تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما أفلحت دولة ولت أمرها امرأة



عزام
11-18-2008, 07:22 AM
بقلم: مشاعل العيسى (كاتبة سعودية)
لقد سمعت بالوثيقة التي رفعها إليك مجموعة من مثقفاتنا السعوديات ـ وسمعت بأن عددهن 300 امرأة ـ والتي يطالبن فيها بضرورة تولي المرأة السعودية بعض المناصب السياسية، وأهمها (الوزارة والسفارة وعضوية مجلس الشورى).. بل ويرين أن ذلك حقّ من حقوقها.. وأنا يا سيدي لا أرى صواب مطالبهن.. أنا واحدة.. ولكن يساندني عدد كبير من بنات بلدي، وهن على استعداد تام لتقديم وثيقة تناقض وتدحض معظم ما جاء في وثيقتهن.
أنا واحدة.. ولكني مستعدة أن أناظر كل نساء ورجال هذا البلد في هذا الشأن.. ومتأكدة بأني سأنتصر في النهاية ـ ليس ثقة وغرورا بل ثقة في مصدر حججي.
لن آتي بشيء من شريعة حمورابي ولا من نصوص القوانين الدولية والتي تخبّط في وضعها بشر مثلنا.. بل سأتحدث من قوانين شرعية وضعها رب البشر وخالقهم، والذي ما حرم شيئا إلا لدفع الضرر.
لماذا كتاب الله من أوله إلى آخره لم يثبت أنه حثّ أو أوجب على تولي المرأة الولاية العامة؟؟؟؟.. بل على العكس فإننا نرى أن القرآن حث النساء على القرار في البيت، وعدم الاختلاط بالرجال.. ومهما حاولنا أن نخدع أنفسنا فإننا لا يمكننا أن ننخدع بالواقع الذي سيفرض علينا عندما تنخرط المرأة في العمل السياسي.. فلابد من الاختلاط وخصوصا أنه يلزم عمليات الترشيح.. اجتماعات وسفر وإعداد ودعاية ومقابلات.. وكل هذا من شأنه أن يؤدي إلى سقوط الحشمة!!
الرسول عليه الصلاة والسلام، ولّى الكثير والكثير من الصحابة الولاية العامة (الحاكم والأمير والقاضي والسفير).. لكنّه لم يولّ امرأة.. بل كان يستنكر ولاية المرأة لمثل هذه الأمور، فقال بأبي هو وأمي (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).. ولم يحدث أن ولى النبي امرأة ولاية عامة ولم يعين (أميرة أو قاضية أو سفيرة) رغم أنه قد تزوج من خير النساء وأرجحهن عقلا..فلماذا لم يولِّ النبي أي من زوجاته ولاية عامة؟؟؟
ثم إننا كلنا نعرف فضل أمهات المؤمنين زوجات النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. فلماذا لم يتم تكريمهن من قبل الخلفاء الراشدين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؟؟؟.. ولماذا لم يتم توليهن أي ولاية عامة ولو على الأقل كعضوه في مجلس الشورى الإسلامي، على الرغم من مكانتهن وفضلهن وعلمهن؟؟؟.. لماذا؟؟؟؟
ثم لماذا لم تطالب أمهات المؤمنين بمثل هذه الولاية؟؟؟.. ولماذا لم يوصِ النبي الكريم بمثل هذا؟؟؟؟.. ترى هل فات كل هؤلاء مثل هذا الأمر العظيم؟؟؟؟؟
بنو أمية وبنو العباس وبنو عثمان وما بينهم من حكومات إسلامية لم يثبت أن تولت امرأة منهم ولاية عامة أو خاصة ولا قضاء.. ولم تكن عضوا في مجلس الشورى.. فهل يعقل أن يتواطأ ويتّفق كل أولئك على اضطهاد النساء وحرمانهن حقوقهن؟؟؟؟!!!!!
القرون الثلاثة الأولى هي خير القرون وشهد لها النبيّ بالخيرية.. لم نسمع عن تولي المرأة فيها الولاية العامة.. فلماذا لم يبادر العلماء والمشايخ إلى إعطاء المرأة حقوقها؟؟؟.. ولماذا لم تطالب النساء بحقوقهن رغم أن فيهن الكثير من المثقفات والأديبات والمتعلمات والجريئات؟؟؟؟
ولعل قائلا يحتج بالثقافة والعلم في العصر الحاضر.. ليعلم الجميع أن تاريخنا الإسلامي يزخر بأسماء لامعة لنسوة مثقفات وكاتبات وشاعرات وعالمات وفقيهات ومحدثات يفقن الرجال.. وعلى سبيل المثال (أمهات المؤمنين والصحابيات، هند بنت عتبة، الخنساء، حذام، لبيبة، جهينة، الزرقاء، رابعة العدوية وووو).
إن تولي المرأة الولاية العامة مع الكفر منكر على منكر.. ومع الإسلام اشد منكرا وفي القرآن الكريم، الهدهد ـ وهو هدهد ـ استنكر على سبأ.. أول ما استنكر ـ وجود امرأة تحكم قومها (إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم).. ثم أن الملك سليمان لم يقرها على ملكها حتى لو أسلمت لذلك دعاها أن تأتي بنفسها ونقل عرشها إليه لينهي هذا المنكر العظيم (الولاية الكبرى)!
