أم ورقة
08-14-2003, 09:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
فإن الكبر آفة مهلكة للإنسان، ذمّها الله سبحانه و تعالى في كتابه بقوله:
{ و لا تمشِ في الأرض مرحاً إنّك لن تخرق الأرض و لن تبلغ الجبال طولا }
وقوله:
{ و اقصد في مشيك و اغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}
و الله سبحانه و تعالى، أمرنا بالتواضع و لين الجانب لخلق الله بقوله تعالى:
{ وقولوا للناس حسنا}
و قوله: { واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين}
فالتواضع صفة أساسية من صفات المؤمن الحق الذي يسعى إلى مرضاة الله عز و جل،
و هي صفة ليس معناها الضعة أي الذل و الخنوع و لكنها تعني اطمئنان الغير اليك و عدم الخوف او الرهبة منك إذا أنعم الله عليك بنعمة ثم جعل حوائج الناس اليك.
فلا تتكبر على خلق الله إذا تصدقت عليهم، و لا ترضى ان يكرمك الناس بسبب فضلك عليهم،
و لا تشعر بالزهو و العظمة إذا أوكل الله إليك أمر قيادتهم.
و اعلم ان واجبك بخدمتهم يتضاعف لأن كبير القوم خادمهم.
أكرم كبيرهم و ارحم صغيرهم، و ساعد محتاجهم و انتصر لضعيفهم ، و اقو على ظالمهم، و انت في هذا لا تحدّث نفسك أن لك فضلاً أو منّة عليهم،
بل الفضل كل الفضل لله، و المنّة كل المنّة لله رب العالمين.
عند ذلك يحس الناس بك و كأنك رحمة من عند الله لهم، فلا يعد في قلوبهم تجاهك أي رهبة أو خوف.
عندها تصل إلى المرتبة التي أرادها الله عز و جل حين وصف عباده الذين يحبهم و يحبونه بقوله:
{ يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتِ الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}
عند ذلك تعتبر متواضعاً، و عند ذلك يزداد تواضعك مرتبة عند الله و رفعة، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً و ما تواضع أحد الى الله إلا رفعه).
~*~*~
فهل تريد أيها المسلم أن يصيبك ذل عند الله و تحشر يوم القيامة مع المتكبرين المحرومين من رحمة الله؟
أم تراك تريد تواضعاً يزيد من حب الناس لك، و يزيد من تقديرهم لعملك، و تكتسب مع هذا كله رضواناً من الله و مغفرة و مرتبة عالية تجعلك في ظل الله و رحمته و محبته؟
فلا يتصوّرن عبد أن قدره سينقص إذا واسى محتاجاً أو جالس فقيراً أو بشّ في وجه مكروب !
فقد ورد أن رسول الله ،صلى الله عليه و سلم، وقف يستمع الى شكوى عجوز استوقفته في الطريق ، وورد أنه طمأن رجلاً أتاه و قد ظهرت عليه علامات الخوف منه فقال له: ( إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة) . و قد ذكر أنس بن مالك أن الوليدة من ولائد المدينة كانت تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا ينزع يده منها حتى تذهب به حيث شاءت.
و لنذكر حادثة الشاة التي أراد المسلمون ذبحها فقال أحد الصحابة: علي ذبحها، و قال آخر: علي طبخها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( و علي جمع الحطب) . فقالوا: يا رسول الله نكفيك العمل. فقال: ( علمت انكم تكفونيه لكني كرهت أن اتميز عنكم لأن الله يكره العبد المتميّز عن أصحابه)
فبادر أيها المسلم بترويض نفسك على التواضع لئلا يصيبك ما أصاب ذلك الرجل:
ذكر عمرو بن سيبيه قال: كنت بمكة بين الصفا و المروة فرأيت رجلاً راكباً بغلة و بين يديه غلمان و إذا هم يعنفون الناس. ثم عدت بعد حين فدخلت بغداد ، فكنت على الجسر، فإذا انا برجل حاف حاسر طويل الشعر قال فجعلت انظر اليه و أتأمله
فقال: مالك تنظر اليّ؟
فقلت له: شبهتك برجل رأيته بمكة ووصفت له الصفة.
فقال: أنا ذلك الرجل.
فقلت: ما فعل الله بك؟
فقال: إني ترفعت في موضع يتواضع الناس فيه، فوضعني الله حيث يترفع الناس.
