تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فضائل الصحابة: سلسلة جديدة



من هناك
10-05-2008, 07:33 PM
فضائل الصحابة رضي الله عنهم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فإن أولى ما ينظر فيه المسلم بعد كتاب الله عز وجل هو سنّة رسوله صلى لله عليه وآله وسلم، فهي المبيِّنة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم، ومِن أوكد الطرق والوسائل المعينة عليها والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، وحفظوها وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدّوها ناصحين محسنين حتى اكتمل الدين بما نقلوه ، وثبت بهم حجة الله تعالى على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس، ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه الصلاة السلام ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه.


"والصحابة أبرّ هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، وأقومها هدياً ، وأحسنها حالاً, اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه. كما قاله ابن مسعود رضي الله عنه" [1] . "فحبهم سنّة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة "[2]

وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى" (النمل:59) قال :هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم [3].

وقال سفيان في قوله عز وجل "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ" (الرعد: 28) قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم [4]. وعن وهب بن منبه رحمه الله في قوله تعالى "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ" (عبس:16) قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم [5]. وقال قتادة في قوله تعالى "يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه" (البقرة:121): هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه [6].
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه" [7].

وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة:100)

وقال تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً" (الفتح:18)

وقال تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" (الفتح : 29)

وقد ذكرهم الله تعالى وترضّى عنهم في آيات أخرى عديدة.

ومما جاء في السنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه ) [8]. "وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة ، وضيق الحال بخلاف غيرهم ، ولأن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم ، وحمايته ، وذلك معدوم بعده ، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم ، وقد قال تعالى "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً" (الحديد:10) وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة ، والتودد ، والخشوع ، والتواضع ، والإيثار ، والجهاد في الله حق جهاده ، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ، ولا ينال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" ا.هـ [9]

ومما جاء في فضلهم رضي الله عنهم حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" [10]. "وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، وعزّروه ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم ، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام" ا.هـ [11] .

ومما جاء في فضلهم ما رواه أبو بردة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" [12]." وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض" [13] .

وها هو أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يصف حال الصحابة فعن أبي راكة قال: صليت خلف علي صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رُمح قال: لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئا يشبههم ، كانوا يصبحون ضمراً شعثاً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى ، قد باتوا لله سجداً وقياماً يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم ، فإذا أصبحوا ذكروا الله ، مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم .[14]

الوعيد الشديد فيمن آذى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) [15]. قال المناوي رحمه الله تعالى: "الله الله في حق أصحابي" أي اتقوا الله فيهم ، ولا تلمزوهم بسوء ، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم ، وكرره إيذاناً بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص (لا تتخذوهم غرضاً) هدفاً ترموهم بقبيح الكلام كما يُرمى الهدف بالسهام هو تشبيه بليغ (بعدي) أي بعد وفاتي" ا.هـ ( [16] .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن سبّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" [17]

موقف السلف الصالح من الصحابة الكرام :
لقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردّوا على كل من أراد انتقاصهم رضي الله عنهم. قال ابن عمر رضي الله عنهما: "لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره" [18].

وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله: أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز فقال: "لترابٌ في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرٌ وأفضل من عمر بن عبد العزيز" [19].

وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي رحمه الله فقال : يا أبا زرعة أنا أبغض معاوية. قال: لِمَ؟ قال: لأنه قاتَل علياً. فقال أبو زرعة : إن ربَّ معاوية ربٌّ رحيم وخصمَ معاوية خصمٌ كريم فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين [20].

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "إذا رأيت رجلاً يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام" [21]. وقال رحمه الله تعالى: "لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيبٍ ولا نقصٍ ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قُبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلّده الحبس حتى يموت أو يراجع" [22].

وقال بشر بن الحارث رحمه الله تعالى: "مَن شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين" [23] . قال أبو زرعة رحمه الله تعالى: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنّة أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنّة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" ا.هـ [24].

وقال السرخسي رحمه الله تعالى: "فمن طعن فيهم فهو ملحدٌ منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب" ا.هـ [25].

وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السمّاك رحمه الله تعالى لأحدهم انتقص الصحابة: "عَلِمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى عليه السلام ، وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى عليه السلام ، فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ وقد علمتُ من أين أوتيتَ ، لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟ أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عِبْتَ الشهداء والصالحين ، أيها العائب لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيراً لك من قيام ليلك وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فويحك... لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف ، لواحد من السلف خير من ألف من الخلف" ا.هـ [26] .

ذكر فضلهم في كتب العقائد رفعا لشأنهم وعلوا لمنزلتهم :
قال الطحاوي رحمه الله تعالى: "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نُفرّط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم ونبغض من يبغضهم ، وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان" ا.ه[27].

وذكر الحميدي رحمه الله تعالى أن من السنّة " الترحم على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم فإن الله عز وجل قال: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ" (الحشر:10) فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم ، فمن سبّهم أو تنقصهم أو أحداً منهم فليس على السنّة وليس له في الفيء حق ، أخبرنا غير واحد عن مالك بن أنس" ا.ه[28]

وقال ابن تيمية: "ويمسكون عما شَجَرَ من الصحابة ، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ، ونقص ، وغُيِّرَ عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون ، إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون ، ولهم من السوابق ، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم ... ثم القَدْرُ الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزرٌ مغفورٌ في جنب فضائل القوم ، ومحاسنهم من الإيمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم ، وأكرمها على الله " ا.هـ [29]


وفي الختام لا نقول إلا كما قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على سيّد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المراجع :
[1] تفسير القرطبي 1/60 وروى نحوه أبو نعيم في الحلية 1/305 من قول ابن عمر رضي الله عنهما .
[2] العقيدة 1/81
[3] رواه الطبري 20/2 والبزار وانظر : تفسير ابن كثير 3/370 الاستيعاب 1/13تفسير القرطبي 13/220 وبذلك فسرها سفيان الثوري. كما رواه عنه أبو نعيم في الحلية 7/77 وابن عساكر 23/463.
[4] رواه سعيد بن منصور 5/ 435
[5] رواه عبد بن حميد وابن المنذر . تفسير ابن كثير 4/472 الدر المنثور 8/418.
[6] فتح الباري 13/508 .
[7] رواه أحمد 1/379 والطيالسي (246) بإسناد حسن .
[8] رواه البخاري (3470 ) ومسلم (2540) واللفظ له .
[9] شرح مسلم للنووي 16/93 شرح سنن ابن ماجه 1/15 تحفة الأحوذي 10/246 .
[10] رواه البخاري ( 2509) ومسلم ( 2533 ) .
[11] التمهيد 20/251 فيض القدير 3/ 478 .
[12] رواه مسلم ( 2531 ) .
[13] تحفة الأحوذي 10/156 فيض القدير 6/296 .
[14] رواه أبو نعيم في الحلية 1/76 وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل /272والخطيب في الموضح 2/330 وابن عساكر 42/492 .
[15] رواه أحمد 5/54 والترمذي (3862 ) والبيهقي في الشعب 2/191 وقال الترمذي : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ) ا.هـ .
[16] فيض القدير 2/98 .
[17] رواه الطبراني في الكبير 12/142 وفي الدعاء (2108) والخلال في السنة (833) والقطيعي في زوائد الفضائل (8) والخطيب في التاريخ 14/241 من حديث أنس رضي الله عنه كما رواه الطبراني في الكبير 12/434 والأوسط (7515) وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
[18] رواه أحمد في الفضائل 1/57 وابن أبي شيبة 6/405 وابن ماجه (162) وابن أبي عاصم في السنة 2/484 قال البوصيري في زوائد ابن ماجه 1/24" هذا إسناد صحيح " .
[19] رواه ابن عساكر 59/208 وانظر : منهاج السنة 6/227 .
[20] رواه ابن عساكر 59/141وانظر فتح الباري 13/86 عمدة القاري 24/215.
[21] شرح أصول الاعتقاد للالكائي 7/1252 الصارم المسلول 3/ 1058
[22] الصارم المسلول 3/1057 العقيدة 1/81
[23] رواه ابن بطة في الإبانة /162.
[24] تاريخ بغداد 38/132 والكفاية /97 .
[25] أصول السرخسي 2/134 .
[26] رواه المعافي في الجليس الصالح 2/392.
[27] عقيدة الطحاوي مع شرحها 2/689 .
[28] أصول السنة للحميدي بذيل المسند 2/176 .
[29] العقيدة الواسطية / 43 .

