تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة شرح الأزمة المالية: “إنه القانون يا شمعون!”



من هناك
11-17-2008, 05:36 PM
بقلم: الخبير الاقتصادي أنس بن فيصل الحجي
صرخ شمعون أبو الذهب، رئيس بنك “التسليف للتنمية”، في وجه كبير المحاسبين عارف الصالح: هل أنت مجنون، ما هذه الخسائر؟ كيف تسجل أن ما لدينا من أصول عقارية هو ثلاثة مليارات فقط؟ ألم ندفع 70 مليارا لشراء هذه الأصول؟ هل تريد أن تدمر البنك في ظل الأزمة الحالية؟” ثم هجم عليه ومسكه من تلابيب قميصه وهزه بعنف “قل لي، لماذا تريد أن تُدمّر سمعتي، هل تريد أن تجعلني مسخرة في أمرستان؟” وتناثرت الأوراق التي كانت في يده على الأرض.


حاول عارف، وهو رجل خمسيني عرف بنزاهته وإخلاصه، أن يلجم غضبه وهو ينظر إلى الموظفين والموظفات الذين وقفوا وراء جدار مكتبه الزجاجي ينظرون إليهما. بلع ريقه عدة مرات، حاول أن يتكلم، ولكن صوته اختفى. تراخى على الكرسي بعد أن أفلت من يد شمعون، ثم نظر إليه وقال: “إنه القانون يا شمعون”. خرج شمعون من مكتب عارف وعروق رقبته تكاد تنفجر، دخل مكتبه وأغلق الباب وراءه. جلس على كرسيه وهو يرتجف، دار بكرسيه الدوار في الاتجاه المعاكس باتجاه النافذة الضخمة، وبدأ ينظر إلى المدينة بعمائرها الشاهقة، والبحر يملأ الأفق. لكم أراحه هذا المنظر من قبل. هذه محاسن العمل في الطابق التسعين.

فجأة أفاق من أحلام اليقظة، واكتشف أنه مر عليه أكثر من نصف ساعة على هذه الوضعية. أدار الكرسي، نظر إلى الأوراق المرتبة بعناية على المكتب، كبس زرا وقال مخاطبا سكرتيرته “لميس، قولي لعارف أن يأتي إلى مكتبي حالاً… ها.. آ… آ…و… وقولي له أن يجلب معه الأوراق التي كانت معي”. قام بسرعة، دخل إلى حمامه الخاص، نظر في المرآة، مسح بيده على رأسه لتمسيد بعض الشعرات الناتئة، ثم عاد وجلس على كرسيه بهدوء.

دخل عارف والتوتر ظاهر على وجهه وهو يمسك الأوراق في كلتا يديه. رحب به شمعون بشكل مصطنع ثم قال بسرعة، آسف لما حصل هناك، إن مهمتي أن أحمي البنك، وهذه الخسائر غير معقولة. اجلس واشرح لي كيف وصلت إلى هذه الأرقام. ما علاقة القانون بذلك؟

اختار عارف أحد الكرسيين أمام المكتب، وضع الأوراق أمامه بشكل منحرف بحيث يستطيع هو وشمعون النظر إليها. حاول أن يفكر بما سيقول، ولكن الغضب والخوف أطارا كل الأفكار من رأسه، حاول مرة أخرى، ولكنه لم يستطع. عندها سحب شمعون الأوراق باتجاهه ثم قال: “لقد استعاد البنك ملكية 20 بيتا في مدينة سمافيل، متوسط تكلفة البيت مليون دولار، كيف تكتب هناك أن قيمتها كلها ثلاثة ملايين دولار، هكذا بشخطة قلم انخفضت قيمتها من 20 مليون دولار إلى ثلاثة ملايين دولار؟ عارف، أنت تعلم أننا مازلنا نملك هذه البيوت، كيف حصل هذا؟”.
كان هذا الوقت كافيا لعارف أن يلملم أشلاء الأفكار التي تناثرت في تلافيف دماغه. نظر إلى شمعون وقال: “كما تعلم فإن حكومة أمرستان غيرت القوانين المالية منذ فترة وطالبت الشركات والبنوك بأن تقدم تقاريرها المالية وفقا لمبدأ “التسعير حسب سعر السوق” وليس حسب مبدأ “القيمة العادلة” الذي كان يستخدم سابقاً”. هز شمعون رأسه بشكل يوحي بأنه تذكر هذا القانون، وأنه بدأ يتفهم ما يحصل. ثم تابع عارف “وفقاً لهذا فإن علينا تسعير الأصول وفقا لسعر السوق، فإذا انخفضت أسعار العقارات التي نملكها فإن علينا أن نعكس هذا التغير في دفاترنا المحاسبية، بغض النظر عن تكلفتها أو قيمتها العادلة، وهذا يفسر خسائرنا الكبيرة.

