تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا اختار الله اللغة العربية للقرآن الكريم ؟



عزام
11-24-2008, 09:59 PM
إن القرآن الكريم هو الذي وحَّد اللهجات العربية في بوتقة واحدة , فتحصنت اللغةالعربية , ثم جاء المغول ليخنقوها , وقذفوها في مياه دجلة , إلا أنها لم تختنق ولمتغرقها مياه دجلة العارمة , فهبت اللغة العربية منتصبة على قدميْها .

وجاء(نابليون ) يريد محوها ودفنها , فلم يستطع وأعلنت العربية عن وجودها .

وجاءت حركة(الاتحاد والترقي ) في العهود الأخيرة من عمر الخلافة العثمانية , يريدون الكيدمنها , فباءوا بالفشل الذريع .

وعقدت مؤتمرات ( باريس ) لمحو اللغة العربية منأرض الجزائر , فما استطاعوا أن يطفئوا نار حقدهم , هذه اللغة العظيمة , أي شيءأكسبها هذا الخلود والبقاء , لا شك

ولا ريب إنه كتاب الله ( القرآن الكريم) .

ولهذا نفهم كلام العرب الذي قالوه قبل عشرات القرون , بينما الفرنسيونوالإنكليز وغيرهم لا يستطيعون أن يفهموا ما كُتب قبل أربعمائة عام , إلا بجهد جهيد , وبالاستعانة بالمعجمات لحل غموض اللغة التي يسمونـها ( الكلاسيكية ) أو ( القديمة ) بعد أن تغيرت قواعدها , على عكس العربية .



لقد أكد القرآن الكريم حقيقةعروبته في آيات كثيرة , منها قوله تبارك وتعالى :



)إنا أنزلناه قرآناًعربياً لعلكم تعقلون)[1] , وقوله :(ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهميتذكرون، قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون)[2], وقوله أيضاً :(كتاب فصلت آياتهقرآناً عربياً لقوم يعلمون)[3].



ومع تأكيد القرآن هذه الحقيقة فقد نفى أنيكون فيه لسان غير عربي .

قال الإمام الشافعي :

فأقام الله سبحانه وتعالىحجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها , ثم أكد ذلك بأن نفى عنه ـ جل ثناؤه ـ كللسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه )[4]:

فقال الله تعالى :(ولقد نعلم أنهميقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)[5], وقالالله تعالى :(ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجميوعربي)[6].

فالقرآن الكريم لم يخرج من مألوف العرب في لغتهم العربية , من حيثالمفردات والجمل, فمن حروفهم تألفت كلماته , ومن كلماته ركبت جمله , ومن قواعدهمصيغت مفرداته, وتكونت جمله , وجاء تأليفه , وأحكم نظمه , فكان عربياً جارياً علىأساليب العرب وبلاغتهم , ولكنه أعجزهم بأسلوبه وبيانه ونظمه الفذ , إلى جانب نفوذهالروحي , وأخباره بالغيوب , ومعانيه الصادقة , وأحكامه الدقيقة العادلة , والصالحةللتطبيق في كل زمان ومكان , وهو الكتاب الوحيد الذي تحدى منزله ـ جل جلاله ـ البشركافة أن يأتوا بمثله .



كما يجب علينا أن نلاحظ أن القرآن الكريم , لم يعبربكلمة (لغة) , وإنما عبر بـ(اللسان) بمعنى اللغة .

قبل نزول القرآن الكريم كانالعرب يتكلمون اللغة العربية بالسليقة والسجية , فصيحة معربة , سليمة من اللحنوالاختلال , ولم تكن لها قواعد مدونة , والنحو المدون لم يظهر حتى ظهر نور الإسلام , ونزل به القرآن , فخرج جيل الفتح الأول داعين إلى توحيد الله, مبشرين بدينه , حاملين كتابه بلسان عربي مبين , فانتشرت العربية بانتشار الإسلام , وكتب العلماءالمسلمون من غير العرب أكثر من علماء العرب , وبذلك أصبحت العربية عالمية مقدسة , ومنتشرة في كثير من أقطار الأرض .



لقد كان للغة العربية ـ بفضل الإسلام ـأنصار ومحبون من غير العرب, وكان لها منهم علماء وأعلام عرَّبـهم الإسلام , حتى كانمنهم أصحاب المؤلفات الرائعة , في قواعد اللغة العربية وفي بلاغة القرآنالكريم.

بل إن أعظم كتاب في النحو العربي هو كتاب سيبويه الفارسي .

ومن أعظمكتب العربية وفقهها (الخصائص) لأبي الفتح عثمان بن جني الرومي اليوناني.

وأشهروأوثق مرجع لغوي في العربية (القاموس المحيط) لأبي طاهر محمد بن يعقوب الشيرازيالفيروزابادي وهو هندي .

وأشهر كتب إعجاز القرآن الكريم وأفضلها , مؤلفوها منغير العرب , نذكر منهم :

أحمد بن محمد الخطابي البستي الأفغاني.

