تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن: نظرية دافيد سيلبورني



مقاوم
10-10-2008, 05:21 AM
هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن: نظرية دافيد سيلبورني
د. أحمد إبراهيم خضر*

http://qawim.net/exq.gif يؤكد المفكرون الإسلاميون أنه لا يجب على المسلم أن يهوله قوة العدو ، فهذه القوة ضالة وإن كانت ضخمة وعاتية ، وأنه بضلال هذه القوة عن مصدرها الأول - قوة الله - تفقد قوتها الحقيقية كما تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها . وذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب، فما يلبث أن ينطفئ ويبرد ويفقد ناره ونوره، مهما كانت كتلته من الضخامة.

وذلك على العكس تماما من القوة المتصلة بالله المجاهدة في سبيله مهما بلغت محدوديتها وقلتها . فإن أية ذرة متصلة بمصدرها المشع تبقى لها قوتها وحرارتها ونورها . يقول تعالى :(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) البقرة 249. غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول , وباستمدادها من النبع الواحد للقوة وللعزة جميعا.

وبالأمس القريب كان الكتاب المسلمون يصرخون بالمسلمين أن يفيقوا قبل أن يدفعوا الجزية لليهود والنصارى ، واليوم يصرخ الكتاب الغربيون مطالبين اليهود والنصارى أن يفيقوا، قبل أن يدفع أطفالهم الجزية للمسلمين ، ويستسلمون لسيوفهم، ويرتدون الزنار " . - والزنار نوع من اللباس خاص بأهل الذمة يجمعونه على وسطهم حتى يتميزوا عن المسلمين ، ويكون هذا علامة لهم على أنهم من أهل الكتاب - .وليس هذا من باب المبالغة ولكنه نص ما سجلوه بأنفسهم ، وأضافوا عليه : أن هذا الأمر قد لا يكون متأخرا بل قد يكون قريبا.

"For it is never too late until we are actually put to the sword, and our children pay the jizya and wear the zunnar .

إن إشارة الكتاب الغربيين إلى الجزية والزنار إشارة إلى أن ما يحدث الآن وما قد يحدث مستقبلا هو من أعظم المصائب عليهم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " إن المسلمين قد فتحوا ساحل الشام ، وكان ذلك من أعظم المصائب عليهم ، بل التتار في بلادهم خربوا جميع كنائسهم ، وكان نوروز رحمه الله تعالى قد ألزمهم لبس الغيار وضرب الجزية والصغار، فكان ذلك من أعظم المصائب عليهم" الفتاوى 28/640.

كان " دافيد سيلبورنى" قد كتب مؤلفا بعنوان " المعركة الخاسرة مع الإسلام" ، ثم كتب مقالة قصيرة فى مجلة " التايمز" بعنوان " هل يستطيع الغرب أن يوقف التهديد الإسلامي " أو يهزمه بمعنى أصح . حدد " سيلبورنى " عشرة أسباب رأى فيها أن هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن .
ويمكن إيجاز هذه الأسباب العشرة على النحو التالي :

أولا: الانقسام السياسي بين غير المسلمين وعدم اتفاقهم على ما يجرى حولهم:

يرى " سيلبورنى" أن البعض من الغربيين يرفض صراحة أن يقر بان هناك حربا قائمة، و منهم من يوافق على تأكيدات " الرئيس بوش" من أن الحرب التي يواجهونها هي الصراع الآيديلوجي الحاسم في القرن الحادي والعشرين. وهناك مستشارون في هذه الأمور يتحدثون عن كل شيء بدءا من الحوار مع الإسلام إلى استخدام القوة النووية ، ومن الاعتماد على الديبلوماسية العامة إلى تدمير المدن الإسلامية بما فيها مكة " المكرمة" . ويضاف إلى هذا التشتت هذه الهوة بين من انتصبوا للحرب ضد "الإرهاب" وبين من يرفضونها ، سواء أكان ذلك من منظور الحريات المدنية أو من منظور الحسابات الجيوبوليتيكية المتنازعة.

ثانيا : عدم استطاعة الغرب تقدير قوة المجتمع الإسلامي تقديرا حقيقيا ، وعدم فهمه لطبيعة الإسلام فهما حقيقيا.

