تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقاط على حروف المشهد الجهادي العالمي -1- د. اكرم حجازي



شيركوه
10-12-2008, 10:59 PM
نقاط على حروف المشهد الجهادي العالمي
المشهد العراقي (1)


د. أكرم حجازي
11/10/2008





عشية حلول شهر رمضان وحتى الأيام الأولى من عيد الفطر تلقت وسائل الإعلام والمراقبين دفقا إعلاميا نوعيا شمل عدة ساحات جهادية في العالم قادته على وجه الخصوص مؤسستي السحاب والفرقان اللتان قدمتا سلسلة من الأشرطة الوثائقية والخطابية لأبرز قادة القاعدة في العراق وأفغانستان. ففد أصدرت السحاب أربعة أشرطة هي: · غزوة المؤذن في 4/9/2008. · شريط السحاب في الذكرى السابعة لهجمات سبتمبر، بعنوان: حصاد سبع سنوات من الحروب الصليبية في 8/9/2008. · إمامٌ بـحق في 28/9/2008 · كلمة لآدم يحيى غدن (عزام الأمريكي) بعنوان: لا َيُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ، في 4/10/2008. أما الفرقان التابعة لدولة العراق الإسلامية فقد أصدرت: · كلمة صوتية لأبي عمر البغدادي أمير دولة العراق الإسلامية بعنوان: وَقَاتِلوا المُشرِكِينَ كَآفَّةً في 9/9/2008. · محاضرة صوتية لأبي حمزة المهاجر وزير دولة العراق الإسلامية بعنوان: الدولة النبوية في 19/9/2008. · كلمة صوتية أخرى للبغدادي بعنوان: وعدُ الله في 24/9/2008. · عامان لدولة الإسلام في 21/9/2008. · كتائب كردستان في دولة العراق الإسلامية في4/10/2008. ومن جهتها أصدرت جماعة أنصار الإسلام في العراق شريطا جديدا بعنوان: مطر الأرض في 24/9/2008. و رهبان الليل لجيش الراشدين في 2/10/2008. وفي الجزائر أصدرت قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي ثلاثة أشرطة الأول لصلاح أبي محمد المسؤول الإعلامي بعنوان: من هـم قَتَلَةُ الأبْرِيَاء؟ في 2/9/2008، والثاني لأمير التنظيم أبي مصعب عبد الودود بعنوان: رسالة إلى أهلنا في المغرب الإسلامي في 22/9/2008، والثالث لأبي عبيدة يوسف العنابي الذي قدمه الشريط بوصفه رئيس مجلس أعيان التنظيم في المغرب الإسلامي، وهو بعنوان: تهنئة العيد لأهل التوحيد في 3/10/2008. أما في الصومال فقد أصدرت حركة الشباب المجاهدين شريطا بعنوان: استعدادات غزوة لا سلام بلا إسلام في 30/9/2008. إذن لدينا، على الأقل، خمسة عشر شريطا مرئيا أو مسموعا صدرت عن أوساط الإعلام الجهادي في مناطق مختلفة، ولئن بدا للوهلة الأولى أنها تزامنت مع شهر رمضان إلا أن محتوياتها ومناسباتها تجاوزت المناسبة الدينية بشكل واضح وجلي. وحتى لا يقع البعض في اللبس لا بد من الإشارة على أن جميع الأشرطة أعدت قطعا لبثها في شهر رمضان، ولهذا فقد خلت جميعها من التعليق على أي من الأحداث الجسيمة التي وقعت على امتداد الشهر سواء على المستوى الإسلامي فيما يتعلق بأحداث حي الصبرة في غزة أو فيما يتعلق بتفجير فندق ماريوت في الباكستان أو بالهجمة الشيعية الشرسة التي يتعرض لها الشيخ يوسف القرضاوي ناهيك عن التعليق المباشر على الأزمة التي تعصف بإجمالي النظام الرأسمالي في العالم. لكن أبرز ما في الأشرطة أنها جاءت، هذه المرة، محملة بحزمة من المفاجئات والرسائل بصورة مكثفة ومنسقة على غير العادة، فضلا عن أنها احتوت على مواد إعلامية مميزة لم يسبق أن وقع الاهتمام بها أو تم الكشف عنها، وهو ما سنلاحظه في سياق التحليل القادم.

