تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التميمي: إيران أشد خطراً على العراق من أمريكا والصحوات أفشلت مخططاتها



ابو تحسين
11-12-2008, 01:21 AM
التميمي: إيران أشد خطراً على العراق من أمريكا والصحوات أفشلت مخططاتها

بغداد/ الإسلام اليوم 8/11/1429
06/11/2008


يستدعى ذكر "مجالس الصحوة" في العراق إلى أذهان الكثيرين صورة هؤلاء المقاتلين العشائريين، الذين تحالفوا مع الاحتلال الأمريكي مقاتلة لتنظيم القاعدة، الأمر الذي أدى في المحصلة إلى إضعاف المقاومة بشكل عام، كما أدى إلى شق الصف السني في العراق.

هذه الصورة نقلناها إلى ثامر التميمي (أبو عزام) المشرف على مجالس الصحوة بالعراق ومستشار تسليح العشائر، وقد نفاها بشدة، مؤكداً أن "الصحوة" حققت الكثير من الإنجازات، كما أفشلت الكثير من المخططات المعادية للعراق.
التميمي في حواره مع شبكة (الإسلام اليوم) رفض النظرة إلى الأمريكيين كعدو مطلق، مشيراً إلى أنهم يشكلون واقعاً مفروضاً على الأرض لا يمكن تجاهله، بل إنه ذهب في تسويغه للتعاون مع الأمريكيين ـ حلفاء إسرائيل المقربين ـ إلى حد رفض القول بمركزية القضية الفلسطينية لدى العرب والمسلمين، مؤكدًا أن فلسطين بأكملها أقل من مساحة محافظة الأنبار وحدها.
الحوار مع التميمي تضمن الكثير من الأفكار والآراء التي نزعم أنها قد تثير جدلاً ونقاشاً حاداً، وهو ما نضعه بين أيدي قرائنا الأعزاء، تاركين لهم الحكم والتقدير. فإلى نص الحوار

البعض يرى في مجالس الصحوة مجرد صنيعة لقوات الاحتلال الأمريكي؟

يجب أن نقرّ ـ بداية ـ بأن الجيش الأمريكي حقيقة موجودة على الأرض في العراق، وبالتأكيد ليس هناك عراقي يحب رؤية جنود أمريكيين مدججين بالسلاح على أرض بلاده، لكن بالفعل هناك (150) ألف جندي يعملون على الأرض، وبما أن هذا الجيش موجود، فيجب أن نفكر في أفضل الوسائل للتعامل معه، فمن الممكن أن يتم ذلك عبر التصادم معهم أحياناً، وبالمفاوضات أحياناً أخرى، كما يمكن أن نجمع بين الصدام والمفاوضات.
ولذا فإنه عندما دخلت عناصر جديدة للعبة السياسية في العراق، ومنها العامل الإيراني تحديداً، رأى الكثيرون أن هناك حاجة لإعادة النظر في الأولويات والتحديات التي تواجه العراقيين، فهناك احتلال أساسي "فرّخ" وتسبب في احتلالات؛ إذ حيث تسبب الأمريكيون في مجيء الإيرانيين للعراق، ولكن للأسف بزوال هذا السبب الأساسي لن يزول الاحتلال الإيراني.


ماذا فعلت المقاومة؟!
هناك من يقول إن الصحوة أفشلت مشروع المقاومة العراقية، وحالت دون تحولها إلى قوة مؤثرة على الساحة العراقية!!

يا أخي العمل الجهادي ضد الأمريكيين بدأ في عام 2003م، وقد كنا جزءاً من هذا العمل كبقية العراقيين ـ أو كبقية أهل السنة تحديداً ـ؛ لأن أهل السنة كان لديهم إجماع على المقاومة عقب وقوع الاحتلال في عام 2003م، أما مشروع مجالس الصحوة فقد بدأ في النصف الثاني من 2006م، أي أن المقاومة كان لديها ثلاثة أعوام ونصف، وهذه فترة كافية لاختبار المقاومة ومنجزاتها.