وأبو بكرمحمد بن الطيب الباقلاني.

وعبد القاهر ابن عبد الرحمن الجرجاني.

وغيرهمكثير , ألفوا الكتب في مختلف الدراسات القرآنية, وفروع العربيةوآدابها[7].

وهكذا صاروا مضرب الأمثال ,حتى أصبحنا إذا أردنا مدح أحد من علماءالعرب , ألحقناه بأحدهم وشبهناه به فقلنا : فلان سيبويه عصره , أو زمخشري زمانه .



لقد أصبحت اللغة العربية , لغة الدين الحق الذي يؤمن به مئات الملايين منالناس خارج الوطن العربي , ويغارون عليها , ويفضلونها على لغاتهم الأولى , ويرونأنها أفضل اللغات وأحقها بالحياة , وهي أقوى وسيلة من وسائل الترابط والوحدة بينالعرب أنفسهم , وبينهم وبين المسلمين الذين يتكلمون بها في البلاد الإسلامية , وهيأقوى من رابطة النسب والدم , لأن الدم لا يمكن استصفاؤه بسبب التصاهر والتزاوج , والعربية بما تحمله من رسالة هذا الدين وكتابه , هي أساس العلاقات الحضاريةوالثقافية والاجتماعية بين العرب والمسلمين , بها تتوحد أساليب التفكير والتعبير , ويمكن التفاهم والتعاون على البر والتقوى , ونصرة الإسلام , وهي الحصن الحصين الذييحول دون احتلال عقول أبنائها بآراء وأفكار وافدة .

ولقد بلغ من حب السلف الصالحللغة العربية , وإعجابهم بعبقريتها , أن قال أبو الريحان البيروني :

(والله لأنأُهجَى بالعربية أحب إلي من أن أمدح بالفارسية)[8].



تلك من بعض حكمة الباريـ جل جلاله ـ الذي أرسل كل رسول بلسان قومه , ولغة أمته التي بعث إليها , لدعوتهاإلى الله باللسان الذي تفهم به وليكون لبيان الرسول أثر وتأثير , قال الله تباركوتعالى :(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) [9] .

ولما كانت رسالةالمصطفى صلى الله عليه وسلم خاتمة وعامة , فقد وجب على جميع الناس والأمم الإيمانبه واتباعه , ولا يكمل دين المرء إلا بتلاوة شيء من الكتاب العربي الذي أنزله اللهتعالى , مما يجعل لغته لغة أتباعه وأمته , وأمة العروبة ليست أمة بالنسب والدم فقط , وإنما من تكلم العربية فهو عربي اللسان والثقافة والانتماء , وقد كان العربيقولون : كل من سكن بلاد العرب وجزيرتـها ونطق بلسان أهلها ، فهمعرب[10].



عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيهاصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي , فقال : هذا الأوس والخزرج قد قاموابنصرة هذا الرجل , فما بال هؤلاء ؟

فقام معاذ بن جبل , فأخذ بتلابيبه ثم أتى بهإلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقالته , فقام النبي صلى الله عليه وسلممغضباً يجر رداءه , حتى دخل المسجد ثم نودي : إن الصلاة جامعة , فصعد المنبر فحمدالله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد :

أيها الناس إن الرب رب واحد , والأب أب واحد , والدين دين واحد , وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم , إنما هي لسان , فمن تكلمبالعربية فهو عربي , فقام معاذ بن جبل فقال : بم تأمرنا في هذا المنافق ؟

فقال : دعه إلى النار , فكان قيس ممن ارتدَّ فقتل في الردة[11].



إذن العربية ليستبالولادة ولا بالنسب والسلالة , وإنما بالكلام , فمن تكلم العربية فهو عربي !

ولذلك استطاعت العربية أن تجمع تحت رايتها أمماً وأنساباً وأعراقاً ودماء شتىممن يدينون بالإسلام .

ثم إن علوم العربية الرئيسية , وهي علم اللغة والنحووالصرف والبلاغة بأقسامها الثلاثة , الفضل الأول في نشأتها ونموها واستمرارها يرجعإلى القرآن الكريم , وحرص المسلمين الشديد على المحافظة عليه , والدفاع عنه , وبيانإعجازه , ولما فزع العرب من انتشار اللحن في العربية , هبّوا لتقنين العربيةبابتكار النحو لدرء الخطر عنه , وتعليم الداخلين في الإسلام العربية مقعّدةومبوَّبة , ثم كان ابتكار نقط الإعراب الذي تطور إلى الشكل المعروف(الفتحة والكسرةوالضمة والسكون) .



ولقد اشترط علماء الإسلام على من يريد تفسير القرآنالكريم , أن يكون واسع العلم بالعربية وأساليبها وعلومها وعلوم الإسلام التي منهاعلوم القرآن , لاستنباطها منه , ونشأتها في رحابه , واستمرار الحياة لها بحفظه , قال مجاهد : (لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر , أن يتكلم في كتاب الله إذا لميكن عالماً بلغات العرب)[12].