أولا: زوال القاعدة؟
تبدو الصورة العامة للمشروع الجهادي في العراق غامضة وضبابية، وإذا ما قورن حال الساحة قبل عامين بحالها الآن فلا شك أن السكون يخيم على المنطقة بصورة ملحوظة خاصة لجهة العمليات المسلحة الموجهة ضد القوات الأمريكية. مثل هذا الأمر يدفع إلى الاعتقاد بأن المشروع الجهادي ضعف إلى حد الاقتراب من التلاشي، لكن هذه الاعتقادات التي يعبر عنها البعض تبدو أقرب إلى التمني من كونها الحقيقة القائمة حتى اللحظة. فالقوى صاحبة المشاريع الكبرى كما هو حال تيارات السلفية الجهادية هي بلا شك قوى حية لا يأفل نجمها بسهولة كما هو الحال بالنسبة للقوى ذات الطابع الوطني التي يمكن أن تنزوي أو تتساكن مع النظم السياسية القائمة. فما الذي حدث في العراق كي يعتقد البعض أن القاعدة قاربت على الزوال؟ ما حدث في العراق أن ظاهرة الصحوة تحولت إلى ظاهرة اجتماعية لا ينفع معها الدخول في حرب نظامية ولا حرب عصابات. ولقد قيل الكثير عن أسباب نشوء الظاهرة، لكن أهم ما فيها أنها سنية، وهذا يعني أن الحاضنة الجهادية انقلبت على أعقابها وهيمنت على جغرافية العمل الجهادي، وتبعا لذلك فمن الطبيعي أن تستهدف الصحوة جميع القوى الجهادية دون استثناء. هذه القوى كان أمامها خيارين لا ثالث لهما: الأول، أن تخوض حربا ضد الحاضنة أيا كانت النتائج، وهو ما لم تفعله لأن جزء كبيرا منها كان من المؤسسين للمشروع أصلا. والثاني، أن تتوجه فعالياتها نحو رؤوس المشروع ورموزه وهو ما حصل فعلا لكنه توجه فشل في هدم المشروع الذي ظلت الولايات المتحدة تموله حتى آخر قطرة حياة فيه. وخلال ذلك كانت القوات الحكومية وقوات الاحتلال تستفيد من تعزيز وجودها على الساحة إلى أن أمكن الاستغناء عن خدمات المنتسبين للمشروع والداعمين لهم. لكن بين الخيارين ظهر خيار ثالث هو الذي أحدث الغموض والضبابية. إذ أن الجماعات الجهادية اضطرت إلى الانزواء عن الأنظار خشية أن تخوض حربا عبثية يمكن أن ستخسر فيها رصيدها البشري لو ظلت تعمل فوق الأرض كما كانت قبل مشروع الصحوات، وعليه فلم نعد نسمع عن معسكرات ولا مناطق تمركز ظاهرة للعيان ولا حركة في الشوارع إلا في حالات معينة كان الهدف منها بث رسائل سياسية وأمنية. وفي وقت سابق رصدنا مقالتين إحداهما تتحدث عما يسميه كاتب بـ: استراتيجيا الحرباء بين أفغانستان والعراق والثانية تتحدث عما يسميه كاتب آخر بـ: استراتيجيا التظاهر بالموت. ولعل هذا ما يحصل بالضبط على الساحة العراقية. فالسلفية الجهادية في العراق وأغلب الجماعات الأخرى تعمل منذ سنتين تقريبا بموجب التخفي والتكيف بحسب الوضع الأمني بصورة تبدو معها كما لو أنها ميتة، وهو ما أدركته القوات الأمريكية واقعا لا تأويلا. ومن يتابع سلسلة الحملات العسكرية التي شنتها الحكومة على ديالى والموصل لا شك أنه أيقن استراتيجيات العمل الجديدة. فحتى أصحاب الشأن اعترفوا بفشل هذه الحملات فشلا ذريعا ابتداء من المالكي وانتهاء بالأمريكيين. بل أن تصريحات طريفة لضابط أمريكيين إبان الحملة على ديالى أقرت بفشل بلغت نسبته 100%. ففي المدينتين دخل عشرات آلاف القوات المهاجمة لكنها لم تجد شيء تهاجمه رغم علمها يقينا بأن المدينتين تعجان بالمجاهدين! لنتابع فقرة ذات دلالة بالغة وردت في صحيفة الوول ستريت جورنال (wall street journal) تعليقا على حملة ديالى الأخيرة (أواخر شهر تموز / يوليو 2008) حيث تقول: (إن القوات الأمريكية العاملة في محافظة ديالى فشلت في العثور على منتطارده من مسلحين أو أسلحة. وقالت أيضا أن هذه الوحدةالعسكرية الأمريكية وصلت إلى المنطقة قبل خمسة أيام منالموعد الذي أعلنته الحكومة وبدأت فيه عملياتها العسكرية في ديالى، وكان يوم الثلاثاء 29 يوليو 2008. و قالضابط أمريكي إننا نطارد أشباحا وقد فتشنا منذ خمسة أيام جميع المنازل ولم نعثر على أي إشارة لوجود مسلحين أو أسلحة. ولكن المسلحين مع ذلك لم يهدؤوا، وتركوا أثارهم وراءهم بعشرات القنابل التي نصبت بعد انطلاق العمليات العسكرية. ويقول هذا الضباطللصحيفة، أن المشكلة هي كيفية خروج المسلحين ودخولهم دون أن نراهم ، ولا ندري أين يختفون). لا ريب أن هذه التصريحات بالغة الإثارة والأهمية في وقت واحد. فالذين اعتقدوا وروجوا منذ عامين أن القاعدة أو دولة العراق الإسلامية لم يبق عليها سوى بضعة شهور حتى تتلاشى عليهم أن يجيبوا ويحددوا عناصر التلاشي، وعليهم أن يفسروا أسباب فشل الحملات العسكرية المتواصلة على المقاتلين، وعليهم أن يحددوا للعسكريين الأمريكيين أين كان المقاتلون يتمركزون حين تعرضوا لهجمات استراتيجية كاسحة في ديالى والموصل. وأين ذهبوا؟ وأين مخازن تسليحهم؟ وأين مقرات صناعاتهم العسكرية؟ وأين هي الأدلة على تفكك التنظيم أو مقتل قادته أو اعتقالهم؟ وهل ثمة أدلة على تراجعهم أيديولوجيا أو اندماجهم أو انسحابهم من التنظيم؟ ولماذا لم يعثروا على أحد منهم رغم الجيوش الجرارة من الجواسيس والعملاء؟ وبما أنهم استطاعوا أن يتنبأوا بقرب زوال القاعدة فهل بمقدورهم الكشف عن استراتيجياتهم في القتال والتنقل؟ وهل بمقدورهم التنبؤ بوسائل التخفي والتنظيم التي يستعملها المقاتلون بينما أعتى الاستراتيجيين والمحللين لم يعودوا قادرين على تفكيك طلاسمها؟ أليست مثل هذه الأسئلة هي التي حيرت الأمريكيين وحتى الناتو في أفغانستان دون أن تجد لها جوابا؟ الأكيد أن نوعية التصريحات الأمريكية تجاوزت العسكريين بأشواط طويلة وهي تتحدث، في أحسن الأحوال، عن مخاوف حقيقية إزاء الوضع في العراق. وكلها تجمع بلا مواربة على توصيف الوضع بالهش والخطر. فما من مسؤول أمريكي تجرأ، ولو من بعيد، على القول بأن القاعدة على وشك الهزيمة والتلاشي في العراق بقدر ما تحدثوا عن ضعف أو انخفاض لوتيرة العنف أو قدرة على التكيف وتخفي مزعج وإعادة بناء وقوة فتاكة بل وحتى هزيمة قاب قوسين أو أدنى وتضرر لهيبة الجيش الأمريكي ونذير بانهيار أمريكي اقتصادي وعسكري. لا شك أنه ثمة فرح وسرور لدى الأمريكيين وحلفائهم إزاء انخفاض مستوى المواجهات، وهذه حقيقة. لكن غياب المعلومات عن النتائج حول هذا الارتياح إلى شك وقلق بالغ. فكيف يصح التمسك بأطروحة متهافتة أصلا؟ ولماذا؟ أليس من الأجدى التأمل قليلا في حقيقة الوضع في العراق بدلا من التنطع؟