لكن ماذا كان يحصل على الأرض في هذه الفترة؟ وماذا حققت المقاومة؟ وإلى أين وصل المشروع الأمريكي في العراق؟

الذي حصل أن ما بنته القوات الأمريكية على الأرض أخذ يعلو ويكبر يوماً بعد يوم، وأصبحت هناك حكومة شُكّلت بناء على محاصصة طائفية، وهذه الحكومة أخذت تتقدم على المستوى الدولي، وحصلت على اعتراف الكثير من الدول بها.
الأهم من ذلك كله أصبح هناك جيش وشرطة بدأ الأمريكيون في تأسيسهما، وفيما كان عدد الجيش والشرطة في 2003م لا يتجاوز (10) آلاف، وصل العدد في 2004م إلى (90) ألف ـ كلهم من لون طائفي واحد بالطبع ـ، وقد وصل العدد في 2005 إلى (180) ألف شخص، أي أنه آخذ بالتضاعف والوصول إلى العدد المطلوب دون مشاركة إلاّ من جهة وطرف واحد.
هذا يعني أن وجود المقاومة لم يمنع من تنفيذ السياسة والأجندة الأمريكية وغير الأمريكية في العراق؛ فالجيش أخذ يتسلح ويتطور ويتوسع أفقياً وعمودياً ونوعياً. وفي مقابل هذا كله كانت عمليات المقاومة تنحسر تدريجياً؛ لأن العمود الفقري للمقاومة وهو السلاح بدأ في التناقص.
فالمقاومة كانت تعتمد على سلاح الجيش العراقي السابق حصراً، ولذا فإن قذيفة الـ (أر بي جي) التي كانت تُباع بأقل من ربع دولار في عام 2003م، وصل ثمنها إلى (70) دولار و(80) دولار في عام 2005م، والآن ربما يصل ثمنها إلى (200) دولار؛ لأن المخزون تناقص، فيما لم تجد المقاومة دولاً داعمة أو راعية لها، بالمقابل كان هناك خصم آخر طائفي يتوسع على الأرض بشكل غير مسبوق، ولذا فكان لابد من تغيير قواعد اللعبة.

تقولون إنكم غيّرتم قواعد اللعبة لمواجهة العدو الإيراني؛ لأن مقاومة الأمريكيين لم تمنع تمدد وجودهم على الأرض، لكن المشروع الإيراني في العراق ـ هو الآخر ـ يتمدد على الأرض، أي أنكم أيضاً فشلتم؟

نحن نزعم بأننا أفشلنا حلقات في هذا المسلسل وقطعنا الكثير من خطوط المشروع الإيراني، لكن إيران دولة قوية لها جوار جغرافي مع العراق يسهل لها التدخل والتداخل، كما أنها تسخر كافة إمكانياتها باعتبار أن عمقها الإستراتيجي يقوم على ركيزتين هما: العراق وملفها النووي، وبفقدان أحدهما يكون أمنها في خطر.
إيران تعتبر أنها طالما تمسك بالملف العراقي، فإن ذلك يعني أن قبضة أمريكا ما زالت بعيده عنها؛ فالعراق هو مستنقع الأمريكيين، ومتى خرجت أمريكا من العراق ستنتقل إلى إيران، وهذه هي الفكرة المسيطرة على الإيرانيين، وعلى دول عربية أخرى مثل سوريا، وربما عند بعض دول الخليج أيضاً.


