تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : موقفٌ عظيمٌ لخليفةٍ عظيم



النصر قادم
10-23-2008, 03:15 PM
موقفٌ عظيمٌ لخليفةٍ عظيم

الحمدُ للهِ القائل ِفي محكم ِالتنزيل ِ: ( وقل ِاعملوا فسيرى اللهُ عَمَلـَكُم ورسُولـُهُ والمؤمنونَ , وسترَدُّونَ إلى عالم ِالغيبِ والشهادةِ فينبئـُكم بما كنتم تعملون {105} ) التوبة .

ويقولُ الرسولُ الأكرمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( لا تبكوا على الدين ِإذا وَلِيَهُ أهلـُهُ, ولكن ابكوا على الدين ِإذا وَلِيَهُ غيرُ أهلِهِ )
ويقول : ( الإمامُ جـُنـَّة ٌ يُقاتـَلُ من ورائِهِ ويُتقى بهِ ) وقولـُهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ جُنـَّة ٌ: أي وقاية ٌوحِفظ.

وحتى تـُدرِكَ الأمة ُمدلولَ هذا الحديثِ وتـَفهَمَهُ فهماً صحيحاً, فلا بُدَّ إخوتي في اللهِ وأحبتي : من أن نـُنزِلـَهُ على الواقع ِالذي تحياهُ أمَّة ُالإسلام ِ اليومَ لِتـُدرِكَ الأمَّة ُعَظـَمَة َمَدلولِهِ, وهيَ ترى ما آلَ إليهِ حالـُهَا , وانتهى إليهِ أمرُهَا .

فهذي فلسطينُ أرضُ منتهى الإسراءِ , وبدءِ المِعراج ِ, وعلى سبيل ِالمثال ِلا الحصرِ, فقد تمكـَّنَ يَهودُ من إيجادِ موطئ ِقدم ٍلهم فيها في النصفِ الأول ِمن القرن ِالفائت,أي بعدَ عَقدين ِونصفٍ من هدم ِدولةِ الخلافةِ . تلكَ الدولة ُالتي كانت السدَّ المنيعَ , والطـَّودَ العظيمَ أمامَ أطماعِهم .

فـَعَمَدَت يهودُ والحالة ُهذهِ إلى التآمرِ عليها بغية َإزالةِ هذهِ العقبةِ الكأداءِ من طريقِـهم , لإدرَاكِهمُ استحالة َ وصولِهم إلى تحقيق ِغايتِـهم . إلى أن تمَّ لهم ما أرادوا بمعاونةٍ من حكام ِالمسلمينَ , دونَ تفريق ٍبينهُم , فكلـُّهُم في العَمَالةِ سَواء , وكلـُّهُم في الخيانةِ واحد.

وصَدَقَ الرسولُ الأكرمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إذ يقول : ( سيكونُ عليكُم أئِمَّة ٌيَملِكُونَ أرزاقـَكُم , يُحدِّثـُونكُم فـَيَكذِبُونكم , ويعملونَ فيُسيؤُونَ العملَ لا يَرضَونَ منكم حتى تـُحسِّنوا قبيحَهُم , وتـُصَدِّقوا كذِبَهُم , فأعطوهُمُ الحقَّ ما رَضُوا بهِ , فإذا تجاوزوا فمن قـُتل على ذلكَ فهوَ شهيد)

أمَّا عندما كانَ للمسلمينَ دولة ٌترعى شأنـَهُم , وخليفة ٌيحفظ ُبيضَتـَهُم , فقد كانت فلسطينُ عَصِيَّة ًعلى يهودَ ومُمتـَنِعَة ًعليهم , رُغمَ ما قدَّمُوهُ من مُغرياتٍ يَسيلُ لها لـُعَابُ حكام ٍباعوا آخرَتـَهُم بدنيا غيرِهم , وجعلوا أمرَ أمَّتِهـِم وراءَهُم ظِهرِيَّا .

