تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ومنذ ُهدم ِالخلافةِ



النصر قادم
10-13-2008, 08:07 PM
كلمة ألقيتها في المسجد الأقصى المبارك في حينها




ومنذ ُهدم ِالخلافةِ


الحمدُ للهِ القائل ِفي محكم ِالتنزيل ِ: ( لأنتم أشدُّ رهبة ًفي صدورِهم منَ اللهِ، ذلكَ بأنهم قومٌ لا يفقهون{13} ) الحشر .
ويقولُ الرسولُ الأكرمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ( أعطيتُ خمساً لم يعطهُنَّ نبيٌّ قبلي... وذكرَ منها نـُصرتُ بالرعبِ مسيرة َشهرٍ)

أجل أيُّها الإخوة ُالمؤمنونَ : فيومَ كانَ لنا دولة ٌ, وقبلَ أن يتحركَ جيشـُها، الذي ملأ َصِيتـُهُ الآفاقَ, كانت ترتعدُ فرائصُ الكفارِ بمجردِ النفيرِ للجهادِ, وما أثقلَ هذهِ الكلمة َعلى نفوسِـهم، وقد أوجدت رأياً عاماً بأنَّ جيشَ المسلمينَ لا يُغلبُ، وقوة ٌلا تـُقهر.

وهذا هوَ الأصلُ, فقد كانَ خليفتـُنا يخاطبهُم إيتـُوا طوعاً أو كرها، فما يَسَعُهم إلاَّ أن يقولوا أتينا طائعين .

ولكنَّ تخلـَّفَ المسلمينَ عن حمل ِالدعوةِ الإسلاميةِ عن طريق ِالجهادِ ذروةِ سنام ِالإسلام ِأقعَدََهم، فلم يعُودُوا أمَّة ًوَسَطاً تقتعِدُ الصدارةَ, وها همُ اليومَ يتقاعسونَ عن ِالعمل ِلاستئنافِ الحياةِ الإسلاميةِ بإعادةِ الخلافةِ لتحكمَ بالعدل ِالذي غابَ عن الأرض ِ بغيابها, إلاَّ من رحمَ الله .

فمنذ ُهدم ِالخلافةِ : لم يَعُدِ المسلمونَ شهداءَ على الناس ِبالتبليغ ِحسبَ ما كلـِّفوا، فتخلفوا. وفاقدُ الشيءِ لا يُعطيهِ،

ومن يومهَا لم نـُنصر بالرعبِ مسيرة َشهرٍ ولا أسبوع ٍولا يوم ٍولا حتى ساعة، بل على النقيض ِمن ذلكَ،
فمن يومها نـُغزى ولا نـَغزُوا!
نـُقتلُ ولا نـَقتل!
تـُنتهبُ خيراتـُنا،
وتـُنتهك أعراضُنا،
تـُسفكُ دماؤ ُنا،
وتـُغتصبُ أرضُينا,
شوكتـُنا مكسورة ٌ،
وثروتنا مهدورة ٌ,
ولن يرفعَ اللهُ عنا ما نحنُ فيهِ، حتى نرفعَ عنا ما نحنُ فيهِ.

وصدقَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إذ يقول: ( إن دينَ اللهِ لن ينصرَهُ إلاَّ من حَاطـَهُ من جميع ِجوانبهِ) وقالت العربُ: إذا بانَ السببُ بطـُلُ العجب.

فمنذ ُهدم ِالخلافةِ : ودماءُ المسلمينَ جَدَاول, قامَ بذلكَ الأعداءُ وأعانهم علينا الحكامُ وكلُّ عميل ٍمتآمر.

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : غارَ الإسلامُ عن التطبيق ِالعمليِّ، فتداعت علينا الذئابُ من كلِّ جانب. بعدَ أن غابَ الأميرُ الذي نحبهُ ويُحبنا, ونصلي عليهِ ويُصلي علينا، ليقولَ للكفار: من أميرِ المؤمنينَ: إلى كلبِ أمريكا القذر, وجعلان ِأوروبا الأشرار، سآتيكم بجيش ٍأولـُهُ عندكم وآخرُهُ عندي، لأحققَ وعدَ اللهِ فيكم وأنسيكُم وساوسَ شيطانكُم .

وليقولَ لأضرابهم: ألردُّ ما ترونَ لا ما تسمعون، أيُّها المشركونَ, أيُّها المغضوبُ عليكم, أيُّها الضالون .

ومنذ هدم ِالخلافةِ : لم نقاتِلـَهُم، ولم يصبهم عذابٌ بأيدينا، ويَجعلـُهُم خزايا، أو يعطوا الجزية َعن يدٍ وهم صاغرونَ, أو ينصرنا عليهم، ومنذ ُذلكَ الحين ِلم يَشفِ اللهُ صدورَ قوم ٍمؤمنين .

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : لم نذق طعمَ العزةِ، لأنـَّا فقدناها بفقدان ِالأميرِ السياسيِّ، الإمام ِالرحيم ِ,
والراعي الكريم ِ,
والأبِ الرؤوم ِ,
مَعَ أن أصلَ معدنِنا ثمينٌ،
إي وربي واللهِ ثمين.
ومن يومها لم نسعد بنشوةِ النصرِ المُؤزرِ المُبين .

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : لم ننعم بالسعادةِ لأن اللهَ غيرُ راض ٍعن تصرفاتِنا، وتقاعُسِنا عن نصرةِ دينهِ.