الإسلام في نظر " سيلبورنى" ليس دين سلام ، وليس دين اختطاف ، وليس دينا أفسدته القلة من أبنائه. إنه على خلاف ذلك كله : دين فيه صلابة أخلاقية ، وحماسة وغيرة بدأت تدب في أوصاله ، وأخلاقيات جهادية ، حتى أن الكثير من المسلمين في الشتات يرفضون أن يشاركوا غير المسلمين قيمهم على اختلاف أنواعهم ، وقرآنهم يؤيدهم في ذلك. الإسلام ليس مجرد دين بالمعنى التقليدي للدين . إنه كما يرى "سيلبورني" حركة سياسية وأخلاقية . ويرى معتنقوه أنه دين يملك حلا لكل مشاكل البشرية وأن على البشر جميعا الخضوع لحكمه. إن عقيدة بهذه الصورة تجعل مشروع ديموقراطية المجتمعات الإسلامية لصالح الغرب أمرا مضحكا ومنافيا للعقل ولا يقبله الإسلام. كما يبدو من السذاجة عند التعامل مع هذا الدين الفصل بين أجنحته الإسلامية وتلك السياسية والعسكرية. وهذا يبين – كما يرى سيلبورني- أن تصريح " دونالد رامسفيلد" وتأكيده في يونيو 2005 على أن ما يسميهم بالمتمردين في العراق ليس لهم رؤية وأنهم سيخسرون الحرب، يتسم بالغباء.

ثالثا: المستوى المتدني من القيادة الغربية . وخاصة في الولايات المتحدة:

يرى" سيلبورنى" أن أحد الأسباب التي تبين أن الإسلام لا يمكن أن يهزم هو أنه على الرغم من مرور نصف قرن على ظهور الصحوة الإسلامية فإن القيادة الغربية لم تبرز نفسها لا دبلوماسيا ولا عسكريا. لقد كانت بدون توجه استراتيجي وغير قادرة على رسم خطط حرب متماسكة. وفوق هذا كله كانت تفتقد إلى هذه اللغة التي تجعل أهدافها واضحة. وكانت بالضبط مثلما قال "بيرك" في عام 1775" امبراطورية عظيمة وعقول صغيرة تتحرك كالمريض".

رابعا: التشوش والفوضى فى صياغة سياسة أو فهم متناسق عن الإسلام :

وصف "سيلبورنى" هؤلاء الذين كانوا يتحدثون عن الإسلام أو يصوغون سياسة حوله بأنهم خبراء ومعلقون متنافسون والأنا عندهم متضخمة وهذه الأنا هى أنا هيستيرية فى بعض الأحيان .منهم من يتحدث عن رهاب الإسلام بصورة مبالغ فيها ومنهم كالأكاديميين يقدمون اعتذارات عن المساوئ التى ارتكبت بإسم الإسلام. ومعظمهم كان يسعى لمصلحته الذاتية . والكثير منهم كان يعتقد أن آرائه ذات أهمية أكبر من القضايا التى يتحدث عنها ، ويضاف إليهم هذه الأصوات المختلطة التى تقدم نصائحها حول قضايا الإسلام. كل ذلك جعل جهود فهم الإسلام وصياغة سياسة حوله غير متناسقة .

خامسا : عدم استيعاب التقدميين المعارضين للإسلام لمواطن القوة فيه ، وانحسار هجومهم على ما يسمى بالمظاهر الرجعية في دين الإسلام:

يقول " سيلبورنى " : " مع هزيمة المشروع الإشتراكي وفقده لمنظوراته الأخلاقية والسياسية ، انهمك الكثير من اليساريين في معارضة التوجه الإستعماري للغرب في تعامله مع الإسلام . وصحيح أن هناك بعض الصحة في القول بأن كثيرا من مشاكل الغرب تعود إلى ماضيه الإستعماري ، لكن التركيز على ذلك يعنى أيضا سوء فهم لمواطن القوة فى البعث الإسلامي. هذه القوة لا تعود فقط إلى أنه كان ضحية لهذا الاستعمار ، ولكنها تعود إلى هذه الثقة المتطورة في نسقه الاعتقادي. يضاف إلى ذلك ، أن الإسلام حقق كسبا هاما يكمن في أن هؤلاء التقدميين ماعادوا يتحدثون إلا قليلا أو صمتوا كلية عن الحديث عما كانوا يركزون عليه في السابق عن رجعية الإسلام مثل عدم قبوله للصوت المعارض أو سوء التعامل مع المرأة أو كراهيته لبعض الجماعات مثل اليهود والشواذ جنسيا واستعداده لاستخدام العنف ضد هذه الجماعات تحت لواء الجهاد ". على حد قول سيلبورني.
سادسا: حالة الرضا من غير المسلمين على التحرك الأمريكي ضد الإسلام.
يرى " سيلبورنى" أن هذا العامل هو أحد أسباب قوة الإسلام . بعض المؤيدين للأمريكيين يسير على مبدأ " عدو عدوى هو صديقى" . آخرون يرون أن رفضهم لتأييد الحرب مع الإسلام هو أنها غير مبررة أخلاقيا. ولكن النتيجة واحدة : أن الإسلام يتقدم بواسطة المسلمين وغير المسلمين معا.

