تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأشاعرة وموقف أهل السنة منهم



طرابلسي
09-28-2008, 11:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي الصادق الأمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، أما بعد:

سلف الأشاعرة :

قبل أن أذكر مواقف أهل العلم من ادعاء الأشاعرة أنهم أهل السنة، أرى أن نتعرف على سلف الأشاعرة، وموقف علماء أهل السنة من السلف منهم.

تشير المصادر التي بين أيدينا بما فيها كتب الأشاعرة أنفسهم - إلى أن سلفهم في مقالتهم هو عبد الله بن سعيد بن كلاب[1]، وأبو العباس القلانسي [2]، والحارث المحاسبي [3].

يقول الشهرستاني (479-548هـ) - بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية...-: (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه [4] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية" [5].

وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي [6].

ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: (ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى...) [7].

كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم [8].

فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:

فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.

والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا.

فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري [9] وغيرهما) [10].

فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، ووافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته.

فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومفارقة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.

وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة (164-241هـ) من أشدهم في ذلك، فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما يقول: أبو القاسم النصر أباذي [11]: (بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد بن حنبل فاختفى، فلما مات لم يصل عليه؛ إلا أربعة نفر) [12].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه...) [13].

وقال: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.

وهذا هو سبب تحذري الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) [14].

وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة (ت 311هـ) لما قال له أبو علي الثقفي [15]: (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟

قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) [16].

وكان ابن خزيمة رحمه الله شيخ الإسلام وإمام الأئمة في زمنه، شديداً على الكلابية، منابذاً لهم.

فإذا كان هذا موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من الكلابية الذين هم سلف الأشاعرة، مع موافقتهم لأهل السنة في أكثر أقوالهم كما يدل عليه قول أبي الحسن الأشعري: (فأما أصحاب عبد الله بن سعيد القطان، فإنهم يقولون بأكثر ما ذكرناه عن أهل السنة...) [17].

وكان ابن كلاب والمحاسبي يثبتون لله صفة العلو، والاستواء على العرش، كما يثبتون الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما [18].

فكيف بمتأخري الأشاعرة الذين يؤولون ذلك لكه، ويوافقون المعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم، مخالفين بذلك أئمة السلف من أهل السنة بل مخالفين سلفهم ابن كلاب وأصحابه.

فما هو موقف علماء أهل السنة منهم؟ وهل أقروهم على دعواهم أنهم أهل السنة؟

موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة:

بتتبع كلام أهل العلم من العلماء أهل السنة نجد أقوالهم في ذلك متفاوتة ما بين متشدد، دعاه لذلك ما وقف عليه من مخالفة القول للسنة، وموافقتهم للجهمية والمعتزلة في بعض أقوالهم، فبدعهم وحذر منهم ولم ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه.

وبين متساهل معدهم من أهل السنة، لما رأى من موافقتهم للسنة في بعض المسائل.

وبين هؤلاء وهؤلاء حاول بعض أهل العلم التدقيق في المسألة، والقول فيها بشيء من التفصيل.

وفرق بعض أهل العلم بين متقدميهم ومتأخريهم، فعد المتقدمين منهم أقرب إلى أهل الحديث والسنة، والمتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة.

وإليك تفصيل أقوالهم مرتبة حسب التصنيف الذي ألمحنا إليه:

القول الأول:

قول بعض أهل العلم: أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة وإنما هم أهل كلام، عدادهم في أهل البدعة.

وممن ذهب إلى ذلك: الإمام أبو نصر السجزي [19] (ت 444هـ). حيث يرى أنهم محدثة وليسوا أهل سنة، فيقول في فصل عقدة لبيان السنة ما هي؟ ويم يصير المرء من أهلها؟

(... فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو ينظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...

ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يسمى محدثاً بل سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاًـ ومخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا ونبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) [20].

بل يذهب رحمه الله أبعد من ذلك فيرى أن ضررهم أكثر من ضرر المعتزلة، فيقول: (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ - أي: المعتزلة – بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري...) [21].

معللاً رأيه هذا بقوله: (فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة) [22]. وقوله: (... لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.

بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه [23]) [24].

وممن عدهم من أهل البدع محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي [25]، فقد روى عنه ابن عبد البر: أنه قال في كتاب الشهادات من كتابه "الخلاف"، في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء [26] قال: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته...) [26].

ومن المتأخرين: الشيخ ابن سمحان [27]، والشيخ عبد الله أبو بطين [28] كما سيأتي ذكر قولهما في ذلك في معرض ردهما على السفاريني في اعتباره الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة.

القول الثاني:

السفاريني (1114-1188)؛ حيث قسم أهل السنة إلى ثلاث فرق فقال: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:
1) الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل...
2) والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري [31].
3) والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي) [32].

ولم يُسَلّم ذلك له فقد تعقبه في الحاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سمحان فقال: (هذا مصانعة من المصنف رحمه الله تعالى في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف وصوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي. ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) [33].

كما علق على ذلك أيضاً الشيخ عبد الله بابطين (ت 1282هـ) بقوله: (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). قال: وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. – قال -: والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث، قال في النظم:
وليس هذا النص جزماً يعتبر = في فرقة إلا على أهل الأثر
يعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) [34].

وممن ذهب مذهب السفاريني. الأستاذ: أحمد عصام الكاتب، فقال في بيان أهل السنة من هم: (وبالجملة فهم: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتريدية؛ لأنهم جميعاً التزموا أسس العقيدة وأصولها...) [35].

ولا يخفى ما في هذا الكلام من تجوز وتساهل، فإن الخلاف بينهم ولاسيما بين أهل الحديث، وبين الأشعرية والماتريدية، هو في أسس العقيدة وأصولها، ومن أهم هذه الأسس مسألة النقل [36].

ومن هؤلاء الدكتور/ أحمد محمود صبحي. حيث قال في كتابه "في علم الكلام": (... ولكن ليس للأشعرية حق الإدعاء أنها تعبر عن فرقة أهل السنة والجماعة، وإنما تجاذب هذه الفرقة فريقان:
1) مذهب السلف من أهل السنة منذ الإمام أحمد بن حنبل إلى أن بلغ به ابن تيمية ذروة التبلور والتماسك.
2) مذهب الخلف من أهل السنة وتشارك الصفاتية والأشعرية فيه مذاهب أخرى أهمها الماتريدية) [37].

فعد الأشعرية من أهل السنة، وإن كان لا يرى انفرادها بذلك.

القول الثالث:

قول من يرى أنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبوب الاعتقاد. وممن قال بذلك:

الشيخ عبد العزيز بن باز حيث قال جواباً على قول الصابوني: (أن التأويل لبعض الصفات لا يخرج المسلم عن جماعة أهل السنة).

قال: (صحيح في الجملة فالمتأول لبعض الصفات كالأشاعرة لا يخرج بذلك عن جماعة المسلمين ولا عن جماعة أهل السنة في غير باب الصفات [38]، ولكنه لا يدخل في جماعة أهل السنة عند ذكر إثباتهم للصفات وإنكارهم للتأويل.

فالاشاعرة وأشباههم لا يدخلون في أهل السنة في إثبات الصفات لكونهم قد خالفوهم في ذلك وسلكوا غير منهجهم، وذلك يقتضي الإنكار عليهم وبيان خطئهم في التأويل، وأن ذلك خلاف منهج الجماعة... كما أنه لا مانع أن يقال: إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب الأسماء والصفات، وإن كانوا منهم في الأبواب الأخرى [39]، حتى يعلم الناظر في مذهبهم أنهم قد أخطأوا في تأويل بعض الصفات وخالفوا أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأتباعهم بإحسان في هذه المسألة، تحقيقاً للحق وإنكاراً للباطل وإنزالاً لكل من أهل السنة والأشاعرة في منزلته التي هو عليها...) [40].

وممن ذهب إلى ذلك الدكتور/ صالح الفوزان، حيث قال في تعقيبه على مقالات الصابوني: (نعم هم – يعني: الأشاعرة – من أهل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه، لاختلاف مذهب الفريقين في ذلك) [41].

القول الرابع:

اعتبارهم من أهل الإثبات والتفريق بين أئمتهم المتقدمين ومتأخريهم.

وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى: أنهم يعدون من أهل الإثبات؛ لكونهم يثبتون بعض الصفات، وأنهم أقرب إلى أهل السنة من باقي الطوائف، على أنه يفرق بين أئمتهم المتقدمين وبين متأخريهم فعد المتقدمين أقرب إلى السلف وأهل السنة، وجعل المتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة، لعظم موافقتهم لهم في كثير من أقوالهم.

يقول رحمه الله في معرض كلامه عن درجات الجهمية: (وأما الدرجة الثالثة فهم: الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية لكن فيهم نوع من التجهم كالذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة، لكن يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية، أو غير الخبرية ويتأولونها كما تأول الأولون صفاته كلها، ومن هؤلاء من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام.

ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضاً في الجملة لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول وذلك كأبي محمد بن كلاب، ومن اتبعه وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري [42] وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج، لكن انتسب إليهم طائفة هم إلى الجهمية أقرب منهم إلى أهل السنة المحضة، فإن هؤلاء ينازعون المعتزلة نزاعاً عظيماً فيما يثبتونه من الصفات...، وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم وقدموهم على أهل السنة والإثبات وخالفوا أوليهم...) [43].

وقال في "شرح الأصفهانية": (وأن الأشعرية أقرب إلى السلف والأئمة وأهل الحديث. – وقال - عن كتأخري الأشاعرة: فإن كثيراً من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة...) [44].

-------

قال الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله: والذي أراه أنه لابد من التفصيل التالي في اعتبار الأشاعرة من أهل السنة أو إخراجهم عنهم، ولا يطلق عليهم أنهم أهل السنة أو من أهل السنة بإطلاق؛ لأنهم ليسوا على السنة المحضة في كثير من أمور السنة في الاعتقاد، ولا يطلق أنهم ليسوا من أهل السنة؛ لأنهم يدخلون في مسمى أهل السنة بالاعتبارات الآتية:

1) هم من أهل السنة: بالمعنى العام [45] لمصطلح أهل السنة، والذي يدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدى الرافضة.

2) وهم من أهل السنة: في أمور العبادات العمليات؛ لأن السنة تشمل أمور الاعتقاد والعبادة والأعمال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات، وفي الاعتقادات...) [46].

والأشاعرة في أمور العبادات ليس لهم من الأقوال ما يخرجهم عن أهل السنة في الجملة [47].

فبهذه الاعتبارات يعد: الأشاعرة من أهل السنة.

ولكن لما كان اسم (أهل السنة) إذا أطلق فُهم منه أمور العبادات والاعتقادات جميعاً، بل هو بأمور الاعتقاج أخص، كما قال شيخ الإسلام في معنى "أهل السنة": (وقد يراد به: أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى، ويقول القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة) [48].

ورأينا الأشاعرة ليسوا على السنة المحضة في كل أبواب الاعتقاد، ومسائله التي ذكر الإمام أحمد طرفاً منها وبين أن من خالف فيها لا يعد من أهل السنة كما سيأتي فهل نقول: هم من أهل السنة؛ لأنهم وافقوا السنة في بعض أبواب ومسائل العقيدة، أم نسحب عنهم هذا الاسم لمخالفتهم للسنة في بعض المسائل والأبواب؟ هذا مناط الخلاف في كونهم من أهل السنة أو ليسوا من أهلها.

فمن تغاضى عن المسائل التي خالفوا فيها أهل السنة، قال هم من أهل السنة؛ لأنهم من أهل السنة في أبواب العبادات ولم يخرجوا عن اعتقاد أهل السنة في كل أبواب الاعتقاد. وعلى هذا يخرج عد السفاريني وغيرهم إياهم من أهل السنة.

ومن رأى أنه لا يستحق اسم "أهل السنة" إلا من وافق السنة في أمور العبادات والاعتقادات، ومن خالف مذاهب أهل السنة وسلف الأمة في شيء من ذلك ولاسيما في أبواب الاعتقاد، فإنه يستحق اسم "أهل السنة".

قال: ليس الأشاعرة من أهل السنة، وعلى هذا يخرج قول من قال: ليسوا من أهل السنة كالإمام السجزي والشيخ بابطين وغيرهما.

وربما وجد ما يؤيد هذا الاتجاه من كلام أئمة السلف، حيث عدد كثير منهم مسائل الاعتقاد التي يكون المرء إذا استكملها من أهل السنة، وإن أخل بشيء منها فليس هو من أهل السنة، وذلك مثل:

قول الإمام أحمد: (هذا مذاهب أهل العلم، وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها، المقتدي بهم فيها من لدن أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إلى يومنا هذا، وأدركت من علماء الحجاز، والشام وغيرهما عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع وخارج عن الجماعة زايل عن منهج السنة وسبيل الحق، فكان قولهم: أن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص...) [49]. ثم ذكر جملة اعتقاد أهل السنة.

وقول علي المديني: (... السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها، أو يؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره ثم تصديق الأحاديث والإيمان بها... إلى آخر الاعتقاد) [50].