العدو الإيراني

معذرة، هل لكم أن توضحوا لنا في نقاط محددة ماذا فعلت مجالس الصحوة لإفشال مشروع إيران في العراق؟

نحن لم نستطع إحباط المخطط الإيراني بالكامل، ولكن أحبطنا أشياء مهمة، منها: إن إيران كانت تريد إقامة حكم طائفي، لزرع بذور الشقاق في العراق لسنوات طويلة قادمة، وهذا حصل بإيجاد نظام المحاصصة الطائفية، وهذا كان من أهم مفاصل المؤامرة الإيرانية.
الإيرانيون كذلك سعوا لإشعال الساحة السنية العراقية، عن طريق دعم تنظيم القاعدة لإحداث مشاكل، وتسليم السلطة في هذه المناطق لمجموعات ضيقة لها أجنده ليست وطنية، وقد تم تحرير هذه المناطق من هؤلاء، والآن هذه المناطق قرارها بيد أهلها. أيضاً كان هناك محاولة إيرانية لإبعاد شريحة مهمة هم أهل السنة عن العملية السياسية، وهذا أيضا تم إحباطه.
إيران غذت ميليشيات من أجل إحداث فتنة طائفية أو من أجل ضرب الأمريكيين في مرحلة ما، وهذا الموضوع فككت أجزاء منه، والصحوة الآن في طريقها لتفكيك ما تبقى؛ فالمؤامرة الإيرانية كبيرة، لكن -والحمد لله- أُحبطت أشياء منها، فمثلاً كانت هناك توجهات إيرانية لتصفية حسابات واسعة في العراق، فكان لديها طموح لقتل كل ضابط وجندي شارك في الحرب العراقية الإيرانية، وهي تروّج أن كل هؤلاء مجرمون ويجب محاكمتهم.
كما سعت إيران لمحاكمة كل من انتسب لحزب البعث في يوم من الأيام، وكان تنظيم القاعدة ينفذ هذه الأجندة في المناطق السنية، فأخذت في قتل الطيارين والكفاءات العلمية والتجار وغيرهم من النخب السنية، مما دفع الكثير منهم للهرب إلى خارج العراق، وهذا كله أوقفته مجالس الصحوة.
أيضاً من أهداف إيران في العراق: إحداث تغيير ديموغرافي على الأرض، وخلخلة التركيبة السكانية المعروفة بالعراق، وهذا الموضوع قطع شوطاً، لكن تم تداركه، وبعد أن كانت هناك هجرات واسعة من العراق إلى دول الجوار، الآن تجري هجرة عكسية من دول الجوار إلى العراق.

وما هو سرّ تسمية "مجالس الصحوة"؟
كان الوضع قُبيل تشكيل الصحوة أشبه بالغفوة، فالقاعدة تسللت بين صفوفنا تحت مسمى وذريعة الجهاد وقتال القوات الغازية والمحتلة، وهذه الذريعة كانت مقبولة؛ لأن البلد كله كان متوجهاً لقتال قوات الاحتلال، لكنها -وتحت مسمى "الجهاد"- بدأت تكشر عن أنيابها، وتقوم بممارسات سيئة وأفعال مشينة، من قتل وسلب، وقد سكت الناس عنهم لفترة من الزمان؛ لأن هؤلاء مجاهدون وإخوة لنا، إلى أن تمكنوا تماماً من الساحة، ووصل بهم الحد إلى أنهم طلبوا من المجاهدين الآخرين وفصائل المقاومة الأخرى أن يبايعوا وينضووا تحت لوائهم، أو يلقوا السلاح ويتركوا العمل الجهادي بشكل نهائي.
لذلك كان لا بد من صحوة تقوم بتصحيح الأمور وإنهاء حالة الغفوة، وتبيين حال القاعدة للناس، وأنهم ليسوا مجاهدين ولا علاقة لهم بالجهاد، وفكر القاعدة كان يجب أن يُستأصل في السنة الأولى من تواجده عام 2004م، لكن نتيجة الغفوة والتغاضي عما كانت تفعل احتراماً لاسم الجهاد حصل ما حصل، فلذلك اسم الصحوة أنا أعتقد أنه أفضل مسمى لما حصل من تبيين وتوضيح ضد القاعدة.


