أم ورقة
10-18-2008, 04:08 AM
صراع الفلافل
رامي زريق
نشب منذ فترة قصيرة جدال حاد بشأن ملكية الحمّص بالطحينة والفلافل. اهتمت صحف عديدة بهذا الجدال، وعلى رأسها صحيفتنا* الغرّاء، التي أعلمتنا أن إسرائيل تستعد لسرقة تراث لبنان الغذائي. احتدّ النقاش وتوسع، امتدّ من فم إلى فم ومن صفحة إنترنت إلى أخرى إلى أن لفت اهتمام الصحافة الأجنبية، المستعدة دائماً لتغطية «نزاعات الشرق الأوسط». أتت أخبار صراع الفلافل والحمص لتكسر حزن الأجواء العالمية من انهيار أسواق المال، بقليل من المرح. في الحقيقة، لا يخلو الموقف من الفكاهة، وإن كانت من النوع المضحك المبكي. فها نحن غاضبون من وقاحة إسرائيل، في الوقت الذي يتسابق فيه حكّام العرب على إطلاق المبادرات الانهزامية الواحدة تلو الأخرى، بينما تسرق إسرائيل مياهنا وتحتل جزءاً من الجنوب، الذي خسر سبع قرى لم يطالب بها لا في الأمم المتحدة، ولا في كتب الطبخ.
إلى جانب الهزل، حمل الجدال معه بعداً شوفينياً مزعجاً عبّرت عنه ادعاءات البعض بأن هذه المأكولات هي ملك حصري للبنان. وفي الواقع، فهذه الأغذية، وغيرها، تنتمي إلى التراث الغذائي المشرقي (إذا كان هناك شيء اسمه التراث المشرقي) وتتقاسم ملكيتها الفكرية أقطار المنطقة على رأسها فلسطين ولبنان وسوريا، وأجزاء من مصر وتركيا. كذلك يجدر توجيه سؤال إلى الجهة التي تطالب باحتكار هذه المنتجات لتصديرها تحت تسمية حصرية: كيف سيسهم هذا في التنمية وفي اقتلاع الفقر من الريف، في الوقت الذي نستورد فيه الجزء الأكبر من مكوّنات «فخر مطبخنا»؟.
على كل حال، كانت لهذا الجدال إيجابياته. فلا بد أن يكون قد أزعج دعاة التطبيع، الذين باتوا مشغولين بـ«طبخ» مبادرة جديدة لتهدئة بال إسرائيل وتقدمة المزيد من التنازلات، قد يطلقون عليها اسم مبادرة «الأرض مقابل الفلافل».
عدد الجمعة ١٧ تشرين أول ٢٠٠٨
* صحيفة الأخبار
رامي زريق
نشب منذ فترة قصيرة جدال حاد بشأن ملكية الحمّص بالطحينة والفلافل. اهتمت صحف عديدة بهذا الجدال، وعلى رأسها صحيفتنا* الغرّاء، التي أعلمتنا أن إسرائيل تستعد لسرقة تراث لبنان الغذائي. احتدّ النقاش وتوسع، امتدّ من فم إلى فم ومن صفحة إنترنت إلى أخرى إلى أن لفت اهتمام الصحافة الأجنبية، المستعدة دائماً لتغطية «نزاعات الشرق الأوسط». أتت أخبار صراع الفلافل والحمص لتكسر حزن الأجواء العالمية من انهيار أسواق المال، بقليل من المرح. في الحقيقة، لا يخلو الموقف من الفكاهة، وإن كانت من النوع المضحك المبكي. فها نحن غاضبون من وقاحة إسرائيل، في الوقت الذي يتسابق فيه حكّام العرب على إطلاق المبادرات الانهزامية الواحدة تلو الأخرى، بينما تسرق إسرائيل مياهنا وتحتل جزءاً من الجنوب، الذي خسر سبع قرى لم يطالب بها لا في الأمم المتحدة، ولا في كتب الطبخ.
إلى جانب الهزل، حمل الجدال معه بعداً شوفينياً مزعجاً عبّرت عنه ادعاءات البعض بأن هذه المأكولات هي ملك حصري للبنان. وفي الواقع، فهذه الأغذية، وغيرها، تنتمي إلى التراث الغذائي المشرقي (إذا كان هناك شيء اسمه التراث المشرقي) وتتقاسم ملكيتها الفكرية أقطار المنطقة على رأسها فلسطين ولبنان وسوريا، وأجزاء من مصر وتركيا. كذلك يجدر توجيه سؤال إلى الجهة التي تطالب باحتكار هذه المنتجات لتصديرها تحت تسمية حصرية: كيف سيسهم هذا في التنمية وفي اقتلاع الفقر من الريف، في الوقت الذي نستورد فيه الجزء الأكبر من مكوّنات «فخر مطبخنا»؟.
على كل حال، كانت لهذا الجدال إيجابياته. فلا بد أن يكون قد أزعج دعاة التطبيع، الذين باتوا مشغولين بـ«طبخ» مبادرة جديدة لتهدئة بال إسرائيل وتقدمة المزيد من التنازلات، قد يطلقون عليها اسم مبادرة «الأرض مقابل الفلافل».
عدد الجمعة ١٧ تشرين أول ٢٠٠٨
* صحيفة الأخبار