تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سنة أولى عنف.. رؤية في سوسيولوجية العنف (1)



Ghiath
10-28-2008, 03:14 PM
هذا الموضوع هو عبارة عن حلقات سنتابعها ونناقشها اولا باول..
سنة أولى عنف.. رؤية في سوسيولوجية العنف (1)

د. عبد الله الصبيح
إن كل عاقل حدب على المجتمع يرفض العنف سبيلاً لمعالجة الخلاف في مجتمعنا مهما كانت مسوغاته، ذلك أن العنف لا يخلف إلا الدمار، وإنك لا تجني من الشوك العنب.
ورغم حوادث التفجير المروعة التي وقعت البارحة في الرياض؛ إلا أنه لا زال في بداياته والسيطرة عليه ممكنة إن شاء الله.
والعنف في مجتمعنا ظاهرة جديدة ورغم الحوادث التي حدثت في الماضي كالذي حصل في تفجير العليا في الرياض منذ سنوات أو في الخبر؛ إلا أن ذلك لم يجعل من الحدث ظاهرة.
أما حوادث العنف المتلاحقة في السنة الأخيرة فهي جعلت منه ظاهرة مقلقة للعقلاء، وهذه الظاهرة يمكن أن تُدفن في مهدها ويمكن أن تنمو فتنتج أسوأ نتاج وأشأمه؛ فيشقى بها المجتمع وتدمر استقراره وأمنه.
والعنف حينما يحدث في المجتمع فإنه ينذر بوجود خطأ ما في ذلك المجتمع، هو مؤشر إلى وجود خلاف في الرأي ومؤشر أيضاً إلى عدم وجود قناة لمعالجة الخلاف ولهذا لجأ المختلفون إلى العنف لحسم الخلاف.
ولعل أصعب ما في العنف هو قرار التحول من مدني إلى مقاتل. أمّا عمليات التفجير والمواجهة مع الخصم والقتل فهي من السلوك الاعتيادي الذي يقوم به من اتخذ القرار، وكما أن الجندي يتدرب بدخوله المعركة وتنمو خبراته والجيش يحسن أداؤه ويبتكر في أساليب القتال بدخوله في المعارك فكذلك من اتخذ العنف سبيلاً، إنه ينمو بالمواجهة المسلحة.
ومن يريد أن يزيل العنف من المجتمع عليه أن يقنع من يجنح للعنف بجدوى السلوك المدني وأنه الأولى في معالجة الخلاف، وهذا يقتضي تطوير العلاقات المدنية لأن نموها يقلص مساحة العنف، وذلك ممكن في مجتمعنا ولا سيما أن العنف لا زال في بداياته ولا زال المجتمع في (سنة أولى عنف) فالظاهرة يمكن أن يعالجها العقلاء قبل أن تستفحل وتنمو مؤسسات العنف في المجتمع، وهي مؤسسات لا تنمو إلا بالعنف والاحتراب الداخلي.
والعنف يقوم على مؤسستين خطيرتين: الأولى الفكر أو أيديولوجية العنف، والثانية العمل الذي ينفذ أيديولوجية العنف، وهو هنا البنية التنظيمية للعنف.
وأيديولوجية العنف من أي جهة صدرت سواء كانت جماعات معارضة أو حكومة وسواء كانت من مسلمين تستند إلى ثلاث قضايا رئيسة وهي: التصنيف ثم الإدانة ثم العقاب، ومحتوى التصنيف هو وصف الآخر بما يخالف الذات، أما الإدانة فتقوم على وصف الخصم بأحد وصفين هما: الخيانة أو الكفر، والعقاب هو القتل، ومهما كانت تفريعات أيديولوجية العنف ومهما كان الجدل الذي يدعمها فغايتها الوصول إلى هذه القضايا الثلاث.
