تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : انتخاب باراك اوباما: امريكا تنتصر لنفسها وقيمها



من هناك
11-05-2008, 12:15 PM
بعد معركة انتخابية طويلة وشاقة، فاز الأمريكي-الأفريقي باراك أوباما وبالضربة القاضية على الأمريكي الأبيض جون ماكين ليدخل التاريخ بسابقة كان تعتبر قبل سنوات ضربا من الخيال. وفي الإقبال الكثيف على التصويت والفوز الكاسح لأوباما, رسالة واضحة تعبر عن السخط الشعبي من سياسات جورج بوش الرعناء، وفيه صفعة سياسية بالغة له في وداع بائس يستحقه بعدما جعل العالم مكانا أقل أمنا وأكثر اضطرابا وقلقا.



أمريكا بانتخابها أوباما تتصالح مع نفسها ومع قيمها والتي جعلت منها، ما قبل مرحلة بوش، الحلم الذي يتمنى الكثيرون اللحاق به وتحقيقه. ويبقى على الإدارة الجديدة أن تتصالح مع العالم باحترامها لقيمها المعلنة في التعامل معه، وتتوقف عما كانت تفعله الإدارة السابقة من نشر للموت والقتل وأن يكون من أول قراراتها إغلاق معتقل جوانتناموا ومحاسبة القتلة من المرتزقة من شركات الأمن الخاصة والذي عاثوا في أفغانستان والعراق فساد وإفسادا.


وعلى العرب أن لا يتفاءلوا كثيرا بفوز أوباما رغم اختلافه الشديد عن سلفه بوش، ليس لأن أمريكا بلد تحكمها مؤسسات واللوبيات المتنفذة فحسب، بل لأنه من الصعب على أحد أن يتعاطف مع قضايانا إذا كانت سياساتنا تفتقد للرؤى وتتخبط في دياجير الهزيمة النفسية. فبوش والذي كان لا يجد حيثما رحل وارتحل سوى الاحتجاجات واللعنات، كان يلقى في عواصم عربية الاحتفاء والترحيب وهو الذي رمى بمنطقتنا في أتون حروب تدميرية تهد استقرارها وهو من علم أطفالنا مفاهيم الصدمة والترويع.


فوز أوباما على ماكين هو فوز لخيار التغير الجذري على الواقع المتردي، وهو فوز لحكم الشباب على حكم العجائز. وبالتالي فعلى الحكام العرب قبل أن يشرعوا في إرسال التهاني للرئيس الأمريكي الجديد أن يستوعبوا رسائل الشعوب في السعي للتغيير وبالتالي فعلى الطاعنين في السن منهم أن يتقاعدوا. وليكن تقاعدهم الطوعي حسنتهم الوحيد في حكم مديد بالفشل والإخفاقات. وعلى الذين يهرعون لتعديل الدساتير ليتمكنوا من تمديد حكمهم حتى يوافيهم الأجل، أن يستوعبوا الدرس الأمريكي وأن يرحلوا بسلام آمنين.


أمريكا تفوقت على العالم لأنها فتحت ذراعيها للقادمين الجدد لينتموا إليها وأعطتهم الفرصة الكاملة في الانتماء والارتقاء، فليس من المتخيل أن يحكم أسود دولة أوربية. وفي الوقت الذي يعتلي سدة الحكم في واشنطن رجل من أقلية عرقية، تكاد مشكلة الأقليات أن تشظي بلاد عربية. وفي حين سيرأس أمريكا رجل ولد ومات أبوه خارجها تبقى مشكلة البدون مثارة ومعلقة في أكثر من بلد عربي، وترفض غالبية الدول العربية أن تعطي الأم الجنسية لأبنائها رغم تشدقها بحقوق المرأة وبعدد الوزارات التي تديرها.


في الحدث الأمريكي بالنسبة لنا ما هو أكثر من التحليلات والتعليقات والتي تتحدث عن حاجة وتوجه أمريكا للتغيير. فنحن في العام العربي أشد حاجة للتغيير وللنهوض وللتداول السلمي على السلطة وللتوقف عن ممارسات كوميدية مثل محاكمة المعارضين بتهم غريبة كالمساس بهيبة الدولة، وكأن لنا في عالم اليوم مكان أو مكانة أو هيبة.



ياسر سعد