تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : " الثبات على المبدأ مزاد علني أم تضحيات "



أحمد بوادي
11-02-2008, 07:01 PM
" الثبات على المبدأ مزاد علني أم تضحيات "


http://bawady.maktoobblog.com/141678...22/?postView=1 (http://bawady.maktoobblog.com/1416785/%22_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A8%D8%A7% D8%AA_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9% 84%D9%85%D8%A8%D8%AF%D8%A3_%D9%85%D 8%B2%D8%A7%D8%AF_%D8%B9%D9%84%D9%86 %D9%8A_%D8%A3%D9%85_%D8%AA%D8%B6%D8 %AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA__%22/?postView=1)


بقلم / أحمد بوادي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد :

" إن المبادئ ليست شيئا ميتا في بطون الكتب أو في صدور الرجال ، ولكنها شيء حي يسكن كيانك دون أن تدري وإذا أردت أن تعرف ثمن مبدأ ما عند أصحابه فانظر مقدار تضحيتهم من أجله " .

استوقفتني هذه الكلمات التي تخفي بين حروفها وكلماتها معان لا يقدر على فهمها إلا أصحاب المبادئ الثابتة والراسخة والقيم الرفيعة والعالية

ما أجملها من كلمات ذكرتني بقول الشاعر :

ومن تكن العلياء همة نفسه .... فكل الذي يلقاه فيها محبب


تذكرت المتنبي وهو يدفع ثمنا باهظا من أجل بيت شعر قاله تضحية لمبادئه


عندما هجا رجلا من بني أسد يدعى ضبة، بقصيدة مطلعها:

ما انصف القوم ضبة وأمه الطرطبّة ..... فلا بمن مات فخر ولا بمن عاش رغبة

فترصد له بنو أسد في الطريق ليقتلوه. وحين رآهم هرب منهم فقال له ابنه: يا أبه وأين قولك:

الخيل والليل والبيداء تعرفني...... والسيف والرمح والقرطاس والقلم


فقال المتنبي : قتلتني يا ابن اللخناء، فعاد أدراجه ليحارب فقتل وطار رأسه!!

فتنة النساء وحبهن لم يجعل لعنترة أن يغير مبدأه ليتحول إلى امرئ عديم الأخلاق استجابة لشهوته

وهواه وهو يعلم أن لا أحدا يراه إلا الواحد الأحد الفرد الصمد فيقول :


وأغض طرفي إن بدت لي جارتي .... حتى يواري جارتي مأواها


أبو جهل يتشوق لقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وينتظر اللحظة التي ينهي بها حياة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وقد بذل كل ما بوسعه من أجل تنفيذ هذه المهمة التي غيرت كل شيء في حياتهم

ومع هذا لا يقبل أن يغير مبدأه في حفاظا على سمعته وكرامته التي قد تدنس إن فعل ما يقدح بها حتى وإن ضيع فرصة ثمينة

فيقول له أحد أتباعه كما يذكر: لماذا لا ندخل بيت محمد _ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم _

فنقتله بدل أن نظل وقوفا ، فرد عليه أبو جهل قائلا :" كي لا تتكلم العرب أننا نتسور على بنات عمنا "

هذه بعض قصص الثابتين على مبادئهم فكم تحمل البعض من الأذى وكم ترك غيرهم ملذاتهم وشهواتهم تضحية

لتلك المبادئ وهي مبادئ دنيوية لكنهم رأوا أنها تسمو بأخلاقهم وتعلي من شأنهم وقدرهم وإن تخلوا عنها عرفوا بالنقص والدناءة التي لا ينبغي للرجال أن يتصفوا بها أو تكون لهم خلقا ذميما يصاحبهم في محياهم ومماتهم فنالوا بسبب ذلك ما نالوا


فما يقال لمن يبيع عرضه أو وطنه أو دينه أو إخوانه من أجل دراهم معدودة أو شهوة خفية أو منصب زائل ؟؟!!!


فإن كان هذا ثمن الحفاظ على المبادئ التي يراد منها صون عزتهم ورفعتها وعدم ازدراء الآخرين لهم متعلق بالدنيا ، فكيف يكون الحال عندما يصبح المبدأ متعلق بأمور الدين والآخرة .