والبنية التنظيمية هي التي تنفذ العقاب، ولكن يلاحظ أنه مع تصاعد حدة الصراع تقل الضوابط الأخلاقية في تنفيذ العقوبة على الخصم، فتتسع دائرة من يشملهم العقاب وتستخدم البنية التنظيمية أي سلاح يحقق لها غرضها بغض النظر عن القيم الأخلاقية، فمثلاً إسرائيل تضرب الأفراد العزل من الفلسطينيين بطائرات الأباتشي وطائرات إف 16، وهذا السلوك لا يستقيم مع المبادئ الأخلاقية كما لا يتفق مع الأخلاقية العسكرية.
والذي يتحكم في أيديولوجية العنف فلا تطغى هو الضوابط الأخلاقية ولهذا جاء في الشريعة الإسلامية التشديد الأكيد فيها كما في الوفاء بالعهد، وتجنب الغدر والتحذير من الغلول وتحديد من يستحق القتل، ولولا هذه الضوابط لطغى الجانب العسكري على الجانب المدني.
وأيديولوجية العنف عادة ليست لها شرعية في ذاتها وإنما تستمد ذاتها من سلوك الخصم، فمن خلال الصراع تتطور قدرة التصنيف والتميز عن الخصم وتتحول المواقف العملية إلى قضايا فكرية ومبادئ تتحكم في سلوك البنية التنظيمية وتمثل بمجموعها هوية لها.
وملاحظة جانب الشريعة هنا يدرك به القارئ لماذا تأخر الإذن بالقتال في الإسلام ومضى من النبوة ثلاث عشرة سنة في الدعوة للفكرة ذاتها.
واتساع دائرة الصراع لا يؤسس لأيديولوجية العنف فقط؛ بل يؤسس أيضاً للمنظمة ذاتها فيدفع آخرين من أفراد المجتمع للالتحاق بمؤسسة العنف.
وسبيل نزع الشرعية عن الأيديولوجية وإسقاط الهوية لا يكون من خلال الصراع، وإنما من خلال خفض الصراع؛ لأن الصراع يزيد مساحة المختلف فيه، فيزيد بذلك التباين وخفض الصراع يقلل مساحة المختلف فيه وربما يزيد به مساحة المتفق عليه، واتساع دائرة المتفق عليه والوعي به يضعف شرعية إيديولوجية العنف ويـنـزع الهوية عن منظمة العنف.
وأختم الحديث عن تطور العنف بالتنبيه على مسألتين:
الأولى: إن نمو أيديولوجية العنف ومنظمته قد يستغرق سنوات وقد لا يستغرق إلا وقتاً قصيراً جداً فهذا يعتمد على حدة العنف وردود أفعال المتصارعين.
والثانية: ما ذكرته عن تطور العنف يشمل كلا طرفي الصراع الحكومة والجماعات المنشقة عن المجتمع.
ما سبق هو موجز عن التطور الاجتماعي لمؤسسة العنف، ولكن ماذا عنا نحن في السعودية؟
المجتمع السعودي لا زال كما قلت في صدر المقال في "سنة أولى عنف" وهو يستطيع أن يتحاشى الانتقال إلى ما بعدها، ولكن كما أن لسنة أولى عنف ميزتها فلها خطورتها كذلك.
وهذا ما سوف أتحدث عنه في المقال التالي.

