من هناك
10-28-2008, 12:11 AM
أريد والدة غير عصريّة
ديما شريف
تختلف والدتي عن والداتكم جميعاً. لا تجادلوني في الموضوع. فعلاً والدتي مختلفة. تستيقظ دوماً في السابعة صباحاً. بعد القهوة الصباحية وسيجارتين، تنتقل إلى تنظيف المنزل بأكمله. في الثامنة، تكون قد اتصلت بالبقال واللحام وأحضرت حاجيات طبختها كلها.
تنهي والدتي كل أعمال المنزل المختلفة بحلول العاشرة صباحاً. يبدأ بعد ذلك يومها الثاني الذي تعيشه بشغف كبير. فتتسلّح بركوة قهوتها وعلبة سجائرها وتجلس أمام شاشة حاسوبها. البداية بالطبع مع بريدها الإلكتروني الخاص بالـ«هوتميل»، فتتفقّده بسرعة لتنتقل إلى بريدها الآخر على «ياهو»، ثم «مكتوب» ثم «جي. ميل». تردّ على رسائل الأصدقاء وتتفقّد آخرين لم تسمع أخبارهم منذ فترة. في الحادية عشرة، تفتح «المسينجر»، وتبدأ المحادثات مع الأصدقاء والصديقات. «شو طبختي اليوم؟ أنا خلصت كل شغلي. كيفو زوجك؟ حماتك ما ماتت بعد؟ الأولاد بس يكبروا ما بيعودوا بيسألوا. والله ولادي كل يوم بيحكوني». تبقى على هذه الحالة حتى الثانية بعد الظهر، تتناول الغداء مع والدي دون أن ترد على تعليقاته الطريفة عن اهتماماتها الإلكترونية الغريبة.
بعد القيلولة اليومية، تعود والدتي إلى حاسوبها في الرابعة والنصف، ليبدأ دور الفايسبوك الذي ينتهي العاشرة ليلاً. أثناء هذه المدة، تتواصل والدتي مع قريباتها في أوستراليا وأميركا. وتترك لي تعليقات على حائط صفحتي الخاصة في الموقع، على غرار «كيفك اليوم، شو أكلتِ، شوفي صورة التيتا منوّرة الفايسبوك».
الحق يقال إنّ لوالدتي حياة اجتماعية، فهي لديها أصدقاء تزورهم من وقت إلى آخر (إذا لم تتواصل معهم على الفايسبوك) كما تزور والدتها دائماً، إلى جانب أنها لا تقصّر في واجباتها فلم تتركنا يوماً بلا أكل، بل هي استغلت هوايتها لتعريفنا على المطبخ العالمي.
كل هذا لا يزعجني كثيراً. كما لا يزعجني كثيراً أنها لا تحاول إخفاء هوايتها العصرية عن أحد. ولكن المحرج هو عندما تعلّمني كيف أستطيع التحايل على «اليوتيوب» لإنزال الأشرطة، وتنصح أصدقائي بالمواقع الجديدة «المهضومة».
ديما شريف
تختلف والدتي عن والداتكم جميعاً. لا تجادلوني في الموضوع. فعلاً والدتي مختلفة. تستيقظ دوماً في السابعة صباحاً. بعد القهوة الصباحية وسيجارتين، تنتقل إلى تنظيف المنزل بأكمله. في الثامنة، تكون قد اتصلت بالبقال واللحام وأحضرت حاجيات طبختها كلها.
تنهي والدتي كل أعمال المنزل المختلفة بحلول العاشرة صباحاً. يبدأ بعد ذلك يومها الثاني الذي تعيشه بشغف كبير. فتتسلّح بركوة قهوتها وعلبة سجائرها وتجلس أمام شاشة حاسوبها. البداية بالطبع مع بريدها الإلكتروني الخاص بالـ«هوتميل»، فتتفقّده بسرعة لتنتقل إلى بريدها الآخر على «ياهو»، ثم «مكتوب» ثم «جي. ميل». تردّ على رسائل الأصدقاء وتتفقّد آخرين لم تسمع أخبارهم منذ فترة. في الحادية عشرة، تفتح «المسينجر»، وتبدأ المحادثات مع الأصدقاء والصديقات. «شو طبختي اليوم؟ أنا خلصت كل شغلي. كيفو زوجك؟ حماتك ما ماتت بعد؟ الأولاد بس يكبروا ما بيعودوا بيسألوا. والله ولادي كل يوم بيحكوني». تبقى على هذه الحالة حتى الثانية بعد الظهر، تتناول الغداء مع والدي دون أن ترد على تعليقاته الطريفة عن اهتماماتها الإلكترونية الغريبة.
بعد القيلولة اليومية، تعود والدتي إلى حاسوبها في الرابعة والنصف، ليبدأ دور الفايسبوك الذي ينتهي العاشرة ليلاً. أثناء هذه المدة، تتواصل والدتي مع قريباتها في أوستراليا وأميركا. وتترك لي تعليقات على حائط صفحتي الخاصة في الموقع، على غرار «كيفك اليوم، شو أكلتِ، شوفي صورة التيتا منوّرة الفايسبوك».
الحق يقال إنّ لوالدتي حياة اجتماعية، فهي لديها أصدقاء تزورهم من وقت إلى آخر (إذا لم تتواصل معهم على الفايسبوك) كما تزور والدتها دائماً، إلى جانب أنها لا تقصّر في واجباتها فلم تتركنا يوماً بلا أكل، بل هي استغلت هوايتها لتعريفنا على المطبخ العالمي.
كل هذا لا يزعجني كثيراً. كما لا يزعجني كثيراً أنها لا تحاول إخفاء هوايتها العصرية عن أحد. ولكن المحرج هو عندما تعلّمني كيف أستطيع التحايل على «اليوتيوب» لإنزال الأشرطة، وتنصح أصدقائي بالمواقع الجديدة «المهضومة».