ثانيا: الإخوان المسلمون وفخ القاعدة
كل من شاهد شريط الفرقان من أنصار الجهاد عامان لدولة العراق الإسلامية بدا كمن يستعيد ثقته في حال الدولة خاصة وهو يتحدث عن إنجازاتها خلال عامين من إعلانها. والحقيقة أن الشريط قدم مفاجئات عديدة وعروض يكشف عنها لأول مرة مثل مبايعات عشائر ديالى للبغدادي ودولة العراق، وجزئيا عن قاتل عبد الستار أبو ريشة الذي دارت حوله الكثير من التكهنات في حينه، وشملت العروض تجارب لصناعة الصواريخ وحديث عن صناعة أسلحة دفاع جوي، وترميم للجسور وتقديم لمساعدات الإغاثة للسكان فضلا عن الاختراقات الأمنية للحكومة والتجسس على محافلها وعلاقاتها مع بعض الجماعات الجهادية. وفي الشريط ظهر مشهد مؤثر لطفل انهال على المجاهدين في العالم بالدعاء ما لبث أن أجهش بالبكاء، فما تعودناه في الأشرطة السابقة مشاهد لأطفال يكبرون ويتباهون في السلاح ومقاتلة الأمريكيين، قد يجري تلقينهم ما يقولون لكننا لم نشهد صورة طفل يدعو ويغلبه البكاء بصورة عفوية لا مراء فيها. وهذا يؤشر على العناية بجيل جديد يجري إعداده للمراحل القادمة لم يعهد الهزيمة ولا العقائد والأيديولوجيات الأخرى التي تحمّلها السلفية الجهادية مسؤولية ضياع الأمة وهوانها. لكن لماذا تضطر الفرقان للكشف عن نظام اتصال متطور ومشفر مع أفغانستان؟ عدا عن نظام اتصال آخر مع الخارج عبر الحدود البرية بهدف تأمين الدعم اللوجستي وقطع الغيار دون أن يوضح الشريط ماهية هذه القطع أو نوع الدعم المشار إليه؟ ولماذا تستدل بكون النظام ظهرت بعض معطياته في مناسبات سابقة؟ وأن بعض المراقبين قد لاحظوا ذلك؟ وهذا صحيح. فقد كنا نلحظ في بعض الأحايين علاقة في الخطابات التي يتزامن صدورها عن الفرقان مع تلك الصادرة عن السحاب وحتى عن خطابات صدرت عن حركة الشباب المجاهدين في الصومال وأخرى في الجزائر، وكلها تشير إلى وجود تواصل وتنسيق مشترك بين عدة قوى جهادية في ساحات مختلفة. ولما يكون هذا الأمر مألوفا فهل ثمة حاجة للتذكير به؟ الثابت أن خطابات البغدادي والمهاجر قدما عرضا يوطئ بشكل واضح لشريط: عامان لدولة العراق. فجميعها تحدثت عن النصرة والثبات و وعد الله وليس الوعد الصادق. وجميعها تحدثت عن إمكانية المصالحة إلا مع الحزب الإسلامي حيث كان التهديد هو اللغة الوحيدة التي حظي بها. فما الذي قاله البغدادي للحزب في خطابه: وقاتلوا المشركين كافة؟ وما علاقته بالإعلان عن نظام الاتصال المشفر؟ ذكّر البغدادي بداية بالخطاب الشهير لأبي حمزة المهاجر: قل موتوا بغيظكم عن الحزب الإسلامي حين قال: ... لا نريد منكم شيء، فقط دعونا والعدو فإن انتصرنا عليه فهو عزّ الدنيا والآخرة لنا ولكم، وإن قضي علينا فهي شهادةٌ لنا وتكونوا قد استرحتم منا ولن تلقوا الله بدمائنا. وفي خطابه يعلن البغدادي للمرة الأولى حربا صريحة على الحزب: نعلنُ أن الحزبَ الإسلاميَّ بكل أطيافه قيادةً وأعضاءً هم حربٌ لله ورسوله , وطائفةُ كفر وردة , يجب أن يُقتلوا حيثما وجدوا ... وعليه نمهل جميع أعضاء هذا الحزب خمسة عشر يوماً للبراءة والتوبة مما هم عليه باستثناء خمسة هُم: أسامة التكريتي, وعلاء مكي, وعبد الكريم السامرائي, وإبراهيم النعمة, وطارق الهاشمي. فهؤلاء يقتلون متى قُدِر عليهم ولا مهلة لهم ... فإن انتهت المهلة فاقتلوهم حيث ثقفتموهم واقعدوا لهم كل مرصد ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله ... ولا نريد جدران مقراتهم فحسب إنما نريد رؤوسهم العفنة أينما كانت .... أما ما هي مبررات هذه الحرب؟ ولماذا تأخرت إلى هذا الوقت؟ فيسوق البغدادي عدة أسباب منها: · لأن: تمرد الحزب الإسلامي وحربه على الدين وأهله لا يمكن دفعه إلا باستئصال شأفة هذا الحزب اللعين؛ · ولأن (نا): لم نقدم آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الأسرى لكي تضيع ثمرة الجهاد وتتحول بلاد الرافدين من علمانية بعثية إلى علمانية أمريكية تحت دعوى الوحدة الوطنية؛ · ولأن: الحزب سخّر كل طاقاته الإعلامية والعسكرية وجنباً إلى جنب مع عباد الصليب وأحفاد المجوس لحرب جنود الله المجاهدين ببلاد الرافدين ولم يستثن أحداً؛ · ولأن الحزب: انكشفت عورته لكل مسلم ولم تعد أفعاله خافية على أحد قط؛ · ولأن (نا): كنا قد التمسنا الأعذار لبعضهم سابقاً فاليوم اطمأنت قلوبنا أنه لا عذر لأحد ينتمي لهذا الحلف الشيطاني؛ · ولأن: قطف رؤوس أعوان المحتل واجب شرعي تماماً كرؤوس المحتل نفسه ... وإن تلفظوا بالشهادتين وصلوا وصاموا وزعموا أنهم مسلمون. وما بين الخطابين ظل موقف دولة العراق تجاه الحزب هو عدم الانجرار في حرب ضده خشية تشتيت الجهود كما يقول البغدادي، رغم أن الحزب لم يتوانى عن إعلان الحرب على القاعدة وتسخير ميليشياته وقواته وحلفائه في ضرب المشروع الجهادي بشكل مباشر أو عبر مشروع الصحوات. لكن هذا لم يمنع من قتال الحزب حيث تنشب المعارك ويكون شريكا فيها لقوات الحكومة أو القوات الأمريكية. لذا فالجديد، بحسب الخطاب، يوحي بوجود قرار صريح بتصفية الحزب نهائيا، أما مهلة الأسبوعين فليست ذات أهمية إلا من باب إقامة الحجة الشرعية التي لم تعد تقدم أو تؤخر فيما عزمت دولة العراق القيام به تجاه الحزب. في شريط الذكرى السابعة لهجمات سبتمبر ظهرت مفاجأة غير متوقعة تمثلت بانكشاف جزئي لشخصية الشيخ عطية الله الليبي، وفي المقابلة التي أجريت معه سئل الشيخ عن مصير المشروع الجهادي في العراق فقال بأن الجهاد كرّ وفرّ، واصفا المشروع بـ: الجبل الشامخ الذي تدور حوله العواصف، وهذه تذهب ويبقى الجبل! بطبيعة الحال فقد كان الشيخ عطية الله يوصف بكونه ضابط الارتباط بين أفغانستان والعراق، ولا ريب أن رأيه أدق من بقية آراء قادة القاعدة باعتباره على اطلاع وثيق على الساحة الجهادية. وإذا ما ربطنا بين تصريحاته والإعلان عن نظام الاتصال والتنسيق فالأرجح أن دولة العراق تريد أن تقول أن قرارا صريحا بحجم إعلان الحرب على الحزب الإسلامي ما كان ليصدر لولا مباركة قادة القاعدة. لكن هل كان من مبرر لهذا الإعلان المدوي لضرب الحزب؟ أو هل كان ضرب الحزب يحتاج إلى إعلان من هذا النوع؟ الأكيد أن الحزب الإسلامي شكل أرقا لقادة القاعدة سواء في العراق أو في أفغانستان، ولعل القرار بتصفيته، بعيدا عن المبررات التي ساقها البغدادي على أهميتها، يستهدف تحقيق أمرين على الأقل بشكل مباشر هما: · حث التيارات السلفية الجهادية عموما ودولة العراق الإسلامية خصوصا على وجوب حسم الموقف على الساحة العراقية كي يتسنى لها اللحاق في المشروع الجهادي العالمي كما هو الحال في أفغانستان والصومال حيث تبدو ملامح التمكين قاب قوسين أو أدنى. وهذا يعني أنه إذا كان الحزب الإسلامي هو آخر العقبات التي تواجه المشروع الجهادي فإن القوات الأمريكية هي الهدف التالي مباشرة، ومثل هذا الأمر ربما يفسر الكم الهائل من تصريحات التوجس والريبة التي أدلى بها الأمريكيون حيال الوضع في العراق ابتداء من كبار العسكريين وانتهاء بالرئيس الأمريكي نفسه. وقد وردت إشارة جلية في خطاب البغدادي حين قال: نعد المحتل وأعوانه بأيام سود ولا أزيد, فالخبرُ ما يرونه لا ما يسمعونه. · نصب فخ لجماعة الإخوان المسلمين وفروعها في شتى أنحاء العالم. فالجماعة لم تحدد موقفها الصريح من الحزب الإسلامي وتعاونه مع قوى الاحتلال وعدائه للقوى الجهادية كافة بما فيها هيئة علماء المسلمين. وكل ما صدر هي كتابات بررت للحزب نشاطاته بدعوى الاجتهاد! وبالتالي فلم تدن أي سلوك أمني أو سياسي له بشكل رسمي حتى لو صدرت إدانات ذات طابع فردي هنا أو هناك، وحتى لو تسبب الحزب بأضرار جسيمة لجماعات جهادية في العراق محسوبة على الإخوان المسلمين لكنها لم تدن سياساته. وهكذا يكون الإعلان عن النية في تصفية الحزب الإسلامي بمثابة الفخ الذي قد يستفز الجماعة وفروعها والدائرين في فلكها ممن برروا للحزب أفعاله وامتنعوا عن إدانته. وإذا ما نفذت دولة العراق تهديداتها بضرب عناصر الحزب وقادته فسيكون أمام هؤلاء خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتبرؤوا منه تماما أو يصمتوا تماما لعجزهم عن الدفاع عنه رسميا وعمليا وإما أن يدينوا التيارات السلفية فيكونوا والحزب سواء في موقفهم من الاحتلال وحلفائه مع ما يتبع ذلك من سقوط مدوي للجماعة.

