيكون في مهب الريح ونظريا عليهم اعادة حجهم والعوض على الله اذا التزموا بالفقه السيستاني الذي يحرم التبعيض مطلقا اي انه يسد عليهم الطريق في الرجوع في هذه المسالة الى غيره من الفقهاء.
وللامانة فاني راجعت موقع السيد السستاني لمعرفة الرأ ي الرسمي له في هذه المسالة ووجدت المسالة رقم 371 من مسائل مناسك الحج وهي كالاتي نصا منقولا من موقعه الرسمي :
***************
مسألة 371 : إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما ان لها أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة المكلف ان يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها.
وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجية حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من الوقوفين وغيرهما.
فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوماً بالفساد.
بل قد يقال بالإجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقية الجري على وفقه.
ولكن كلا القولين في غاية الإشكال، وعلى هذا فإن تيسر للمكلف اداء اعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال واتى بها صح حجه مطلقاً على الاظهر.
وإن لم يات بها كذلك ـ ولو لعذر ـ فإن ترك ايضاً اتباع رأي القاضي في الوقفين فلا شك في فساد حجه، واما مع اتباعه ففي صحة حجه إشكال.
**********************
لا اريد ان اتجنى على الرجل لان هذه المسالة تعتبر من الطلاسم التقليدية الشائعة لدى من يسمون علماء الحوزة وايات الله العظام التي لا يفهم منها المكلف البسيط شيئاً ويحتاج الى من يترجم له لكي يفهمها رغم انها ليست من مسائل علم الاصول او علم الكلام او الفلسفة او غيرها بل مسالة عبادية بسيطة يبتلى بها كل من ينوي اداء فريضة الحج من مقلدي السيستاني.. وساحاول الغوص في تفاصيل فك رموز هذه الطلاسم بمقدار فهمي لها وساضع بين قوسين ماورد في النص الاصلي من المسالة.
الجزء الاول من المسألة يبدو واضحا دون اشكال وهو:
مسألة 371 : (إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما ان لها أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام)
الى هنا واضح ولا غبار عليه الان ناتي الى العقبة الاولى عندما نريد الاسترسال في قراءة المسالة نصل الى عبارة:
(فوظيفة المكلف ان يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها)؟
وهنا المصيبة اي ان على المكلف الذي شد الرحال الى بيت الله الحرام حين يصل الى هناك بدلا من التوجه الى العبادات فان عليه قبل كل شي محاولة رؤية الهلال لاثبات دخول شهر ذي الحجة اي ان المكلف هو المسؤول عن معرفة دخول الشهر من عدمه بدلا من ان تخبره المسالة عن كيفية ثبوت الرؤية واي الجهات بامكانه الاعتماد عليها وكيفية التمييز بين الصواب والخطأ !!؟
حسنا فلنواصل قراءة المسالة:
(وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة, وحكم على طبقه)
اي بعبارة بسيطة ومفهومة اذا اعلنت حكومة المملكة العربية السعودية اول ايام شهر ذي الحجة وحددته اعتمادا على فتوى قاضي مكة المكرمة
) وفرض مخالفته للموازين الشرعية (ماذا تعني هذه العبارة ؟ كيف افترض مخالفتها للموازين الشرعية و كيف لي السبيل كمكلف لمعرفة ذلك؟ ولماذا افترض مخالفتها للموازين الشرعية ؟ اليسوا مسلمين وهم اهل الديار المقدسة وهم اعلم بها؟ ما معنى هذه العبارة ؟ ماذا يريد السيد السيتاني من ورائها؟ حسنا لنتكلم بصراحة انه يشير بشكل غير مباشر الى ان ما يفتي به قاضي مكة المكرمة هو لا يطابق نظرية السيستاني في مسالة الاستهلال او اثبات دخول الشهر العربي وعليه تترتب معضلات تحاول المسالة ايضاحها فتزيدها تعقيدا! كيف؟ لنقرأ:
(فقد يقال بحجية حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع)
اي ببساطة انه هناك من المكلفين من سيتبع حكم قاضي الديار المقدسة ويعتبر اول ايام شهر ذي الحجة هو مايقول به هذا القاضي لانه حسب اطمئنان المكلف فان حكم القاضئ مطابق للواقع اي يعتقد المكلف ان الشهر العربي ذي الحجة قد بدأ فعلا كما حكم به قاضي الديار..
(فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من الوقوفين وغيرهما)
اي يتوجب على المكلف في هذه الحالة ان يؤدي المناسك بشكلها المعروف من خلال الوقوف بعرفة والمزدلفة والمبيت بمنى ليالي التشريق وتادية بقية الاعمال تباعاَ
(فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوماً بالفساد)
اي انه اذا رتب اثار الاعتماد على فتوى قاضي مكة المكرمة وادى المناسك كلها كان حجه صحيحا والا فان لم يؤدي المناسك رغم قناعته بدخول الشهر فمن البديهي يكون حجه باطلا.