Ghiath
10-28-2008, 05:27 PM
إن اهم نقطة ذكرها الكاتب في المقال في وجهة نظري هي :



ولكن يلاحظ أنه مع تصاعد حدة الصراع تقل الضوابط الأخلاقية في تنفيذ العقوبة على الخصم، فتتسع دائرة من يشملهم العقاب وتستخدم البنية التنظيمية أي سلاح يحقق لها غرضها بغض النظر عن القيم الأخلاقية، فمثلاً إسرائيل تضرب الأفراد العزل من الفلسطينيين بطائرات الأباتشي وطائرات إف 16، وهذا السلوك لا يستقيم مع المبادئ الأخلاقية كما لا يتفق مع الأخلاقية العسكرية.
والذي يتحكم في أيديولوجية العنف فلا تطغى هو الضوابط الأخلاقية ولهذا جاء في الشريعة الإسلامية التشديد الأكيد فيها كما في الوفاء بالعهد، وتجنب الغدر والتحذير من الغلول وتحديد من يستحق القتل، ولولا هذه الضوابط لطغى الجانب العسكري على الجانب المدني.

ولهذا يلاحظ ان التساهل في قتل الابرياء واعتبارهم كالاسرى الذين يتترس بهم العدو يدخل ضمن هذا الفقدان للضوابط الاخلاقية في القتال عند المجموعات المغالية التي تتبنى العنف طريقا للتغيير..

Abdulla
10-28-2008, 06:11 PM
ننتظر المقال التالي للدكتور عبد الله الصبيح الذي وعدنا به لنرفع بعدها لافتة عريضة مكتوب عليها "برافو" وبعدها ندعو الجمهور للتصفيق له وتوزيع حلويات بمناسبة نجاحه في كتابة مقالة تقر بها عيون وزارة الداخلية السعودية .

Ghiath
10-28-2008, 09:04 PM
سنة أولى عنف ... رؤية في سوسيولوجية العنف (2)

د. عبدالله الصبيح 26/9/1424
20/11/2003

في الجزء الأول من هذا المقال تناولت التطور الاجتماعي لمؤسسة العنف من خلال الحديث عن أيديولوجية العنف تحديدًا، وذكرت أنها تبدأ بالتصنيف ثم الإدانة ثم العقاب، وهنا أتناول "قضية العنف"، وكيف يتكون ولاسيما في بداياته.

وقبل الحديث عن هذا الموضوع أنبه إلى أن العنف الذي يتناوله هذا المقال هو ما يحصل بين الحكومة - أي حكومة- وبين العصابات المسلحة ذات الأيديولوجية التي تسعى لتسويقها في المجتمع، أما العنف الذي لا ينطلق من أيديولوجية فلا يتناوله هذا المقال.

و"قضية العنف" التي يتناولها هذا المقال هي في العادة الجزء الموضوعي من أيديولوجية العنف، وهي المشكلة التي تتكون حولها أيديولوجية العنف، أوهي حق مهدور في المجتمع تفتقده طائفة منه، وتسعى لاستعادته. ولأن قضية العنف تكاد تكون مسلمة من قبل قطاع عريض من المجتمع، ولأنها قضية ملموسة، الكل يستطيع أن يراها؛ فهي مجال الحوار بين جماعة العنف وبين الفئات المستهدفة من المجتمع، والقبول
بها هو الذي يمهد للأيديولوجية. مثلاً قضية العنف في التنظيمات الشيوعية هي التفاوت الطبقي، أما الماركسية فهي الأيديولوجية التي تعالج التفاوت الطبقي، والشخص قد يسلِّم بوجود تفاوت طبقي في المجتمع لأنها -كما قلت- قضية موضوعية، ولكنه لا يسلِّم بالحل الماركسي. مثال آخر: قضية العنف في الجزائر هي إلغاء الانتخابات، وهي قضية موضوعية يسلِّم بها غالبًا الجميع، ولكن معالجة هذه القضية تختلف حولها وجهات النظر؛ فبينما جماعات العنف في الجزائر ترى أن الحل هو الجهاد أو مقاتلة السلطة.. يرى آخرون غير ذلك.
إذًا قضية العنف قضية عامة موضوعية غالبًا، أما أيديولوجية العنف؛ فهي اجتهاد فئة من المجتمع في معالجة القضية.

وقضية العنف في الغالب ذات محتوى فكري حقوقي، ولها سمات عامة منها:
1- القضية لا تكون باطلاً محضًا؛ بل تنطوي على جزء من الحق مهما كان ضئيلاً، وهذا الجزء هو الذي يستقطب لها أنصارًا من المجتمع الذي تستهدفه، وربما وجدت قبولاً فتحولت بسببه إلى قضية شعبية.

2- القضية متطورة تبعًا لتطور أيديولوجية العنف، فمثلاً ربما بدأت قضية موضوعية محددة كالمطالبة بحقوق أقلية مما يمكن التفاوض حوله، وانتهت إلى رفض الآخر والمطالبة بالاستقلال التام.
وتطور قضية العنف يعتمد أساسًا على طبيعة الصراع مع الطرف الآخر وتعامله مع ما تنطوي عليه قضيته من حق.