فقد سعى دَهاقِنة ُيهودَ وعلى رأسِهم هرتزل من أجل ِاستعطافِ الخليفةِ العُثمانيِّ السلطان ِعبدِ الحميدِ الثاني رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ بغية َ إعطائِهم قطعة َارض ٍمن فلسطينَ يَحيَونَ فوقها , لقاءَ قضائِهم ما يَترتـَّبُ على دولةِ الخلافةِ من ديون ٍأثقلتْ كاهِلـَهَا ,

فقالَ رَحِمَهُ اللهُ : انصحوا الدكتور هرتزل بألاَّ يَتخذ َخُطـُواتٍ جَدِّيَّةٍ في هذا الموضوع ِ, فإني لا أستطيعُ أن أتخلى عن شبرٍ واحدٍ من أرض ِفلسطينَ .
فهيَ ليست مُلكَ يَميني , بلْ مُلكُ الأمةِ الإسلاميةِ. لقد جاهدَ شعبي في سبيل ِهذهِ الأرض ِورَوَّاهَا بدمِهِ , فليحتفظِ اليهودُ بملايينهم , وإذا مُزقت دولة ُالخلافةِ يوماً ! فإنهم يستطيعونَ أن يأخذوا آنذاكَ فلسطينَ بلا ثمن !

أمَّا وأنا حيٌّ , فإنَّ عملَ المِبضع ِفي بدني لأهونُ عليَّ من أن أرى فلسطينَ وقد بُترت من دولةِ الخلافةِ وهذا أمرٌ لا يكونَ أبدا. إني لا أستطيعُ الموافقة َعلى تشريح ِأجسادِنا ونحنُ على قيدِ الحياةِ .

أيُّها الإخوة ُالأكارم : هذا موقفٌ عظيمٌ , لخليفةٍ عظيم , سَطـَّرَهُ التاريخُ بمدادٍ من نور, فكانَ لهُ نصيبٌ من قلوبِ المسلمين.

وقد صَدَقَ توقـُعُهُ رَحِمهُ اللهُ , وكأنهُ كان ينظرُ بنورِ اللهِ , ويُبصرُ ما وراءَ الجدارِ .

فبعدَ أن هُدمتِ الخلافة ُكانَ لهم ما أرادوا.

كيفَ لا وقد وَليَ الحُكمَ حكامٌ عُملاءٌ في بلادِ المسلمينَ , مَكـَّنوا يهودَ منَ احتلال ِفلسطينَ والهَيمنةِ عليها وعلى غيرِها من بلادِ المسلمين . وجعلوا لليهودِ على أهل ِفلسطينَ سبيلاً ! .

فـَذلـُّوا بَعدَ عزةٍ ,

ومُزِّقـُوا بَعدَ وَحدةٍ ,

وَضَعُفـُوا بَعدَ قـُوةٍ .

وتكالبَ عليهم أراذلُ خلق ِاللهِ مِمَّن خلق !

فسامُوهُم سوءَ العذابِ واسترهَبُوهُم .

إخوتي في الله , أحبتي في الله : هذا الموقفُ العظيمُ بالأمس ِالقريبِ , وقد كانَ لهُ وقعٌ وأثرٌ تهاوتْ أمَامَهُ أطماع ُ الطامعينَ فانقلبوا خاسرينَ خاسئين , أذلة ًصاغرين .

وأمَّا عن مَواقفَ عظيمةٍ مُماثلةٍ بالأمس ِالبعيدِ فحَدِّث وفـَخر,

فهذا الإمامُ العادلُ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ يُصِـرُّ على أن يَقضيَ ليلتـَهُ حارساً لقافلةٍ قدِمَت أيامَ خلافتِهِ تحملُ مؤونة ًومتاعاً للمسلمينَ , وإلى جـِوَارِهِ عبدُ الرحمن ِبن ِعوفٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهما ,
فلمَّا مَضى منَ الليل ِأولـُهُ تـَرامى إلى سمعِهِ بكاءُ طفل ٍتقطـَّعَت من شِدَّةِ بكائِهِ أنفاسُهُ .
فلمَّا انقضى الليلُ وأصبحَ الصبحُ غدا إلى الدارِ التي سَمِعَ البكاءَ منها ,
وطرقَ البابَ , فخرجت إليهِ امراة ٌمن الدارِ,
فقالَ لها عمرُ : أنتِ أمُّ الصبيِّ البَكـَّاءِ آنفا ؟
قالت نعم يا عبدَ اللهِ ( وهيَ لا تعرفُ أنهُ عُمر)
فقالَ لها : بئسَ ألأمُّ أنتِ !
قالت : بل قـُل , بئسَ أميرُ المؤمنينَ !
قال : وما ذنبُ أميرِ المؤمنينَ يا أمَة َالله !!
قالت : إن أميرَ المؤمنينَ لا يَفرِضُ للأطفال ِنصيباً من المَؤُونةِ إلاَّ بعدَ الفِطـَام !!!
ولِشدَّةِ حاجَتنا إليها فقد فـَطمتُ الطفلَ ,