بدأ الغضب يلوح في وجه شمعون مرة أخرى ثم قال: “وماذا سيحصل لو ارتفعت أسعار العقارات وبعنا هذه البيوت العشرين بعشرين مليوناً أو أكثر، ربما ثلاثين”، أجاب عارف بسرعة وهو يبتسم “عندها، وفقا لهذا القانون، سنسجل كل الفرق على أنه أرباح صافية”! نظر شمعون إلى عارف بتعجب، ثم شاركه الابتسام وتابع قائلا، يعني أن أغلب خسائرنا هي على الورق فقط! هل هذا يعني أن الأزمة الحالية مبالغ فيها؟”.

قلب شمعون الصفحة ونظر إلى الصفحة الثانية “وماذا عن استثماراتنا في شركة “مرطان للاتصالات”، لقد استثمرنا 100 مليون، وأعطيناهم المبلغ منذ أسبوعين، ويتوقع للشركة نجاح باهر، كيف تسجل هنا هذا المبلغ خسائر؟ أجاب عارف بسرعة “إنه القانون، مرة أخرى، يا شمعون” الشركة جديدة وليس لديها أي أصول، وقيمتها السوقية صفر، لذلك فإن هذا الاستثمار يُسجّل الآن في الدفاتر المحاسبية على أنه خسائر”. ردد شمعون نظره بين الأوراق وعارف ثم قال، هذا يعني أيضاً أن خسائرنا على الورق فقط، وماذا لو نجحت الشركة في الربع المقبل أو … حتى العام المقبل، ماذا يحصل؟ تنهد عارف ثم قال “عندها سنسجل الزيادة في قيمة الشركة والاستثمارات على أنها أرباح! عندها قال شمعون بوجه صارم يوحي لعارف بأن اللقاء انتهى “إنه قانون مثير للسخرية، إنه لعبة غير معقولة، ولكنه القانون، كيف تتحول الاستثمارات إلى خسائر ثم إلى أرباح؟”؟

خرج عارف من المكتب وأغلق الباب وراءه بلطف. أدار شمعون كرسيه وبدأ ينظر إلى الأفق البعيد، وبدأ يفكر: يا له من قانون عجيب، بنكي يساوي يوما 40 مليارا، ويوما 200 مليار، وربما 500 مليار، ولكن الأصول نفسها والتكاليف نفسها! لا بد أن سياسيي أمرستان فقدوا عقولهم. رن جرس الهاتف بشكل مفاجئ جعله ينتفض، أدار كرسيه، حمل السماعة ليسمع لميس تقول: السيد “شرتوح أبو فضة”، رئيس بنك “الأمانة والصدق والإخلاص”، على الخط رقم 2. رفع السماعة، وبعد عبارات ترحيبية مألوفة قال السيد شرتوح إن حكومة أمرستان تجري معه تحقيقا لأن بنكه ثمّن العقارات التي يملكها بأعلى من قيمتها، رغم أنه ثمّنها بسعر السوق وفقا للقانون وليس بقيمتها العادلة. احمر وجه شمعون وقال “كيف حصل هذا، هذا غير معقول”. وتابع شرتوح قوله “بما أن القانون يركز إلى “سعر السوق”، وسعر السوق يتحدد من قبل البائعين والمشترين، فإن أي أصول، بما في ذلك البيوت، لا قيمة لها إذا لم يكن هناك أي مشترين، لذلك فإن الحكومة تطالبنا بأن نثمّن البيوت التي لم يتقدم أحد لمحاولة شرائها في تقاريرنا المالية بصفر. نعم، بصفر! بيت سعره أكثر من نصف مليون دولار علينا أن نظهره كخسائر في دفاترنا! تنهد شمعون وقال “لا تهتم كثيرا، أخبرني كبير المحاسبين اليوم أنه متى تحسن السوق فإن أي ارتفاع في قيمة هذه البيوت سيسجل أرباحاً صافية”، ولكن شرتوح قاطعه بحدة “ولكني لم أتصل بك لهذا السبب، اتصلت بك لسبب آخر”. اعتذر شمعون عن المقاطعة وقال تفضل، تفضل”.