سابعا: الفقر الأخلاقى للقيم الغربية عامة وللولايات المتحدة خاصة:

يقول " سيلبورنى":إن القيم الغربية مثل حرية السوق وحرية الاختيار وحرية المنافسة أو الحرية الفردية ذاتها لا تتسق مع الإسلام وشريعته. ومن هنا يمكن القول أن المعركة التي خاضتها الولايات المتحدة تحت شعار " حرب العقول والقلوب" والتي رأتها مناسبة لزرع أفكار"آدم سميث" في العراق مثل مهارات السوق وغيرها وتدريب رجال الأعمال المحليين عليها ، لم تحقق كسبا هناك. ويستشهد " سيلبورنى " هنا بخطبة أحد المشايخ لآلاف المصلين فى بغداد فى مايو 2003:" الغرب يدعونا إلى الحرية والتحرر، لكن الحرية الحقيقية إنما تكمن فى طاعة الله".

ثامنا: الاستخدام الماهر لوسائل الاتصال عبر شبكات الإنترنت العالمية:

يرى " سيلبورنى" أن استخدام المسلمين الماهر لشبكات الإتصال العالمية وتسخيرها لخدمة " الجهاد الإلكترونى" بالإضافة إلى إرباك المتحدثين بإسم الإسلام للرأى العام الغربى هو أحد مشيرات تقدم الإسلام . وهو فى نظره أيضا مشروع سياسى ساهم فيه المسلمون وغير المسلمين فى توصيل وجهة النظر الإسلامية إلى العالم. ضرب " سيلبورنى" مثالا لذلك بالمساعدة التى يقدمها المنتجون والإذاعيون الغربيون لقناة الجزيرة.

تاسعا: اعتماد الغرب على المصادر المادية للبلاد العربية والإسلامية:

يرى " سيلبورنى" أن اعتماد الغرب على مصادر المسلمين المادية هو أحد العوامل التى تضمن للإسلام تقدمه. ويعود سيلبورنى بالذاكرة إلى أبريل عام 1917 حينما أوصى " وودرو ولسون" الكونجرس الأمريكى بإعلان الحرب على ألمانيا. وقال للأعضاء وقتها:" ليس هناك من غايات أنانية نعمل على خدمتها ". لكن الطبيعة الإستهلاكية للشعب الأمريكى – كما يعتقد سيلبورنى- لا تجعل لمثل هذه المقولة مكانا فى عالمنا اليوم ، فالولايات المتحدة فى نظره تقوم على برميل ، وسوف تظل كذلك.
كان الإمام ابن تيمية قد شرح مسألة احتياج غير المسلمين للمسلمين . يقول "ابن تيمية" رحمه الله:" إن المسلمين مستغنون عنهم ، وهم إلى ما فى بلاد المسلمين أحوج إلى مافى بلادهم، بل مصلحة دينهم ودنياهم لا تقوم إلا فى بلاد المسلمين ، والمسلمون ولله الحمد والمنة أغنياء عنهم فى دينهم ودنياهم ...........وكل مسلم يعلم أنهم لا يتجرون إلى بلاد المسلمين إلا لأغراضهم ؛ لا لنفع المسلمين، ولو منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على المال يمنعهم من الطاعة، فإنهم أرغب الناس فى المال ، ولهذا يتقامرون فى الكنائس ، وهم طوائف مختلفون ، وكل طائفة تضاد الأخرى " .الفتاوى 28/640-642

عاشرا: اقتناع الغرب الوهمى بأن تكنولوجيته المتقدمة تقود إلى العصرية وأن أفكار السوق اسمي من الإسلام الرجعى.

يرى " سيلبورنى" أن هذا الاقتناع ما هو إلا وهم . وأشار إلى ما أكده " ونستون تشرشل " في عام 1899من " أنه ليست هناك من قوى أشد رجعية من الإسلام " وأنه بعد مرور قرن من هذا التصريح مازال هناك اعتقاد أحمق بأن تكنولوجيا الأقراص الصلبة ودفاعات حرب النجوم سوف تضمن السيادة الغربية ....إن كانت هناك حرب. استدل " سيلبورنى" فى بيان أن هذا الاقتناع وهم بمقولة الشيخ " سليمان العمر" فى يونيو 2004 بأن " الإسلام يتقدم طبقا لخطة ثابتة وأن أمريكا سوف تدمر".

إن هذه الأسباب العشرة التى حددها "سيلبورنى" لعدم إمكانية الغرب هزيمة الإسلام تمثل فى مجموعها السبب الحادى عشر وهو بروز قوة الإسلام وقبول غير المسلمين له. يقول المفكرون الإسلاميون:" إن بروز قوة الإسلام وتقريرها ليستهوي قلوبا كثيرة تصد عن الإسلام الضعيف ، أو الإسلام المجهول القوة والنفوذ. وإن الدعوة إلى الإسلام لتختصر تصف الطريق حين يكون الإسلام قوة مادية مرهوبة الجانب ، عزيزة الجناب".
انظر:

David selboorni, Can the West defeat the jihad? Ten reasons why not, Jihad watch. September 9, 2006.

* دكتوراة في علم الاجتماع العسكري.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=3731&Itemid=1 (http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=3731&Itemid=1)