تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الربا سبب الكوارث المالية



النصر قادم
10-15-2008, 09:33 AM
الجمعة 26/9/1429 هـ
الموافق26/9/2008 م


الربا سبب الكوارث المالية


الحمد لله ...............


(الخطبة الأولى)


أيها الناس: ذكر ابن بكير قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبدالله، إني رأيت رجلاً سكراناً يتعاقر يريد أن يأخذ القمر، فقلت: امرأتي طالق إن كان يدخل جوفَ ابنِ آدم أشرُّ من الخمر. فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك، فأتاه من الغد فقال له: ارجع حتى أنظر في مسألتك، فأتاه من الغد فقال له: امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب. قال سبحانه: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون﴾. والحرب داعية القتل، روى ابن عباس أنه يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب. وقال ابن عباس أيضا: من كان مقيماً على الربا لا ينزع عنه فحقٌّ على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه. وقال قتادة: أوعد الله أهل الربا بالقتل فجعلهم بهرجاً أينما ثقفوا. وقيل: المعنى إن لم تنتهوا فأنتم حرب لله ولرسوله، أي أعداء. وقال ابن خويزمنداد: ولو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالاً كانوا مرتدين، والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة، وإن لم يكن ذلك منهم استحلالاً جاز للإمام محاربتهم، ألا ترى أن الله تعالى قد أذن في ذلك فقال: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله. أما قوله سبحانه وتعالى: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾. فالمعنى من قبورهم، قاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي وابن زيد. وقال بعضهم: يجعل معه شيطان يخنقه. وقالوا كلهم: يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتاً عند جميع أهل المحشر. روى الدارقطني عن العالية بنت أنفع قالت: خرجت أنا وأم محبة إلى مكة فدخلنا على عائشة رضي الله عنها فسلمنا عليها، فقالت لنا: ممن أنتنّ؟ قلنا من أهل الكوفة، قالت: فكأنها أعرضت عنا، فقالت لها أم محبة: يا أم المؤمنين، كانت لي جارية وإني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه وإنه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة درهم نقداً. قالت: فأقبلت علينا فقالت: بئسما شريت وما اشتريت! فأبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب. فقالت لها: أرأيت إن لم آخذ منه إلا رأس مالي؟ قالت: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف".


أيها الناس: إن الذي جعل قضية الربا اليوم طافية على سطح الكلام من على هذا المنبر هو الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، حيث أعرب رئيس ما يسمى بالبنك الدولي عن مخاوفه من الضرر الاقتصادي الذي قد يلحق الدول النامية جراء الأزمة المالية التي تعصف بالعالم. وركز على أن "السؤال الآن هو ما إذا كانت الاضطرابات المالية الناجمة عن الأزمة المالية قد تدفع بتلك الدول للهاوية". كما حذر الرئيس الأميركي مما وصفه بركود طويل ومؤلم في حال فشل الكونغرس في معالجة الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، وقال إن الاقتصاد الأميركي برمته في خطر. وطلب وزير الخزانة الأميركي من النواب إعطاءه سريعا الموافقة لصرف مبلغ يصل إلى 700 مليار دولار من الأموال العامة على سنتين كي تشتري الدولة الأصول غير المباعة المملوكة من قبل مؤسسات مالية.


أيها الناس: إن الذي يحصل في العالم اليوم يعتبر كارثة مدمرة بكل ما في الكلمة من معنى، وصلت إلى جيبي وجيبك، وهو مذبحة مالية تشبه مذبحة الكساد الكبير التي حصلت عام 1929، وإن سببها هو الربا الذي ينخر الاقتصاد العالمي، ومنه اقتصاد المسلمين اليوم المرتبط معه. والأزمة كما تراها صحيفة فاينانشال تايمز فإنها معضلة بنيوية في النظام الرأسمالي، أي أن سببها الأعمق هو العولمة المُنفلتة من عقالها، والفجوة التي لا تني تتوسّع في داخل الدول بين الفقراء والأغنياء، والتضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة؟ وقد سبقتها أزمات مماثلة في تاريخ الرأسمالية القصير نسبياً، حيث ضُرب الاقتصاد ضربات موجعة في الأعوام 1876 و1929 و1971 و1997-1998 و2001، مما حدا ببعض المحللين أن يقول: إن ظاهرة سيطرة الطبقة المالية المصرفية حوّلت الرأسمالية من "نظام" اقتصادي يستند إلى قواعد تنظيمية واضحة، إلى "فوضى" كازينو القمار الذي يقوم على مبدأ المخاطرة الكبيرة لتحقيق الأرباح الكبيرة. فهناك الآن خمس شركات عملاقة تُـسيطر على 50% من الأسواق العالمية في مجالات صناعات الفضاء والمكونات الإلكترونية والسيارات والطائرات المدنية والفولاذ والالكترونيات. وهناك خمس شركات أخرى، تسيطر على 70% من السلع الاستهلاكية ذات الديمومة. وثمة خمس شركات غيرها تهيمن على 40% من النفط والعقول الإلكترونية الخاصة والإعلام، و51% من أكبر الاقتصادات في العالم اليوم، هي شركات لا دُول. وإن مبيعات 200 شركة، تمثّل 28،3% من الإنتاج الخام العالمي. كل هذه الأرقام تعني ببساطة، أن السوق العالمي الموحّـد، ومعه القرية العالمية، وحتى مفهوم الحضارة العالمية الواحدة، سيكون عمّـا قريب "مِـلكية خاصة" لحفنة من البشر قد لا يتجاوز عددهم عدد مجالس الإدارة في واحدة من الشركات الخمس المذكورة أعلاه! وصدق الله العظيم حين يحذر من تداول المال في فئة محدودة حينما قال: {كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم}. وإن السبب في كل هذا الإجرام الاقتصادي هو الربا الذي يقوم عليه اقتصاد القوم، فأصابه القرح الاقتصادي، وما نحن من بلائهم من الناجين.



