تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أدِّ الأمانة َإلى من ائتمنكَ



النصر قادم
09-14-2008, 07:58 PM
أدِّ الأمانة َإلى من ائتمنكَ


الحمدُ للهِ القائل ِفي مُحكم ِالتنزيل ِ: ( إنًّ اللهَ يَأمُرُكـُمْ أن تـُؤدُّوا الأماناتِ إلى أهلِـها وإذا حكـَمتـُمْ بينَ الناس ِأن تحكـُمُوا بالعدل ِ, إنَّ اللهَ نِعِمَّـا يَعِظـُكـُم بهِ ، إنَّ اللهَ كانَ سميعاً بصيراً{58}) النساء .

هذهِ الآية ُالكريمة ُمن أمهاتِ الأحكام ِوقد تضَمَّنت جميعَ أحكام ِالدين ِوالشرع ِ, لأنَّ الخطابَ يشملُ جميعَ النـَّاس ِفي جميع ِالأماناتِ .

والأمانة ُلغة ً: هيَ نقيضُ الخيانةِ. وتعني وضْعَ الشيءِ في موضِعِهِ فمَن استأمَنَ الذئبَ على غنمهِ، فقد خانَ الأمانة َ.

ومن بايَعَ مَلِكاً أو رئيساً لجمهوريةٍ, أو أعطى الولاءَ لرئيس ِوزراءٍ، أو شاركَ بحكومةٍ اشتراكيةٍ أو علمانيةٍ أو ديمقراطيةٍ, فقد أعطى ولاءَهُ في غيرِ موضِعِهِ, وبذلكَ يكونُ قد خانَ الأمانة .

لانَّ الولاءَ لا يكونُ إلاّ للهِ ولرسولِهِ وللمؤمنين .

وهذهِ الأنظمة ُليستْ منَ الإسلام ِفي شيءٍ, لأنَّ نِظامَ الحُكم ِفي الإسلام ِخلافة ٌ فقط , لقولهِ عليهِ السلامُ : ( كانت بَنـُوا إسرائيلَ تـَسُوسُهُمُ الأنبياءُ كـلـَّمَا هلـَكَ نبيٌّ خـَلـَفـَهُ نبيٌّ, وإنـَّهُ لا نبيَّ بعدي وستكونُ خلفاءُ فتكثر, قالوا: فما تأمُرُنا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : فـُوا ببَيعَةِ الأول ِفالأول ِوأعطوهُم حَقهُم فإنَّ اللهَ سائِلـُهُم عَمَّا استرعاهُم ) وقالَ أيضاً : ( إذا بويعَ لِخليفتين ِفاقتلوا الآخـِرَ مِنهُمَا ) .

فنظامُ الحكم ِفي الإسلام ِهو الخلافة ٌ, وما سواهُ طاغوتٌ يَحرُمُ أخذهُ, ويجبُ ردُّهُ ونقضُهُ, وعليهِ فمنَ استبدلَ الخبيثَ بالطيبِ فقد وضعَ الشيءَ في غيرِ محلِهِ وخانَ الأمانة .

يقولُ ربُّ العزَّةِ : ( إنـَّا عرضنا الأمانة َعلى السماواتِ والأرض ِوالجبال ِفأبينَ أن يَحملنـَهَا وأشفقنَ منها وحَمَلها الإنسانُ إنـَّهَ كانَ ظلوماً جهولا{32}) الأحزاب .

وليسَ كلُّ إنسان ٍظلوم ٍجهول. بل كلُّ من خانَ اللهَ ورسولـَهُ وخانَ أمانتهُ فهوَ ظلوم, أيّ كثيرُ الظلم, وجهولٌ: عظيمُ الجهل ِ. يقولُ سبحانهُ وتعالى: ( والعصرِ{1} إنَّ الإنسانَ لفي خـُسر{2} إلاّ الذينَ آمنوا وعملوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصبر{3}) العصر .

والأمانة ُشرعاً هي ما كلـَّفَ اللهُ العبادَ بهِ, فكلُّ تكليفٍ متعلقٌ بأمرٍ واجبٍ فهوَ أمانة ٌوجبَ أداؤهُ .
ومن تركهُ يكونُ قد خانَ الأمانة َ, وكلُّ نهي ٍجازم ٍانتـُهكَ استحقَّ فاعلـُهُ عقوبة ًمنَ اللهِ, وعليهِ فالإسلامُ عبارة ٌعن معاريفَ وجبَ إقامَتـُهَا وهذا واجبٌ, وأداؤهُ أمانة ُ, والقِسمُ الأخرُ منَ الأحكام ِهيَ المحظوراتُ والمنهياتُ واجبٌ تركـُها، ومن يفعلْ غيرَ ذلكَ فقد تعدَّى حدودَ اللهِ وخانَ الأمانة َ.