ضرب المقاومة
مجالس الصحوة متهمة بأنها وفرت أجواء مريحة للاحتلال في العراق من خلال ضرب المقاومة؟
نحن نعلم أن أمريكا كانت تتهيأ لمعركة أخرى عقب احتلال العراق، وهي معركتها مع الإيرانيين، لكن المقاومة العراقية شغلت الجيش الأمريكي عن الملف الإيراني، ونحن بالفعل أعطينا الأمريكيين فرصة ليتنفسوا الصعداء، لكن بنفس الوقت الذي تنفسوا فيه الصعداء توجهوا للإيرانيين الذين هم خصمنا الرئيس. أنا أجزم بأنه لولا بروز الصحوة وإحداث هذه التهدئة في المناطق الساخنة في العراق لما احتدمت المواجهة بين أمريكا والإيرانيين إلى هذا الحد.

كيف تنظرون إلى تنظيم القاعدة في العراق؟ ولصالح من يعمل التنظيم؟
نحن نعتقد أن لأفراد وقيادات هذا التنظيم قواسم مشتركة مع الإيرانيين، وأهمها العداء للأمريكيين، وهذا الموضوع ليس لدينا مشكلة بشأنه، فإيران إذا كان لها مشكلة مع أمريكا فهذا أمر لا يعنينا كثيراً، نحن الذي يعنينا هو مصالحنا، فإيران تبحث عن مصالحها، ونحن كشعوب عربية وبلد عراقي نبحث عن مصالحنا.
وأنا أرى أن أمريكا ليست شراً مطلقاً، وهذا الكلام كثير من إخواننا العرب والإسلاميين لا يقبلونه، لكن هذه وجهة نظري، فأمريكا يمكن التحالف معها في مكان، بينما لا يمكن التعامل معها على الإطلاق في مكان آخر مثل فلسطين؛ فهي التي أوجدت إسرائيل وساعدت على بقائها إلى هذا اليوم.
ولذلك فالموقف الأمريكي في فلسطين موقف سيئ جداً، إلاّ أن الأولويات قد تختلف في مناطق أخرى، أنا أرفض أن أتعامل مع الملف العراقي بذات الرؤية الفلسطينية ـ على الرغم من قربها من قلبي وعقلي ـ، وإذا كانت القضية الفلسطينية شكلت القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية في حقبة، فإن هذا لا يقتضي أن تبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية إلى الأبد، يعني لو احتلت مكة المكرمة ـ لا قدر الله ـ فيجب ان تكون هي قضيتنا المركزية مثلاً.
الآن احتل العراق واحتلت أفغانستان، السودان مهدد بالتجزئة، ونحن ما زلنا ممسكين بالقضية الفلسطينية ونقيس كل الأمور عليها. هذا ليس صحيحاً. القضية الفلسطينية عزيزة على قلب كل عربي و مسلم، ولكن تُقدّر الأمور بقدرها. الفلسطينيون عندهم مشكلة مع الإسرائيليين ومع من يدعمهم، ونحن نؤيدهم في هذا، كما أنهم يقيمون علاقات مع الإيرانيين، بينما الإيرانيون يقتلوننا، ومع ذلك فأنا لا أنكر عليهم ذلك؛ لأنهم أقاموا هذه العلاقات ليس من أجل قتلنا بل من أجل تحقيق مكاسب سياسية وربما مادية لصالح قضيتهم وهذا حقهم.
كما أن الفلسطينيين يقيمون علاقات مع الروس على الرغم من أن روسيا تحتل الشيشان وتقتل شعبها المسلم، ونحن لا نلوم الفلسطينيين على ذلك، لكن في نفس الوقت يجب عليهم ألاّ يلوموا الآخرين إذا كانت من أولياتهم إقامة علاقات مع الأمريكيين، فأنا أولوياتي تختلف عن أولويات الفلسطينيين، وأهل كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي هم من يقدرون ما ينفعهم وما يضرهم، وبما لا يتناقض مع مصالح إخوانهم المسلمين الآخرين، يقول الله عز وجل: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ). [الأنبياء:92].