من هناك
10-06-2008, 02:56 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

إخواني الأعزاء ،


بعد حمد الله تعالى والثناء عليه ، وبعد السلسلتين السابقتين المتعلقتين ﺒ "فضائل سور القرآن العظيم" و "أحاديث الزهد في الدنيا وعدم تعلق قلب المسلم بها والركون إليها" ، أتقدم إليكم بهذه السلسلة المباركة التي أرجو الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بها (أقر بالتقصير من جانبي في إرسال السلسلتين السابقتين إلى جميع الإخوة. لذلك سيتم جمع كل سلسلة في ملف مستقل بإذن الله وإرسالهما مجدداً ليعمّ النفع بهما إن شاء الله تعالى).

العنوان الذي اخترته لهذه السلسلة كما بيّنته في رسالة الأمس هو "فضائل الصحابة" ، إلاّ أنني بعد إعادة التفكير ليلة البارحة إرتأيت تعديله إلى "فضائل الصحابة وآل بيت النبوة" رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وذلك للأسباب التالية:
- جهل بعض أهل السنّة المعاصرين بكثير من مناقب آل البيت النبوة وفضائلهم وهذا بخلاف ما كان عليه السابقين من علماء أهل السنّة والجماعة والمجتمع المسلم الذي كان يعرف لهم فضلهم ومكانتهم ، وذلك إما لما أحدثه بعض الغُلاة فيهم من رفع لمكانتهم فوق مستوى البشر ونسبة الروايات المكذوبة الغير مسندة والمُبالغ فيها في فضائلهم و نسبة الأقوال الموضوعة المُختَلَقة إليهم ، وإما لامتزاج السياسة بالدين مما أدى بالتنافر السياسي في كثير من الأوقات أن يصل به الأمر إلى التنافر الديني المذهبي.
- ما كان من بعض الجهلة المنتسبين لأهل السنّة حيث بلغني أن بعضهم في لبنان (بيروت تحديداً) كان يسبّ ساداتنا علي والحسن والحسين كردة فعل لما يُنسب لبعض السفهاء من سبّهم لصحابة رسول الله. نعوذ بالله من الجهل وخفّة العقل والدين!!!
- بعض الأقوال الشاذة المردودة المنسوبة لعلماء مُعتبرين من أهل السنّة والجماعة تنتقص من حق أفراد من آل البيت ومكانتهم. من ذلك: ما ذكره الإمام أبي بكر ابن العربي المالكي صاحب كتاب "العواصم من القواصم" حيث يقول في كتابه "سراج المريدين" في تفسير قوله تعالى "خافضةٌ رافعة" في سورة الواقعة بقوله: "أي خافضة لفاطمة رافعة لعائشة". ومنها كذلك قوله: قُتل الحسين بسيف جده! وهذا نصبٌ ظاهر لا يخفى على أحد.
- ما أحدثه بعض خلفاء بني أمية من انتقاصٍ لمقامهم والتعرض إليهم بالإساءة والاضطهاد والتضييق. من ذلك ما كان في عهد عبد الملك بن مروان ومن جاء بعده من سبّ (باب مدينة العلم) سيدنا علي علانيةً على المنابر إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأبطل ذلك فجزاه الله خير الجزاء. ولقد كاد هذا الأمر أن يصبح ظاهرة عامّة خصوصاً في بلاد الشام ، حيث ذكر الإمام ابن الجوزي القصة التالية "عن معمر أنه قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم روّاد، فظننت فيهم الخير فجلست إليهم، فإذا هم ينتقصون علي بن أبي طالب ويقعون فيه، فقمت من عندهم، فإذا شيخ يصلي ظننت فيه الخير فجلست إليه، فلما أحس بي وسلم قلت: يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم ينتقصون علياً ويشتمونه، وجعلتُ أحدثه بمناقبه وأنه زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو الحسنين وابن عمّ الرسول، فقال: يا عبد الله، ما لقي الناس من الناس، ولو أن أحداً نجا من الناس، لنجا منهم أبو محمد رحمه الله، هو ذا يشتم وحده. قلت: ومن أبو محمد؟ قال: الحجاج بن يوسف. وجعل يبكي، فقمت عنه وقلت: لا يحل لي أن أبيت في هذه البلدة، فخرجت من يومي". ومن ذلك أيضاً اضطهاد كل من كان يذكر علياً بثناءٍ وخير ، فإنه لما قدم الإمام النسائي بلاد الشام وجد الناس يغالون في ذمّ علي ولا يقدّرونه حق قدره ، فكتب كتابه "فضائل علي" فما كان منهم إلاّ أن قتلوه قتلهم الله.