وقال الإمام مالك :(لا أوتى برجل غير عالمبلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً )[13].



وقال الإمام الشافعي : فإن قال قائل : ما الحجة في أن كتاب الله محض بلسان العرب لا يخلطه فيه غيره ؟



فالحجة فيه كتاب الله , قال الله تعالى :(وما أرسلنا من رسول إلا بلسانقومه)[14].



فإن قال قائل : فإن الرسل قبل محمد كانوا يرسلون إلى قومهم خاصة , وإن محمد بعث إلى الناس كافة , فقد يحتمل أن يكون بُعث بلسان قومه خاصة , ويكونعلى الناس كافة أن يتعلموا لسانه وما أطاقوا منه , ويحتمل أن يكون بُعِث بألسنتهم , فهل من دليل على أنه بُعث بلسان قومه خاصة دون ألسنة العجم ؟؟



فإن كانتالألسنة مختلفة بما لا يفهمه بعضهم عن بعض , فلا بد أن يكون بعضهم تبعاً لبعض , وأنيكون الفضل في اللسان المتبَّع على التابع , وأولى الناس بالفضل باللسان , مَنلسانُه لسان النبي , ولا يجوز _ والله أعلم _ أن يكون أهل لسانه أتباعاً لأهل لسانفي حرف واحد , بل كل لسان تبع للسانه , وكل أهل دين قبله عليهم اتباع دينه , وقدبيَّن الله ذلك في أكثر آية من كتابه , قال الله تعالى :(وإنه لتنزيل رب العالميننزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) [15] وقال:( وكذلك أنزلناه حكماً عربياً)[16] ، وقال :(وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذرأم القرى ومن حولها)[17].



وقال الشافعي أيضاً : ( وإنما بدأت بما وصفت منأن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره , لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحدجهل سعة لسان العرب , وكثرة وجوهه , وجماع معانيه وتفرقها , ومن عَلِمَه انتفت عنهالشبه التي دخلت على من جهل لسانها)[18].

واللغة العربية أيضاً , لغة الغنىوالثراء والسعة , قال الإمام الشافعي : (لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً , وأكثرهاألفاظاً , ولا نعلمه يحيط بجميع علمه نبي , ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتىلا يكون موجوداً فيها )[19].

فلا يمكن لأحد إحصاء جميع الألفاظ العربية , مهمابلغ في اللغة شأواً بعيداً , وفي اللغة العربية كثير من الأسماء لمسمى واحد , كأسماء الأسد والحية والعسل , وممن ألف في المترادف , العلامة مجد الدين الفيروزأبادي صاحب ( القاموس ) , ألف فيه كتابا سماه : ( الروض المسلوف فيما له اسمان إلىألوف ) , وأفرد خلقٌ من الأئمة كتباً في أسماء أشياء مخصوصة , فألف ابن خالويهكتاباً في ( أسماء الأسد ) , وكتاباً في ( أسماء الحية ), ذكر أمثلة من ذلك ( العسل ) له ثمانون اسماً , أوردها صاحب ( القاموس ) في كتابه الذي سماه : ( ترقيق الأسللتصفيق العسل)[20].

والعجب كل العجب من أولئك الذين يشكون من فقر اللغة العربية , وعجزها عن مواكبة العصر , والتطوُّر العلمي الهائل , ولله در الشاعر العربي حافظإبراهيم , الذي قال على لسان العربية :








رجعت لنفسـي فاتهمـت حصاتـيوناديت قومـي فاحتسبـت حياتـي








رَمَوْني بعقم في الشبـاب وليتنـيعقمت فلم أجـزع لقـول عُداتـي








وسعـت كتـاب الله لفظـاً وغايـةوما ضُقْت عـن آي بـه وعظـات








فكيف أضيق اليوم عن وصف آلـةوتنسيـق أسـمـاء لمختـرعـات








أنا البحر في أحشائه الـدر كامـنفهل ساءلوا الغوَّاص عن صَدَفاتي ؟









كما أن اللغة العربية لغة اشتقاقية , تقوم على أبواب الفعل الثلاثي , لذلك فإن خزائنها من المفردات يمكن أن تزداد دائماً , وكل الكلمات المشتقة من أصل ثلاثي معها المعنى الأصلي , بخلاف غيرها من اللغات , فالاشتقاق من أبرز هذه اللغة وخصائصها , وهو ثابت عن الباري سبحانه وتعالى .

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه , أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( أَنَا الرَّحْمَنُ , خَلَقْتُ الرَّحِمَ , وَشَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي اسْمًا , فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ , وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ)[21].



وعددالألفاظ المستعملة من اللغة العربية , خمسة ملايين وتسعة وتسعون ألفاً و أربعمائةلفظ , من جملة ستة ملايين وستمائة وتسعين ألفاً وأربعمائة لفظ , بينما نجد غيرها مناللغات الأوربية لا يبلغ عدد مفرداتها معشار ما بلغته مفرداتالعربية[22].