مرت لحظات قبل أن يبدأ شرتوح بالكلام ثم قال “كما تعلم فإن هناك مشكلة سيولة في أمرستان، وحاولنا الاقتراض من عدة بنوك ولكنهم رفضوا لأن تقريرنا المالي يوضح أننا حققنا خسائر كبيرة وفقا لقانون التسعير حسب السوق، مع أن خسائرنا، حسب القيمة العادلة للأصول، محدودة جدا، وما زلنا نملك هذه الأصول وهذه العقارات. حاولنا أن نضع البيوت رهنا، ولكن لأن القانون جعل بعضها بلا قيمة، وبعضها بأقل من قيمته بكثير، رفضت هذه البنوك إقراضنا. وها أنا أتصل بك للحديث عن إمكانية الحصول على قرض منكم”.

جاء جواب شمعون سريعا وتلقائيا دون تفكير “كلنا في الهوا سوا، كلنا لدينا المشكلة نفسها، آسف لا أستطيع مساعدتك”، قال ذلك وهو يتذكر مقولة سمعها منذ زمن بعيد “إن أغلى ما تملك وقت الأزمات هو الكاش، فلا تفرط فيه مهما كانت المغريات”، ثم أردف “ولكن لماذا لا تتصل بمندوب مجلس الشعب في منطقتك وتطالبه بتغيير القانون! أعتقد أنه لو تم تغيير القانون فإن أسعار العقارات سترتفع. عندها ستوافق البنوك على أخذها رهنا مقابل القرض الذي تحتاج إليه”. سمع شمعون صوت تنهيدة عميقة، ثم حشرجة، ثم سعال عنيف، ثم جاء صوت شرتوح مبحوحا “إلغاء القانون لن يغير شيئا، لأن الأزمة الحالية أزمة ثقة، وإذا أُعْطِيَتْ الحرية للشركات بأن تسعر أصولها فإن هذا سيعمق هذه الأزمة، لأنه يمكن لبعض الشركات أن تُثمّن أصولها بأعلى من قيمتها”.

انتهت المكالمة، تنهد شمعون بعمق، مسك رأسه بين يديه بعد أن أحس بوجع فيه. مد يده إلى الدرج، أخرج علبة البندول، بلع أربع حبات مرة واحدة، دون ماء. أدار الكرسي، وهو يتمتم، “الحكومة هي السبب، إنه القانون يا شمعون”، ثم نظر إلى الأفق البعيد .. إلى المجهول!

فـاروق
11-18-2008, 08:06 AM
ولكن القانون منطقي...

لو افترضنا انني اشتريت منزلا ب 100 الف دولار.... وبعد سنتين اصبحت قيمته السوقية 50 الف دولار...فهذا يعني حتما انني خسرت 50 الفا... تماما لو ارتفعت الاسعار كما جرى في لبنان...فان عملية بيع البيوت شكلت ربحا ماليا مهما ...

اللهم الااذا كنا نريد ان نحسب الامر بطريقة نسبية... اي ان المنزل حين اصبح سعره خمسين الفا...فان هذه الخمسين قادرة على شراء منزل او عقار آخر من نفس الفئة وبالتالي عقاريا ليس هناك خسارة....واقول عقاريا..لانه يمكن ان يصاب القطاع العقاري بشلل وتبقى القطاعات الاخرى سليمة...وبالتالي لا تفقد العملة قيمتها ويبقى ما كان يشترى ب 100 الف سابقا (من غير العقارات)يساوي 100 الف الان ( او اقل ربما ولكن دون ان يفقد نصف قيمته)


هل من تصويب؟

من هناك
11-18-2008, 02:23 PM
إن هذه المقالة تعكس الواقع ولكن ليس بشكل كامل.

إن القانون ليس جديداً ولكن الجديد فيه هو ان البنوك اختيارت ان تبيع صكوك البيوت في السوق وفي السوق كل شيء يتبع قانون الغابة بحيث تطير الأسعار لأن الناس يتوقعون امراً ما وتنزل لأن الناس يئسوا من الشركة رغم ان الشركة تقوم بعملها في كلتا الحالتين.

لذلك فإن الحق ليس على الطليان او على القانون بل على البنوك التي ارادت ان تلعب بما لا يجب ان تلعب به. لقد كان السوق العقاري في امريكا من اكثر الأسواق ثباتاً على الإطلاق ولم يحدث ان خسرت البيوت قيمتها بهذا الشكل ابداً. ولذلك كانت البيوت تعتبر افضل من الذهب احياناً.

