تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم الحرية المُغيبة عند البعض



عبد الله بوراي
11-11-2008, 09:40 AM
لماذا نطالب بالحرية ؟ وماذا سوف تمنحنا الحرية ؟
يختلف مفهوم الحرية من شخص لآخر؛ إلا إن العامل المشترك في مفهوم الحرية هو أن نقول ونكتب ما نشاء دون أن يمسنا سيف الرقيب أو سوط الجلاد. فالحرية الحقيقة هي حرية الفكر . وحرية التعبير وبيان الرأي هي نتيجة لحرية التفكير، وعندما تسلب أحد هاتين الصفتين ـ التفكير والتعبير ـ يفقد الإنسان أهم خصائصه البشرية التي منحه الله، والتى بها يتميز عن غيره من الكائنات .

والإشكالية القاتلة لدى كثير من فاقدي الحرية، أنهم لم يفهموا ما معنى أن تعيش حراً. فالحرية تمنحك إنسانيتك، تشعرك بقيمتك ووجودك وأنك كائن لك معنى في هذه الحياة. الحرية هي بداية التحضر والتقدم، فلم يعرف المسلمون التقدم إلا عندما أعطوا الحرية، وشعروا أنهم أناس لهم قيمتهم في هذه الحياة، وحدث التخلف عندما سحبوا بساط الحرية من تحت أرجلهم ومنحوها للآخر يتحكم بهم كيف شاء، فالحرية هي دلالة لصحة بيئتك الفكرية.

والحرية ليست علم يدرس أو مهارة تكتسب إنها نزعة وحاجة إنسانية هي كالطعام والشراب. فأنت لكي تعيش لا بد أن تأكل وتشرب، وكذلك لا بد أن تكون حراً لكي تعيش إنساناً لا حيواناً تقاد حيث يشاء الآخرون. وكما أنك تبحث عن الطعام والشراب وتسعى لتوفيره فالحرية كذلك يجب أن تبحث عنها وتسعى لتحصيلها.

الحرية ليست حكراً على فئة معينة؛ بل هي لكافة الناس، الكل من حقه أن يعيش حراً. لقد ولدنا أحراراً فلماذا نستعبد بعضنا بعض. ولاتعني الحرية الخروج على شرع الله؛ بل شرع الله هو الذي يمنح الحرية، فإن من خصائص هذا الدين أنه يبني القيمة الذاتية للفرد، فالعبودية هي التحرر من عبودية النفس والشيطان.

والحرية ليست هي الإيذاء والتعدي على حقوق الآخرين، والسب والشتم والتلفظ ببذيء القول؛ بل هذا نوع من أنواع الديكتاتورية، ومحاولة للتسلط القذر وفرض الرأي على الآخرين. الحرية الاعتراف بالآخر وأنه موجود له قيمته الإنسانية وحقوقه المدنية. وهنا يجئ في خاطري فتح الشام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو لم يهدم الكنائس عندما فتحها بل أبقاها على ما هي عليه، وهذا نوع من الاعتراف بالآخر وأن له حقوق يجب أن تعطى، وإن كان كافراً، وهذا المفهوم غاب عن محمد الفاتح عندما فتح القسطنطينية فهدم الكنيسة فكانت النتيجة أن سقطت القسطنطينية. فالحرية عملية تبادلية فكما أنك تمنحني الحرية فيجب أن أمنحك الحرية.

الحرية هي سبيل إلى تحقيق العدالة المفقودة، فالعدالة الحقة لا تتحقق في ظل الاضطهاد وحرمان الحقوق ومنع الممارسات الإنسانية الشرعية، فالحرية مقدمة أساسية لدفع الظلم وإزالته من المجتمع. وفي إقصاء الحرية يتعذر أن نتواصل مع المجتمع بصدق وإخلاص ومحبة، وهذا على المدى البعيد يؤثر تأثيراً سلبياً على تقدم المجتمع وتطوره ولذلك نجد أكثر المجتمعات تحضراً ورقياً أكثرها حرية.