واللغة العربية لغة الفصاحة والبيان ، قال الفارابي في (ديوانالأدب):

(هذا اللسان كلام أهل الجنة ,وهو المنـزه من بين الألسنة من كل نقيصة , والمعلى من كل خسيسة , والمهذب ما يستهجن أو يستشنع , فبنى مباني باين بها جميعاللغات من إعراب أوجده الله له , وتأليف بين حركة وسكون حلاَّه به , فلم يجمع بينساكنَيْن , أو متحركَيْن متضادَّيْن , ولم يلاق بين حرفَيْن لا يأتلفان ولا يعذبالنطق بهما أو يشنع ذلك منهما في جرس النغمة وحس السمع , كالغين مع الحاء , والقافمع الكاف , والحرف المطبق مع غير المطبق , مثل تاء الافتعال ,و الصاد مع الضاد فيأخوات لهما , والواو الساكنة مع الكسرة قبلها , والياء الساكنة مع الضمة قبلها , فيخلال كثيرة من هذا الشكل لا تحصى )[23].



واللغة العربية ناضجة , ومرنة , وينطبق هذا على نحوها ومفرداتها وتراكيبها وسماتها الدلالية , فلا يكون المتكلمبالعربية ملزماً بترتيب عقيم للكلمات , كالمتكلم بالإنكليزية , فإنه يتبع ترتيباًمعيَّناً : ( فاعل _ فعل _ مفعول به ) , فإذا أردت أن تقول : ( أكل زيد لحماً ) يجبأن يكون الترتيب : ( زيد أكل لحماً ) , ولا يجوز أن تقول : ( أكل زيد لحماً ) ولا ( لحماً أكل زيد ) ولا ( أكل لحماً زيد ) , بينما يجوز في اللغة العربية أن تقول كلهذه الصيغ , وذلك لوجود علامات الإعراب التي تلحق أواخر الكلمات , وتميز الفعل منالفاعل والمفعول به , ونظام الإعراب هذا يدل على المرونة التي تتميز بها اللغةالعربية .

وللغة العربية تأثيرها الفعَّال في اللغات الأوربية , كالإسبانيةمثلاً , فإنه يوجد في اللغة الإسبانية ما يزيد على / 2500 / كلمة من أصل عربي , ومعظم الكلمات الإسبانية المبدوءة بأل هي من أصل عربي , وكثير من المصطلحات العلميةالأوربية هي من أصول عربية وضعها العرب , وبقيت في تلك اللغات دون أن يكون لهامرادفات لاتينية أو إسبانية .

وإذا قابلنا اللغة العربية بلغات العالم الأخرى , لوجدناها أنها اللغة السادسة من حيث عدد المتكلمين بها , كما أنها اللغة الأكثرانتشاراً في أفريقيا وغرب آسيا , لكونها اللغة الدينية لأكثر من مليار مسلم .

لقد خاضت اللغة العربية صراعات عنيفة في القرون الأولى للإسلام , وانتصرتعليها , وحلت محلها في ميادين الدين والأدب والعلم , وكادت أن تتعرب الشعوبالإسلامية كلها , إلا أنها لاقت صعوبات جمة من الشعوبية التي تعادي العرب , وتحتقرآدابهم , من أولئك الذين لم يتمكن الإسلام من نفوسهم , حتى تركت اللغة مكانها فيمواطن كثيرة من أرض الإسلام , وها هو الشاعر العربي المتنبي , حينما مرَّ بشِعببَوَّان[24] من أرض فارس ( إيران ) , أحسَّ بغربة اللسان والانتماء والوجود فقال :








مغاني الشعب طيباً في المغانيبمنزلة الربيـع مـن الزمـان








ولكن الفتـى العربـي فيهـاغريب الوجه واليد واللسـان








ملاعب جنة لـو سـار فيهـاسليمان لسـار بترجمـان[25]









ولكن العربية بقيت لغة الدين الإسلامي , وعلماء العربية يحرصون عليها ويدافعون عنها , ويتضح ذلك في قول أبي القاسم محمودالزمخشري الخوارزمي , في مقدمة كتابه (المفصل):

اللهَأحمد على أن جعلني منعلماء العربية , وجبلني على الغضب للعرب والعصبية , وأبى لي أن أنفرد عن صميمأنصارهم وأمتاز , وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وأنحاز , وعصمني من مذهبهم الذي لم يجدعليهم إلا الرشق بألسنة اللاعنين , والمشق بأسنة الطاعنين )[26].

ولا شك أيضاًأن القرآن الكريم بانتقاله مشافهة متواترة , حفظ للعربية أصوات حروفها , وضبط لهامخارجها وأحكام نطقها , وقامت بين اللغة العربية والإسلام صلات وصلات يكثر تعدادها , ويصعب حصرها , فلا إسلام بلا قرآن , كما أنه لا قرآن بغير اللغة العربية , وليسصادقاً في ادّعائه القومية العربية , من لم يدْعه إخلاصه للغة العربية , وصدقه فيحبها , إلى العناية بالقرآن الكريم وهو كتابها الأكبر , ونموذج أدبها المعجز , إنهمنها صوته وصورته .