أي وحدة للأمة، وأنت تطالب بأن تركز كل دولة على مصالحها فقط؟

الأمة الإسلامية واحدة لا شك، لكن الإقليمية موجودة، وتعدد المصالح موجود، وحتى فريضة الجهاد؛ فعندما يغزو عدو صائل أراضي المسلمين يتوجب الجهاد على أهل هذه الأرض، ثم من يليهم، فمن يليهم، أي أن قضية الإقليم مأخوذة بعين الاعتبار، والزكاة مثلاً لا تُنقل من إقليم إلى آخر إلاّ إذا اكتفى أهل هذا القطر أو البلد الذي تدفع منه الزكاة، فهذه الخصوصيات موجودة في الإسلام، وبالنسبة لنا كعراقيين إسرائيل هي إيران؛ لأننا ليس لدينا حدود مع إسرائيل ولا تحتل أرضنا، فمشكلتي وبلائي الحاضر والماضي والمستقبل هي إيران.
ولذا فالتعامل مع القضية العراقية بالعقلية الفلسطينية مرفوض، والتعامل مع أي قضية إسلامية بعقلية فلسطينية مرفوض، ونحن ندعو الإخوة الفلسطينيين أن يترفعوا قليلاً وينظروا إلى مصالح إخوانهم، ولا يربطوا كل الأمة بقضيتهم حصراً، ففلسطين بأكملها لا تمثل جزءاً من مساحة محافظة عراقية واحدة هي الأنبار.


قصة القاعدة

نعود مرة أخرى للسؤال الخاص بتنظيم القاعدة؟
حقيقة التنظيم مر بعدة مراحل، لكن هذه المراحل كانت بمثابة تعرجات وانحناءات، ولم تشهد منعطفاً خطيراً، والسبب أن من أسس تنظيم القاعدة في العراق، يحمل فكراً تكفيرياً متطرفاً قريباً من فكر القاعدة في أفغانستان، والذي يركز على قضية قتال الكفار الصليبيين.
عندما أُسّس تنظيم القاعدة في مدينة الفلوجة بداية عام 2004م أسموه تنظيم التوحيد والجهاد ـ وليس تنظيم القاعدة ـ؛ وهذا يرجع إلى أمر لا يعرفه الكثيرون، وهو أن أهل تنظيم التوحيد والجهاد كانوا يشتمون زعماء القاعدة ليل نهار، وكانوا يعيبون عليهم في بعض المسائل ويعتبرونهم من المسوفين، وأنهم لم يقوموا بأمر الجهاد حق القيام.