وقول عبد الله بن المبارك: (أصل اثنين وسبعين هوى: أربعة أهواء فمن هذه الأربعة الأهواء تشعبت الاثنان وسبعون هوى: القدرية والمرجئة والشيعة والخوارج.

فمن قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم، فقد خرج من التشيع أوله وآخره.

ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.

ومن قال الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف ودعا لهم بالصلاح فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره.

ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل خيرها وشرها يضل من يشاء ويهدي من يشاء؛ فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره، وهو صاحب سنة...) [51].

وقول عبيد الله بن بطة العكبري: (ونحن ذاكرون شرح السنة ووصفها، ومت هي في نفسها، وما الذي إذا تمسك به العبد ودان الله به سمى بها واستحق الدخول في جملة أهلها، وما إن خالفه أو شيئاً منه دخل في جملة من عبناه وذكرناه وحذر منه من أهل البدع والزيع فما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة منذ بعث نبيه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إلى وقتنا هذا. – ثم ذكر الإيمان والصفات والقدر وغيرها من أمور الاعتقاد -...) [52].

فكلام هؤلاء الأئمة المعتبرين المقتدى بهم صريح في أن أحداً لا يرقى ولا يتأهل لحمل لقب "صاحب سنة" أو أنه "من أهل السنة"؛ إلا إذا تحققن فيه خصال السنة التي أجمعوا عليها.

أما من رأى من أهل العلم أن من خالف السنة في باب من أبواب الاعتقاد ووافقها في باب آخر فهو من أهل السنة فيما وافق فيه السنة، وليس منهم فيما خالفهم فيه، وذلك من باب أن المرء يمدح بقدر ما فيه من موافقة السنة، ويذم بقدر ما فيه من مخالفتها، وأن إخراج قوم من مسمى "أهل السنة"؛ لأنهم خالفوا السنة في باب دون باب، فيه مجانبة للعدل والإنصاف، من رأى هذا الرأي قال مثلاً: الأشاعرة من أهل السنة في أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه.

والذي أميل إليه: أن لا يقال: (الأشاعرة من أهل السنة) إلا بقيد، فيقال: هم من أهل السنة في كذا، في الأبواب التي لم يخالفوا فيها مذهب أهل السنة.

لأننا إذا أطلقنا القول بأنهم من "أهل السنة" التبس الأمر وظن من لا دراية له بحالهم أنهم على مذهب أهل السنة والسلف في كل خصال السنة، والواقع أنهم ليسوا كذلك. بل في أقوالهم ما يخالف السنة في كثير من أبواب الاعتقاد. فليسوا على السنة المحضة في كل اعتقاداتهم.

وإذا أطلقنا القول بأنهم ليسوا من أهل السنة، كان ذلك حكماً بأنهم خالفوا السنة في كل أبواب الاعتقاد، والأمر ليس كذلك فقد وافقوا أهل السنة في أبواب الصحابة والإمامة وبعض السمعيات.

فالعدل والإنصاف يقتضي أن يحكم على كلٍ بما يستحق على ضوء ما رضي لنفسه من قول واختلط من نهج.

والله تعالى أعلم.

المصدر:
كتاب: وسطية أهل السُنة بَينَ الفرق (ص72-89)، تأليف الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله، ط. الأولى 1415هـ - 1994م، دار الراية للنشر والتوزيع.

الهوامش:

[1] وهو: أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان، صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة، وربما وافقهم. وكلاب مثل خطاف وزنا ومعنى، لقب به لقوته في المناظرة؛ لأنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبلاغته، وأصحابه هم الكلابية، أدرك بعضهم أبو الحسن الأشعري، توفي بعد الأربعين ومائتين.
انظر ترجمته في: الفهرست لابن النديم (230)، والسير للذهبي (11/174).

[2] وهو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي.
انظر: ابن عساكر، تبيين كذب المفتري (ص398).

[3] وهو: الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي، من الزهاد المتكلمين على العبادة والزهد...، وكان فقيهاً متكلماً، توفي سنة 243هـ.
انظر ترجمته في: الفهرست لابن النديم (236)، وميزان الاعتدال للذهبي (1/430-431)، والكامل لابن الأثير (5/298).

[4] وهو شيخه: أبو علي الجبائي.

[5] الملل والنحل (1/93).

[6] د. أحمد محمود صبحي. في علم الكلام (ص422).

[7] الشهرستاني، نهاية الإقدام (302).

[8] انظر: البغدادي، أصول الدين (ص87، 97، 234)، والجويني الإرشاد (ص119).

[9] أبو الحسن الأشعري رحمه الله ثبت رجوعه إلى مذهب السلف في ذلك على ما جاء في كتابي الإبانة والمقالات.

[10] درء التعارض العقل والنقل (2/6).

[11] وهو إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمويه الخراساني النصر أباذي، كان عالماً بالحديث، وكان من شيوخ الصوفية في وقته، نزل مكة وتوفي بها سنة 367هـ.
انظر ترجمته: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (6/169)، والسمعاني، الأنساب (5/492)، والذهبي، سير أعلام النبلاء (16/263).

[12] الذهبي، ميزان الاعتدال (1/430)، وابن حجر، تهذيب التهذيب (2/153).

[13] درء تعارض العقل والنقل (2/6).

[14] الفتاوى (12/368).

[15] وهو: محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن، أبو علي الثقفي، ذكر الحاكم أنه كان إماماً في الفقه والكلام، والوعظ والورع، روى عنه أبو بكر ابن إسحاق (ابن خزيمة)، مات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
انظر: تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (3/192)، (بتحقيق محمود الطانحي، وعبد الفتاح الحلو، ط. الأولى 1383هـ-1964م).

[16] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ترجمة ابن خزيمة (14/380).

[17] مقالات الإسلاميين (1/350).

[18] انظر: ابن تيمية، درء التعارض (3/380-381، 5/248، 6/119).

[19] هو: عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوايلي، له كتاب الإبانة في الرد على الزائغين، وكتاب الرد على من أنكر الحرف والصوت، توفي سنة 444هـ. وقد قدم الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله عنه دراسة موسعة في مقدمة تحقيق كتاب الرد على من أنكر الحرف والصوت، الذي نال به درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية، ونشره المجلس العلمي بها.

[20] انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100-101)، وانظر: (ص62) من هذا الرسالة.

[21] نفس المصدر (222).

[22] نفس المصدر (223).

[23] الاستقفاء: الاتيان من الخلف يقال: اقتفيه بالعصا، واستقفيته ضربت قفاه بها.
انظر: لسان العرب (15/193).

[24] يشير رحمه الله إلى ما ذكره عنهم من قولهم في القرآن إن اله تكلم به بلا حرف ولا صوت، وتأويلهم للصفات كالاستواء والنزول والفوقية وغير ذلك.
انظر مثلاً (ص82، 106، 107، 173)، وما بعدها من رسالة "الرد على من أنكر الحرف والصوت".

[25] الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص177، 178).

[26] قال ابن فرحون: هو محمد بن أحمد بن عبد الله ورأيت على كتبه بخطه: محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق، تفقه على الأبهري، وله كتاب كبير في الخلاف... وكان يجانب الكلام، وينافر أهله، حتى يؤدي ذلك إلى منافرة المتكلمين من أهل السنة، ويحكم على الكل منهم بأنهم من أهل الأهواء الذين قال مالك في مناكحتهم وشهادتهم وإمامتهم وتنافرهم ما قال.
الديباج المذهب، (بتحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور، نشر: دار التراث بالقاهرة)، (2/229).

[27] في قبول شهادة أهل الأهواء والبدع أوردها عدة أقوال لأهل العلم ملخصها ما يلي:
أولاً: من عرف من أهل البدع بالكذب واستحلال شهادة الزور على الخصوم فترد شهادته باتفاق، وذلك كغلاة الروافض كما قال الإمام الشافعي فيما رواه البيهقي: (أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم؛ ألا الرافضة فإنه يشهد بعضهم لبعض)، وقال: (لم أر أشهد بالزور من الرافضة).
ثانياً: أما سار أهل الأهواء ففي قبول شهادتهم ثلاثة أقوال:
1) القبول مطلقاً.
2) الرد مطلقاً.
3) تقبل إذا لم يكن المبتدع داعية لبدعته، وترد إذا كان داعية إلى ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا لقول هو الغالب على أهل الحديث لا يرون الرواية عن الداعية إلى البدع ولا شهادته).
راجع في هذا: منهاج السنة (1/62)، ط. جامعة الإمام، وسنن البيهقي (10/52-53(، وشرح السنة للبغوي (1/228).

[28] انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/117) ط. الثانية 1388، نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.