يتبع ...

شيركوه
10-12-2008, 11:02 PM
نقاط على حروف المشهد الجهادي العالمي

د. أكرم حجازي
12/10/2008
المأزق والحل في بلاد الأفغان
(2)

لو لم يكن ثمة انهيار في أسواق المال العالمية ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية وحتى أفقر دولة في العالم لاحتلت الباكستان وأفغانستان صدارة النشرات الإخبارية في وسائل الإعلام الدولية بلا منافس. ومع ذلك فقد ألقت الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان بظلالها على خلفيات الأزمة المالية الأمريكية والتي تسببت بخسائر معلنة بما يوازي حجم الإنفاق العسكري الأمريكي في البلدين والبالغ أزيد من 3.5 تريليون دولار. هكذا حضر العراق، كساحة حرب مدمرة للاقتصاد الأمريكي، مع أنه لا يشكل، في الوقت الراهن على الأقل، حجم الفزع الذي تثيره حالة الساحة الأفغانية. فهل الوضع في أفغانستان حرج إلى الدرجة التي تجعل من مسألة التفاوض مع طالبان، ولو على المستوى الإعلامي، مجاورة لأعتى الأزمات العالمية؟


أولا: انحسار الخيار العسكري الأمريكي
غداة هجمات الحادي عشر من سبتمبر توعد الرئيس الأمريكي جورج بوش تحديدا طالبان والقاعدة بالعقاب الشديد: سنخرجهم من جحورهم، سنطاردهم، سنعتقلهم أو نقتلهم، وسنقضي على القاعدة وطالبان ... . هذه بعض العبارات التي تفوه بها وهو يحشد قواته للهجوم على أفغانستان. وبعد مرور ثلاثة أعوام أو أقل على احتلال البلاد وتدميرها وقتل الآلاف من سكانها ومجاهديها، وبعد حصار تورا بورا سئل الرئيس عن مصير بن لادن فأجاب: لا أعرف - I don't know - لكننا في النهاية سنلقي القبض عليه أو ربما يكون قتل. وبعد ثلاث سنوات أخرى قال: الوضع صعب وعصيب. أما اليوم فــ: نحن مستعدون للتفاوض مع طالبان!