إذن كيف حدث التحالف بين الزرقاوي وقاعدة ابن لادن؟

عندما شُكّل تنظيم التوحيد والجهاد، حدثت مؤامرة، حيث اتفق أبو مصعب الزرقاوي مع بعض الحضور من مريديه، على أنه عندما يطرح موضوع تشكيل الجماعة ومن يكون الأمير أن ينتخبوه، ونحن عندما اجتمعنا لتشكيل الجماعة توقعنا ألاّ يخرج الأمر عن أحد العراقيين الموجودين، لم يدر في خلدنا أنه سيتولى أمر هذه الجماعة شخص غير عراقي.
ومن هنا بدأت المضايقات، وأنا كنت أحد الذين أرسلوا لأبي مصعب الزرقاوي، وقلت له: إن هذا الأمر ليس لك، وإنك لبست ثوباً ليس لك، فأنت رجل غير عراقي تريد أن تجاهد، حياك الله، والجهاد مفتوح لكل المسلمين، لكن أن تضع نفسك في صدارة هذا الأمر، وهناك من هو أفضل منك من أهل البلد، فهذا يعتبر مثلبة، والعربي الذي يأتي من أجل الجهاد، يفترض ألاّ يبحث عن إمارة.
وبدأت تضيق الدائرة عليه، وأنا قدت حملة إعلامية مبرمجة ضده بشأن هذا الموضوع تحديداً في عام 2004م، ولذا فإنه لجأ إلى إعلان بيعته لابن لادن بعد أن كان بينهم شيء؛ كي يقول إنه أصبح جزءاً من تنظيم عالمي، وإن الذي بإمكانه أن يعزله هم أشخاص أعلى في الهرم، وبالتالي قضية عزله غير واردة؛ لأن الأوامر تأتي من مركز التنظيم العالمي، وليس من حق أحد التدخل في هذا الموضوع.
ثم استخدم أبو مصعب مناورة أخرى، فأنشأ ما يُسمّى بمجلس شورى المجاهدين، وهو عبارة عن مجموعة من الفصائل أحد أطرافها تنظيم القاعدة، ووضعوا أميراً عراقياً شكلياً عليهم، وفي الحقيقة الزرقاوي قام بجمع مجموعة من الفصائل التي تأتمر بأمره ولم يكن مجلساً شورياً حقيقياً.
وهناك نقطة أخرى، وهي أن القاعدة اعتمدت قضية التحريش الطائفي، وذلك لأسباب أحدها تتعلق بهوية وجنسيات أفرادها وزعمائها غير العراقية؛ إذ إن إحداث فتنة طائفية يجعل التعامل على أساس طائفي؛ فتزول قضية الجنسية والإقليمية، وينطلق صراع عالمي شيعي/ سني، ويبدأ تصعد الأمور بهذا الاتجاه.
وقد طلبنا من التنظيم إذا أراد القيام بعملية ضد الشيعة ألاّ يعلن ولا يتبنى ذلك؛ لأن الشيعة في الوقت الحالي أقوى منا كما أن لديهم الأمريكيين، وليس من صالحنا دخول معركة خاسرة ومحسومة سلفاً لصالحهم، فلو كنت مصراً على عملياتك "فلا تتبنّها"، لكن هو كان لديه برنامج محدد ضد الشيعة، ورفض إيقاف العمليات أو الامتناع عن تبنيها.
لكن من حسنات أبو مصعب التي يجب أن نذكرها أنه كان ممسكاً بزمام التنظيم، فرغم وجود أيدلوجيا وتكفير واستهداف لقتل أبرياء، إلاً أن هذا القتل كان مبرمجاً، ولم تكن هنالك فوضى، إلاّ أنه وعقب وفاة أبو مصعب دبّت الفوضى داخل تنظيم القاعدة، وأعطوا صلاحيات واسعة لأمراء المناطق، وأصبح كل أمير شبه مستقل.

ما هو عدد أفراد مجالس الصحوة، وما هي مناطق تمركزهم؟
العدد الرسمي المعلن هو مائة وسبعة آلاف شخص، وهؤلاء هم المسجلون بشكل رسمي في قوائم ولديهم إثباتات ويستلمون رواتب. أما العدد غير الرسمي فهو ضعف هذا العدد تقريباً، ومجالس الصحوة يتركز انتشارها في وسط وغرب العراق، أي ما يسمى بالمناطق السنية، والمناطق التي بها أغلبية سنية، مثل بغداد، وحتى جنوبها بمسافة (70) كيلو متر، وكذلك في الأنبار، وديالى، وصلاح الدين، وفي جنوب الموصل وجنوب وغرب كركوك، وإن كنا لم نستطع إقامة مراكز في وسط المدينة وشمالها بسبب رفض الأكراد، وقد حاولنا مع الأمريكيين مراراً لإنشاء مراكز للصحوة في المناطق المتاخمة لتواجد الأكراد، لكن الأمريكيين امتنعوا بسبب رفض الأكراد المطلق للمشروع.