ولكن هذه الأيام رأت البنوك ان هناك مليارات مؤلفة على الأرض ولا تستفيد منها ووجدت ان حكومة بوش الغبية التي قررت السماح للبنوك بتداول صكوك المنازل قد فتحت لها الباب واسعاً. وهكذا صارت البنوك تريد ان تبيع بيتاً بأي ثمن واي عقد شرط ان يقبل صاحب المنزل ان يقوم البنك بالمتاجرة بأصل المنزل في السوق حتى ينتهي صاحب المنزل من سداد ثمنه وهكذا يصبح لدينا مبلغ معين (مليون دولار مثلاً) يعود على البنك بربحين بدل ربح واحد. الربح الأول من الفوائد التي يدفعها المشتري. والربح الثاني من المتاجرة بقيمة هذا المنزل في السوق. تماماً كما لو ان البنك استدان منك مليون دولار كي يتاجر بها في السوق ورغم هذا انت تدفع له الفوائد على المليون بدل ان يدفع لك هو.

هذه الحالة خطرة جداً جداً. بحسب قوانين السوق، الخطر المتزايد يؤدي لربح متزايد لما تكون الأسواق منتعشة ولكنها تؤدي للمصائب لو هبطت الأسواق فجأة. فكما يكون ربحك مضاعفاً في الأحوال الجيدة ستكون الخسارة مضاعفة ايضاً او اكثر بحسب رأي الناس في اصولك التي تبيعها.

مرة اخرى، الحق ليس على القانون بل على سماح (لا اقصد الأخت سماح طبعاً) الحكومة الغبية للبنوك بأن تضيف العقارات إلى الأصول السائلة بدل ان تكون ثابتة والحق على الجشع الرأسمالي الذي لا يرى في الدولار إلا زوجة يمكنه ان ينجب منها دولاراً آخر بدون ان يدفع لها نفقتها.

الرعدالجنوبي
11-18-2008, 03:59 PM
صارت البنوك تريد ان تبيع بيتاً بأي ثمن واي عقد شرط ان يقبل صاحب المنزل ان يقوم البنك بالمتاجرة بأصل المنزل في السوق حتى ينتهي صاحب المنزل من سداد ثمنه

أي الايجار المنتهي بالتمليك...والذي يشمل السيارات ايضا
عموما هذه الازمة ستصحح المسار....لكن بثمن باهض
أما اميركا والدول الغربية فستخسر خسائر هائلة....نسال الله ان يكون في ذلك خيرا كثيرا على المسلمين

من هناك
11-18-2008, 04:12 PM
أي الايجار المنتهي بالتمليك...والذي يشمل السيارات ايضا
عموما هذه الازمة ستصحح المسار....لكن بثمن باهض
أما اميركا والدول الغربية فستخسر خسائر هائلة....نسال الله ان يكون في ذلك خيرا كثيرا على المسلمين

لن تخسر هذه الدول الكثير ولكن شعبها الفقير والطبقة المتوسطة سوف تخسر وكذلك سيخسر المستثمرون الأجانب الأغبياء الذين تركوا اموالهم في السوق بعد الأزمة لأنها سوف تستهلك.

إن ثمن هذه الأزمة هو حوالي 3000 مليار دولار وقد دفعت منها الحكومة الأمريكية حوالي 700 مليار (ليست كلها من مالها الحر) وعليه فإن الأوروبيين والصينينن واليابانيين والخليجيين سوف يتكفلون بالمبلغ المتبقي.

لماذا يدفع المستثمر الأجنبي حتى يحافظ على إستقرار العملة الأمريكية والسوق الأمريكية؟ هل هو الغباء فقط؟

كلا لأن امريكا ربطتهم جميعاً في اقتصادها ولو تبدل وضع اقتصادها لتبخرت اموال كثيرة جداً بالجملة والمفرق. مثلاً الوليد بن طلال خسر ما لا يقل عن 12% من ثروته الإسمية في هذه المعمعة وخسر الأمراء المستثمرون في المملكة القابضة ما لا يقل عن 20% او 25% وخسر الحريري ما لا يقل عن 10% وغيرهم الكثير.

ما ياتي بسهولة يتبخر بسهولة.

عسى ان يتعلم هؤلاء ان الإستثمار في بلادهم خير لهم وخير لأهلهم وناسهم

الرعدالجنوبي
11-18-2008, 05:38 PM
مثلاً الوليد بن طلال خسر ما لا يقل عن 12% من ثروته الإسمية في هذه المعمعة وخسر الأمراء المستثمرون في المملكة القابضة ما لا يقل عن 20% او 25% وخسر الحريري ما لا يقل عن 10% وغيرهم الكثير

مافي مشكلة...ليتهم يخسرون 99% من ثروتهم
فالواحد بالمئة الباقي سيتكفل لهم بحياة مترفة
المشكلة في الطبقة المتوسطة وماتحت المتوسطة