هكذا إذن، استنفذت الولايات المتحدة وحلف الناتو الخيار العسكري بالكامل، وباتت القوات المتحالفة على شفا الانهيار بين لحظة وأخرى. فالعسكريون حسموا أمرهم. والخلاف بين الناتو والأمريكيين وصل إلى نقطة اللاعودة. فعلى امتداد السنة الجارية، على الأقل، نشطت الولايات المتحدة دبلوماسيا وألحت على الدول الأوروبية حتى جف لعابها لإقناعها بزيادة عدد القوات الأطلسية في أفغانستان ولكن دون جدوى، فقد أخفق حلف الناتو في الاتفاق على إرسال إمدادات عسكرية تصل إلى 15 ألف جندي إضافي لمواجهة تصاعد هجمات طالبان، فيما رفضت الدول الأخرى المزيد من التورط في الحرب الدائرة في أفغانستان.

ويمكن ملاحقة حقيقة الوضع العسكري في أفغانستان عبر تصريحات القادة الميدانيين والمسؤولين الأوروبيين.ففي 2/6/2008، وعشية استقالته، اعترف قائد قوات الناتو في أفغانستان الجنرال دان ماكنيل في مقابلة مع مجلة دير شبيجل الألمانية أن: منظمة الناتو لديها47ألف جندي الآن، في حين أننا نحتاج إلى وجود 400 ألف جندي أفغاني لمواجهةطالبان. وفي مقابلة لاحقة له مع صحيفة الـ واشنطن بوست الأمريكية (15/6/2008) أقر بأن التصدي لهجمات حركة طالبان الأفغانية بات أمرًاعسيرًا، خاصة بعدما زادت هجمات مقاتلي الحركة بمعدل 50% .

وأكد التقرير الذي أعده المفكر الإستراتيجي الشهير أنطوني كوردسمان في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (23/9/2008) بعنوان: خسارة الحرب الأفغانية – الباكستانية؟ الخطر الصاعد أن: هزيمة الناتو وأمريكافي أفغانستان آتية بالتأكيد، كما حدث مع الاتحاد السوفيتي في ثمانينات القرن الماضي والإمبراطورية البريطانية في القرن 19، وهو ذات التوقع الذي أشار إليه ريتشارد تايلور في صحيفة الغارديان (7/11/2007) من أن: حلف شمال الأطلسي الذي تأسس لمواجهة الجيش السوفييتي بعظمته وأقماره الاصطناعية يواجه خطر الاندثار في صحارى أفغانستان وجبالها. وأشار تقرير كوردسمان إلى أن الوضع الذي كان يتدهور في السنوات الخمس الماضية في أفغانستان وصل اليوم إلى: مرحلةالأزمة. وكشف عن أن الطالبان المنطلقين مجددا: حولوا العديد من مناطق أفغانستان إلى مناطق محظورة علىهذه القوات. وحتى وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس ورئيس هيئة أركان الجيوش المشتركة الأدميرال مايكل مولن اعترفا بأن: الوضع أصبحأكثر فتكاً بالنسبة لقوات الناتو والقوات الأمريكية.

هكذا باتت الطريق ممهدة أمام الاستخبارات الأمريكية بوكالاتها الستة عشر لتصدر تقريرها (9/10/ 2008) الذي سيكشف النقاب عنه بعد الانتخابات الأمريكية والمسمى بـ: التقييم الاستخباري الوطني. وفيه اعتراف صريح بأن: أفغانستان تنزلق نحو الهاوية. ومن المنتظر أن يثير التقييم الكثير من الاتهامات كونه حظي بجماع كافة وكالات الأمن الأمريكية.

ورغم كثافة التصريحات المتشائمة تظل تصريحات قائد القوات البريطانية الجنرال كارلتون سميث لصحيفة الصاندي تايمز (5/10/2008) قاصمة لاستراتيجيات الناتو وخاصة للسياسات الأمريكية في البلاد منذ احتلالها، ليس لأنها أقرت باستحالة النصر العسكري ودعت إلى التفاوض مع طالبان؛ بل لأنها وضعت حدا للحماقة الأمريكية التي تصر على الخيار العسكري رغم علمها باستحالة نجاحه أو تحقيقه أي تقدم في ظل الموازين القائمة سواء على المستوى العسكري حيث تعاني القوات من نقص شديد أو على المستوى السياسي حيث ترفض دول الناتو والدول الأخرى إرسال المزيد من القوات بما يكفي لمواجهة طالبان أو على مستوى حكومة كرزاي الغارقة في الفساد والتمتع بنعم الاحتلال غير آبهة بما يجري من حولها والمصير الذي يمكن أن تؤول إليه هي والقوات الحامية لها. والأهم من كل هذا أن التصريحات جاءت لتفجر المسكوت عنه وتؤكد صحة ما ورد في المذكرة السرية التي سربها دبلوماسي فرنسي وجاء فيها أن السفير البريطاني في كابول شيرارد كولز أسر له بأن الخطة المتبعة في أفغانستان ستؤول إلى الإخفاق التام.بل أن مراسل محطة BBC في كابول وصف تصريحات الجنرال البريطاني بأنها تتطابق مع مواقف القيادة العسكرية والأوساط الدبلوماسية البريطانية في أفغانستان رغم عدم التصريح عن ذلك علانية.