ولقد دوَّت أبواق الباطل في كل مكان , رافعة عقيرتها , وناعقة بالتمرد على اللغة العربية و تفتيتها وتمزيقها ـ والهدف هو القضاء علىالقرآن ـ لأن القرآن عربي , والعربية لغة القرآن, وارتباط كتاب سماوي منزَّل بلغةبعينها , أمر لا يعرف إلا لهذا الدين وهذه اللغة العربية وقد قال الله تبارك وتعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[27].

لقدشدَّ الإسلام أقواماً غير عرب إلى لغة العرب , ونشر اللغة العربية في بلاد لم يكنلها فيها نصير, ولا للعرب فيها سلطان , ولقد خرجت اللغة العربية من جزيرة العرب معالفتح الإسلامي فإذا هي لغة أهل الشام والعراق ومصر وغيرها , وإذا بها تتعدَّىكونها لغة دين إلى لغة شعب ودولة .

ولا زال للإسلام أثره في نشر اللغة العربية , والحفاظ عليها في بلاد غير عربية , وأثره يفوق كثيراً آثار المراكز الثقافية التينراها اليوم منتشرة في بلدان العالم , ثم إن أصحاب هذه المراكز, ينفقون الأموالالطائلة في سبيل الدعاية لمراكزهم وثقافتهم ونشر لغتهم , على حين أن الإسلام يجعلمن البلاد التي ينتشر فيها , شعوباً راغبة في تعلم لغته , وما أكثر ما نسمع أصواتاًترتفع في تلك البلاد , مطالبة بإرسال المدرسين العرب لتعليم اللغة العربية , أومطالبة بقبول أبنائها في مدارس البلاد العربية , ليتعلموا اللغة العربية .



لقد استهوى الإسلام أقواماً فحبب إليهم لغته , بل كان الفضل عظيماًللإسلام في ظهور عدد لا يحصى من العلماء غير العرب , الذين بلغوا القمة في لغةالعرب وعلومها من نحو وصرف وبلاغة, وهذا سيبويه , يقسم ليطلبنَّ علماً يزيل عنهاللحن , فانصرف إلى طلب النحو , ولم يكن من غرضه وقصده تعلم اللغة العربية , وإنماكان يريد علماً يفقهه في الدين .

فقد رووا أن سبب تعويله على الخليل في طلبالنحو مع ماكان عليه من الميل إلى التفسير والحديث , فإنه سأل يوماً حماد بن سلمةفقال له :

أحدثك هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعُف في الصلاة ( بضم العين)؟

فقال لـه حماد : أخطأتَ إنما هو رعَف ( بفتح العين ) , فانصرف إلى الخليل فشكاإليه ما لقيه من حماد

فقال لـه الخليل : صدق حماد ، ومثل حماد يقول هذا , ورعُفبضم العين لغة ضعيفة .

وقيل : إنه قدم البصرة من البيداء من قرى شيراز من عملفارس , وكان مولده ومنشؤه بـها, ليكتب الحديث ويرويه فلزم حلقة حماد بن سلمة, فبينما هو يستملي على حماد قول النبي صلى الله عليه وسلم :

ليس من أصحابي إلا منلو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء .

فقال سيبويه : ليس أبوالدرداء ( بالرفع ) وخمنه اسم ( ليس(فقال لـه حماد : لحنت يا سيبويه , ليس هذا حيث ذهبت , إنما) ليس ) ههنا استثناء

فقال سيبويه : سأطلب علماً لا تلحنني فيه, فلزم الخليل وبرعفي العلم[28].



لقد خرجت لغة الدين الحق الذي يؤمن به الملايين من الناس , خارج وطنها الأصلي, ويغارون عليها, ويفضلونها على لغتهم الأولى, ويرونـها أفضلاللغات , وأحقها بالحياة, خرجت إلى الدنيا, وأصبحت عالمية مقدسة, لأنـها لغة القرآنالكريم, وهي من أقوى وسائل الترابط بين العرب والمسلمين , لذلك استطاعت اللغةالعربية أن تجمع تحت رايتها أمماً وأنساباً وأعراقاً ودماء شتى ممن يدينون بالإسلام .



خرجت لغة العرب من لغة قوم إلى لغة أقوام , ومن لغة محدودة بحدود أصحابـها , إلى لغة دعوة جاءت إلى البشر كافة , فكانت لسان تلك الدعوة , ولغة تلك الرسالة , ومستودع ما نتج من تلك الرسالة من فكر وحضارة .

