تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقتصاد هو أقرب الى الكازينو



عزام
10-27-2008, 05:53 AM
بقلم جهاد الخازن ـ الحياة هل أنهت الأزمة الاقتصادية العالمية إمبراطورية المال الأميركية؟
قرأت لمعلّقين وخبراء ليبراليين، بمن فيهم أميركيون، نعوا الإمبراطورية:
- الانهيار الاقتصادي: الموت المالي للإمبراطورية الأميركية.
- الإمبراطورية الأميركية: ارقدي بسلام، «الانهياريون» كانوا مصيبين.
- نهاية الرأسمالية الأميركية؟
- التراجع والسقوط: خريف جمهوريتنا القديمة.
- هل الإمبراطورية الأميركية أكبر من أن تفشل؟
في المقابل قرأت في صحف اليمين ومطبوعات المحافظين الجدد وإصدارات مراكز البحث المحسوبة عليهم مادة تؤكد أن ما حدث مجرد عثرة، وستعود الولايات المتحدة بسرعة قوة مالية مهيمنة.
غير أن التعليقات السابقة متوقعة، فأعداء السوق الحرة، الحرة من القيود، يريدون نهايتها، وأنصار الاقتصاد الحر يدافعون عن أنفسهم، خصوصاً عصابة الحرب في الادارة الأميركية وحولها، فهم الذين أوصلوا أميركا الى حافة الانهيار.
شخصياً أعتقد بأن القطب الواحد انتهى الى حين، فالولايات المتحدة أصيبت بلكمة أوقعتها الأرض، إلا أنها لم تقضِ عليها، وهي لا تزال أكبر اقتصاد في العالم، فالناتج القومي في حدود 12 تريليون دولار في السنة، ولا شيء قريباً منه.
ربما كان خبر نهاية إمبراطورية المال الأميركية مبالغاً فيه مثل إشاعة وفاة مارك توين، وكنت أقرأ نعي الإمبراطورية، وقد تلقيت من المنتدى الاقتصادي العالمي عن القدرة التنافسية لدول العالم، وهو يظهر مرة أخرى ان الولايات المتحدة تحتل رأس قائمة تشمل 134 دولة (سويسرا الثانية ثم دول اسكندينافية واليابان وكندا في المراتب العشر الأولى). والتقرير يدرس قدرة الدولة على توفير رفاه عالي المستوى للمواطن على أساس انتاجية البلد وحسن استعماله الموارد المحلية.
وفي حين أن العمل في التقرير بدأ قبل انفجار الأزمة الأخيرة، فإن الخبراء الذين أصدروه أخذوا في الاعتبار ما حدث في الأشهر الماضية، وإن كانوا توقفوا قبل تراجع البورصات العالمية بأكثر من 50 في المئة على مدى الأسبوع الماضي.
هناك مشكلة، والولايات المتحدة وضعت خطة إنقاذ كلفتها 700 بليون دولار، غير أنني قرأت أرقاماً صادرة عن خبراء حقيقيين مجموعها يبلغ ترليوني دولار هي المبلغ الحقيقي المطلوب لمواجهة الأزمة. ولكن من أين يأتي المال المطلوب؟ وهل تطبع الحكومة دولارات تُغرق بها السوق فتهبط قيمة الدولار في الأسواق العالمية؟ إذا كان رقم التريليوني دولار صحيحاً، فإن كل أسرة أميركية ستتحمل عبئاً إضافياً بحوالى 17 ألف دولار.
وإدارة بوش ترفض أن تتحمل مسؤولية الأزمة، فأسبابها كامنة في اقتصاد هو أقرب الى الكازينو، ما فتح باب المغامرة، وحتى المقامرة، فإذا كان من تغيير أساسي ستتمخض عنه الأزمة الحالية فهو نهاية فكرة أن «السوق تعرف أفضل»، وأن حرية الاقتصاد تعني تحريره من قوانين وتشريعات وقيود تكبله. وقد أظهرت استطلاعات الرأي العام أن غالبية تريد قواعد تضبط السوق الفالتة منذ أيام ريغان وثاتشر في الثمانينات، بل إن صندوق النقد الدولي أصبح ينصح بذلك، ومجموعة الثماني ستعقد قمة لوضع قوانين مشتركة مناسبة. (ادارة بوش تظل مسؤولة من زاوية أن حروبه أضعفت الاقتصاد الأميركي، فهو أنفق على حرب العراق حتى الآن ما يعادل المبلغ المخصص لانقاذ الاقتصاد، اي 700 بليون دولار، وخفض الضرائب والحوافز للشركات التي أقرتها حكومته رفعت الدين القومي الى 9.8 تريليون دولار، أي بزيادة أربعة تريليونات في ثماني سنوات من إدارته، مع توقع أن يصل الدين القومي الى 10.6 تريليون دولار سنة 2009، وكل هذا من دون حساب النفقة النهائية للحربين في العراق وأفغانستان اللتين يتوقع الخبراء أن تصل الى ثلاثة تريليونات دولار.
اليوم البروفسور بول كنيدي، أستاذ التاريخ في جامعة يال، يتحدث عن شروخ أو شقوق في واجهة الإمبريالية الأميركية، ووزير المالية الألماني بير شتاينبروك يؤكد أن «أميركا ستخسر مركز القوة العظمى في النظام المالي العالمي».
ولكن إذا كان هذا صحيحاً، فمن سيخلف الولايات المتحدة؟ بنك الاستثمار غولدمان ساكس يقول إن الصين ستسبق الولايات المتحدة سنة 2027، بعدما كان رجّح قبل ثلاث سنوات فقط أن الصين لن تلحق بالولايات المتحدة قبل سنة 2040.
ولن أدعي أنني أعرف شيئاً لا يعرفه الخبراء، ولكن أقول إن الولايات المتحدة تظل قادرة على تخطي الأزمة إذا تراجعت عن اقتصاد الكازينو لا السوق، وإذا توقفت عن خوض حروب لا تملك نفقاتها.