ثانيا: حقيقة المفاوضات وأهدافها
هكذا إذن! فقد تكشفت الأمور وباتت التصريحات والتقارير تلاحق بعضها، وقريبا ستلعن بعضها خاصة وأن طالبان نجحت في عزل كابول وبدا أنها تقترب من الوفاء بوعدها القاضي بتحديد العام 2010 موعدا لتحرير البلاد وطرد القوات الأجنبية منها، ولا شك أنها الآن في أوج مجدها لاسيما وأنها بالكاد تبتعد عن كابول بضعة كيلومترات يمكن قطعها بحدود الخمسة عشر دقيقة فقط، ومثل هذه المسافة كافية استراتيجيا لاعتبار العاصمة ساقطة عسكريا بعد أن تحولت إلى مجرد سجن للقوات الحكومية والأجنبية. ولم يعد ثمة سبب لتبرير التفاوض مع طالبان سوى الشعور بالهزيمة الساحقة. فما هي قصة المفاوضات المقترحة؟

من الطبيعي أن فشل الخيار العسكري سيؤدي إلى استعمال آخر ورقة ممكنة مع الخصم. وقد صدرت تصريحات وتسريبات كثيرة وبعضها على استحياء لفتح قنوات للتفاوض مع طالبان منذ أكثر من عامين. لكن لم يثبت صحة أي من التسريبات على وجود نية لدى طالبان في التفاوض. وفي الماضي كانت الولايات المتحدة تفرض حظرا على مشاركة الملا محمد عمر في أي مفاوضات قادمة، أما الآن فقد تغير الوضع، وبات الملا عمر موضع ترحيب وحماية. أما الدعوة الحالية التي أطلقها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي فتأتي بعد يومين عما كشفت عنه صحيفة الأوبزرفر البريطانية (28/9/2008) من وجود مفاوضات بين وفد من طالبان والحكومة الأفغانية بوساطة سعودية للبحث في إنهاء الحرب الأفغانية. ثم توالت التصريحات المؤيدة لبدء حوار مع طالبان حتى وصلت إلى الأمم المتحدة ووزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس. لكن من هي القوى الأفغانية المعنية؟ وما هو الهدف من المفاوضات المقترحة؟

لسنا نعلم بالضبط الوقت الذي بدأت فيه المفاوضات في السعودية. لكن الأوبزرفر ومصادر أخرى تقول أنها تجري منذ صيف العام الجاري، ومن بين المفاوضين كشف النقاب عن أسماء كل من الملا عبد السلام ضعيف سفير طالبان في الباكستان إبان الغزو الأمريكي، ووكيل أحمد متوكل وزير خارجية طالبان السابق، وعن الجانب الحكومي والي كرزاي شقيق الرئيس الأفغاني، وكذا نواز شريف رئيس الحكومة الباكستانية الأسبق الذي جرى استدعائه كوسيط بفعل خبرته السابقة في طالبان والشأن الأفغاني. وربما ثمة أسماء أخرى لم يعلن عنها ممن تصفهم الدوائر الغربية بـ المعتدلين، فطالبان حركة سياسية كبيرة ولا شك أن فيها توجهات ليس من المستبعد أن تميل إلى التفاوض فضلا عن مطالبتها به مع تحفظنا على الأسماء الواردة كونها لم ترد بشكل رسمي. لكن الأمر الحاسم أن كرزاي نفسه الذي طالب بوساطة سعودية للمصالحة مع طالبان أعلن أن المفاوضات لم تبدأ بعد. وهذا يعني أن القوى الغربية هي من يقف خلف الحديث عن وجود مفاوضات.

ومن جهته فقد دعا حاكم المحافظة الشمالية الغربية من باكستان إلى ضرورة البدء في التفاوض مع الملا محمد عمر، وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة ديلي تليجراف البريطانية في منطقة بيشاور قال عويس غني: على الولايات المتحدة أن تدرك حتمية أنتتفاوض مع الملا عمر وقلب الدين حكمتيار والملا جلال الدين حقاني. ومن الواضح أنه ثمة حاجة ملحة للتفاوض مع طالبان، لكن هذه الدعوة تؤكد فشل المفاوضات الجارية مع قوى ليست تمتلك القرار إن كانت موجودة أصلا. ربما تكون بعض القوى أو الأفراد قد اجتدوا أو حاولوا جس النبض أو حتى تطفلوا لكنها قوى، على الأرجح، غير مخولة بالتفاوض. بل أن حركة طالبان أصدرت بيانا على عجل (2008/09/28) نفت فيه صحة الأنباء عن جود مفاوضات، وجاء فيه أن: أي مسؤول في الإمارة الإسلامية غير شامل في مفاوضات مع أمريكا وإدارتها العميلة. بعض مسؤولي الإمارة الإسلامية السابقين الذين يعدون بأصابع اليد الموجدون تحت إقامة جبرية في كابل، أو المستسلمين، هؤلاء الآن لا يمثلون الإمارة الإسلامية وأضاف بأن: هذا النوع من الأفواه محاولة فاشلة من قبل العدو لإيجاد القلق وعدم الثقة بين المجاهدين وشعب أفغانستان وشعوب العالم، واعتبر أن: المفاوضات التي فيها مصلحة الإسلام وأفغانستان؛ لا تكون خافية أبداً عن أعين الشعب مؤكدا على أن: مبارزتناستستمر إن شاء الله حتى إخراج القوات الأجنبية ومجيء نظام إسلامي مستقل.