فيا ايها المسلم،
لا تأنف أن تحدّث طفلاً، او تبش في وجه بائس،
و لا تأنف ان تمسك الأعمى فتهديه الى ما يريد،
و لا تأنف أن تدل المستدل على حاجته،
و لا تأنف ان تسعى تشد ساقيك مع المستغيث اللهفان،
واعلم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
( ما زاد الله عبداً بعفو الا عزاً، و ما تواضع أحد لله الا رفعه)
----------------------------
عن نشرات العباد ( الصادرة عن جماعة عباد الرحمن)
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
فإن الكبر آفة مهلكة للإنسان، ذمّها الله سبحانه و تعالى في كتابه بقوله:
{ و لا تمشِ في الأرض مرحاً إنّك لن تخرق الأرض و لن تبلغ الجبال طولا }
وقوله:
{ و اقصد في مشيك و اغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}
و الله سبحانه و تعالى، أمرنا بالتواضع و لين الجانب لخلق الله بقوله تعالى:
{ وقولوا للناس حسنا}
و قوله: { واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين}
فالتواضع صفة أساسية من صفات المؤمن الحق الذي يسعى إلى مرضاة الله عز و جل،
و هي صفة ليس معناها الضعة أي الذل و الخنوع و لكنها تعني اطمئنان الغير اليك و عدم الخوف او الرهبة منك إذا أنعم الله عليك بنعمة ثم جعل حوائج الناس اليك.
فلا تتكبر على خلق الله إذا تصدقت عليهم، و لا ترضى ان يكرمك الناس بسبب فضلك عليهم،
و لا تشعر بالزهو و العظمة إذا أوكل الله إليك أمر قيادتهم.
و اعلم ان واجبك بخدمتهم يتضاعف لأن كبير القوم خادمهم.
أكرم كبيرهم و ارحم صغيرهم، و ساعد محتاجهم و انتصر لضعيفهم ، و اقو على ظالمهم، و انت في هذا لا تحدّث نفسك أن لك فضلاً أو منّة عليهم،
بل الفضل كل الفضل لله، و المنّة كل المنّة لله رب العالمين.
عند ذلك يحس الناس بك و كأنك رحمة من عند الله لهم، فلا يعد في قلوبهم تجاهك أي رهبة أو خوف.
عندها تصل إلى المرتبة التي أرادها الله عز و جل حين وصف عباده الذين يحبهم و يحبونه بقوله:
{ يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتِ الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}
عند ذلك تعتبر متواضعاً، و عند ذلك يزداد تواضعك مرتبة عند الله و رفعة، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً و ما تواضع أحد الى الله إلا رفعه).
~*~*~
فهل تريد أيها المسلم أن يصيبك ذل عند الله و تحشر يوم القيامة مع المتكبرين المحرومين من رحمة الله؟
أم تراك تريد تواضعاً يزيد من حب الناس لك، و يزيد من تقديرهم لعملك، و تكتسب مع هذا كله رضواناً من الله و مغفرة و مرتبة عالية تجعلك في ظل الله و رحمته و محبته؟
فلا يتصوّرن عبد أن قدره سينقص إذا واسى محتاجاً أو جالس فقيراً أو بشّ في وجه مكروب !
فقد ورد أن رسول الله ،صلى الله عليه و سلم، وقف يستمع الى شكوى عجوز استوقفته في الطريق ، وورد أنه طمأن رجلاً أتاه و قد ظهرت عليه علامات الخوف منه فقال له: ( إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة) . و قد ذكر أنس بن مالك أن الوليدة من ولائد المدينة كانت تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا ينزع يده منها حتى تذهب به حيث شاءت.
و لنذكر حادثة الشاة التي أراد المسلمون ذبحها فقال أحد الصحابة: علي ذبحها، و قال آخر: علي طبخها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( و علي جمع الحطب) . فقالوا: يا رسول الله نكفيك العمل. فقال: ( علمت انكم تكفونيه لكني كرهت أن اتميز عنكم لأن الله يكره العبد المتميّز عن أصحابه)
فبادر أيها المسلم بترويض نفسك على التواضع لئلا يصيبك ما أصاب ذلك الرجل:
ذكر عمرو بن سيبيه قال: كنت بمكة بين الصفا و المروة فرأيت رجلاً راكباً بغلة و بين يديه غلمان و إذا هم يعنفون الناس. ثم عدت بعد حين فدخلت بغداد ، فكنت على الجسر، فإذا انا برجل حاف حاسر طويل الشعر قال فجعلت انظر اليه و أتأمله
فقال: مالك تنظر اليّ؟
فقلت له: شبهتك برجل رأيته بمكة ووصفت له الصفة.
فقال: أنا ذلك الرجل.
فقلت: ما فعل الله بك؟
فقال: إني ترفعت في موضع يتواضع الناس فيه، فوضعني الله حيث يترفع الناس.
فيا ايها المسلم،
لا تأنف أن تحدّث طفلاً، او تبش في وجه بائس،
و لا تأنف ان تمسك الأعمى فتهديه الى ما يريد،
و لا تأنف أن تدل المستدل على حاجته،
و لا تأنف ان تسعى تشد ساقيك مع المستغيث اللهفان،
واعلم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
( ما زاد الله عبداً بعفو الا عزاً، و ما تواضع أحد لله الا رفعه)
----------------------------
عن نشرات العباد ( الصادرة عن جماعة عباد الرحمن)
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه