تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المناهجُ الفلسطينية ُبينَ الإسلام ِوالعَـلمانية



النصر قادم
10-16-2008, 09:54 PM
خطبة جمعة ألقيتها بأحد مساجد ضواحي بيت المقدس الشريف


المناهجُ الفلسطينية ُبينَ الإسلام ِوالعَـلمانية



الحمدُ للهِ بسط َالأرضَ ورفعَ السماءَ، فأوصى الرجالَ خيراً بالنساءِ، وأوجبَ على الأولادِ البَرَّ بالآباءِ ، وألزمَهُم بالإحسان ِإلى الأبناءِ، وأصلي وأسلمُ على إمام ِالمتقين, وسَيدِ الأولين والآخرين, المبعوثِ رحمة ًللعالمين, وخاتـَم ِالأنبياءِ المُرسلينَ, صلاة ًدائمة ًطيبة ًمُباركاً فيها .

وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ, القائلُ في مُحكم ِالتنزيل ِ: ( المالُ والبنونَ زينة ُالحياةِ الدُنيا ، والباقياتُ الصالحاتُ خيرٌ عندَ ربِّكَ ثواباً وخيرٌ أمَلا{46}) الكهف .

وأشهدُ أنَّ سَيدِنا ونبينا محمداً عبدُهُ ورسولـُهُ وصفيُّهُ وخليلهُ، بلـَّغَ رسالتهُ، وأدَّى أمانتهُ، ونصَحَ أمَّتهُ ، وجاهدَ في سبيلهِ حتى أتاهُ اليقين .

يقولُ صلواتُ ربي وسلامُهُ عليهِ : ( أوصيكُمْ بالشبابِ خيراً ) صلى اللهُ عليكَ يا عَلمَ الهُدى، وإمامَ التقى، ما هبَّتِ النسائِمُ, وما ناحَتْ على الأيكِ الحمائِم .
ويقولُ أيضاً: ( من رأى منكم مُنكراً فليغيرهُ بيدهِ، فإن لم يستطع فبلسانهِ، فإن لم يستطع فبقلبهِ، وذلكَ أضعفُ الإيمان ) .

وعليهِ فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لا يقبلُ من المسلم ِأن يُنكرَ بقلبهِ مَعَ استطاعتهِ الإنكارَ بلسانِه.

وبعدُ أيُّها المسلمونَ : ألا فلتعلموا أنَّ اللهَ قد أوجَبَ على كلِّ راع ٍأن يَضمَنَ لرعيَّتِهِ المأكلَ والمشربَ ، والملبَسَ والمَسكنَ، والتعليمَ والتطبيبَ. نعم, فكلكم راع ٍ, ومسئولٌ عمَّا استرعي، امتثالاً لقولِهِ عليهِ السلامُ : ( كلكم راع ٍوكلكمْ مسؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فالرجُلُ راع ٍفي أهلِهِ ومسؤولٌ عن رَعيَّتِهِ، والمرأة ُراعية ٌفي بيتِ زوجـِها ومسؤولة ٌعن رعيَّتِها ) .

ويرحَمُ اللهُ عُمَرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ، يومَ سَمِعَ من رسول ِاللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، قولَ الحقِّ تباركَ وتعالى: ( يا أيُّها الذينَ آمنوا قـُوا أنفسَكُمْ وأهليكُمْ ناراً وَقـُودُهَا الناسُ والحِجارة{6}) التحريم. فقالَ: يا رسولَ اللهِ ! نقيْ أنفسَنا, فكيفَ نقيْ أهلـَنا ؟ فقالَ عليهِ السلامُ: مُروهُمْ بالمعروفِ وانهَوْهُمْ عن ِالمُنكرِ.

وفي حديثٍ لهُ عندَ ابن ِجَريرٍ قولـُهُ عليهِ السلامُ: ( مُرُوا أولادَكُم بامتثال ِالأوامِرِ, واجتنابِ النواهِي, فذلكَ وِقايَة ٌلهُم منَ النار) .

وبناءً على ما تقدَّمَ, فإنـَّا نجدُ أنَّ الشارِع َقدْ أوجَبَ على كلِّ مُسلم ٍأن يَتعلمَ من الأحكام ِالشرعيةِ ما يَلزمُهُ , حتى تكونَ أقوالـُهُ وأفعالـُهُ وتصرفاتـُهُ, موافقة ًلِمَا أرادَ اللهُ, فلا يَحيدُ عن ِالحقِّ, ولا يتنكبُ طريقـَهُ, حريصاً إنْ تلقـَّى, أميناً إنْ أعطى, مُتمثلاً قولَ نبيِّ اللهِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ( نضَّرَ اللهُ امرىءً سَمِعَ مقالتي فوَعَاهَا وحفِظهَا وبلـَّغـَهَا, فرُبَّ حامِل ِفقهٍ إلى مَن هوَ أفقهُ مِنه ) .

