تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أهل فلسطين ... بين وعد بلفور ووعد العزيز الغفور



أبو يونس العباسي
11-02-2008, 06:26 PM
أهل فلسطين ... بين وعد بلفور ووعد العزيز الغفور


أبو يونس العباسي


الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين .


أيها الأحبة : بينما كنت جالسا رن جرس الهاتف , وإذا بأخ من إخواني الدعاة يستفسر مني عن الموضوع الذي سأخطب عنه في يوم الجمعة , فقلت له : لم أبيت العزم بعد على أي موضوع , فقال لي : ما رأيك يا شيخ أن تخطب عن وعد بلفور ؟ فقلبت الأمر في خاطري , وعقدت العزم أن أخطب عن وعد بلفور, فكان هذا المقال فحوى هذه الخطبة .


الوعد المشؤوم ... تاريخه ... وماهيته


أيها الأحبة : قبل تسعين عاما وفي تاريخ 2/ 11من عام 1917م وعد بلفور رئيس وزراء بريطانيا اليهود بوطن قومي لهم في فلسطين , بعد إخراج أهله منه بالقوة , ويعد وعد بلفور حدثا فاصلا في التاريخ , لابد على الدعاة إلى الله أن يذكروا الناس به لأن الله – عز وجل – يقول : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ "(إبراهيم :5) ولأن التاريخ وقصصه تحمل من العظات والعبر , ما لو عملنا بها لتجنبنا كثيرا من المزالق , قال الله تعالى : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " (يوسف:11)


الكفر ملة واحدة


أيها الأحبة : بعد سقوط الخلافة العثمانية , وتحديدا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , قسمت الدول التي انتصرت في الحرب الشرق الأوسط على أنفسها , ولكن هذه الدول لم تسم سيطرتها على دول الإسلام احتلالا , ولكن أسمته انتدابا ... زعموا , ووعدت أنه ما إن استطاع أهل البلد الأصليين الاعتماد على أنفسهم فإنهم سيخرجون , ومن الدول التي أجرى عليها هذا النظام : فلسطين , وكانت تحت الانتداب البريطاني ... زعموا , من المعلوم بداهة أيها الإخوة أن بريطانيا هي التي سلمت فلسطين لليهود , ونظمت هجرتهم إلى فلسطين , وأمدتهم بكل المقومات التي ساعدتهم على السيطرة عليها , وإخراج أهلها منها فيما بعد , وهذا الحدث التاريخي , يرسخ عندنا المقولة التي تنص على أن الكفر ملة واحدة , وهذه حقيقة دلت عليها نصوص الكتاب والسنة , قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (المائدة:51) , وقال جل شأنه :" وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير" (الأنفال :73) , ومن الآية الثانية نستفيد أن الفساد الذي يعم الأرض إنما كان بسبب تفرق الموحدين , فهلا استفاد الموحدون في غزة من ذلك , وتوحدوا تحت راية التوحيد , ونبذوا الفرقة وتلبيسات إبليس التي تسول لهم وتزين في أعينهم إبقاء حالة التشرذم على ما هي عليه بينهم , وثبت عند أبو داوود وصححه الألباني من حديث ثوبان أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن . قال قائل يا رسول الله وما الوهن ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت " , وهنا أحب أن أنبه أن ما يجمع اليهود والنصارى مع تجذر أسباب الفرقة بينهم هو عداوتهم لنا , قال الله تعالى :" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا "(المائدة :82)


حكام العرب ووعد بلفور


أيها الأحبة : إن صورة حكام العرب لم تتغير لا في الماضي ولا في الحاضر , فإن دول الكفر التي كانت تسيطر على بلاد المسلمين , ما خرجت إلا بعد أن خلفت وراءها كلابا يؤمنون لها مصالحها , ويقضون على أسباب الخطر التي تحدق بهذه المصالح , إن حكام العرب لم يحركوا ساكنا في مواجهة هذا الوعد , ولما بلغت قوة اليهود ذروتها عام 1948م بعثوا جيوشا ليس فيها من الجيوش إلا اسمها , فلا الأعداد كافية لمواجهة اليهود , ولا الأسلحة صالحة , فأسلحة الجيوش العربية حصل عليها حكام العرب من مزابل الحرب العالمية الثانية , ولقد حدثنا آباؤنا عن هذه الأسلحة : أن الرصاصة كانت تنطلق للخلف , بدل أن تتوجه إلى الأمام نحو اليهود , وحدثونا كذلك أن الجيوش العربية ما كانت تقاتل , فإذا سأل الناس قادة الجيوش عن ذلك قالوا لهم : لا يوجد أوامر , أو باللهجة العراقية :" ماكو أوامر" ولقيني رجل ممن كان يعمل في الأراضي المحتلة وقال لي : بأن جنديا يهوديا حدثه بأن المعارك عام 48م أو عام 67م كانت أقرب إلى النزهة منها إلى المعركة , أليست هذه الخيانة بعينها يا حكام العرب , والله تعالى يقول :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الأنفال :27) ,