هذا مع التنويه بتعريف المصطلحات التالية:
- الصحابي: قال ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ : "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، مؤمناً به ، ومات على الإسلام".
فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له ، أو قصرت ، ومن روى عنه ، أو لم يرو عنه ، ومن غزا معه ، أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى. ويخرج بقيد الإيمان : من لقيه كافراً ، ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع معه مرة أخرى. ويدخل في قولنا "مؤمناً به": كل مكلّف من الجن والإنس (دون الملائكة لأنها غير مكلّفة). ويخرج بقولنا "ومات على الإسلام" : من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ، ومات على ردته والعياذ بالله ، وقد وجد من ذلك عدد يسير كعبدالله بن جحش وعبد الله بن خطل. ويدخل في التعريف: من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت ، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم ، مرة أخرى أم لا . وهذا هو القول المعتمد .... وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومن تبعهما ، ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة ("الإصابة في تمييز الصحابة" ، للحافظ ابن حجر (1/158ـ159)).

- آل/أهل البيت: اختلف العلماء في تحديد آل النبي صلي الله عليه و آله وسلم على أربعة أقوال :
· القول الأول: أن آل النبي صلي الله عليه سلم : هم الذين حرمت عليهم الصدقة. وقد نص على ذلك أبو حنيفة (1) والشافعي (2) وأحمد(3) وبعض المالكية (4).
· القول الثاني: أنّ آل النبي صلي الله عليه وسلم هم ذريته وأزواجه خاصة حكاه ابن عبد البر(5) في التمهيد (6) ، وبه قال ابن العربي (7 و 8) ، وعند الإمام أحمد روايتان ، والصحيح دخول زوجاته في أهل بيته (9).
· القول الثالث: أنّ آله صلي الله عليه وسلم أتباعه إلى يوم القيامة روى ذلك البيهقي (10) عن جابر بن عبد الله (11) كما روي عن سفيان الثوري (12 و 13) .وبه قال الشافعية وأختاره الأزهرى (14 و 15) ، ونص عليه السفارينى (16) في لوامع الأنوار(17) ، ورجحه النووي كما في شرح صحيح مسلم (18) ، والمرداوي (19) في الأنصاف وقال : هو علي الصحيح من المذهب وأختاره القاضي (20) وغيره من الأصحاب (21) .
· القول الرابع: أنّ آله صلي الله عليه وسلم هم الأتقياء من أمته حكاه القاضي حسين (22) والراغب (23) وغيرهم (24).

والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول وهم: نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر، وآل عباس.

أما المنهج الذي سأنتهجه في هذه السلسلة فهو:
- التقيد بالأحاديث والروايات الصحيحة الثابتة من مصادر أهل السنّة والجماعة ما أمكن.
- ذكر آيات وأحاديث وروايات في فضائل الصحابة عامّةً (يومياً).
- ذكر أحاديث وروايات في فضائل كلٍّ من أبي بكر وعمر وعثمان خاصةً (يومياً).
- ذكر أحاديث وروايات في فضائل صحابي آخر يتم اختياره بشكل يومي.
- ذكر آيات وأحاديث وروايات في فضائل آل بيت النبوة عامّةً (يومياً).
- ذكر أحاديث وروايات في فضائل علي بن أبي طالب خاصةً (يومياً).
- ذكر أحاديث وروايات في فضائل فذ من أفذاذ أهل البيت يتم اختياره بشكل يومي.
كما سأتطرأ لعلاقات المودة والنسب والمصاهرة بين الصحابة وآل بيت النبوة وذلك حسب مصادر السنّة والشيعة.



أخوكم

أبو جهاد

المراجع :
(1) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ( 2/ 274) وعمدة القاري للعيني (7/ 339) .
(2) القول البيع في الصلاة علي الحبيب للسخاوي (81) والمجموع للنووي (3/466) وفتح الباري (11/ 160) .
(3) مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/ 460) وجلاء الأفهام لابن القيم (109).
(4) المنتقى شرح موطأ الإمام مالك للباجي (2/153) وقد أختاره ابن القاسم وأشهب وأصبغ من المالكية .
(5) هو: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي أبو عمر المعروف بابن عبد البر ، أحد الأعلام ، وصاحب التصانيف ، ليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة ولتبخر في الفقه والعربية والأخبار ، كانت وفاته سنة 463 هـ . انظر العبر للذهبي (2/ 316) .
(6) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (17/302 ـ 303) .
(7) أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن العربي الأندلس الحافظ المشهور خاتم علماء الأندلس وآخر حفاظها كان مقبلاً علي نشر العلم وبثه ولد سنة 468 وتوفى بالعدوة ودفن بفاس ستة 543 هـ . انظر وفيات الأعيان (4/296 ـ 297) .
(8) أحكام القرآن (3/623) .
(9) الإنصاف للمرداوي (2/79) .
(10) هوالامام : أبو بكر أحمد بن الحسين بن على الخسروجردي الشافعي . الحافظ صاحب التصانيف ، كان واحد زمانه وفرد أقرانه حفظاً واتقاناً وثقة وعمدة ، شيخ خراسان كانت وفاته سنة 358 هـ .انظر العبر (2/308) وشذرات الذهب (3/ 304) .
(11) هو الصحابي الجليل : جابر بن عبدا لله بن عمرو بن حرام الأنصاري ، صحابي بن صحابي غزا تسع عشرة غزوة ومات بالمدينة بعد السبعين وهو ابن أربع وتسعين . انظر التقريب (136) .
(12) هو : سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، أبو عبدا لله الكوفي ، ثقة حافظ، عابد ، إمام حجة مات سنة 161 هـ . انظر التقريب (244) .
(13) انظر السنن الكبرى للبيهقي (2/151 ـ152) وانظر جلاء الأفهام (110) .
(14) هو : محمد بن أحمد الأزهري الهروي ، أبو منصور اللغوي النحوي الشافعي ، صاحب تهذيب اللغة وغيره من المصنفات ، كان فقهيها صالحاً غلب عليه علم اللغة ،وكانت وفاته سنة 370 هـ . واله ثمانون سنة . انظر طبقات الشافعية لابن هداية الله (94) وشذرات الذهب (3/72).
(15) انظر المجموع للنووي (7/466) .
(16) هو : محمد بن أحمد بن سالم السفارينى ، أبو العون ، عالم بالحديث والأصول والأدب ، وحقق ولد في سفارين من قرى نابلس ورحل إلى دمشق فأخذ عن علمائها وعاد إلى نابلس فدرس وأفتى حتى توفى فيها وكان ذلك سنة 1188 هـ . انظر الأعلام (6/14) .
(17) لوامع الأنوار(1/50) .
(18) شرح صحيح مسلم (4/368) .
(19) هو: علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي أبو الحسن السعدي الصالحي الحنبلي شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه ولد سنة 817 بمراد وكانت وفاته بدمشق سنة 885 هـ .انظر شذرات الذهب ـ (7/340) .
(20) هو : محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد الفراء ، أبو يعلى القاضي ،عالم عصره شيخ الحنابلة كان بارعاً في الأصول والفروع وسائر فنون العلم ، تولى القضاء وكانت وفاته سنة 458 هـ .انظر طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (2/193 ـ230) .
(21) انظر الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد (2/79) .
(22) هو: القاضي حسين بن محمد بن أحمد ، أبو علي ، المروروذى الشافعي من كبار أصحاب القفال ،كانت وفاته سنة 462 هـ . انظر طبقات الشافعية لابن هداية الله (164) والعبر للذهبي (2/312 ـ 313) .
(23) انظر المفردات (30) .
(24) انظر المجموع للنووي (7/466) وجلاء الأفهام (110) وفتح الباري (11/ 160) وهذا روي عن مالك إن صح وقاله طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم أ هـ .