إننا نخاف من الحرية لأننا لا نعرف قيمتها وأثرها، نخاف من الحرية لأننا لا نثق في الآخرين، نخاف من الحرية لأننا نفتقد القيم والمبادئ الرفيعة، نخاف من الحرية لأننا أنانيون متكبرون جاهلون لمعنى الحرية. نخاف من الحرية لأننا نريد أن نستغل الآخرين لنحقق أهدافنا المتعارضة مع أهداف غيرنا.

ونحن نملك في شريعتنا قواعد وأصول سامية في كيفية التعامل مع الموافق والمخالف في العقيدة والفكر، ولكن جهلنا بهذه القواعد جعلنا نحكم على الإسلام بأنه يحارب أو يقصي حقوق الآخرين، وهذا حكم ظالم، فالعالم لم يعرف معنى الحرية وحقوق الإنسان إلا بعد بزوغ فجر الإسلام، وإن كان هناك إساءة تنسب فلا تنسب إلى الإسلام وإنما إلى التطبيق الخاطئ للإسلام أو بالأصح إلى هجر القواعد الكليّة القيّمة الإسلامية في كيفية التعامل مع الآخر إي كان هذا الآخر.

ومما أثبت لنا التاريخ أن الحرية لا تهب أو تعطى وإنما تؤخذ. فالناس لا يمنحون الآخرين حقوقهم ما لم يطالبون هم بحقوقهم. فلم ينل الغرب حريته إلا بعد دماء الثورة الفرنسية. فالآخرون يتلذذون باستعباد غيرهم كما نستمتع نحن عندما ننظر إلى البلابل في أقفاصها، نحن لن نطلقها ما لم تزعجنا دوماً بصوتها وصفيرها. ولكن إن سكتت وسكنت سكتنا وسكنا وبقينا نتلذذ بالنظر إليها وهي في أغلالها.

ونحن كثيرا ما نقيد ونسلسل أنفسنا بأوهام وخيالات لا وجود لها، فنعيش في وهم الخوف والكبت، ففي كثير من المواقف لا نستطيع أن نعبر عن رأينا بتجرد وجرأة وصراحة ليس لأن الخارج يمنعنا؛ بل لأننا نحن نمنع أنفسنا ونكبت أفكارنا. نتعامل بقسوة مع أنفسنا، نقمع أفكارنا وأرآنا قبل الآخرين، نحتاج ـ بداية ـ إلى تحليل مواقفنا تجاه أنفسنا قبل أن نحلل مواقف الآخرين تجاهنا.

إن أول خطوات التحرر هو الشعور بقهر العبودية. وإدراك أن فكرك ورأيك ـ وهو من أخص خصوصياتك ـ مسلوب منك ومنتزع. ومن فنون الدكتاتوريين أنهم يشعرونك أنك تعيش حراً طليقاً وأنت في قيودك. فلن تكون دكتاتوري حتى تتقن مهارة التحكم في عقول الناس وكيفية توجيه فكرهم. أنت لن تطالب بحريتك ما لم تشعر أنك مقيد مستعبد، وتعيش في حالة كبت فكري وقهر حسي، وكسر هذه القيود لا يحدث إلا بالقوة. وقد تكون القيود كثيرة يصعب عندها التحرر والانفلات؛ وهنا ينبغي التدرج في كسر القيود فيبدأ بأيسرها وألينها فبعض الشيء أخف من بعض.

*منقول

عبد الله
الحرية
( أن تسمى أى شىء تشاء بأسم الحرية , فيطيب عند الناس سماعه , ويحلّ عند الناس حرامه .)
وليس من الحرية فى شىء الهيمنة على الأخرين فكرياً بأسم الحزب, وأفكاره الحزبية ,
طالما هى نِتاج فكر إنساني قابل للخطأ والصواب أحياناً

وليست ديناً يُتعبد به.

خفقات قلب
11-11-2008, 10:23 AM
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟؟
أعطني حريتي..أطلق يديّ!!!