ويا ليتهم خانوا مرة واحدة وانتهى الأمر عند ذلك , بل توالت خياناتهم وتوالت , فطبع طواغيت العرب العلاقات مع اليهود , وذلك في زمن المجحوم السادات والهالك حسين – عليهم من الله ما يستحقون – وصار الحفاظ على أمن اليهود هدف استراتيجي عند مصر والأردن , ولطالما سمعنا في نشرات الأخبار بأن المحاكم الأردنية والمصرية تفرض عقوبات شديدة على من يضبط وهو يهرب السلاح إن إلى الضفة الغربية أو إلى قطاع غزة , ويا ليتهم وقفوا موقف الحياد , بل إننا نراهم اليوم يساهمون في حصارنا والتضييق علينا مع اليهود , فأغلقت مصر معبر رفح , إلا في حالات نادرة , والحكم للغالب والنادر لا حكم له , فنزل أهل القطاع من تحت الأرض ليجلبوا ما يحتاجون , فضخ جنود الطاغوت المصري الغازات المميتة والمواد الكيميائية القاتلة عليهم , والتي قتلت العشرات من أبنائنا , أليس هذا يا عقلاء الأرض من الموالاة التي يكفر صاحبها , قال الشيخ أحمد شاكر : أما التعاون مع الإنجليز , فهو الردة الجامحة , والكفر الصراح , لا يقبل فيه اعتذار , ولا ينفع معه تأول ." وعلى هؤلاء ينطبق قول الله تعالى :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ "(البقرة :16) وعلى هذا تنطبق على طواغيت العرب المقولة سالفة الذكر :"الكفر ملة واحدة "


الفرق الكائن بين الأمين والخائن


وبعد أن ذكرنا مواقف طواغيت العرب الخائنين , نذكر موقفا تاريخيا مميزا لأحد أمراء هذه الأمة وأبنائها , ألا وهو السلطان عبد الحميد , والذي عندما ساومه الكفرة الفجرة على أرض فلسطين , وأغروه بالأموال والمكانة وإنعاش اقتصاد دولته المريضة قال :" والله إن عمل المبضع في جسدي أهون علي من أن أفرط في ذرة تراب من أرض فلسطين " , وبين أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي , ليس من حق أحد أن يتنازل عنها او أن يفرط فيها , كما يفعل البعض : علمانيين كانوا أمم متأسلمين , والذين رضوا بأرض على حدود 1967م , وهنا لا ننسى أن نذكر بموقف ذلكم العجوز المقدسي الذي رفض التنازل عن أرضه وداره , حتى يوقع كل مسلم على ورقة يتنازل فيها عن حقه في هذه الدار , ولكن حسبنا أن نقول : لا نامت أعين الجبناء والخونة الأذلاء , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


لهذا نجح مشروع بلفور وأنجز وعده المبتور


أحبتي في الله : نجح بلفور لأنه عمل وجد واجتهد لإنجاح مشروعه , وتحقيق وعده , ومن جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل ,وكما يول كبار السن عندنا في غزة : لكل مجتهد نصيب , نجح لأنه إنسان ذو عزيمة , نجح لأنه ضحى بوقته وماله وجهده وطاقته من أجل هدفه وغايته , هذا وهو يعمل من أجل مبدأ باطل , فمالي أرى أصحاب الحق كسالى , مالي أراهم قد خيمت عليهم النظرة السلبية السوداوية , مالي أراهم قد فترت عزائمهم – إلا من رحم الله – وهم على الحق , والله ينايهم ويقول لهم :" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (التوبة :105) يا أهل الحق : مالي أراكم تتقاعسون والله وعد العاملين في خدمة هذا الدين بالثواب العظيم في الآخرة , والفتح المبين في الدنيا , قال الله تعالى :" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (التوبة :120) , يا أهل الحق مالي أراكم تتقاعسون والمتقاعسون بعقاب الله متوعدون , قال الله تعالى :" قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين "(التوبة :24) ومن أجل ما سمعته من الشيخ أبي إسحاق الحويني – سلمه الله تعالى – أننا لو كنا في جد الشيطان واجتهاده لبلغ هذا الدين الآفاق , كيف لا والله يقول حكاية عن الشيطان :" ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " (الأعراف :17) والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