(بل قد يقال بالإجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقية الجري على وفقه)
ماذا تعني هذه الطلاسم؟ اي قد يقول قائل انا اتبع رأي قاضي مكة المكرمة بثبوت دخول شهر ذي الحجة حتى لو كان القاضي مخطئأ لانه يخالف رأي السيستاني ولكني اعمل بالتقية اي خوفاً على نفسي من القتل او الضرر باي شكل اذا خالفت بقية المسلمين او لاي سبب ما يفرض علي ان أساير بقية المسلمين فانه في هذه الحالة أيضا يتوجب اداء المناسك من الوقوف بعرفة والمزدلفة والمبيت بمنى
(ولكن كلا القولين في غاية الإشكال, وعلى هذا فإن تيسر للمكلف اداء اعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال واتى بها صح حجه مطلقاً على الاظهر)
ماذا يعني كلا القولين في غاية الاشكال: قبل قليل فهمنا انه اذا اتبع فتوى قاضي مكة المكرمة وادى المناسك على وجهها الصحيح كان حجه صحيحا والا نفهم ان هناك مشكلة؟
فاذا تمكن المكلف من اداء اعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال؟؟ اية طرق ؟؟ ومن قررها ؟؟ هل يقصد الطرق المقررة من قبل السيد السستاني؟ اي ان على المكلف ان ينتظر راي السيد السيستاني لتحديد بادية الشهر ثم عليه ان يؤدي الاعمال منفردا اي ان يقف بمفرده بعرفة رغم ان الحجاج قد افاضوا من عرفة قبل يومين وان يقف بمزدلفة بفارق اليومين وهكذا يزحّف كل الاعمال عندئذ فقط يكون حجه صحيحا وليت شعري افهم ماذا تعني عبارة ( مطلقا على الاظهر) هل يعقل اية الله العظمى يدرس عشرات السنين علوم دينية باللغة العربية لا يعرف ان يصوغ عبارة مفهومة ميسرة للمكلف المبتلى بهذه المصائب؟ فلماذا لا يقول حجه صحيحا وانتهينا؟
(وإن لم يات بها كذلك ـ ولو لعذر ـ فإن ترك ايضاً اتباع رأي القاضي في الوقفين فلا شك في فساد حجه، واما مع اتباعه ففي صحة حجه إشكال)
اي ان لم يقم باداء المناسك لاي سبب كان ولم يعتمد على رأي قاضي مكة المكرمة في تحديد اليوم الاول من شهر ذي الحجة وثبوت دخول الشهر فمن المؤكد ان حجه باطل ولا قيمة لرحلته اي يعتبرها رحلة سياحية! وحتى لو اتبع راي القاضي واتى بالاعمال على اتم وجه ففي صحة حجه اشكال!!!! سبحان الله ماذا يعني هذا والله وانا اكتب المقال ابذل جهدا شديدا لفهم هذا اللف والدوران!
وبقيت الاسئلة الهامة من غير اجابة وهي:
• اذا لم يتسنى لي ان اقوم بالاعمال في اوقاتها الخاصة اي اعتمادا على دخول الشهر حسب راي السيستاني واتبعت راي قاضي مكة ووقفت مع 3 ملايين مسلم وفدوا من اقطار الارض يرفعون ايديهم الى السماء ويطلبون الصفح والرحمة من الرحمن الرحيم الذي لم يجعل في الدين من حرج
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (الحج : 78 )
رغم ذلك ففي صحة الحج اشكال ولا ادري ماذا تعني كلمة اشكال ؟ هل الحج صحيح ام لا؟ وكيف سيحل هذا الاشكال ؟؟ هل سينزل وحي على السيد السيستاني ليبلغه صحة الحج ام ماذا؟وهل هذه المسألة جديدة في الفقة لكي يكون محل اشكال لم يجد له حلا لغاية اليوم ؟ وهل يمكن تعديل الحج لاحقا رغم عدم مطابقة اوقاته لفتوى السيد السيستاني في ثبوت الرؤية؟ لماذا لا يسمح لمقلديه بالتبعيض واتباع مرجع اخر يرى رأيا ميسرا في هذا الموضوع؟ لماذا هذا الاحتكار في التقليد رغم ان السيد السيستاني ليس الاعلم بدليل انه لا يستطيع ان يحل هذا لاشكال القائم منذ عشرات بل ومئات السنين؟
من العجب العجاب ان يمنح لقب اية الله العظمى والمرجع الاعلى والامام وتضفى عليه هذه القداسة والتعظيم ووصف علومه بالغزيرة وهو غير قادر على حل مسالة تتكرر كل سنة ومحل ابتلاء الملايين ؟؟ سبحان الله وبحمده !
تحدثت في هذا الموضوع مع شخص من مقلدي السيستاني اعرفه ينوي اداء مناسك الحج هذاالعام فارتبك الرجل وظن اني من معادي السيستاني وغيره فاتصل باحد وكلاء السيستاني في لندن فقال له الوكيل اذهب انت الى الحج ونحن سنعطيكم فتوى في وقتها!
فقلت له كيف يعطيكم الفتوى هل سيفترض صحة الوقوف في عرفة في اليوم السابع من ذي الحجةاو انه سيفتي بجواز التبعيض اوربما يتوصل الى دليل بجواز استخدام المراصد الفلكية في الاستهلال اوسيفتي بصحة فتوى قاضي الديار المقدسة؟ !وهل يمكن للمرء ان يعدل في نيته بعد انتهاء العمل ولماذا لا يفتي الان ويوضح هذا الاشكال لاتباعه؟
أسئلة متكررة منذ عقود من الزمن وايات الله العظام ليسوا قادرين على حلها بل وربما ليس لديهم الرغبة في حلها لانها بضاعتهم التي يعرضونها كل سنة وفي كل موسم لاثبات ايهم اكثر اتباعا وصيتاَ وسمعةَ بين الشيعة الذين اصبحوا كالرهائن بايدي المراجع اختطفوهم بدينهم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم