تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع حسن الحسن.. نائب ممثل الحزب في بريطانيا



النصر قادم
10-24-2008, 04:05 AM
http://www.islamonline.net/servlet/Satelli...awa%2FDWALayout (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1216208178503&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout)

حوار مع حسن الحسن.. نائب ممثل الحزب في بريطانيا


على عبدالعال


حسن الحسن
يمثل حزب "التحرير" الإسلامي -الذي يحيي أعضاؤه هذه الأيام ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية في رجب لعام 1342هـ - نموذجا فريدا في عالم الحركات الإسلامية، فهو -من جهة- حركة إسلامية وتنظيم مكتمل العناصر؛ إلا أن عناصره والمنتمين إليه لا يقبلون إلا أن يطلقوا عليه مسمى "حزب"، وإن كانت لا تشمله أحد أهم شروط الأحزاب السياسية المتعارف عليها في عالم اليوم. إذ أنه حزب متعدد الجنسيات، ومتجاوز للحدود، وغير مرتبط بقوانين دولة ما، كما أن أعضاءه من جنسيات شتى (عربية وأجنبية) تجمعهم وحدة الأمة والعمل من أجل عودة دولة الخلافة الإسلامية.

يُقسم الحزب الدول التي له وجود فيها إلى "ولايات"، ولكل ولاية منها "معتمد" يرأس الحزب فيها، ويرتبط الجميع بقيادة موحدة تتمثل بأمير الحزب (حاليا الشيخ عطا أبو الرشتة)، تلك بحق إشكالية حركية وسياسية فريدة في عالم العمل الإسلامي، ولحلحلة تعقيدات هذا الغموض النادر في عالم الجماعات الإسلامية.

التقينا المهندس حسن الحسن، نائب ممثل حزب التحرير في بريطانيا وأحد أهم الوجوه الإعلامية فيه، وهو من أصل فلسطيني، ويعمل باحثا في جامعة لندن.

* مهندس حسن الحسن.. "حزب التحرير" حزب إسلامي موجود في أنحاء عديدة من العالم، هل تعطينا فكرة مبسطة عن بداياته ونشأته، والفكرة التي قام من أجلها؟

- تشكلت الخلايا الأولى لحزب التحرير في بداية الخمسينيات من القرن العشرين على يد الشيخ القاضي تقي الدين النبهاني (1914م-1977م)، ومن ثم فقد تم الإعلان عن تأسيس الحزب رسميا في القدس عام 1953م عقب سنوات قليلة من نكبة فلسطين (1948)، تلك التي حفزت الشيخ النبهاني على إعادة النظر في كل ما هو قائم من أفكار وأوضاع، فأخذ يبحث في أسباب ضياع فلسطين، كما أخذ يبحث في أسباب تشرذم الأمة، وفي الانحطاط الذي تعاني منه على كل صعيد، وفي عوامل النهضة، وفي مفهوم بناء الأمة وبلورة هويتها، وفي تحديد مدى ترابط تلك الأمور مع بعضها.

وقد خلص إلى نتيجة مفادها ضرورة إعادة صياغة الفكر الإسلامي بما يضمن نقاءه وإزالة كل ما غشيه من ثقافات الأمم الأخرى، سواء ما تسرب إليه من فلسفات الهند واليونان والفرس سابقا، أو ما علق به من مفاهيم اشتراكية ورأسمالية لاحقا.

كما وجد أن الطريقة الوحيدة لضمان تطبيق الرؤية الإسلامية التي خلص إليها تكمن حصريا في إيجاد دولة الخلافة الإسلامية، معتبرا إياها "تاج الفروض"، وأنها وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة وتحرير فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وأنها السبيل العملي لتحقيق النهضة المادية والحضارية للأمة الإسلامية.

* لاحظنا وجودا ضعيفا لكم في عدد من كبرى دول العالم الإسلامي، في حين نجد حضورا قويا في دول أخرى أجنبية، كيف تتوزع خارطة وجودكم حول العالم؟

انطلق حزب التحرير في بداياته من القدس، ومن ثم سرعان ما قام شبابه بحمل الدعوة في الدول المحيطة بفلسطين كالأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر وتركيا، ومن ثم بدأت دائرة عمل الحزب تتسع لتصل خلال السنوات الخمس والخمسين المنصرمة إلى غالبية بلاد المسلمين، بدءا من المغرب العربي ووصولا إلى جمهوريات آسيا الوسطى وإندونيسيا وبنجلاديش وباكستان، إضافة إلى انتشار ملحوظ له في الغرب جاء بشكل تلقائي نتيجة تواجد بعض أفراده هناك، لا لأنه يستهدف إقامة الخلافة فيها.

وقد تمكن الحزب من الانتشار في العديد من الدول الغربية بشكل ملحوظ لاسيما في بريطانيا والدانمرك وأستراليا، إلا أن الحزب لا يتصور أن إقامة دولة الخلافة خارج العالم الإسلامي ممكنة من ناحية عملية، رغم إيمانه المطلق بأن تطبيق الإسلام يصلح في كل زمان ومكان حتما، بل إن الحزب ارتأى أن بعض بلاد المسلمين هي أكثر مناسبة لذلك من بعضها الآخر؛ ولذلك عمل بشكل مركز لأخذ السلطة في دول اعتبرها المجال الطبيعي لتكون نقطة الارتكاز الأولى لدولة الخلافة التي تستهدف جمع بلاد المسلمين تحت مظلة واحدة.

* مسيرة طويلة منذ نشأة الحزب عام 1953، فما الذي حققتموه من نتائج طيلة أكثر من نصف قرن؟

- اعتبر الحزب أن إقامة الخلافة هي القضية المصيرية التي ينبغي الاشتغال بها؛ ولذلك فقد وقف نفسه لإقامتها، وفي هذا السياق، عمل على ثلاثة أصعدة:

الصعيد الأول: هو الصعيد الفكري، والذي بذل الحزب فيه جهدا ملحوظا، سواء فيما يتعلق ببلورة الفكر الإسلامي بشكل عام، أو فيما يتعلق بنظام الحكم في الإسلام والبدائل التي يقدمها للنماذج الوضعية القائمة في العالم.

الصعيد الثاني: هو العناية بالحزب وتنميته، ونلحظ في هذا الصعيد انتشارا لافتا للنظر لشباب الحزب في أنحاء العالم، إضافة لتزايد مناصريه وأعضائه بشكل كبير، لاسيما في السنوات العشر الأخيرة، حتى بات هذا الأمر يشكل هاجسا لدى أنظمة سياسية عديدة، فحظرته بعضها، كما هو الحال في أغلب الدول العربية، ولحقت بذلك بعض الدول الأوروبية كألمانيا وروسيا مثلا، بينما أعلنت بريطانيا -على لسان توني بلير رئيس الوزراء السابق- عزمها على القيام بذلك.

وأما في آسيا الوسطى فقد تعرض شباب الحزب إلى ملحمة حقيقية أشبه ما تكون بقصة أصحاب الأخدود، وتحديدا في أوزبكستان، حيث قضى المئات من شباب حزب التحرير نحبهم تحت مقصلة الجلاد كاريموف، كما تجاوز عدد السجناء منه الثمانية آلاف، وهو ما أكدته وثائق منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المصادر المطلعة على أوضاع تلك البلدان.

أما الصعيد الثالث: فهو استعادة سلطان الأمة المغتصب من قبل حكام الجور لإعلان دولة الخلافة؛ بغية تطبيق الإسلام وتوحيد الأمة، واستعمال طاقاتها فيما يحقق مصالحها، فقد قام الحزب في عدة أقطار إسلامية بعدد من المحاولات الجادة؛ لاستقطاب أهل القوة في المجتمع والدولة، لاسيما في الأردن وسوريا والعراق، اقترب من خلالها كثيرا من هدفه، إلا أنه لم يوفق في ذلك تماما حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلا أن الحزب يستشعر أن سير الأمور بهذا الصدد وغيره تجري بما يخدم أهدافه ورؤيته، وهو مستمر في طلب النصرة من القادرين على منحها للدعوة؛ لاعتباره إياها حكما شرعيا ملزما، متأسيا بذلك بما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء سيره لإقامة دولة الإسلام الأولى.

* إن كان ثمة عوائق ترونها وتحديات أمام مسيرة الحزب، فما هي أبرزها من وجهة نظركم؟

- ثمة عوامل عامة تشكل عائقا أمام أي عمل حزبي يهدف إلى تغيير نهج الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي، وأبرز تلك العوامل حظر أي نشاط بهذا الصدد، إلا أن حزب التحرير كان صاحب النصيب الأكبر من ذلك الحظر على امتداد العالم الإسلامي، وعلى تعاقب مختلف الحكام فيه منذ نشأته، كما يعتبر التعتيم الإعلامي الممارس على الحزب حائلا بين معرفة الناس به وبأنشطته، وعائقا يمنع التواصل الفعال مع الجماهير.

ومن هذا التعتيم مثلا، فإننا نجد عندما تقوم بعض المنظمات بأنشطة جماهيرية كاعتصام أو تظاهرة، أو في حال اعتقال أجهزة المخابرات مجموعة تابعة لمنظمة ما، فإنها تذكر بأسمائها ويجري الاتصال بممثليها للاستعلام منهم عن الاعتقال أو النشاط، أما إذا تعلق الأمر بالحزب، فباستثناء حالات نادرة، فإن عادة وسائل الإعلام إهماله، وإذا ذكرته فإنها تقوم بذلك تحت إطار مجمل وغامض؛ كأن يقال تظاهر أو اعتقل إسلاميون في بلد كذا من غير تسميته صراحة، مع أن الحزب معلوم الهوية، ويمكن التواصل مع ممثليه في أماكن الحدث أو في خارجها، لاسيما مع بروز الثورة الإعلامية التي ربطت العالم ببعضه بشكل وثيق.

ولم يقف التعتيم الإعلامي على الحزب عند هذا الحد، بل تجاوزه ليصل إلى تجاهل مطبق لأطروحاته، سواء فيما يتعلق بالخلافة الإسلامية، أو عن وجهة نظره في القضايا والأحداث الدائرة دوليا وإقليميا، كما هو الحال بشأن القضايا الساخنة في فلسطين ولبنان والعراق والسودان وغيرها من قضايا، كأزمة الغذاء العالمية، والنفط، وملف إيران النووي وما شابه ذلك.

يحصل هذا رغم أن لديه آراء متميزة، ومختلفة عما هو رائج في هذا المجال، تلك الآراء التي يحرص الحزب عند إصداره لها على إيصالها للسياسيين ولوسائل الإعلام، فضلا عن عامة الناس، وبشكل مستمر.

أضف إلى ما سبق من عوائق محدودية مصادر تمويل الحزب، ذلك أنه يرفض الارتباط بأي من الأنظمة السياسية القائمة، ويقتصر في عملية تمويله على أعضائه ومناصريه، ما يحد من قدرة الحزب على اعتماد كثير من الأنشطة الممكنة، كإصدار جريدة يومية، فضلا عن افتتاح إذاعات وفضائيات وما إلى ذلك.

* ماذا عن البنية التنظيمية لحزب التحرير في ظل وجود عناصره بعدد من الدول، وكيف تديرون هذا الطيف الواسع حول العالم؟

- من الجدير ملاحظته في عمل الحزب إداريا، أنه يعمل في جميع أرجاء الدنيا، وكأنه يعمل في بلد واحد، فالحزب له قيادة واحدة تتمثل بأميره (الشيخ عطا أبو الرشتة حاليا)، وتشمل صلاحيات الأمير جميع الأجهزة والأعمال الحزبية دون استثناء وفي كل الأقطار.

وقد نظم الحزب تشكيلاته الإدارية في كل بلد من خلال جهاز تقوده لجنة الولاية ويرأسها المعتمد، وفي كل مدينة محلية أو أكثر ويرأسها نقيب.

وتعتبر الحلقة أصغر تشكيلات الحزب؛ حيث ينتظم فيها عادة خمسة أشخاص يتولاها مشرف حلقة، يلتقي بهم بشكل منتظم مرة على الأقل كل أسبوع؛ لتلقي ومناقشة الثقافة الإسلامية المتبناة.

ويعتبر الحزب أن عمله يجب أن يكون علنيا، فهو يعمل بين الأمة ومعها، وما السرية التي ينعت الحزب بها سوى حالة استثنائية اضطر إليها في بعض الأماكن؛ جراء حملات بطش الحكام بأعضائه وأنصاره بلا هوادة.

كما يوجد في الحزب عدد من المكاتب المرتبطة مباشرة بالأمير لتنظيم أعمال الحزب: كالمكتب الإعلامي، والمكتب السياسي، والمكتب الفكري، فضلا عن مكتب الأمير الذي يشتمل على معاونيه المباشرين.

وتجرى في الحزب انتخابات دورية للجنة الولايات مرة كل سنتين؛ لتمثيل الحزب في كل قطر وقيادته في أعمال الدعوة في ذلك البلد.

يتبع الجزء الثاني والأخير بإذنه تعالى

النصر قادم
10-24-2008, 04:08 AM
الجزء الثاني والأخير

* كيف علاقتكم بباقي الجماعات والحركات الإسلامية العاملة على الساحة، وهل ثمة شكل من أشكال الصراع أو الخلاف؟

- نأى حزب التحرير منذ نشأته رسميا عن التجريح بأي من العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، وأخذ على نفسه ألا يتصدى لأي حركة أو جماعة تدعو إلى الإسلام، وكان يعتبر أن مناقشة الفكر والمناهج هو الأساس، وأن عليه أن يرسم الخط المستقيم بهذا الصدد، أي أن يضع المعايير السليمة أمام الناس لاعتمادها في الحكم على مدى صوابية أعمال هذه الجماعة أو تلك.

كما لفت الحزب أن عمله السياسي يقصد الحكام ومن هو في مقامهم لتغييرهم، إذ أن الأنظمة السياسية هي التي تمثل الحائل الحقيقي الذي يمنع الأمة من تطبيق الإسلام، وهي التي تحول دون وحدة الأمة ودون استثمار مقدراتها وثرواتها لصالح شعوبها، وكان الشيخ النبهاني قد التقى بالعديد من الشخصيات الإسلامية المعروفة قبل وبعد إنشاء الحزب، منهم الشيخ حسن البنا -مؤسس حركة الإخوان المسلمين- وكان يثني عليه، كما كان يقدر الشهيد سيد قطب الذي التقى بشباب الحزب، لاسيما في أثناء فترة سجنه، وكان الشيخ النبهاني يثمن كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب، ويعتبره مساهمة مهمة لتعزيز التوجه الحركي المبدئي ضمن حركة الإخوان.

* ما أبرز الأدبيات المتداولة بين أعضاء حزب التحرير الإسلامي؟ وهل ثمة قراءة منهجية موحدة لعناصره؟

- قام قادة الحزب بوضع جملة تصوراتهم في مجموعة من الكتب المنشورة؛ بغية تثقيف أعضاء الحزب من خلالها بشكل منهجي مركز، ولإيجاد الوعي العام المطلوب لدى الأمة الإسلامية؛ لاستعادة هويتها، ولفهم فكرة الخلافة، ودعم الحزب في مسعاه لإقامتها.

وقد عالجت مؤلفات الحزب الإشكاليات المطروحة حول الفكر الإسلامي بشكل عام، وحول نظام الحكم في الإسلام على نحو خاص.

كما دحض فيها أبرز معالم الهجمة الفكرية الغربية والإلحادية على الإسلام.

وقد وضع الشيخ النبهاني مؤسس الحزب أغلب تلك الثقافة وأسسها، ضمن أدبيات محددة تتضمن كثيرا من التفاصيل المتعلقة بغاية حزب التحرير وطريقة تكتله ومنهجه في التغيير، وكان قد سطر في هذا الإطار آلاف النشرات، وعددا كبيرا من الكتب مستفيدا من معارفه الشرعية الغزيرة، وتجربته العملية الواسعة، ونقاشاته مع أقرانه من العلماء والمفكرين.

من أبرز الكتب التي وضعها الحزب في هذا الإطار: نظام الإسلام، ونظام الحكم في الإسلام، والنظام الاجتماعي في الإسلام، والنظام الاقتصادي في الإسلام، والدولة الإسلامية، ومقدمة الدستور، والتكتل، ومفاهيم سياسية، والتفكير، ونداء حار إلى العالم الإسلامي، وأخيرا كتاب الشخصية الإسلامية في ثلاثة أجزاء.

*من وقت لآخر يهاجم حزبكم من قبل حكومات، خاصة فيما يتعلق بطبيعة عمله وأهدافه التي يرونها انقلابا على الأنظمة والشرعيات، كيف ترون ذلك؟

- منذ أن أعلن الحزب عن تأسيسه عام 1953م في القدس، رفضت السلطات الأردنية التي كانت تحكم الضفة الغربية، والتي كان يسيرها الإنجليز، رفضت منح الحزب الإذن بالعمل فتعرضت لأعضائه بالأذى، وشنت حملة عليهم، وما زالت تتبع نفس النهج إزاءه إلى الآن.

وقد نشرت وزارة الداخلية في حينها أسباب رفضها التصريح للحزب بالعمل على اعتبار أنه "يعارض الدستور الأردني نصا وروحا"، فغاية الحزب كما هو معروف إقامة الخلافة الإسلامية، تلك التي تجعل الحكم للشرع، والسلطان للأمة لا للملك الذي يورث أبناءه وأحفاده من بعده.

كما يعتبر الحزب أن وحدة الأمة الإسلامية أمر واجب شرعا تحت راية الإسلام، وبقيادة خليفة واحد لأدلة شرعية كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)؛ ولذلك فإنه يحرم إقامة كيانات على أساس الهوية الوطنية أو القومية، ويجب أن يكون الإسلام وحده هو الأساس الذي تستند إليه الدولة، وهو الرابطة الوحيدة المعترف بها شرعا في هذا الإطار.

وهذه المعايير التي يتبناها الحزب هي التي أدت إلى اعتباره كافة الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي غير شرعية، ونادى بوجوب تغييرها.

وقد كانت لدعوة حزب التحرير تلك، وجِديته في الدعوة إلى إقامة الخلافة بدل الأنظمة الحاكمة صدى سلبيا لدى الأخيرة بطبيعة الحال، مما جعلها تحارب الحزب وتطارد شبابه، كما تكفلت بالتعتيم الإعلامي عليه، وحرضت بعض المغرضين لتشويهه والنيل منه حيثما سجل الحزب اختراقا وبات له أنصار ومؤيدون.

والحزب لا يرى في عمله هذا انقلابا على الشرعيات، إذ لا شرعية لمن لا يطبق الشرع، وهذه الأنظمة محاربة للشرع، فضلا عن عدم التزامها به، وعمل الحزب في هذا السياق يهدف إلى إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بوضع الإسلام موضع التطبيق، وجعله وحده الرابطة الناظمة لعقد الأمة، والمصدر الوحيد لمعالجة شئونها، وهو ما يصطدم حتما مع الأنظمة السياسية وليدة الاستعمار وربيبته.

*هل ثمة تواصل من أي نوع بينكم وبين الحكومات؟ وماذا عن المنظمات الصديقة أو القريبة منكم؟

- عطفا على ما سبق ذكره من موقف الحزب من الحكومات القائمة، فإن الحزب يعتبر أن الانخراط مع تلك الأنظمة ومشاركتها في ألاعيبها السياسية تحت عناوين الديمقراطية وما شاكل ذلك، إنما هو عبث سياسي يخدم الأنظمة القائمة، ويطيل من أعمارها، ويمنحها شيئا من المظلة الشرعية التي تفتقدها؛ ولذلك كان هناك دائما مسافة فاصلة وواضحة بين تلك الحكومات وبين الحزب، وكان يدعو الآخرين ممن يدعون إلى الإسلام لاتخاذ نفس الموقف منها.

أما ما يتعلق بالتعاون مع المنظمات الإسلامية، فإن الحزب يتبنى مجموعة من القيم والمفاهيم الشرعية والسياسية، والتي تعتبر معايير الالتقاء أو الافتراق مع أي جماعة تتحرك في إطار الإسلام، والتي تستثقلها أغلب الحركات العاملة في هذا المجال.

وأما المنظمات غير الإسلامية، كالحركات العلمانية والقومية والوطنية، فإن موقف الحزب واضح منها؛ إذ يعتبرها تنظيمات منكرة، وأحد عوامل الهدم والتمزيق في الأمة، والتي يجب على المسلمين الابتعاد عنها، وإسقاطها من الاعتبار.

*ما حقيقة ما يقال بشأن جناح عسكري للحزب، وهل للعمل المسلح مكان على أجندتكم؟

- لقد وقف حزب التحرير نفسه لإقامة الخلافة، وهو يرى أن سبيل إقامة الخلافة يكون من خلال حمل الدعوة فكريا وسياسيا، وطلب النصرة من القادرين عليها تأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم في مسعاه لإقامة الدولة الإسلامية الأولى، وهو ما لم يتخلله أي أعمال عسكرية لتحقيق هذا الهدف، بحسب ما هو ثابت من تتبع السيرة النبوية.

وعليه فإن عمل حزب التحرير لإقامة الخلافة يقتصر على العمل الفكري والسياسي، ولا يوجد له أي جناح عسكري، إلا أن هذا لا يعني البتة أن الحزب ضد الجهاد حتى إقامة الخلافة، أو ضد العمل العسكري الحالي لتحرير بلاد المسلمين، على العكس من ذلك فإن الحزب يعتبره من أجل الأعمال الشرعية الواجبة على الأمة، وتحديدا على القوى الأساسية فيها كالجيوش والأجهزة العسكرية المختلفة التي تمتلكها الأمة، والتي نراها متقاعسة تماما عن أداء هذا الدور المنوط بها شرعا؛ بسبب استخذاء الأنظمة السياسية الحاكمة.

ومن هنا نرى أن الحزب يحرض الأمة وقواها الفاعلة على الدفاع عن نفسها وتحرير مقدساتها، إلا أن الحزب كما هو معلوم للقاصي والداني أنه لا يملك زمام أي دولة، كما لا تدعمه أي دولة، ولا يتوقع ممن هذه حاله فتح جبهات الجهاد؛ لأنه لا يملك مفاتيح ذلك أصلا، فضلا عن أنه حزب وقف نفسه لهدف محدد، ويضع كل ما يتوفر له من إمكانيات وجهود فيما من شأنه تحقيقه.

*تتحدث تقارير عن وجودكم الذي بات قويا في الأراضي المحتلة، ماذا تفعلون هناك، وهل نعتبر حزب التحرير أحد فصائل المقاومة المسلحة في فلسطين؟

- لقد أدرك حزب التحرير مبكرا أن إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية هي مشروع عربي ودولي؛ لإنهاء قضية فلسطين وتسليمها لمغتصبيها.

وقد نبه الحزب إلى ذلك منذ بداية تأسيسها، وحذر أهل فلسطين من مغبة العمل معها، أو الانطواء تحت مظلتها.

كما أيقن الحزب أن أي عمل مسلح من خلال الأنظمة السياسية القائمة لن يؤدي إلى تحرير فلسطين، ولا يزيد بحال عن استيعاب جهود المخلصين والمتحمسين لخدمة الأمة، وتحويلها بدل ذلك في خدمة الأنظمة وارتباطاتها الدولية؛ ولذلك كانت نصيحة الحزب دائما أن ينأى المجاهدون والمخلصون بأنفسهم بعيدا عن مشاريع الحكام وصفقاتهم المريبة.

أما الحزب نفسه فإنه كما ذكرنا سابقا ليس حزبا عسكريا، إنما هو حزب سياسي نذر نفسه لخدمة الأمة من خلال العمل على إقامة الخلافة عن طريق العمل السياسي والفكري، وهو لا يملك أي جناح عسكري داخل فلسطين ولا خارجها، إلا أن حزب التحرير يكبر من شكل بنيانه التنظيمي على أساس مقاتلة الأعداء المغتصبين لبلاد المسلمين، ويحضهم على إبقاء حالة الصراع قائمة مع كيان يهود لاستنزاف طاقات أعداء الأمة ما أمكن؛ بغية تأجيج مشاعر المسلمين، وفضح حكامهم المتخاذلين، معتبرا ذلك من أجل الأعمال، كما يعتبر أن الجهاد على هذا الصعيد واجب شرعي بحق الأمة، سواء قبل إقامة الخلافة أو بعدها، لكن الحزب يعتبر أن الطريق لتحرير فلسطين يحتاج إلى أكثر من مجرد تنظيم أو اثنين أو عشرة، أي أنه بحاجة إلى قوة وموارد دولة، ودعم الأمة لها في هذا المسعى، وهو ما يسعى حزب التحرير للحصول عليه.

تمَّ بحمد الله