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : لم يقف أميرُ الجهادِ موقفاً يُرضي اللهَ ورسولـَهُ والمؤمنينَ بمقدمةِ الجيش ِمخاطباً الذينَ كفروا: ( ستغلبونَ وتـُحشرونَ إلى جهنمَ وبئسَ المهاد {12}) آل عمران .

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : صِرنا كالأيتام ِعلى موائدِ اللئام ِ،

بعدَما فقدنا الأخوين ِالتوأمين، السلطانُ والإمام.
فما لا أسَّ لهُ فمُنهَدِم،
وما لا حارسَ له فضائع.
فانهدمتِ الخلافة ُوغابَ الحارسُ الأمينُ،
فتكالبت علينا قوى الشرِّ من كلِّ جانب،

وما عادَ المسلمونَ يسمعونَ أميرَهُم يُخاطِبُ الغمامَ: أيتها الغمامة ُإذهبي حيثُ شئتِ، فإن خراجَكِ عائدٌ إليَّ .

واليومَ خيراتُ المسلمينَ عائدة ٌللكفارِ المستعمرينَ، ولا حولَ ولا قوة َإلاَّ باللهِ العليِّ العظيم .

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : صرنا نخشى الكفارَ ونهابُهُم, وما كانَ لهم ذلكَ لو كانَ لنا الأميرُ الجُنـَّة ُ, كيفَ لا! وقد قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ( يوشِكُ أن تداعى عليكـُمُ الأممُ من كلِّ أفق ٍكما تداعى الأكلة ُعلى قصعتِهَا، قلنا يا رسولَ اللهِ: أمِن قلةٍ بنا يومئذٍ ؟ قالَ : أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكن تكونونَ غـُثاءً كغثاءِ السيل ِ، يَـنتزِع ُالمهابة َمن قلوبِ عَدُوِّكِم، ويَجعلُ في قلوبكـُمُ الوَهـْنَ، قلنا وما الوَهـْن ِ؟ قال: حُبُّ الحياةِ وكراهية ُ الموتِ ) وهذا الحديثُ يُبينُ بحقٍّ ما آلَ إليهِ حالُ أمتنا اليوم .

وإنهُ لا يرفعُ الضيمَ والذلَّ وهيمنة َالكفارِ علينا إلاَّ الخلافة ُالراشدة ُالثانية ُالقادمة ُالموعودينَ بها كفلـَق ِالصبح ِقريباً بإذن ِ اللهِ.

ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : عُطـِّلَ الجهادُ ولم تـَعُد تنزلُ علينا رحْمَاتُ الملائكةِ, لا مُنزلينَ ولا مَسَوِّمينَ.

ولم يَعُد الكفارُ يَروننا مِثليهم رأيَ العَين ِ، بل نحنُ أمامَهم بالكثرةِ غـُثاء، وبالقوةِ هَباء، وبالوزن ِالدوليِّ إماء.

فكيفَ لا نكونُ كذلكَ وقد تركنا وراءَنا ظِهرياً نداءَ السماءِ ( قاتلوهُم, يُعذبْهُمُ اللهُ بأيديكُم, ويُخزِهِم ويَنصُركُم عليهم, ويَشفِ صدورَ قوم ٍمؤمنين{14}) التوبة.

وقولهِ: ( أن اللهَ بريءٌ من المشركينَ ورسُولـُهُ {3}) التوبة . فلم نعادِهم, أو نبرأ َمنهم، بل اتخذناهُم أنداداً وأعوانا, وجعلنا لهم على المؤمنينَ سُلطاناً, فسامُونا سوءَ العذابِ حتى أصابنا الشقاءُ وعمَّنا البلاء .

وصدقَ اللهُ: ( ظهرَ الفسادُ في البرِ والبحرِ بما كسبتْ أيديْ الناس ِليُذيقـَهُم بعضَ الذي عملوا لعلهم يرجعون {41}) الروم .

( ففروا إلى اللهِ إني لكم منهُ نذيرٌ مُبين{50}) الذاريات. ويقول: ( وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ أعدَّت للمُتقين{133}) آل عمران . فعندما تقفُ يا بنَ عبدِ اللهِ بينَ يدي ِاللهِ وترى إنعامَ اللهِ على العاملينَ المخلصينَ يومَ الجزاءِ الأعظم ِ بقولِهِ: ( فنعمَ أجرُ العاملينَ {74}) الزمر .

ويقفُ المتقاعسُ ويقولُ نادماً: يا ليتني كنتُ مَعَهُم فأفوزَ فوزاً عظيما. أو يقولُ: ليتني كنتُ تبنة ًفي لبنةٍ في بناءِ صرح ِالإسلام ِ الشامخ ِ، ولكن، هيهاتَ هيهات! يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ إلاَّ من أتى اللهَ بقلبٍ سليم .

أسألُ اللهَ العظيم, ربَّ العرش ِالكريم ِ, أن يجعلنا وإيَّاكم ممن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنهُ.

وآخرُ دعوانا أن ِالحمدُ للهِ ربِّ العالمين, والصلاة ُوالسلامُ على إمام ِالمتقين, وسيدِ الأولين والآخرين, ومن تبعَهم بإحسان ٍإلى يوم ِالدين, وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن تبعَ هداهُ وسلكَ خطاهُ وسارَ على نهجهِ إلى يوم ِيلقى الله .

كاتبها أخوكم : النصر قادم