لقد عرف العرب كمال لغتهم فيالقرآن الكريم فاجتمعوا عليه , وأجمعوا على إعجازه , ولو لم يجتمعوا عليه لزاد مابين لهجاتـهم من تباين واختلاف , ولازدادوا بُعداً عن فصاحة لسانـهم ووحدة لغتهم , تلك الوحدة اللغوية هي التي نزل القرآن فرسخها وأرسى قواعدها , ولو لم يوطد القرآنلهذه اللغة الموحدة أسبابـها , ويرسخ لها بنيانـها, لكان لها من لهجاتـها القديمةوالحديثة وما تتأثر به من عوامل مختلفة , لغات ولغات .



ومما لا شك فيه أيضاًأن القرآن الكريم بانتقاله مشافهة ومتواترة , حفظ للغة العربية أصوات حروفها, وضبطمخارجها وأحكام نطقها , فحرف الجيم مثلاً في الشام غيرها في مصر , ولكن إذا رتَّلالشامي والمصري القرآن الكريم عاد الحرف إلى مخرجه الأصلي الصحيح , وأداه بصفاتهوأحكامه .

لقد قامت بين اللغة العربية والإسلام صلات وثيقة يكثر تعدادها , ويصعبحصرها , فلا إسلام بلا قرآن , ولا قرآن بغير اللغة العربية , والعربية أقرب الطرقالموصلة إلى فهم الإسلام, وإدراك معانيه ومقاصده من منابعه العربية الأصيلة .

لذا لما أدرك الأذكياء من أعدائنا , أعداء العرب والمسلمين , أن الإسلام اتخذالعربية لساناً له, راحوا يصبون جام غضبهم وحقدهم على الإسلام وذلك بالطعن في اللغةالعربية , يريدون أن يهدموا الجسر المؤدي بأهلها إليه , فكم من سهم وُجِّه إلىالعربية ولا يراد به إلا الإسلام .

يقول الحاكم الفرنسي في الجزائر بمناسبة مرورمائة عام على احتلالها :(يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم .... ونقتلع اللسانالعربي من ألسنتهم, حتى ننتصر عليهم)[29].



إنـهم لا يرون الخطر الحقيقي إلافي الإسلام , لأنه لا يوجد مكان على وجه الأرض

إلا وقد اجتاز الإسلام حدودهوانتشر فيه , فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه , ومنذ أن ظهر في مكةلم يضعف عددياً , بل إن أتباعه يزدادون باستمرار .

إن الاستعمار بعد أن يئس أنتكون لـه ركائز في أرضنا , فكَّر وقدَّر , فقتل كيف قدَّر, ثم نظر, ثم تقدَّموتطوَّر , واقتنع أن تكون له ركائز في أفكارنا , ووجد ذلك أسهل عليه وأخفى علينا, وأخذ يبثُّ سمومه وأفكاره , كلام في ظاهره الحرص على الإصلاح , ومن باطنه الحقدالمتسعِّر والبغض الدفين .

وواجب العقلاء والمفكرين وحملة الأقلام المؤمنة , أنيؤدوا لهذه الأمة حقها من حصيلة عقولهم وأفكارهم وأقلامهم , إن لكل شيء زكاة , وزكاة العقل والفكر والقلم أن يقول كلمة الحق ويظل مرابطاً يتصدَّى للباطل , وإذاجاهد من يستطيع الجهاد بالنار والحديد , أو بالمال والعتاد, أفلا يجاهد صاحب الفكروالقلم بكلمة حق يقولها ؟ !

إن ضياء كلمة الحق ليس بأضأل من وهج الدماءالمتدفقة من جروح الشهداء .

ثم إن الإقلال من ساعات تدريس القرآن الكريم فيمدارسنا , سهم مسموم, موجَّه إلى اللغة العربية, قبل أن يكون سهماً إلى العقيدةالإسلامية , لذلك نرى طفل اليوم يتجاوز المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية , ثم يأخذ مكانه في مدرجات الجامعة وهو لا يزال يتعثر العثرات المتوالية في تلاوةالقرآن الكريم , ولأجل هذا كله أخذ مستوى إتقان اللغة العربية, وتذوق آدابها ينحطتدريجياً في مختلف مراحل الدراسة[30].



إن الذين لا يولون القرآن كبير عناية , في عروبتهم نقص كبير , فبين العربية والقرآن أواصر لا تقطع, وصلات لا تدفع, ولايطعن في العربية باسم الإسلام إلا شعوبي , ولا يطعن في الإسلام باسم العربية إلاجاهل أو غبي .



هذه اللغة العربية الخالدة والمشرقة , أي شيء أكسبها هذاالخلود وهذا الإشراق ؟

لا ريب أن كل عربي سواء كان مسلماً أو غير مسلم , وكلمسلم عربياً كان أو أعجمياً, يعلم الجاذبية التي سرت في هذه اللغة , فأكسبهاالديمومة والبقاء , هذه الجاذبية والروح الجبارة هي القرآن الكريم, إنه قطب الرحىللأمة الإسلامية .

