تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أحرج الحكومة المصرية؟ - فهمي هويدي



من هناك
09-16-2008, 03:03 PM
صحيفة الدستور المصريه الثلاثاء 16 رمضان 1429 – 16 سبتمبر 2008



من أحرج الحكومة المصرية ؟ - فهمي هويدي



http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archive/2008/9/676968.html


لم تخيب الحكومة ظننا، ومنعت قافلة الناشطين المصريين من الوصول إلى رفح ومحاولة كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، كما منعت توصيل المؤن والأغذية التي حملوها معهم إلى المحاصرين.

لم يكن ذلك مفاجئا،لأنني حين كتبت قبل ايام محتفياً بالمحاولة لم استبعد أن تمنع القافلة من مغادرة القاهرة، ناهيك عن الوصول إلى العريش ورفح، لكنني رجحت ان يتم المنع خارج القاهرة، لا بسبب التسامح وطول البال، ولكن لأن الأمن سيفضل أن يقوم «بالواجب » بعيداً عن أعين الفضوليين، خصوصاً كاميرات الفضائيات ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء، وهو

ما حدث، اذ اعترضت قوات الامن طريقهم عند الاسماعيلية،على بعد حوالي 80 كيلومترا من القاهرة، على النحو الذي فصلت فيه التقارير الصحافية التي نشرت في اليوم التالي،

أما التعليقات التي نشرت في وقت لاحق فكانت صنفين،الأول كتابات للمناصرين للحملة وبعض المشاركين فيها،والثاني كتابات ناقدة للحملة ومنددة بها. كلام المناصرين - خصوصا المشاركين منهم - كان موجعا ومخزيا، ذلك لانهم لم يخفوا دهشتهم من ان تصرح السلطات القبرصية للسفينتين اللتين حملتا الناشطين الاوروبيين بالتوجه الى غزة، رافضة بذلك الاستجابة لمطلب الحكومة الاسرائيلية،كما ان السلطات الاسرائيلية ذاتها تراجعت في اللحظة

الاخيرة، وسمحت للسفينتين بدخول ميناء غزة خشية الفضيحة الدولية، ولكن السلطات المصرية تفوقت على الاثنين في الجرأة، حين منعت مجموعة الناشطين المصريين من الاقتراب من العريش، وقد لاحظت في المقالات الثلاث التي نشرتها صحيفة «صوت الأمة » في ) 15 - 9( أن كاتبيها رددوا في كلامهم فكرة واحدة، هي أن شعب غزة ليس وحده المحاصر، ولكن الشعب المصري محاصر بدوره.

أصداء الناقدين على قلتهم جاءت مسكونة بالتغليط والتدليس، ذلك انها تجاهلت ان الذين شاركوا في محاولة فك الحصار يمثلون المثقفين المصريين ونقاباتهم المهنية وتياراتهم الوطنية المختلفة، كذلك تجاهلت المليون ونصف المليون مواطن المحاصرين منذ أكثر من عام في غزة، ولم تتذكر الا الاخوان المسلمين الذين شارك بعضهم في الحملة، وحركة حماس الممسكة بالسلطة في القطاع.

وهذه الاشارات اريد بها الايحاء بفكرة المؤامرة فيما جرى،وهي ذات العقدة التي تحكم النظرة المصرية للحاصل في القطاع،التي تعتبر ما يجري هناك جزءا من معركة السلطة مع الاخوان في مصر، مسقطة كل بعد انساني او حتى سياسي في المشهد.

الملاحظات الأخرى التي سجلها الناقدون كان في مقدمتها قولهم ان بعض مسؤولي الحملة صرحوا بأن هدفها سياسي، وانها استهدفت احراج النظام المصري،وتساؤلهم: لماذا انشغلت الحملة بإغاثة الفلسطينيين في غزة، ولم تفعل شيئا لسكان الدويقة؟ ولماذا لم تسلم المؤن والأغذية لجمعية الهلال الأحمر المصري، لتقوم بتوصيلها إلى سكان القطاع؟

وهذه ملاحظات مردود عليها بأن الهدف السياسي للحملة لا غضاضة فيه، و يتمثل في محاولة كسر الحصار، أما إحراج الحكومة المصرية، فقد تكفلت به الحكومة ذاتها، التي أساءت إلى نفسها وشعبها أيما اساءة، حين رفضت وصول الحملة إلى العريش، بحيث كان موقفها أسوأ من موقف الحكومتين القبرصية والاسرائيلية، وليس صحيحاً ان الذين اهتموا بغزة لم يهتموا بالدويقة، لأنه بعد أن

تحركت الحملة صوب العريش، نشرت لجنة الإغاثة الإنسانية التابعة لنقابة الأطباء، التي رعت حملة فك الحصار إعلاناً في الصحف المصرية، فتحت بمقتضاه الباب لإغاثة منكوبي الدويقة، ناهيك عن أن جهد الانقاذ المطلوب هناك تجاوز طاقة النقابات المهنية، اما فكرة تسليم المواد الإغاثية للهلال الأحمر فليس لها ما يبررها، حيث تعددية العمل الأهلي باب ينبغي ان يتنافس الجميع فيه، ويقتله ان يحصر ذلك النشاط في جمعية واحدة، وسيكون مدهشا أن تسمح بالتعددية في العمل السياسي بينما تمنعه في العمل الإجتماعي.