أبو عقاب الشامي
11-11-2008, 11:38 AM
حقّ الحرّية
الحرّية في واقعها هي ضدّ العبودية، والتحرّر هو التخلّص من القيود المكبلة للسيادة. لذلك، يقال عن العبد إذا انعتق من قيد عبوديته إنّه تحرر أي صار حرّا، ويقال عن البلد الذي انعتق من قيد الاستعمار إنه تحررّ. وهذا يفيد أن الحرّية حالة، صفة أو هيئة، يكون عليها الإنسان، تمكنه من ممارسة إرادته أي تحقيق سيادته.
وقد اعتبر الإسلام الحرّية حقا مستوجبا لكلّ إنسان، ونظر إليها كصفة من الصفات اللازمة له حتى تتحقّق كينونته وتمارس إرادته، فجعلها أساسا من أسس الأهلية المعتبرة في صحة التكليف ببعض الأحكام الشرعية، واشترطها في جملة من الأحكام كالحج، والزكاة والولاية، كما اعتبر الإسلام العبودية مانعا يمنع الإنسان من تحقيق كينونته المطلقة وسيادته التامة لما تفرضه من أهلية ناقصة تستوجب استثناءه من التكليف ببعض الأعمال والتصرفات؛ لذلك، عالج الإسلام مشكلة الرق التي كانت موجودة في كل المجتمعات، وشرّع جملة من الأحكام تؤدي إلى عتق الأرقاء جبرا واختيارا، حتى تمكن من إنهاء الرق في المجتمع وإعادة الإنسان إلى حالته الأولى الطبيعية وهي حالة الحرّية.وأمّا مفهوم الحرّية الذي اصطلح عليه العقل الغربي، فهو:" القدرة على الاختيار بين عدّة أشياء أي حرّية التصرف والعيش والسلوك حسب توجيه الإرادة العاقلة دون الإضرار بالغير أو دون الخضوع لأي ضغط إلاّ ما فرضته القوانين العادلة الضرورية وواجبات الحياة الاجتماعية".(1) وهذه هي المسمّاة عندهم بالحرية المدنية أو الحرية الاجتماعية، ولها أشكال مختلفة منها؛ حرية العقيدة، وحرّية التعبير، وحرية التملّك، وحرّية العمل وغير ذلك. وقد عرّفت في البند الرابع من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789م (سنة الثورة الفرنسية) كالآتي: " الحرية تعني القدرة على فعل كلّ ما لا يضرّ بالآخر. وهكذا فإنّ ممارسة الحقوق الطبيعية لكلّ إنسان غير محدودة إلاّ بالحدود التي تؤمّن للآخرين من أعضاء المجتمع التمتّع بذات الحقوق". والخطأ في هذا المفهوم يكمن في أنّ الحرية في واقعها هي الإنعتاق من القيود. هذا هو معناها المتبادر للذهن عند كلّ البشر عند إطلاق لفظ الحرّية. وهو المعنى الذي أراده المفكرون والفلاسفة في أوروبا أثناء نزاعهم مع الكنيسة؛ فلمّا طالبوا بحرية التفكير، أرادوا الإنعتاق من قيد الكنيسة وتعاليمها، ولمّا طالبوا بالحرّية السياسية والشخصية، أرادوا الإنعتاق من المفاهيم الكنسية الدكتاتورية المقيّدة للشخص. لذلك، فإنّ القول بأنّ الحرّية هي القدرة على الفعل دون الإضرار بالغير، أو القدرة على الاختيار دون الخضوع لأي ضغط إلاّ ما فرضته القوانين، يخالف واقع الحرّية. فكيف تكون الحرّية إنعتاقا من القيود وهي مكبلة بآلاف القوانين، وبقواعد مطاطة كعدم الإضرار بالآخر، وحفظ النظام العام وغير ذلك؟
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنّ قولهم الحرية هي القدرة على الفعل أو الاختيار، هو تعريف للإرادة وليس للحرّية. فالقدرة على الفعل ومنه الاختيار، هي الإرادة وممارستها هي السيادة، وأما الحرّية فهي حالة لتحقيق السيادة. فالعبد، له قدرة على الفعل لا يمارسها، فإذا انعتق من قيد العبودية أصبح في حالة تمكّنه من ممارسة إرادته أي قدرته على الفعل، وهي الحالة الطبيعية التي خلق عليها البشر. والحرّية، كحالة لتحقيق السيادة، من صفات الإنسان وليست من صفات فعله، لذلك لم يعتبرها الإسلام في وصف الأفعال ولا في بحثها واعتبرها في وصف الإنسان. وقد أخطأ العقل الغربي لمّا عمّم الصفة على الإنسان وفعله، فلم يميّز بين وصف الإنسان ووصف فعله وبحث العوامل المسيّرة له، فأطلق كلمة الحرّية كردّة فعل عن الواقع المرير الذي كان يكابده بمعنى انعتاق الإنسان وفعله من القيود. ولمّا تفطّن العقل الغربي إلى حتمية وجود ضوابط للفعل، أبقى اسم الحرّية كلفظة رنّانة تدغدغ الوجدان، وتخلّى عن معناه الحقيقي، وأوّل الحرية بأنّها الالتزام بالقانون، وأصبح المراد بكلمة الحرّية فكر الغرب ومفاهيمه، فالإنسان الحرّ هو الذي يتبنى العلمانية ويعيش وفق النمط الغربي في العيش؛ فهي بذلك ليست واقعا يقع عليه حسّ البشر، ويطابق حقيقة الفعل الإنساني، بل هي اصطلاح اصطلح عليه العقل الغربي فتخيله عند النظرية وتجاهله عند الممارسة أو هي – بتعبير وليام جيمس وسكينر – وهم ميتافيزيقي.
وعليه، فإنّ الحرّية حقّ للإنسان باعتبارها حالة طبيعية يوجد عليها الإنسان تمكنه من تحقيق سيادته، وليست صفة لأفعاله، ولا يجب أن تراعى حين التشريع والتقنين لأنها غير واقعية.