ومن جهته قطع الملا محمد عمر كل شك بيقين حين سد الطريق وأعلن صراحة أنه مستعد لتأمين انسحاب القوات الأجنبية من بلاده. أما لماذا تحدث عن الانسحاب وليس التفاوض فلأن هدف المفاوضات عند الغرب ليس الانسحاب بقدر ما هو مجرد فخ للإيقاع بالقوى الجهادية في محاولة لكسب الوقت بحثا عن استراتيجية جديدة من شأنها تخفيف حدة هجمات طالبان بداية والتمهيد للانتصار عليها. في كل الأحوال ثمة امر ما يدور في الخفاء لم تتضح معالمه بعد.

على الصعيد الغربي، فإذا تتبعنا تصريحات القوى الأطلسية والأوروبية فمن الممكن تبين خفايا الدعوة إلى المفاوضات. ففي وقت سابقناشد الصحفي البريطاني سايمون جنكينز في مقالة له في صحيفة صنداي تايمز الدول الغربية الكف عن قتل المنتمين لحركة طالبان لأنهم: يمثلون الأمل المرتجى في هزيمة تنظيم القاعدة. وحتى رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون عبر عن نفس الموقف: علينا أن ندرس طرقا تجعلنا نفرق بين الجهاديينالدوليين وبين من يتصرفون بوازع وطني أو بدوافع قبلية. ولا شك أن فك الارتباط بين طالبان والقاعدة هو واحد من أسمى الأماني، وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعتها الولايات المتحد في العراق عملا بتوصيات مؤسسة راند التي رأت أن الجماعات الجهادية ليست متماثلة عقديا وبالتالي يمكن زرع الخلاف بينها واختراقها وهو ما حصل فعلا.

وثمة الكثير ممن يرى جدوى في تطبيق الاستراتيجيا ذاتها في أفغانستان إما عبر إنشاء صحوات جديدة أو عبر التفاوض. فمن جهته رأى قائد القوات الأمريكية السابق في العراق الجنرال ديفيد بتريوس (1/10/2008): إن المفاوضات مع بعض أعضاء طالبان قد تقدم وسيلة لخفض العنف في أجزاء من أفغانستان، ومن الواضح أنه غير متأكد من ذلك. أما البريطانيون فيعتقدون بأن: أي مباحثات لا يمكنها أن تجرى إلا مع عناصر طالبان الذين يعربون عن استعدادهم للتخلي عن العنف أو مع من قد تخلوا عنه بالفعل.ومن جهتها عبرت الخارجية الفرنسية عن ذات المضمون مشيرة إلى أنها تؤيد: التفاوض مع الطرف القومي في طالبان فقط واستبعاد الطرف الجهادي. أما وزير الدفاع الأمريكي، خلال اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، فكان أكثر وضوحا حول مستقبل المفاوضات مبديا استعداد بلاده للمصالحة مع طالبان بشرط: أن تجري وفق شروط الحكومة، وأن تخضع خلالها طالبان لسيادة الدولة.

إذن الهدف من التفاوض هو خفض العنف بحسب الجنرال بتريوس أو إنهاء التمرد بحسب الجنرال البريطاني كارلتون سميث أو هزيمة القاعدة بحسب القرنسيين أو الخضوع لسيادة الدولة بالنسبة لوزير الدفاع الأمريكي. لكنه بالنسبة لطالبان هو انسحاب ونظام إسلامي مستقل، فما هو بالنسبة للقاعدة؟
يتبع ...

شيركوه
10-12-2008, 11:03 PM
http://drakramhijazi.maktoobblog.com/

Abdulla
10-12-2008, 11:14 PM
بارك الله في الكاتب والناقل .

علم ، ثقافة ، جدية ، موضوعية ، صدق ، أخلاق .. كلها صفات زيّنت هذا الموضوع وجعلته حجة دامغة على الخصوم .. علماً أن د.أكرم حجازي ليس سلفياً جهادياً وإنما مجرد كاتب حر مستقل ومراقب سياسي يتسم بالإنصاف والحيادية .

شيركوه
10-13-2008, 09:31 PM
السلام عليكم
نعم ولذلك نقلته :)
ما بيشمس P:
فيه فوائد كثيرة وتحليل منطقي وان لم نتفق مع بعض نقاطه
ولكنه شخص يكتب عن حيادية وليس طرفا
وهذا ما يعطي مصداقية اكبر لتحليلاته

السلام عليكم