مستقبل "الصحوة"
ماذا يعني لكم تسلم الحكومة العراقية لملف الصحوة من الأمريكيين؟ وهل يعني ذلك أن الملف سوف يتم إغلاقه؟
إذا رجعت إلى تصريحاتنا بخصوص دمج الصحوات في الجيش والشرطة، فستجد أننا منذ البداية نطالب بهذا الدمج، بل إننا دخلنا في مشاكل مع الحكومة بسبب هذه القضية؛ لأنها لم تكن متجاوبة في بداية الأمر، إلاّ أنها بدأت تتفهم، والدمج يسير بخطوات لا بأس بها، وهذا أمر جيد؛ لأن عدم الدمج سوف يحول الصحوة إلى ميليشيا كسائر الميليشيات، بينما نحن نعمل بخطا حثيثة لحل هذه الميلشيات.

كنت في الميدان مقاتلاً ثم أصبحت سياسياً، فماذا ستفعل في المرحلة القادمة؟
سنخوض الانتخابات القادمة، وهناك انتخابات لمجالس المحافظات في شهر يناير المقبل إن شاء الله، ونحن لدينا حزب وائتلاف سياسي تشارك فيه شريحة سنية واسعة تشمل (صالح المطلق، خلف العليان، ظافر العاني، رافع العيساوي، سلمان الجميلي، طاهر الوهيبي، زياد الزوبعي، عبد القادر الدليمي، وخالد العبيدي) ونتوقع أن تفوز قائمتنا بالمرتبة الأولى في الانتخابات القادمة.

كيف تقيمون الاتفاق الأمني المقترح مع الولايات المتحدة؟
نحن نرفض هذا الاتفاق لأسباب كثيرة، منها الوطني ومنها الموضوعي، ولا أتوقع أن يكون هناك حاكم- سواء المالكي أو غيره- قادر على أن يمنح الأمريكيين (50) قاعدة عسكرية في العراق، ونحن إن كنا نقول إن الأمريكيين أفضل من غيرهم، لكننا نرفض أن تكون هناك وثيقة تتعلق بمستقبل البلد تمنح قوات أجنبية حقوقاً ومكتسبات بهذا الحجم.
هذا أمر غير مقبول، لكن هناك أمور أخرى متداخلة، فمثلاً هناك خشية من حصول فراغ أمني، وهناك خشية من أن الحكومة لو ملأت هذا الفراغ الأمني قد لا تتصرف بشكل وطني، لا سيما أن قواتها لا تزال تحمل لوناً طائفياً، ولذا أرى أن تمديد بقاء العراق تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو الأفضل.

هل تعتقد أن هناك إمكانية لاستدارة بنادق الصحوة من جديد نحو الأمريكيين؟
لا أعتقد أن هذا الاحتمال موجود، حتى المقاومة في المرحلة القادمة لن توجه بنادقها نحو الأمريكيين؛ لأنه -بكل بساطة- لن يكون هناك أمريكيون في المرحلة القادمة، ومن خلال معايشتي للأمريكيين وتجربتي معهم عن قرب أقول لك إنهم يتمنون الانسحاب من العراق اليوم قبل الغد؛ فالوحدات الأمريكية عندما تنتهي مدة خدمتها في العراق تقيم احتفالات لا مثيل لها، وهذا ليس شعور الجنود فقط، ولكنه أيضاً شعور القادة، وحتى السفير الأمريكي ينتظر قضاء مدته ساعة بعد ساعة، ولا يوجد أمريكي في العراق مسرور بتواجده في العراق، لكنهم يريدون انسحاباً يحفظ ماء الوجه.

كيف ترون مستقبل العراق؟
المستقبل ليس مفرحاً، فالأطماع موجودة من دول الجوار خاصة إيران، التي تعمل بأجندة منظمة فيما يخص العراق، وهناك دول كبرى تعمل بأجندة متقاربة، أو على الأقل غير واضحة تجاه العراق.