تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نماذج من حب البشر للرسول صلى الله عليه وسلم :



عزام
11-08-2008, 10:39 PM
القصة الأولى : أبو بكر الصديق
عن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أخبرني بأشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال بينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) رواه البخاري
القصة الثانية : الصديق يبكي فرحاً :
قالت عائشة رضي الله عنها : ( فرأيت أبا بكر يبكي و ما كنت أحسب أن أحداً يبكي من الفرح )
القصة الثالثة : خشيت ألا أراك
روى الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي و إنك لأحب إلي من ولدي و إني لأكون في البيت فأذكرك فما اصبر حتى أتي فأنظر إليك و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين و أني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه و سلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلم بهذه الآية : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن عمران و هو ثقة .
القصة الرابعة : أسألك مرافقتك في الجنة :
عن ربية بن كعب رضي الله عنه : ( كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتيته بوضوئه , و حاجته ، فقال لي : ( سل ) فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة . قال :(أو غير ذلك )
قلت : هو ذاك قال : ( فأعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم .
القصة الخامسة : كل مصيبة بعدك جلل
روى ابن جرير الطبري في التاريخ عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحد ، فلما نُعوا لها قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيرا يا أم فلان . هو بحمد الله كما تحبين قالت : أرنيه حتى أنظر إليه ، فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل . تريد صغيرة .
القصة السادسة : لا أرضى أن يشاك بشوكة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة فقالوا هذا تمر يثرب فاقتصوا آثارهم فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤا إلى فدفد وأحاط بهم القوم فقالوا لهم : انزلوا وأعطونا بأيديكم ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحدا قال عاصم بن ثابت أمير السرية أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر اللهم أخبر عنا نبيك فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن في هؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعه بدر فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه قالت فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال تخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمر وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيبا فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب ذروني أركع ركعتين فتركوه فركع ركعتين ثم قال لو لا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها اللهم أحصهم عددا





ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله بن الحارث فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا " . أخرجه البخاري و النسائي و أبو داود "
و في بعض الروايات : فقال له أبو سفيان (أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه وإنك في أهلك؟ فقال: لا والله ما يسرني إني في أهلي وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه)
القصة السابعة: الصديق يتمنى سرعة اللحاق:
عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن أبا بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال : ( أي يوم هذا ؟) قالوا يوم الاثنين قال : ( فإن مت من ليلتي فلا تنتظروا بي الغد فإن أحب الأيام و الليالي إليّ أقربها من رسول الله صلى الله عليه و سلم ) رواه أحمد و صححه أحمد شاكر .
القصة الثامنة : لا يخلص إلى رسول صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله (( صلى الله عليه وسلم)) يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله (( صلى الله عليه وسلم)) كيف تجدك ؟ قال فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمق وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت يا سعد إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يقرأ عليك السلام ويقول لك أخبرني كيف يجدك ؟ فقال وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) السلام قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة . وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى رسول ( صلى الله عليه وسلم) وفيكم عين تطرف ، وفاضت روحه من وقته ) رواه البخاري، 844، ومسلم 3408.
القصة التاسعة : غداً ألقى الأحبة
عندما احتضر بلال رضي الله عنه قالت امرأته: واحزناه فقال: (بل وا طرباه غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه) فمزج مرارة الموت بحلاوة الشوق إليه صلى الله عليه و سلم .
القصة العاشرة : أطيب الطيب
عن أنس رضي الله عنه: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندها (أي من القيلولة) فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب ". "رواه مسلم .
القصة الحادية عشرة : ابن الزبير يشرب الدم
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه فقال له‏:‏ ‏(‏‏لا تمسك النار إلا تحلة القسم، وويل لك من الناس، وويل للناس منك). وفي رواية‏:‏ أنه قال له‏:‏ ‏(‏يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد‏‏)‏‏ فلما بعُد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال‏:‏ ‏(‏ما صنعت بالدم‏؟ ‏‏)‏ قال‏:‏ إني شربته لأزداد به علماً وإيماناً، وليكون شيء من جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم في جسدي، وجسدي أولى به من الأرض‏ فقال‏:‏ ‏(‏‏‏ابشر لا تمسك النار أبداً، وويل لك من الناس وويل للناس منك‏‏‏)‏ رواه الحاكم و الطبراني وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم
القصة الثانية عشرة : نحري دون نحرك
كان أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه يحمي رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة أحد و يرمي بين يديه ، و يقول ( بأبي أنت و أمي يا رسول الله لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك ) رواه البخاري
و عن قيس بن أبي حازم قال : ( رأيت يد طلحة شلاء ، وقى بها النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ) رواه البخاري.
القصة الثالثة عشرة : آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك
روى ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني علي ابن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد؟! قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ] رواه ابن إسحاق و قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني ورجاله ثقات.
القصة الرابعة عشرة : وما كنت أطيق أن أملأ عيني
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: (... وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ...) رواه مسلم
القصة الخامسة عشرة: رضينا برسول الله قسما وحظا
عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال يا رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء قال فأين أنت من ذلك يا سعد؟! قال يا رسول الله ما أنا إلا امرؤ من قومي وما أنا قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة قال: فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل ثم قال يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل قال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم أفلا ترضون يا معشر الأنصار ان يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن
فتأمل أخي المبارك إلى فرح الأنصار بفوزهم برسول الله قسماً تأمل إلى بكاء الفرح و هم يقولون بقلوبهم قبل ألسنتهم (رضينا برسول الله قسما وحظا )
طفح السور علي حتى أنني *** من كثر ما قد سرني أبكاني
القصة السادسة عشرة: عشر إليهم يحن قلبي
عن عبدة بنت خالد بن معدان قالت : [ ما كان خالد يأوي إلى فراش إلا و هو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلى أصحابه من المهاجرين و الأنصار يسميهم و يقول : هم أصلي و فصلي و إليهم يحن قلبي طال شوقي إليهم فعجل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم ]
القصة السابعة عشرة: البكاء عند ذكر النبي صلى الله عليه و سلم :
قال إسحاق التجيبي : كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا و اقشعرت جلودهم و بكوا
وقال مالك ـ وقد سئل عن أيوب السختياني : [ ما حدثتكم عن أحد إلا و أيوب أفضل منه:
وقال : وحج حجتين فكنت أرمقه و لا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى حتى أرحمه ] .
وقال مصعب بن عبد الله : [ كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم يتغير لونه و ينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون و لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه ] . الشفا ج2صـ32
القصة الثامنة عشرة: أعطني عينيك أقبلها
قال ثابت البناني لأنس بن مالك رضي الله عنه : أعطني عينيك التي رأيت بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبلها .
حُق له أن يُحب
لماذا كل هذا الحب ؟ سؤال يطرح و يكرر فإنه حب لم يشهد الكون علويه و سفليه مثله .
رجل كل شيء في الكون يحبه السماء بمن فيها و الأرض بمن عليها كل يحبه و يشتاق إليه فما أعظمه من رجل و ما أجله من نبي و أعزه من رسول صلى الله عليه و سلم .
كأن الثريا علـقت في جـبينه *** وفي جيده الشِّعرى وفي وجهه القمرُ
عليه جلال المجد لو أن وجهه *** أضاء بليلٍ هلَّل البدو والحضرُ

منال
11-30-2008, 07:31 PM
بارك الله في حضرتك

ما مظاهر حبنا للنبي- صلى الله عليه وسلم-؟
هناك كثير من مظاهر الجفاء هلا فصلتها في موضوع منفصل ووضعت لها حلا أستاذ عزام؟