فيَجبُ أنْ يكونَ المُبَلـِّغُ أميناً في التبليغ ِ, فلا يَألوْ جُهداً في تبليغ ِما آتاهُ اللهُ من فضلِهِ وعَلـَّمَهُ من عِلمِهِ.

إخوتي في اللهِ وأحبتي : لقدْ أوجَبَ اللهُ على الأبناءِ البـِرَّ بآبائِهمْ وطاعَتـَهمْ فيما يَأمُرونـَهُمْ بهِ من غيرِ تأفـُّفٍ ولا تمَنـُّع ٍ, وحتى يتحققَ البـِرُّ على الوجهِ المُرادِ لهُ, فلا بُدَّ أنْ يَسبقَ بـِرَّ الأبناءِ بَرُّ الآباءِ, باختيارِهِمُ الأمَّ الصالحَة َ, والاسمَ الحَسن, وأن يُعلموهُمْ كذلكَ أمورَ دينِهمْ ليُؤدُّوا ما افتـُرِضَ عليهمْ من واجباتٍ, ويَنتهوا عَمَّا نـُهُوا عنهُ منَ المُحرمات, وإنْ لم يكونوا يُحسِنونَ تعليمَ أبنائِهمْ, يَسَّرُوا لهُم مَن يُعَلمُهُم, حتى يَشُبُّوا على الوجهِ المرجُوِّ لهُم, ليكونوا فيما بعدُ أولاداً صالحينَ, وأبناءً طائعين, كيفَ لا ؟ وقد ترعرَعُوا على هَدي ِالإسلام ِ, فصَحَّتْ عقيدتـُهُم وقد تشرَّبُوا أفكارَهُ, ونمَتْ على أساسِهَا عقلياتـُهُم, وسَمَتْ نفسياتـُهُمْ , عَزَّتْ بإسلامِها، وعَلتْ بإيمانِهَا .

أمَّا اليومَ وقد أصبحَ التعليمُ بمراحِلِهِ الثلاثِ الأولى, الابتدائِيُّ والإعداديُّ والثانويُّ شبهَ مَجَّانيٍّ تقريباً, فقدْ غضَّ الطرْفَ كثيرٌ منَ المسلمينَ عمَّا يتلقاهُ أبناؤُهُمْ منْ مناهِجَ تعليميَّةٍ, تحويهَا كـُتـُبُهُمُ المدرسيَّة ُ.

تلكَ التي قرَّرَتِ السلطة ُصلاحيَّة َتلقـِّيهَا, ووجوبَ تعليمِهَا لأبناءِ المسلمينَ في فلسطينَ, دونَ مُراعاةٍ لتقوى اللهِ فيهم. فبالرجوع ِإلى ما اشتملتْ عليهِ هذهِ المناهِجُ, وما قامَتْ عليهِ من أسُس ٍومبادِىءَ, تـَبيَّنَ أنهَا قائمة ٌعلى أساس ٍعَلمانيٍّ بَحتْ, يسوقُ أبناءَنا لا قدَّرَ اللهُ بعدَ تجرُّعِهم ما فيهِ من فكرٍ وثقافةٍ، إلى تنحيَةِ الإسلام ِ بوصفِهِ مَبدأً من نفوسِهم، وإظهارِهِ وكأنهُ دينٌ كهنوتيٌّ صَرْف, كاليهوديَّةِ والنصرانيَّةِ سواءً بسواء, وفي هذا مُخالـَفة ٌللقطعيِّ في دلالتِهِ منَ القرآن ِالذي يُؤكدُ هيمنة َالإسلام ِعلى غيرِهِ، وأنَّ اللهَ لا يقبلُ غيرَهُ لقولِهِ تعالى :


( ومن يبتغ ِغيرَ الإسلام ِديناً فلنْ يُقبَلَ مِنهُ وهوَ في الآخرةِ منَ الخاسرين{85}) آل عمران .

يتبع الجزء الثاني بإذنه

من هناك
10-17-2008, 03:00 AM
جزاك الله خيراً
الخطبة قصيرة جداً كما يبدو :)