3- وهي ليست خاصة بمن قام بالعنف؛ بل هي مما يمكن أن يشترك معهم فيها غيرهم، وربما كان المجتمع بأجمعه، وربما كان فئة خاصة: إما طائفة مذهبية، أو عرقية، أو مناطقية. لكن هؤلاء الذين قد يتفقون مع جماعة العنف في قضية العنف قد لا يوافقونها في استخدام العنف في تحقيق مطالبهم وإزالة ما يرون أنه ظلم لحق بهم.

وهذه الفئة هي مجال صراع حقيقي بين جماعات العنف وبين الحكومة، ونجاح جماعة العنف في الوصول إليها وإقناعها بالقضية ووسيلة تحقيقها معناه استمرار العنف ووجود أنصار للعنف يقدمون له الدعم المعنوي واللوجستي. ونجاح الحكومة في الوصول إليهم وإقناعهم بزيف القضية وخطأ الأسلوب معناه عزل جماعة العنف والحيلولة بينها وبين الرصيد الشعبي، مما يعني انتهاء العنف.

وقضية العنف في الغالب قضية موضوعية منفصلة عن العنف نفسه، والتعبير عنها بالعنف هو خيار من خيارات متعددة، إذ يمكن التعبير عنها بالأسلوب السلمي والعمل السياسي، ولكن لما استحال ذلك لجأ أصحابها إلى أسلوب العنف. مثلاً من مطالب الأقلية الكردية في تركيا الاعتراف بالقومية الكردية والسماح لهم بتدريس لغتهم في المدارس الرسمية، وهذه مطالب مدنية لا علاقة لها بالعنف، ويمكن التعبير عنها بعدد من صور التعبير المدني، ولكن لما استحال ذلك لجأ بعض الأكراد إلى العنف.
والذين يؤيدون هذا المطلب كثيرون، ولكن ليس كل من أيده أيّد تحقيقه بالعنف.
إن التمييز بين العنف وقضية العنف ضروري من أجل تقليص العنف والسيطرة عليه، وإذا كان الإجراء الأمني ضروري في منع الجناية؛ فهو عاجز تمامًا في معالجة القضية.
إن "قضية" العنف تدخل ضمن قضايا الرأي ومعالجتها.. يجب أن تكون ضمن هذا الإطار فقط، أما التعامل معها بالحل الأمني فهذا يجعل منها جناية، بينما هي ليست كذلك، ويجعل الشريحة المستهدفة بالقضية في نظر السلطة جناة أو في طريقهم إلى الجناية، وهذا ربما دفعهم إلى التعاطف مع العنف ودعاته. ونعود إلى المثال الذي ذكرته عن الأكراد في تركيا، فبسبب المعالجة الأمنية لقضية الأكراد أصبح الكثير من الأكراد متهمين، وربما مُدانين، وأصبحوا عرضة للعقوبة. وكثيرًا ما سمعنا عن اقتحام الجيش التركي لمناطقهم وقراهم ويعاقبهم عقابًا جماعيًا. إن سبب ذلك هو عدم التمييز بين القضية التي نشأ من أجلها العنف وبين العنف نفسه؛ فالقضية الكردية يمكن معالجتها بعيدًا عن قعقعة السلاح وأصوات المتفجرات. وهذه المعالجة هي التي تقطع الطريق على دعاة العنف. وعنف الحكومة هو الذي يمنح شرعية لجماعات العنف.

وجماعات العنف أيا كانت لها ثلاثة أهداف: أولها: جعل العنف ظاهرة في المجتمع من خلال حوادث العنف المتكررة؛ لأن تكرار حوادثه إشعار بوجود هذه الجماعات وحضورها. والثاني: استقطاب أفراد المجتمع إلى قضية العنف من أجل تجنيدهم. والثالث: تحقيق مطالبهم وانتصار القضية التي يسعون لأجلها، والهدف الأخير هو نتيجة أعمال العنف.
والحكومة التي تقاوم العنف - أيا كانت - لها ثلاثة أهداف كذلك: أولها: تزييف قضية العنف. والثاني: عزل جماعات العنف عن المجتمع. والثالث: إيقاف العنف، وهذا الهدف هو نتيجة مقاومة العنف.