فبكى عمرُ وضربَ على رأسهِ بكلتا يديهِ وقال : ويلكَ منَ اللهِ يا عمر !

كم قتلتَ من أبناءِ المسلمين !!
ثمَّ أنفذ َأمرَهُ إلى النواحي بان تـُعطى المؤونة للأطفال ِحالَ وِلادَتِـهم .

فاللهَ اللهَ يا عبدَ اللهِ ,

اللهَ اللهَ يا بنَ الخطابِ !

حتى دموع ُالأطفال ِتـُحاسبُ نفسَكَ عليها يا عُمر ؟!

كيفَ لا, وهوَ القائلُ : واللهِ لو عثرت بغلة ٌ بأرض ِ العراق ِ, لحسبتُ أن اللهَ سائلي عنها يومَ القيامةِ , لمَ لمْ تـُسَوِّ لها الطريقَ يا عمر .

هذا هَمُّهُ بحقِّ بهيمةٍ عجماءَ لا تعقلُ أمرَهَا !!

فأينَ حكامُ اليوم ِمن مواقفَ مُشرِّفةٍ كتلكَ المواقفِ تـُرضي اللهَ عنهم لو سَطـَّرُوها !

ولكنهم أقلُّ من ذلكَ وأوضع .

فقد خانوا الأمانة َ,

وضيعوا الأمة َ

وسلموا البلادَ ,

وأهلكوا العبادَ,

ولم يَرقبوا فيهم إلاًّ ولا ذمَّة

ً( قاتلهم الله أنـَّى يُؤفكون {30} ) التوبة.

وصدقَ فيهم رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( ما من راع ٍيسترعيهِ اللهُ رعية ًيموتُ يومَ يموتُ وهوَ غاشٌ لرعيتهِ إلاَّ حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجنة َ) صدقَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ .

أيُّها الإخوة ُفي اللهِ : هؤلاءِ هُمُ الرجالُ الرجال , وَهؤلاءِ هُمُ الأبطالُ أصحابُ المواقفِ والمقال ِ. ما أن يُسمعَ ذكرُهُم إلاَّ وتـَنزَّلت عليهم سَحائبُ الرحمةِ , وذكروا بخير, فحنـَّت إليهمُ القلوبُ , وتاقت النفوسُ , لِعزٍّ أقامُوهُ , ونصرٍ سَطـَّرُوهُ , كعمرَ وابن ِالوليدِ والقعقاع ِوابن ِرباح, وشرحبيلَ وابن ِالجراح ِ, وصلاح ِالدين ِونورِالدين ِوالظاهرِ بيبرس, وعبدِ الحميدِ الثاني رضيَ اللهُ عنهم أجمعين. جَمَعَنا اللهُ وإيَّاهُم في عليينَ, مَعَ النبيينَ والصديقينَ والشهداء والصالحينَ , وحَسُنَ أولئكَ رفيقا. وواللهِ لن تـَعدمَ أرحامُ النساءِ من أن يَلدنَ أمثالَ هؤلاءِ العمالقةِ الرَّبَّانيين .

وصدقَ شاعرنا إذ يقول :
وقالوا انتصرنا وفزنا أن رأوْا ***** خالداً وصلاحَ الدين ِقد قـُبروا .

لم يعلموا بأنَّ الذي قد صاغ قادَتـَنا ***** باق ٍويبقى بهِ يَستنورُ البشر .


وعلى النقيض ِمنهم رؤوسُ الكفرِ وحَمَلة ُلواءِ إبليسَ وأشياعُهُم ,
ما أن يُطرقَ ذكرُهُم ,
إلاَّ وتنزلت عليهمُ اللعناتُ ,
ونـُعِتوا بالشرِّ, كأبي جهل ٍ, وأبي لهبٍ , وابن ِالمغيرةِ , وابن ِالعلقميِّ ,
والحَسين ِبن ِعليٍّ صاحبِ الرصاصةِ الأولى في صدرِ الإسلام ِ,
وقرينـُهُ أتاتوركُ وأضرابُهُم .

ألاَّ لعنة ُاللهِ عليهم والملائكةِ والناس ِأجمعين .

أيُّها الإخوة ُالعقلاء : إن هؤلاءِ الأخيارُ, قد أمسَوُا اليومَ تاريخاً نعتزُّ بهِ,

سُطـِّرِ على صَفحاتٍ نورانيةٍ,
تـُوقظ ُ الأمَّة َمن سباتٍ فتـُحييها .
كما وأمسى أولئكَ الفجارُ تاريخاً ,
سُطـِّرُوا على صفحاتٍ سوداءَ كسوادِ قلوبـِهم وأعمالهم .
ونـُشهدُ اللهَ أنـَّا بُرَآءُ مِنهم .

فاختر أ ُخيَّ لنفسكَ الخيرَ, فأنتَ اليومَ حاضرٌ,
وغداً ستصبحُ تاريخاً ,
فمَعَ أيِّ الفريقين ِتحبُّ أن تـُحشرَ ؟
مَعَ مَن سُطـِّرُوا بصحائفَ بيض ٍ,
أولئكَ السابقونَ الأولونَ المُقربون .
نسألُ اللهَ أن نكونَ وإيَّاكُم منهم , واحشرنا ربَّنا بزمرَتِهم .

أم مَعَ مَن سُوِّدُوا بصحائفَ سودٍ !!!
أولئكَ الذينَ يقولُ لهمُ الرسولُ يومَ يُحشرونَ إلى ربِّهم: بُعداً بُعداً, سُحقاً سُحقاً.
أعاذنا اللهُ وإيَّاكُم أن نكونَ منهم .

اللهمَّ لا تجعلنا من أولئكَ الأشرار, واجعلنا اللهمَّ من عبيدِكَ الأخيار, اللهمَّ فلا تحرمنا أجرَهُم , ولا تفتِنـَّا بَعدَهُم , واغفرِ اللهمَّ لنا ولهم .

وفي الختام ِمِسكُ الختام ِقولُ اللهِ تباركَ وتعالى ( إنَّ في ذلكَ لذكرى لِمن كانَ لهُ قلبٌ أو ألقى السَّمعَ وهُوَ شهيد {37} ) ق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

كاتبها أخوكم : النصر قادم

خطبة ألقيتها بأحد مساجد ضواحي بيت المقدس

النصر قادم
10-23-2008, 09:24 PM
اللهم ارزقنا إماماً عادلاً عاجلاً غير آجل

يصلح أحوال الأمة ويقودها الى عزتها المفقودة

ويحفظ لها كرامتها من طعن الطاعنين

اللهم آمين

خفقات قلب
10-23-2008, 10:51 PM
ومن المواقف الجليلة العظيمة للفاروق هذا الموقف:


يُحكى أن أعرابياً وقف على عمر بن الخطاب فقال:



يا عمر الخير جزيت الجنة..
جهز بنياتي واكسهنه..
أقسم بالله لتفعلنه.



قال: وإن لم أفعل فماذا يكون يا أعرابي؟!


قال: أقسم بالله لأمضينه.


قال: فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي؟





قال: والله عن حالي لتسألنه..
ثم تكون المسألات عنه..
والواقف المسئول بينهنه..
إما إلى نار وإما جنه.



قال: فبكى عمر حتى أخضلت لحيته بدموعه،


ثم قال: يا غلام أعطه قميصي هذا لذلك اليوم، لا لشعره والله ما أملك قميصا غيره!