لهذا نجح مشروع بلفور وأنجز وعده المبتور


أيها الموحدون : نجح بلفور في تحقيق وإنجاز مشروعه لأننا ضعاف , وضعفنا إنما كان لأننا ابتعدنا عن كتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحول هذا المعنى يقول الله تعالى :"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" (الشورى :30) ويقول سبحانه وتعالى:" أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (آل عمران :165) ويقول جلت قدرته :" لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ " (التوبة :25) يا أيها الأحبة : كنا أعز الأمم وأقواها لما التزمنا بشرع الله , فلما بدلنا وغيرنا بدل الله حالنا , ولا عجب : فالجزاء من جنس العمل , قال الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ "(الرعد:11) , وما أجمل قول الشيخ ابن القيم :" لا تحسبن أن العدو غلب ولكن الحافظ أعرض " , بل ما أجمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم – لما قال : ولينزعن الله المهابة ن صدور عدوكم منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن , قالوا وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت " , نعم: إن مصيبتنا هو التصاقنا وتعلقنا بالدنيا وزهدنا في الآخرة , وإلى الله المشتكى , وحسبنا الله ونعم الوكيل .


الموقف الفاصل نحو مشروع بلفور الزائل


أيها الموحدون : إنه لا بد علينا أن نعلم أنه لن يزول وعد بلفور وما ترتب عليه إلا بالجهاد في سبيل الله – تبارك وتعالى – ولا بد علينا أن نعلم أن المفاوضات لا تقدم ولا تؤخر , ولا تحل ولا تربط , نعم : إنه لا يفل الحديد إلا الحديد , وما انتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة , ورحم الله القائل : وألف قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد , ولقد صدق أبو تمام لما قال : السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب , ورحم الله شيخ الإسلام إذ يقول : قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر , وفي غزة يقول الناس : بالإسلام والبندقية تحل القضية , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول :" بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده , وجعل رزقي تحت ظل رمحي , وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " الجهاد هو السبيل لأن الله أنزل الكتاب وأنزل الحديد ليذود الحديد عن الكتاب , فحق بدون قوة هو حق ضائع , قال الله تعالى : "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد :25) , الجهاد هو السبيل : لأن الله يذهب به الهم والغم والحصار والمضايقات , لا بعقود التهدئة الذليلة المذلة , أخرج أحمد في مسنده من حديث عبادة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم " , قال الله تعالى : " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"(الأنفال :60) والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .


واجب المسلمين تجاه قضية فلسطين


أيها الأحبة : لا بد أن نعلم أولا أن قضية فلسطين هي قضية إسلامية , فهي مهبط الديانات , وأرض الرسالات , وعليها دب الرسل الكرام – عليهم أفضل وأزكى سلام – وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى , وهي من وعد الله المسلمين أن يفتحوها ثم يحرروها , وهي الأرض المباركة , قال الله تعالى :" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " (الإسراء :1), ثم بعد هذا كله يتقاعس الإخوة عن واجب النصرة , قال الله تعالى :"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ"(الأنفال :74) , وقال سبحانه وتعالى :" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة :71) ويقول الرب العظيم :" إنما المؤمنون إخوة " (الحجرات : 10) وفي الحديث المتفق عليه من حديث أنس : قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - " انصر أخاك ظالما أو مظلوما . فقال رجل يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟ قال تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه " , وعند أحمد من حديث النعمان أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال :" مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر " , وحيا الله الشيخ الفاضل أسامة بن لادن عندما قال : بأن أبناء الغرب لن يذوقوا طعم الأمن والأمان حتى يلمسه أهل فلسطين واقعا في بلادهم " , ورحم الله القائد الفذ أبا مصعب الزرقاوي إذ يقول : نجاهد في العراق وأعيننا على بيت المقدس" , وسلم الله الشيخ الظواهري إذ يقول : بأن دولة عراق الإسلام وجهادها هي النواة التي سيخرج منها من سيحرر الأقصى بإذن الله تعالى " وبمثله قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي حفظه الله ورعاه .