إن القرآن الكريم قد مدَّ سلطان اللغة العربية على منطقة منأوسع مناطق الدنيا , واخترق بها قارات ثلاثاً هي : آسيا وأفريقيا وأوربا ( الأندلس), وجعل العربية هي اللغة العالمية المشتركة المنشودة , فكل مسلم يشعر أن العربيةلغته لأن القرآن قد نزل بـها .

ـــــــــــــــــــــــــ

هوامش البحث :

1 ـ يوسف : 2 .

2 ـ الزمر : 27 .

3 ـ فصلت : 3 .

4 ـ الرسالةللإمام الشافعي : 1 / 47 .

5 ـ النحل : 103 .

6 ـ فصلت : 44 .

7ـ انظردراسات إسلامية : 91 منشورات الدعوة الإسلامية العالمية ـ بحث ( القرآن واللغةالعربية ) د . إبر8اهيم عبد الله رفيدة

8ـ نحو وعي لغوي , د . مازن المبارك , الصفحة : / 19 / .

9ـ إبراهيم : 4 .

10ـ لسان العرب لابن منظور مادة ( عرب(

11ـ اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ، لأحمد بن تيمية الحراني : 1 / 169 .

12ـ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي : 2 / 477 .

13ـ شعب الإيمانللإمام البيهقي : 2 / 425 برقم / 2287 / .

14ـ إبراهيم : 4 .

ـ 15الشعراء : 192 ـ 193 ـ 194 ـ 195 .

ـ 16الرعد : 37 .

ـ 17الشورى : 7 .

ـ 18الرسالةللإمام الشافعي : 1 / 45 ـ 46 / .

ـ 19المصدر نفسه : 1 / 50 .

20 ـ المصدرنفسه : 1 / 42 .

21 ـ المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي : 1 / 320 .

22 ـ رواه الإمام أحمد في مسنده برقم : / 1589 / .

23ـ مجلة الفيصل العدد / 255 / رمضان 1418 هـ , اللغة العربية بعض خصائصها , شهادات أجنبية بأهميتها , محمد نعمانالدين الندوي , الصفحة : / 70 / .

24 ـ المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي : 1 / 272 .

25 ـ شعب بوان : من أرض فارس وهو أحد المواضع المتنزهة المشتهرةبالحسن وكثرة الأشجار وتدفق المياه وكثرة أنواع الأطيار .اهـ معجم البلدان .

26 ـ معجم البلدان لياقوت الحموي : 1 / 504 .

27 ـ المفصل للزمخشري بشرح ابن يعيش : 1 / 5 .

28 ـ الحجر : 9 .

29ـ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ، لأحمد بنمحمد المقري التلمساني : 4/ 84 ـ 85 والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيبالبغدادي : 2 / 67 برقم/ 1202 /.



30 ـ قادة الغرب يقولون : دمرواالإسلام أبيدوا أهله , جلال العالم : 50 .

31 ـ انظر نحو وعي لغوي ، د . مازنالمبارك : 125 بتصرف .

دار الاسلام
11-26-2008, 08:26 PM
بوركت اخي عزام على اختيارك لعرض هذا الموضوع الرائع !!

دار الاسلام
11-26-2008, 08:34 PM
لمن عنده القدرة و الخبرة في الموضوع !!!يرجى التوضيح مع الامثلة ان امكن على الفقرات التالية من النص الاصلي ...و بارك الله بكم .



*************1*********
وعددالألفاظ المستعملة من اللغة العربية , خمسة ملايين وتسعة وتسعون ألفاً و أربعمائةلفظ , من جملة ستة ملايين وستمائة وتسعين ألفاً وأربعمائة لفظ , بينما نجد غيرها مناللغات الأوربية لا يبلغ عدد مفرداتها معشار ما بلغته مفرداتالعربية[22].

**********2************
واللغة العربية لغة الفصاحة والبيان ، قال الفارابي في (ديوانالأدب):

(هذا اللسان كلام أهل الجنة ,وهو المنـزه من بين الألسنة من كل نقيصة , والمعلى من كل خسيسة , والمهذب ما يستهجن أو يستشنع , فبنى مباني باين بها جميعاللغات من إعراب أوجده الله له , وتأليف بين حركة وسكون حلاَّه به , فلم يجمع بينساكنَيْن , أو متحركَيْن متضادَّيْن , ولم يلاق بين حرفَيْن لا يأتلفان ولا يعذبالنطق بهما أو يشنع ذلك منهما في جرس النغمة وحس السمع , كالغين مع الحاء , والقافمع الكاف , والحرف المطبق مع غير المطبق , مثل تاء الافتعال ,و الصاد مع الضاد فيأخوات لهما , والواو الساكنة مع الكسرة قبلها , والياء الساكنة مع الضمة قبلها , فيخلال كثيرة من هذا الشكل لا تحصى )[23].



.