منقول

أبو عقاب الشامي
11-11-2008, 12:07 PM
وأضيف:

الانسان من حيث انسان مجرد له الحرية في الاختيار ولهذا كان العقل مناط التكليف ولكن:

- هذا الانسان محاسب على كل ما يصدر عنه من قول او فعل كما قال تعالى: (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)

- في ظل الخلافة الاسلامية حيث دار الاسلام ليس هناك من حريات كحرية المعتقد فمن يرتد يقع عليه الحد وهذا تشريع من خالق السماوات والارض الذي ندين له بالعبودية. وكذلك حرية الملكية وغيرها. هذا مع العلم ان الاسلام يحفظ حقوق الكفار في ظل الخلافة وهذا ليس من باب الحرية بل من باب تطبيق لأحكام شرعية فنكون بذلك نحقق العبودية لله.

- للأسلام رأي في العديد من المسائل التي تعالج جوانب من حياتنا وفي هذه الجوانب يحتمل ان يكون هناك اجتهاد فيخرج اكثر من رأي. هنا لا يقال بأن هذا من الحرية بل هو ايضا تحقيقا للعبودية فما دام الاجتهاد شرعي وخرج برأي شرعي وان تعدد فانه منطلقا من قال الله وقال الرسول. وهنا تجد المسلم الحق يجعل الحكم الشرعي هو المسير لافعالة لا هواه. وقد قال تعالى:
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)الفرقان
وقال عز من قائل:
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) الجاثية

قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَله كَمَثَلِ الْكَلْب " [ الْأَعْرَاف : 176 ] . وَقَالَ تَعَالَى : " وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْره فُرُطًا " [ الْكَهْف : 28 ] . وَقَالَ تَعَالَى : " بَلْ اِتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّه " [ الرُّوم : 29 ] . وَقَالَ تَعَالَى : " وَمَنْ أَضَلَّ مِمَّنْ اِتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّه " [ الْقَصَص : 50 ] . وَقَالَ تَعَالَى : " وَلَا تَتَّبِع الْهَوَى فَيُضِلّك عَنْ سَبِيل اللَّه " [ ص : 26 ] . وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى يَكُون هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْت بِهِ " . وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مَا عُبِدَ تَحْت السَّمَاء إِلَه أَبْغَض إِلَى اللَّه مِنْ الْهَوَى " . وَقَالَ شَدَّاد بْن أَوْس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسه وَعَمِلَ لِمَا بَعْد الْمَوْت . وَالْفَاجِر مَنْ أَتْبَعَ نَفْسه هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّه " . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : " إِذَا رَأَيْت شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَة وَإِعْجَاب كُلّ ذِي رَأْي بِرَأْيِهِ فَعَلَيْك بِخَاصَّةِ نَفْسك وَدَعْ عَنْك أَمْر الْعَامَّة " . وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاث مُهْلِكَات وَثَلَاث مُنْجِيَات فَالْمُهْلِكَات شُحّ مُطَاع وَهَوًى مُتَّبَع وَإِعْجَاب الْمَرْء بِنَفْسِهِ . وَالْمُنْجِيَات خَشْيَة اللَّه فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالْقَصْد فِي الْغِنَى وَالْفَقْر وَالْعَدْل فِي الرِّضَا وَالْغَضَب " . وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُل اِجْتَمَعَ هَوَاهُ وَعَمَله وَعِلْمه ; فَإِنْ كَانَ عَمَله تَبَعًا لِهَوَاهُ فَيَوْمه يَوْم سُوء , وَإِنْ كَانَ عَمَله تَبَعًا لِعِلْمِهِ فَيَوْمه يَوْم صَالِح . وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ سَمِعْت رَجُلًا يَقُول : إِنَّ الْهَوَان هُوَ الْهَوَى قُلِبَ اِسْمه فَإِذَا هَوِيت فَقَدْ لَقِيت هَوَانَا وَسُئِلَ اِبْن الْمُقَفَّع عَنْ الْهَوَى فَقَالَ : هَوَان سُرِقَتْ نُونه , فَأَخَذَهُ شَاعِر فَنَظَمَهُ وَقَالَ : نُون الْهَوَان مِنْ الْهَوَى مَسْرُوقَة فَإِذَا هَوِيت فَقَدْ لَقِيت هَوَانَا وَقَالَ آخَر : إِنَّ الْهَوَى لَهْوَ الْهَوَان بِعَيْنِهِ فَإِذَا هَوِيت فَقَدْ كَسَبْت هَوَانَا وَإِذَا هَوَيْت فَقَدْ تَعَبَّدَك الْهَوَى فَاخْضَعْ لِحُبِّك كَائِنًا مَنْ كَانَا وَلِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك : وَمِنْ الْبَلَايَا لِلْبَلَاءِ عَلَامَة أَلَّا يُرَى لَك عَنْ هَوَاك نُزُوع الْعَبْد عَبْد النَّفْس فِي شَهَوَاتهَا وَالْحُرّ يَشْبَع تَارَة وَيَجُوع وَلِابْنِ دُرَيْد : إِذَا طَالَبَتْك النَّفْس يَوْمًا بِشَهْوَةٍ وَكَانَ إِلَيْهَا لِلْخِلَافِ طَرِيق فَدَعْهَا وَخَالِفْ مَا هَوِيت فَإِنَّمَا هَوَاك عَدُوّ وَالْخِلَاف صَدِيق وَلِأَبِي عُبَيْد الطُّوسِيّ : وَالنَّفْس إِنْ أَعْطَيْتهَا مُنَاهَا فَاغِرَة نَحْو هَوَاهَا فَاهَا وَقَالَ أَحْمَد بْن أَبِي الْحَوَارِيّ : مَرَرْت بِرَاهِبٍ فَوَجَدْته نَحِيفًا فَقُلْت لَهُ : أَنْتَ عَلِيل . قَالَ نَعَمْ . قُلْت مُذْ كَمْ ؟ قَالَ : مُذْ عَرَفْت نَفْسِي ! قُلْت فَتَدَاوِي ؟ قَالَ : قَدْ أَعْيَانِي الدَّوَاء وَقَدْ عَزَمْت عَلَى الْكَيّ . قُلْت وَمَا الْكَيّ ؟ قَالَ : مُخَالَفَة الْهَوَى . وَقَالَ سَهْل بْن عَبْد اللَّه التُّسْتَرِيّ : هَوَاك دَاؤُك . فَإِنْ خَالَفْته فَدَوَاؤُك . وَقَالَ وَهْب : إِذَا شَكَكْت فِي أَمْرَيْنِ وَلَمْ تَدْرِ خَيْرهمَا فَانْظُرْ أَبْعَدهمَا مِنْ هَوَاك فَأْتِهِ . وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَاب فِي ذَمّ الْهَوَى وَمُخَالَفَته كُتُب وَأَبْوَاب أَشَرْنَا إِلَى مَا فِيهِ كِفَايَة مِنْهُ ; وَحَسْبك بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى " [ النَّازِعَات : 40 - 41 ] .