أم سعد بن أبي وقاص تضغط على ولدها ليغير دينه فيقول لها : " يا أماه : لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني ، فكلي وإن شئت فلا تأكلي "


وجه العبيدي الفاطمي دعوة للنابلسي قال له :
إنك تقول لو : أن لي عشرة أسهم لرميت النصارى بتسعة أسهم والعبيديون بسهم

قال لا ......... لم أقل ذلك ، وإنما قلت :

لو أن عندي عشرة أسهم لرميتكم بتسعة والنصارى بسهم

فسلخ جلده عن لحمه ولما وصل قلبه طعنه بالسكين

يطلب حاكم دمشق الصالح إسماعيل المعونة من الصليبيين ضد حاكم مصر نجم الدين أيوب على أن يعطيهم السلاح وأن يدخلوا دمشق فعرف العز بن عبد السلام أنها الخيانة من الملك الصالح فصعد المنبر وتكلم في ذم موالاة أعداء الإسلام وتعنيف الخونة فما كان من الملك إلا أن أمر باعتقاله ثم نفاه فقام الناس ضد ذلك فبعث الملك إليه وقال له الرسول : إن سيدي طلب منك العودة وما عليك إلا أن تقبل يده

فقال له العز بن عبد السلام :
يا مسكين ، عد إلى سيدك وقل له : إن العز بن عبد السلام لا يرضى والله أن تقبل قدمه ، فكيف تظنه يرضى أن يقبل يدك .... يا مسكين أنتم في واد ونحن في واد .

من الثابتين على المبدأ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول :

" ذهب عقلي مراراً، فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إليَّ نفسي ، وإن استرخيت وسقطت رفع عني الضرب ".

ولم يغير مبدأه حتى نصر الله به السنة وأهلها

لو أردت أن استرسل في ذكر القصص المتعلقة بالمخلصين من أبناء الأمة الثابتون على مبادئهم لاحتاج ذلك مني إلى آلاف الصفحات

لكني أنتهي هنا لأقول إلى هؤلاء الذين باعوا مبادئهم بثمن بخس

وهم يبينون للناس الفضيلة يدعونهم إلى طاعة الله ورسوله والتمسك بالقيم والأخلاق

وهم يجالسون المتبرجات على شاشات التلفاز

إنكم ومبادئكم كبيت العنكبوت اتخذت بيتا

فقد أنساكم المال وحب الشهرة والظهور ما أنتم غارقون فيه من الضلال وأنتم تدعون غيركم للتخلص منها

كمن يخطب عن النظافة ويحذر الناس الوسخ وحوله يصفق الذباب

أقول لأصحاب المبادئ التي لطالما شنفوا مسامعنا وهم يحذروننا من أهل الفسق و البدع والضلال

عار عليكم أن تجالسوهم وتضحكوا معهم من غير إنكار عليهم وأنتم تظهرون أمام ملايين الناس

من شاشات فضائياتهم

أحد أصحاب المبادئ الثابتة والراسخة كالجبال وقد بلغ علمه الآفاق

وقد لقبه البعض بالعالم البحر ذهبت إلى بيته منكرا عليه جلوسه مع أهل الضلال

والظلم والجبروت فقال لي بلا استحياء

وما الذنب الذي فعلته غير أني أكلت وخرجت !!!

مبدأ يباع بلقمة طعام ، أو مزعة لحم

فهل رأيت مقدار تضحيات هؤلاء لمبادئهم


فهل من مثل هؤلاء العلماء غير المجهولين ممن يأخذ الناس وينهلوا من علمهم عندهم مبادئ أصلا يستحقوا عليها أن يكونوا قدوة وعلماء ودعاة

أما قادة الأحزاب والجماعات أصحاب المبادئ العظيمة والثوابت الراسخة

يرفع أحدهم أعظم مبدأ عرف في الحياة

" القرآن دستورنا "


ولمّا مكن الله لهم للقيام والعمل بالدستور قالوا :" لن نطبق الشريعة الإسلامية والثوابت الوطنية خيارنا "

وفي خضم هذه الأمثلة لا ينسينا الكلام عن الحديث عن أحد أصحاب المبادئ الثابتة وما أكثرهم

وقد نذر نفسه للتحذير من مخالفيه بحجة أنه صاحب مبدأ راسخ لا يتقهقر ترجم لنفسه بصفحات على الإنترنت

بذكر أسماء مشائخه وشهاداته البكالوريوس من الأزهر والماجستير من المغرب

ظن أن هذا سيزيد من ثباته أو أن الحق سيخضع لشهاداته ومشائخه ولربما لو ذهبت لمنزله تجدها قد علقت على جدار منزله وفي صدر داره صمدها كصمديته الهشة وكلها اهتراء

أتخذ من الكذب على عباد الله وبتملقه وتكبره وازدراءه الآخرين وبتضليله الناس بالترقيع لأصحاب فقه الواقع وأصحاب فتاوى التسهيلات والتنزيلات والصحوات ، وسل السيوف على رقاب من اخطأ بالإملاء

بأنه المعلوم صاحب الشهادات فحق أن يأخذ عنه ، وغيره مجهول لأنه جهله وما عرفه .