عندما يحدث التصادم بين وعد بلفور ووعد العزيز الغفور


أيها الأحبة : عندما يحدث تصاد بين وعد بلفور ووعد العزيز الغفور , من الطبيعي أن يعلوا وعد الله ويسقط وعد الذليل بكفره , والحقير بعمله , ووعد الله بالنصر يتحقق للموحدين لا للمشركين , يتحقق لمن يطبق الشريعة لا لمن يتنكر لها , يتحقق لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر لا لمن ترك الحبل على غاربه , فهو لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر , قال الله تعالى :" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "(النور :55) , وإن الحق إذا واجه الباطل فلا بد ان ينتصر الحق , قال الله تعالى :" وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا " (الإسراء :81), وقال سبحانه :" لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ " (آل عمران :111) واعلموا أننا إذا استوينا مع عدونا في المعصية كانت الغلبة للأقوى , قال عبد الله بن رواحة لما أراد المسلون الرجوع عن قتال الروم في معركة مؤتة لكثرة عدد الروم : أيها الناس إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون , وما نقاتل الناس بعدد ولا عدة , ولكن نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به " وقال عمر بن الخطاب لسعد لما بعثه إلى القادسية :" لايغرنك أنك خال رسول الله , فإنه لا يوجد بين الله وبين عبادة واسطة ولا نسب , وإنما ننتصر على عدونا بطاعتنا ومعصية عدونا له , فإذا استوينا في المعصية كانت الغلبة للأقوى " يا أيها المجاهدون : اعلموا أن فتح بيت المقدس هو وعد الله تعالى , وتدمير ما على من بنيان اليهود , أمر لا مفر منه , قال الله تعالى :" إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا " (الإسراء :7) , كما لابد أن نعلم أن تجمع اليهود في أرض فلسطين هو وعد الله تعالى , ليكون اليهود زرعا تحصده سيوفنا وبنادقنا وعدتنا وعتادنا , قال الله تعالى :" وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا " (الإسراء :104) والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول كما عند الترمذي وصححه الألباني من حديث ابن عمر :" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " , وبجمع الآية مع الحديث يظهر صدق ما تقدمت بقوله آنفا , قال الله تعالى :" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " (الأنبياء :105)وقال جلت قدرته :" إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ "(غافر :51)


إخواننا في المهجر لم ننساكم


وكما أننا لم ننس الأقصى , ولم ننس حيفا ولا يافا ولا اللد ولا الرملة ولا أية ذرة تراب من أرض فلسطين , لم ننس كذلك إخواننا المهجرين , ونقول لهم : والله قلوبنا معكم وجرحنا هو جرحكم كما هو جرح كل مسلم , وسترجعون إلى دياركم سالمين , والخائن المتنازل عن حقوق الله وحقوقكم , لهو في أسفل سافلين , وأمره صائر إلى فشل مبين , ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق ن الله حديثا .
إخوة التوحيد : سننتصر بإذن الله , ستكون العاقبة لنا , سنرفع راية العقاب على الأقصى , وفوق الجامع الأزهر , وفوق الجامع الأموي , وسنرفعها بحق وحقيقة في جزيرة العرب , سنعليها في سماء إيران , وفوق قباب الأندلس و سنرفعها فوق البيت الأبيض بإذن الله , ويومها سنحوله لمسجد يركع ويسجد فيه لرب العالمين , إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا وإننا لصادقون . ‌ -إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


أخوكم : أبو يونس العباسي


مدينة العزة غزة

abdullah
11-02-2008, 07:40 PM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل على هذه المقالة الطيبة ، ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك .

حبذا أخي لو تشرفنا بزيارتك على هذا الرابط :

http://www.shmo5alislam.net/vb/index.php (http://www.shmo5alislam.net/vb/index.php)

وبارك الله فيكم .