[29] وهو: سليمان بن مصلح بن حمدان الخثعمي العسيري أصلاً ومولداً، ولد سنة 1266هـ ببلاد عسير، ثم رحل مع أبيه إلى نجد، وأخذ على علمائها، له عدة مصنفات في الدفاع عن العقيدة السلفية شعراً ونثراً، ما في الرياض سنة 1349هـ.
انظر: عبد الله بن عبد الرحمن البسام، علماء نجد (1/279-281)، ط. الأولى عام 1398هـ. نشر: مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة بمكة.

[30] وهو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن أبو بطين. أحد أكابر علماء نجد ولي القضاء في عدة أماكن منها. له مصنفات وردود على المخالفين، منها: الفتاوى، وتأسيس التقديس في الرد على ابن جرجيس، ولد في روضة سدير عام 1194هـ، وتوفي بعنيزة سنة 1282هـ.
انظر: المصدر السابق (2/567).

[31] ثبت رجوع أبي الحسن عما عليه الأشعرية إلى مذهب الإمام أحمد فلا يعد إماماً لهم في مذهبهم الذي هم عليه لرجوعه عنه.

[32] لوامع الأنوار البهية (1/73).

[33] لوامع الأنوار البهية (1/73) حاشية رقم (4).

[34] المصدر السابق (1/73) حاشية رقم (4) أيضاً.

[35] عقيدة التوحيد في فتح الباري (ص86)، ط. الأولى 1403هـ. نشر: دار الأفاق الجديدة – بيروت.

[36] المراد بالنقل: نصوص الكتاب والسنة.

[37] (ص426-427).

[38] من الأبواب التي يخالفوهم فيها.

[39] أي: التي لم يخالفوهم فيها، فإن مخالفة الأشاعرة لأهل السنة ليست مقصورة على باب الأسماء والصفات، فقد خالفوهم في أبواب أخرى كالإيمان، والقدر، فهم ليسوا من أهل السنة فيها، كما أنهم ليسوا منهم في باب الأسماء والصفات.

[40] تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل (ص37-38)، ط. الأولى 1404هـ. نشر: الدار السلفية – الكويت.

[41] البيان لأخطاء بعض الكتاب (ص28).

[42] قبل رجوعه إلى مذهب السلف.

[43] رسالة "التسعينية" ضمن المجلد الخامس من الفتاوى الكبرى (ص40-42) ط. كردستان العلمية بالقاهرة سنة 1329هـ.

[44] شرح الأصفهانية، بتقديم: حسنين محمد مخلوف (ص77-78)، نشر: دار الكتاب الحديثة بمصر.

[45] المعنى العام يدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدى الرافضة، فيقال: هذا رافضي، وهذا سني، وهذا هو اصطلاح العامة؛ (لأن الرافضة هم المشهورون عندهم بمخالفة السنة فجمهور العامة لا تعرف ضد السني إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم: أنا سني فإنما؛ معناه: لست رافضياً).
انظر: ابن تيمية، الفتاوى (3/356).

وقد ورد عن بعض السلف ما يشير إلى هذا المعنى فقد قيل لسفيان الثوري: (يا أبا عبد الله! وما موافقة السنة؟ قال: تقدمة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما)، فالسني عنده من قدمهما على غيرهما في الخلافة والفضل، ومن لم يقدمهما فليس بسني، ولم يؤخرهما عن مرتبتهما إلا الرافضة.
انظر: اللالكائي في "شرح أصول أهل السنة" (1/152). من كتاب "وسطية أهل السنة بين الفرق" للدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله (ص46-47).

[46] قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص77): ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات، وفي الاعتقادات، وإن كثير ممن صنف في السنة يقصدون الكلام في الاعتقادات.

وهذا كقول: ابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي الدرداء رضي الله عنهم: (اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة).
الأثر أخرجه الدارمي عن ابن مسعود بلفظ: (القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة) (1/72)، والبيهقي، انظر: السنن الكبرى (3/19)، قال الألباني: وهذا الأثر صحيح. انظر صلاة التراويح (ص6).

[47] أقول في الجملة؛ لأن بعض أئمتهم ولاسيما المتأخرين منهم، ابتلوا بشيء الابتداع في العبادات، وأغرق بعضهم في التصوف المنحرف، فابتعدوا عن السنة والاتباع في العبادات أيضاً كما ابتعدوا عنها في مسائل الاعتقاد.

[48] وانظر: منهاج السنة (2/163).

[49] السنة (ص33).

[50] اللالكائي، شرح أصول أهل السنة (1/165).

[51] ابن أبي يعلى، طبقات الحنابلة (2/40).

[52] الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة (175-176).
__________________