وقد أدركَ السابقونَ الأولونَ معنى الأمانةِ إبَّانَ الفتوحاتِ العظيمةِ فحملوا عقيدتـَهُم وتسابقوا لنشرِها, ودافعوا عنها بالغالي والنفيس, وحرَّروا البلادَ والعبادَ وهانَ في سبيلها المُهجُ والأرواحُ, ومن تلكَ البلادِ بيتُ المقدس ِوقد رَبَطهَا اللهُ بعقيدتِهم, وأيقنوا أن فلسطينَ أرضٌ خراجية ٌ, ومنَ الأمانةِ وَضعُهَا في مكانِها ، ومكانـُها في عنق ِكلِّ مسلم ٍلأنها أرضٌ خراجية ٌ فكانت فلسطينُ في عنق ِمليارٍ وثلثِ المليارِ منَ المسلمينَ, ثمَّ جاءَ سَقط ُالمتاع ِوخانوا الأمانة بمؤتمراتهم ومؤامراتهم, وكانَ الفصلُ الأولُ يومَ فصلوا ما يُسمَّى بالبلادِ الإسلاميةِ عنها وحصروها بالعربان, أيّ فصلوا المليارَ من المسلمين، وصارتْ قضية ُفلسطينَ عربية ًبعدَ أن كانتْ إسلامية ً, ثمَّ سُلِختْ إلى قضيةٍ شرق ِأوسطيةٍ, ثمَّ مُسختْ إلى قضيةِ الشعبِ الفلسطينيِّ بملايينهِ العشرةِ, فصارتْ م. ت. ف : الممثلَ الشرعيَّ والوحيدَ .
ثمَّ قـُزِّمتْ إلى مجلس ٍوطني ٍوتشريعي ٍببضع ِعشراتٍ, وآخِرُ المطافِ الرجلُ الواحدُ والحاكمُ الواحدُ فكانتِ الخيانة ُتلوَ الخيانة .

فضاعت فلسطينُ بين تفريطِ المتنفذينَ, وصمتِ الأمةِ وتقاعُسها .


إخوتي وأحبتي : ما كانَ ليتمَّ لهم ذلكَ ودولة ُالإسلام ِقائمة ٌ, والدليلُ على ذلكَ ما قالهُ السلطانُ عبدُ الحميدِ رُغمَ ضعفِهِ: لعملُ المِبضَع ِفي جسدي وأنا حيٌّ أهونُ عليَّ من أن أتنازلَ عن بيتِ المقدس ِلأنـَّها ليستْ مُـلكي بلْ هيَ ملكٌ لشعبي, أيّ : لجميع ِ المسلمين .
هذا هو موقفُ الأخيارِ الأبرارِ, أمَّا الأشرارُ الفجارُ فقد حذرَنا البشيرُ منهم يومَ قال : ( إذا ضُيعتِ الأمانة ُ فانتظر الساعة !! قيلَ وكيفَ إضاعَتـُهُا يا رسولَ اللهِ ؟ فقال : إذا وُسِّدَ الأمرُ لغيرِ أهلِهِ فانتظر الساعة ) وُسِّدَ بمعنى أسند .

وها هيَ الأماناتُ قد ضُيعتْ, وأحكامُ الإسلام ِقد رفعتْ وهرطقاتُ الطاغوتِ طبقت, من رأسماليةٍ وديمقراطيةٍ وعلمانيةٍ وما انبثقَ عنها من عولمةٍ وخصخصةٍ وحرياتٍ, فويلٌ لمن رضيَ وتابع .


وصدقَ اللهُ العليُّ العظيم إذ يقول محذرأ: ( يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تـَخونوا اللهَ والرسولَ وتخونوا أماناتِكـُم وأنتم تعلمون{27}) الأنفال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتبه أخوكم : النصر قادم

طرابلسي
09-14-2008, 10:03 PM
بارك الله فيك
شخصت الواقع بدقة