ولكن لماذا لا تتولى المرأة الولاية العامة؟.. هل هو لنقص دينها وعقلها فقط؟؟؟
لا ليس لهذا الأمر فقط بل لكيدها ولقوة تأثيرها على الرجل.. وقدرتها على التسلط عليه!!.. إنها قد تغلب الرجل على عقله وتميل به عن دينه.. لذا كان يجب على الرجل الذي يتولى أمر الولاية العامة أن يحذر من تأثير المرأة وتسلطها عليه خوفا من أن تجعله يقضي بغير الحق.. ولعل قول النبي لعائشة وحفصة رضي الله عنهما (إنكن صويحبات يوسف) خير دليل على ذلك، حينما لم يستمع لرأي زوجتيه في صلاة أبي بكر بالجماعة.
إن حجة مقدمات الوثيقة أن تتولى المرأة شأن المرأة وأنها الأقدر على فهم نفسها واحتياجاتها.
لكن أمور النساء في الإسلام لم يكن الحكم فيها للنساء.. وكان عمر يجمع للمعضلة أهل بدر.. كانت الشورى من أعظم الأمور، وكان لكل عضو من الأعضاء زوجة أو أم أو أخت يستشيرها في الأمور الخاصة بالنساء ثم يؤول الأمر إلى الرجال.. وما فعله عمر من أخذ رأي ابنته حفصة في المدة التي تصبر فيها المرأة عن زوجها خير دليل على ذلك.. فلماذا لم يعين عمر بن الخطاب ابنته وأم المؤمنين حفصة في مجلس الشورى الإسلامي وهي من أخذ برأيها في مسائل النساء الخاصة؟؟؟
ما هو الشيء الغريب؟؟؟
في الشريعة الإسلامية المرأة ليس لها ولاية مطلقا، لا على ولد ولا على أخ، بل ولا حتى على نفسها في زواج، فلا نكاح إلا بولي.. وليس عليها أن تتولى أمر بيتها ـ وهو بيتها.. يعني أن هذه الولاية الخاصة جعل الله الأمر فيها إلى الرجل وهو صاحب القوامة.. فهل يعقل أن تحرم الشريعة المرأة من ولاية أمر نفسها وبيتها ويسمح لها بتولي أمور المسلمين ودولة كاملة؟؟؟؟؟
ما الذي يثير العجب حقا؟؟؟؟
إني أعجب أشد العجب من الرجال الذين يرون أنفسهم رجالا، وينادون بضرورة تولي النساء بعض الأمور العامة في الدولة.. وما يدري هؤلاء أن في ذلك قدح في رجولتهم.. إذ كيف يرضى رجل على نفسه أن يترك أمره وأمر بلده بيد من هو أكمل منها عقلا؟
وحتى لو وافقت رجولة هؤلاء مثل هذا الأمر، فنحن النساء لا نوافق على أن يتولى شأننا نساء.. ونحن نعلم جميعا مدى ضعف المرأة وتقلب مزاجها حسب اختلالات هرموناتها، وحسب ضعف ذاكرتها.. هل سنترك أمورنا الحاسمة والكبيرة تخضع لأمزجة هؤلاء العاطفيات الضعيفات ونحن ضعيفات مثلهن.. هل نسلم الضعف للضعف؟.. لا.. نحن لا نريد أن يبت في أمورنا نحن النساء إلا الرجال فهم الأكمل والأعقل.. أما النساء، فيؤخذ برأيهن كرأي.. لا بأس.. إذ أن النبي الكريم أخذ برأي أم سلمة.. بل إنه يجوز استشارة المرأة ولها أيضا حق الجوار والأمان.. ولكن الممنوع هو أن تنصب المرأة للولاية العامة.
وسألت نفسي السؤال الأخير: ترى لو كان الشيخ العلامة ابن باز موجودا هل كان سيرضى بتولي المرأة للولاية العامة؟؟؟
كيف وهو من استنكر على باكستان 1409هـ عندما سئل عن ترشيح (بنازير بوتو) في الانتخابات.. فأجاب: (تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة على المسلمين لا يجوز وقد دلّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع)
ما هي الحجة الدامغة التي تحسم هذا الأمر؟؟؟؟؟؟
الحجة التي تكفي في هذا الأمر، هي أن تحريم تولي المرأة للولاية العامة هو حكم بإجماع (كل) علماء الأمة في جميع عصورها.. ولم يخالف هذا الأمر أحد من علماء المسلمين قاطبة.. فهل نترك حكم العلماء جميعا ونتبع أهواءنا؟.. (ومن أضل ممن اتبع هواه)!
كلام الله ورسوله.. كلام صالح لكل الأمكنة ولكل الأزمنة.. وصالح لكل الظروف، ولا يجب أن يعمل إلا بشرعه.. ولو أن الشريعة بمصادرها القوية لا تصلح لهذا الزمان وللتحضر والتقدم والتفتح الإعلامي.. فلماذا خلد الله القرآن وحفظ السنة المطهرة وجعلهما مصدري أمن وأمان لكل من يأخذ بهما؟؟.. ثم لماذا لم ينزل الله لنا شريعة جديدة لتواكب متغيرات هذا العصر؟؟؟
وهل علينا أن نلزم الشريعة أن تتفق بالقوة مع أهوائنا لمجرد الرغبة في التقليد والسير في تعرجات جحر الضب؟؟؟؟
هل علينا أن نُخضع الشرع العظيم لعقولنا القاصرة؟؟؟؟
واخيرا.. وبعد كل هذا وبما أننا نعيش في جاهلية القرن الواحد والعشرين.. والتي تتبدل فيها المفاهيم لتصبح الحرية قيدا.. والرحمة عذابا.. والكرامة إهانة.. أسألكم بقوله تعالى (أفحكم الجاهلية تبغون)؟؟؟؟؟؟؟؟