ويمكن إيجاز هذه الأهداف في سؤالين سوف أحاول الإجابة عنهما:
الأول: هل تستطيع الحكومة تزييف قضية العنف؟ وهل تستطيع عزل جماعات العنف عن المجتمع؟
والثاني: هل تستطيع جماعات العنف إقناع المجتمع بقضيتها والتمدد فيه من خلال استقطاب أفراده وشرائحه؟

Ghiath
10-28-2008, 09:15 PM
من اهم النقاط التي وردت:



3- وهي ليست خاصة بمن قام بالعنف؛ بل هي مما يمكن أن يشترك معهم فيها غيرهم، وربما كان المجتمع بأجمعه، وربما كان فئة خاصة: إما طائفة مذهبية، أو عرقية، أو مناطقية. لكن هؤلاء الذين قد يتفقون مع جماعة العنف في قضية العنف قد لا يوافقونها في استخدام العنف في تحقيق مطالبهم وإزالة ما يرون أنه ظلم لحق بهم.

وهذه الفئة هي مجال صراع حقيقي بين جماعات العنف وبين الحكومة، ونجاح جماعة العنف في الوصول إليها وإقناعها بالقضية ووسيلة تحقيقها معناه استمرار العنف ووجود أنصار للعنف يقدمون له الدعم المعنوي واللوجستي. ونجاح الحكومة في الوصول إليهم وإقناعهم بزيف القضية وخطأ الأسلوب معناه عزل جماعة العنف والحيلولة بينها وبين الرصيد الشعبي، مما يعني انتهاء العنف.

وقضية العنف في الغالب قضية موضوعية منفصلة عن العنف نفسه، والتعبير عنها بالعنف هو خيار من خيارات متعددة، إذ يمكن التعبير عنها بالأسلوب السلمي والعمل السياسي، ولكن لما استحال ذلك لجأ أصحابها إلى أسلوب العنف. مثلاً من مطالب الأقلية الكردية في تركيا الاعتراف بالقومية الكردية والسماح لهم بتدريس لغتهم في المدارس الرسمية، وهذه مطالب مدنية لا علاقة لها بالعنف، ويمكن التعبير عنها بعدد من صور التعبير المدني، ولكن لما استحال ذلك لجأ بعض الأكراد إلى العنف.
والذين يؤيدون هذا المطلب كثيرون، ولكن ليس كل من أيده أيّد تحقيقه بالعنف.
إن التمييز بين العنف وقضية العنف ضروري من أجل تقليص العنف والسيطرة عليه، وإذا كان الإجراء الأمني ضروري في منع الجناية؛ فهو عاجز تمامًا في معالجة القضية.
إن "قضية" العنف تدخل ضمن قضايا الرأي ومعالجتها.. يجب أن تكون ضمن هذا الإطار فقط، أما التعامل معها بالحل الأمني فهذا يجعل منها جناية، بينما هي ليست كذلك، ويجعل الشريحة المستهدفة بالقضية في نظر السلطة جناة أو في طريقهم إلى الجناية، وهذا ربما دفعهم إلى التعاطف مع العنف ودعاته. ونعود إلى المثال الذي ذكرته عن الأكراد في تركيا، فبسبب المعالجة الأمنية لقضية الأكراد أصبح الكثير من الأكراد متهمين، وربما مُدانين، وأصبحوا عرضة للعقوبة. وكثيرًا ما سمعنا عن اقتحام الجيش التركي لمناطقهم وقراهم ويعاقبهم عقابًا جماعيًا. إن سبب ذلك هو عدم التمييز بين القضية التي نشأ من أجلها العنف وبين العنف نفسه؛ فالقضية الكردية يمكن معالجتها بعيدًا عن قعقعة السلاح وأصوات المتفجرات. وهذه المعالجة هي التي تقطع الطريق على دعاة العنف. وعنف الحكومة هو الذي يمنح شرعية لجماعات العنف.