اتخذ من كل ذلك وسائل تضليل وإن سألته عن صدق ادعائه قال أنا صادق وكفى ؟؟!!! . فهنيئا له بشهاداته ومشائخه وكأن معرفة الناس للمرء يجب أن يجمع عليها البشر فنسي المسكين أنه هو أيضا مجهول لأن الجهالة نسبية


فهذه الأصناف من الناس هم حبساء أهواءهم وشهواتهم وحديثهم عن المبادئ والثوابت

ما هي إلا توظيفا لتلك الأهواء والشهوات .


وإن تعرض أحد منهم لفتنة أو لمصلحة متوهمة أو ظنية حتى وإن صادمت أصلا من أصول أهل السنة

أخذ يتأول لك ويتعذر بالتقية ولمجرد الإكراه وأخذ الرخص عند الشدائد والفتن حتى وإن كانت من أجل لقمة

فهل عرفتم قيمة تضحيات هؤلاء ثمنا لمبادئهم مع تضحيات أبي جهل


يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعليقا على موقف أحمد رحمهم الله جميعا :

"أما أولو العزم من الأئمة الهداة ، فإنهم يأخذون بالعزيمة ، ويحتملون الأذى ويثبتون ، وفي سبيل الله ما يلقون ، ولو أنهم أخذوا بالتقية ، واستساغوا الرخصة لضل الناس من ورائهم ؛ يقتدون بهم ولا يعلمون أن هذه تقية ، وقد أُتي المسلمون من ضعف علمائهم في مواقف الحق.. لا يجاملون الملوك والحكام فقط ! بل يجاملون كل من طلبوا منه نفعاً أو خافوا ضرّاً في الحقير والجليل من أمر الدنيا "


صدق أحمد شاكر رحمه الله فهؤلاء لا يردون يد لامس استجابة لأهوائهم وشهواتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقريب جدا أحد هؤلاء أصحاب الثوابت ــ الحسان ــ ممن لحس عقله فتنة التأويل أخذ يرقع لنفسه ظانا نصرته للحق سئل : لماذا قبلت دعوة ـــ من حرف القرآن وعطل السنة وصلى العصر ثلاثا وله كتاب أخضر ــــ فقال : لقد استقبلنا استقبال الفاتحين

ما أحقرها من مبادئ تستحق التغيير والتبديل .

ثم إذا وقفت سائلا هؤلاء عن أصحاب المبادئ التي رخصت عليهم حياتهم وباعوا دماءهم وتركوا الدنيا وما فيها من ملذات نصرة لمبادئ الدين والدفاع عن الحرمات والمقدسات قالوا هؤلاء لا فقه لديهم ولا علماء فهم مجاهيل .


" القدس عروس عروبتكم ........ ؟؟!!!"

إخواني :

احذروا هؤلاء ولا تغرنكم كثرتهم وصراخهم وضجيجهم بالمساجد بلبيك

فإن أكثر الناس خارجون عن طاعة ربهم مخالفون للحق ناكبون عنه كما قال ابن كثير رحمه الله : قال تعالى ** وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } وقال عز وجل : ** وإن تطع اكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله }


ولا تستوحش قلة السالكين على المبدأ الثابتين عليه فهم الغرباء

" فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صاحبا ، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا "

فلا يمنعنكم هذا أن تقوموا بحق الله وتثبتوا على مبادئكم حتى تلقوا ربكم كما ذكر ذلك أويس


ولا تكونوا كهؤلاء الذين بعد أن فتنوا غيروا وبدلوا فلم يكفهم ذلك بل أرادوا أن يفتنوا ويغيروا كل من في الأرض


قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى " ... فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون ولقلتهم في الناس جدا سموا غرباء . والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء و أهل السنة الذين يميزونها من الأهواء غرياء و الداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم اشد هؤلاء غربة .. ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا "


وطنوا أنفسكم كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تكونوا إمعةً تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا ) .

ولتكثروا من قول : يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك

ويا مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك

ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليكم غير مفتونين