عزام
12-01-2008, 07:25 PM
بارك الله في حضرتك

ما مظاهر حبنا للنبي- صلى الله عليه وسلم-؟

وفيك بارك الله يقول الشيخ سفر الحوالي
المحبة لله ورسوله تكون في الاتباع
لا بد أن يعلم الإنسان أن المحبة في الحقيقة هي في الاتباع، ولا نقول: إن الاتباع يتجرد عن المحبة بمعناها القلبي، لأن المحبة القلبية هي من الاتباع، فما محبة الله ومحبة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا في الاتباع العام، والالتزام بسنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثر لازمٌ وظاهرٌ لهذه المحبة التي هي عمل قلبي، فإن كانت المحبة صادقة فإن هذا يظهر في سلوك جوارح وأعمال المحب. وذلك بأن يحب العبد كل ما أحبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويبغض كل ما أبغضه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويتأسى به في كل عمل، وفي كل ما ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وتقديم محبة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غيره يثمر للعبد ثمرةً عظيمة ونعمة كبرى، لا تعادلها كنوز الدنيا جميعاً ولا ملذاتها، ألا وهي حلاوة الإيمان، جاء في الحديث {ثلاث من كن فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان } فالإيمان شيء وحلاوته شيء آخر، فكونك تجد حلاوة الإيمان وتعلم نعيمها، فإنه يهون أمامك كل شيء، وتشعر بأن هذه هي جنة الدنيا، كما قال شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله: 'إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة' فبقدر تنعمك بحلاوة الإيمان في قلبك يكون تنعمك بالجنة بإذن الله. أما الذين أغلقت قلوبهم وحجبت، وطمست بالكفر والشهوات والشبهات في الدنيا عن ذكر الله ومحبته فهؤلاء هم أهل النار والعياذ بالله، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حلاوة الإيمان : {أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما} فلا يقدم عليهما في المحبة أي شيء، وإن حدث تعارض بين مقتضى محبة الله مع مقتضى محبة الأهل أو النفس أو الزوجة أو غير ذلك من الأحباب والأخلاء والأصدقاء، فإنه يجب أن يقدم مقتضى محبة الله تبارك وتعالى على ذلك، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله } وهذا فرع عن الأول، لأن الناس لا بد لهم من علاقات فيما بينهم، على أن تكون هذه العلاقات بين الخلق مبنية على المحبة في الله، وهذا ما دلت عليه الآية يحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54]. فكل الآيات والأحاديث في مدلولاتها وتطبيقاتها في منهج أهل السنة والجماعة تترابط دائماً وتدل على معنى وحقيقة واحدة. فمن ذاق طعم الإيمان، وذاق حلاوته، وأحب الله ورسوله، وقدم محبتهما على كل شيء، وأحب المرء أخاه ولم يحبه إلا لله خالصاً لوجهه الكريم، فإنه لا بد أن تثمر عنده: {وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار} فهذه هي الحالة الثالثة، وكما قد جرى لأصحاب الأخدود، وعذب أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما يفتن المؤمنون في كل زمان ومكان، ولا يرجعون عن دينهم أبداً، لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان. ولهذا يجعل الله تبارك وتعالى من الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: {رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه} لأن محبتهما تجردت عن أن تكون لهوى أو لشهوة أو لغرض مما يجتمع عليه الناس، وهذه هي المحبة التي تدوم عند الله تبارك وتعالى. أما ما عداها: فكل نسب، وكل علاقة، وكل صلة، وكل محبة يوم القيامة ليست لله عز وجل فهي مقطوعة، ويتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، ويعادي بعضهم بعضاًَ على مودتهم في الحياة الدنيا الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67] فالمتقون أحباء في الدنيا وأحباء في الآخرة. ولهذا كما في حديث أنس في الصحيح أنه قال: لم يكن عند الصحابة أرجى من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {المرء مع من أحب} قالوا: هذا أرجى ما سمعنا، فنحن نحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحب أبي بكر وعمر ، ونرجوا أن نكون معهم. فمعنى كلامهم: إن لم نلحق بهم بأعمالنا فإننا نرجو أن نلحق بهم بمحبتنا لهم.