ان هذا الوصول الى الفئة التي توافق جماعات العنف في بعض مطالبها او قضاياها ولا تؤمن بالعنف كوسيلة لتحقيقه هو ما سعت وتسعى اليه القاعدة او غيرها حين ترفع شعارات الحاكمية اوالمظالم الاجتماعية والفساد الخ حتى تكسب تاييد الشعب لها وبالتالي يسهل عليها استدراج الشباب الى صفوفها ومن ثم تحويلهم الى وقود في المعركة..

وان الفصل والتمييز بين القضايا الفكرية وبين السلوك العنيف هو ضرورة للحيلولة دون انتشار هذا العنف في المجتمع.. فكثير من الناس قد يعتبر بن لادن مجاهدا لما يسمعه عن تضحياته.. ولكنه لا يعتبر ان العنف هو الطريق الانسب او ليس عنده الاستعداد الكافي لسلوك طريق العنف كدليل على اثبات رايه في القاعدة وبن لادن.. هذه الطبقة من الناس الذين ليس عندهم وضوح كامل في الرؤية داخل هذه القضايا هم الاكثر عرضة للتاثير الفكري الممارس عليهم سواءا من الحكومات او من المنظمات التي تتبع العنف والتفجير طريقا لها..

من هناك
10-29-2008, 03:57 AM
إن المقالة مهمة جداً من الناحية السوسيولوجية وهي تفسر ظاهرة خطيرة جداً قد تفشت في مجتمعاتنا

إن الإسلام لا يبنى بالإنعزالية والتقوقع بل كما كان الصحابة رضي الله عنهم رهبان ليل وفرسان نهار. لكن المشكلة هو في تطبيق هذه النظرية على الجميع.

انا اظن انها تنطبق على جهاد الانترنت وليس على الجهاد الفعلي على الارض لأن اهل الأرض مختلفون جداً عن اهل الانترنت وليس لديهم وقت للجدل والأخذ والرد بعكس فرسان الأحرف الذين لا هم لهم إلا البحث عن الجدل هنا وهناك وتوزيع الاحكام او توزيع حبة الملبس.

أبو طه
10-29-2008, 05:47 AM
لم أفهم قصدك أخي بلال من أن المقالة تنطبق على جهاد الانترنت وليس على الجهاد الفعلي على الأرض.
المقالة أصلا لا تتحدث عن الجهاد بل تتحدث عن مشكلة العنف داخل المجتمعات.
وهي على قدر كبير من الأهمية.
خلاصة المقالة برأيي هي في تقرير أن محاولة استئصال العنف بالعمل البوليسي خطأ فادح ومحاولة فاشلة.
الحل يكمن في عزل الفئة التي تبنت العنف عن الفئة التي يمكن أن تتأثر وتتعاطف، فهي مواجهة فكرية بحتة.

Abdulla
10-29-2008, 05:55 AM
الحل يكمن في عزل الفئة التي تبنت العنف عن الفئة التي يمكن أن تتأثر وتتعاطف، فهي مواجهة فكرية بحتة.

أما بالنسبة لدورنا نحن أنصار الجهاد وحرّاس العقيدة ، فنقوم بعزل فئة أنصار الأنظمة الحاكمة عن فئة العوام التي يمكن أن تتأثر بضلالهم وتتبع أهواءهم وبالتالي تتعاطف معهم مهما كانت الأنظمة مجرمة وتحارب الإسلام ، والأمثلة كثيرة سواء في الإنترنت والمنتديات أو في أرض الواقع ، بينما تبقى المواجهة الفكرية قائمة لأن أحد أهم سنن الحياة هو استمرار الصراع بين الحق والباطل وحتمية المواجهة بين الإسلام وخصومه حتى قيام الساعة .

لكن الحقيقة التي لا يجب أن نغفل عنها هو أنه مهما تمادى الباطل في غيّه ، فإن الإسلام منصور بإذن الله ، ولو كره وزراء داخلية الأنظمة الحاكمة وآلهتها الأمريكية المعبودة من دون الله .