دار الاسلام
11-26-2008, 08:39 PM
نقلا عن شبكة الناقد الاعلامية ...http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=6013

***********
اللغات كثيرة وهي مختلفة من حيث اللفظ متحدة من حيث المعنى 0
ولكل قوم يعبرون عنه بلفظ غير ألفاظ الآخرين 0
واللغة العربية هي الكلمات التي يعبر بها العرب عن أغراضهم وقد وصلت إلينا عن طريق النقل ، وحفظها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وما رواه الثقات من منثور العرب ومنظومهم 0
والعلوم العربية هي الأصول التي يٌتوصل بها إلى عصمة اللسان والقلم عن الخطأ وهي ثلاثة عشر علماً
الصرف ، الإعراب، الرسم ، المعاني ، البديع ،العَروض ، القوافي، قَرض الشعر، الإنشاء ، الخطابة ، تاريخ الأدب ، متن اللغة 0
والذي يهمنا في هذا البحث ما يتعلق بالصرف والإعراب والبلاغة
والكلمات العربية لها حالتان
حالة إفراد وحالة تركيب
فالبحث عنها وهي مفردة ، لتكون على وزن خاص وهيئة خاصة هو من موضوع " علم الصرف "
والبحث عنها وهي مركبة ، ليكون آخرها على ما يقتضيه منهج العرب في كلامهم - من رفع أو نصب أو جر أو جزم أو بقاءٍ على حالة واحدة ، من تغير – من موضوع علم الإعراب وهو ما يُعرف اليوم بالنحو 0
وفيه نعرف ما يجب أن يكون آخر الكلمة من رفع أو نصب أو جر أو جزم أو لزوم على حالة واحدة بعد انتظامها في الجملة 0
ومعرفته ضرورية لكل من يُزاول الكتابة والخطابة والعمل الإعلامي0
قال الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عندما سئل عن إسراع الشيب إلى رأسه "شيبتني مواقف الخطابة وتوقع اللحن".
وأما بالنسبة للبلاغة فهي مشتقة من كلمة بلغ، التي تعني الوصول إلى النهاية، فهي تعني في اللغة: إيصال المعنى كاملا إلى ذهن القارئ والسامع.
تقسم علم البلاغة في اللغة العربية إلى ثلاثة فروع هي:
علم البيان(البيان) لغة: الكشف والظهور.
واصطلاحاً: اُصول وقواعد يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق متعدّدة وتراكيب متفاوتة: من الحقيقة والمجاز، والتشبيه والكناية..، مختلفة من حيث وضوح الدلالة على ذلك المعنى الواحد وعدم وضوح دلالتها عليه، فالتعبير عن (جود حاتم) ـ مثلاً ـ يمكن أن يكون بهذه الألفاظ: جواد، كثير الرماد، مهزول الفصيل، جبان الكلب، بحر لا ينضب، سحاب ممطر، وغيرها من التراكيب المختلفة في وضوح أو خفاء دلالتها على معنى الجود..


ويختص بعنصَريْ العاطفة والصور الخيالية معاً -لأن الخيال وليد العاطفة-، وقد سمي علم البيان لأنه يساعدنا على زيادة تبيين المعني وتوضيحه وزيادة التعبير عن العاطفة والوجدان ، باستخدام التشبيهات والاستعارات وأنواع المجازات . وهي تظهر العميق والغميق من القول كأن يصف المبدع مثلا في كتابة الشيء واستبيانه شيء لم يلاحظه أحد غيره.
علم المعاني
ويختص بعنصر المعاني والأفكار ، فهو يرشدنا إلى اختيار التركيب اللغوي المناسب للموقف ، كما يرشدنا إلي جعل الصورة اللفظية أقرب ما تكون دلالة على الفكرة التي تخطر في أذهاننا ، وهو لا يقتصر على البحث في كل جملة مفردة على حدة ، ولكنه يمد نطاق بحثه إلي علاقة كل جملة بالأخرى ، وإلي النص كله بوصفه تعبيرا متصلا عن موقف واحد ، إذ أرشدنا إلي ما يسمي : الإيجاز والإطناب ، والفصل والوصل حسبما يقتضيه مثل الاستعارة والمجاز المرسل والتشبيه
علم البديع
ويختص بعنصر الصياغة، فهو يعمل على حسن تنسيق الكلام حتى يجيء بديعا، من خلال حسن تنظيم الجمل والكلمات، مستخدماً ما يسمي بالمحسنات البديعة - سواء اللفظي منها أو المعنوي-.
والإعلام بحاجة إلى لغة يتم من خلالها إيصال المعاني
الإعلام هو التبليغ أي الإيصال ..والبلاغ هو ما يصلك آو وصلك..وفي الحديث: (بلغوا عني ولو آية ) أي أوصلوها غيركم وأعلموا الآخرين.
والإعلام هو التعريف بقضايا العصر مع كيفية معالجتها في ضوء النظريات والأفكار والمبادىء التي اعتمدت لدى كل نظام أو دولة 0

: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ }القصص34
وفي تفسير الطبري { وَأَخِي هَارُون هُوَ أَفْصَح مِنِّي لِسَانًا } , يَقُول : أَحْسَن بَيَانًا عَمَّا يُرِيد أَنْ يُبَيِّنهُ .