(الخطبة الثانية)


أيها الناس: إن بعد الحرب محقاً للبركة، قال تعالى: ﴿يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم﴾ يعني في الدنيا، أي يُذهب بركته وإن كان كثيراً. روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الربا وإن كثر فعاقبته إلى قِل). وقيل: "يمحق الله الربا" يعني في الآخرة. وعن ابن عباس في قوله تعالى: "يمحق الله الربا" قال: لا يُقبل منه صدقة ولا حج ولا جهاد ولا صلة. والمحق: النقص والذهاب، ومنه محاق القمر وهو انتقاصه. "ويربي الصدقات" أي ينميها في الدنيا بالبركة، ويكثر ثوابها بالتضعيف في الآخرة. وفي صحيح مسلم: (إن صدقة أحدكم لتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يجيء يوم القيامة وإن اللقمة لعلى قدر أُحد). أيها الناس: إن الربا من الكبائر، ولا خلاف في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات - وفيها - وآكل الربا). وقد لعن الله آكله وموكله وكاتبه وشاهديه! ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه: لماذا صار الربا – هذا الوباء القاتل - يملأ بلادنا؟ وصار الربا بأنواعه المختلفة قانوناً في بلاد المسلمين؟ وصار أمرنا جميعاً بأيدي أعدائنا؟ والجواب على ذلك يكمن في حالة التبعية التي تعيشها بلادنا في كل شيء بفعل حكامنا السفهاء الذين تركوا أمر الله، واتبعوا أمر الرأسمالية وما أمر الرأسمالية برشيد، وبفعل سكوت الأمة عنهم والقبول بسقوط دولة الإسلام العظمى، والعيش في ظل دويلات الضرار، وأصبح اقتصادنا مرهوناً بالنظام الربوي الكافر، فانطبق علينا قوله صلى الله عليه وسلم لجهال الأعراب وقد رأوا شجرة خضراء للكفار تسمى ذات أنواط يعظمونها في كل سنة يوماً: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال عليه الصلاة والسلام: الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: ﴿اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون﴾ لتركبن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى إنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه). وكان هذا في مخرجه إلى حنين.


أيها الناس: ماذا علينا لو نبذنا الربا؟ وماذا علينا لو نبذنا حكامنا الأشرار، وماذا علينا لو عملنا لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وسرنا على خطى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، واتبعنا تجربة ناجحة ذات اقتصاد نظيف لا تشوبه شائبة، عمرت أكثر من 1200 عام، بالمقارنة مع تجربة فاشلة عمرها أقل من 120 عاماً للنموذج الرأسمالي، وتجربة أكثر فشلاً عمرت سبعين عاماً فقط وهي الاشتراكية. فالنموذج الاشتراكي هوى بعد أن ضل وغوى، والنموذج الرأسمالي يترنح آيلٌ للسقوط بإذن الله، والخلافة الإسلامية هي نظام العالم الجديد. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


الدعاء ....................
منقول: خطبة بأحد مساجد بيت المقدس, لأحد شباب حزب التحرير

من هناك
10-15-2008, 04:07 PM
جزاكم الله خيراً

النصر قادم
10-16-2008, 11:49 PM
جزاكم الله خيراً

ولكم مثلما دعوتم لنا وزيادة

ودمتم على خير

والسلام