تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ليتهم استمروا في غيهم ونسيانهم: العرب والعقوبات الجديدة على الفلسطينيين



من هناك
09-09-2008, 01:48 PM
أخيرا وبعد إعراض طويل عن الملف الفلسطيني عادت الدول العربية في اجتماع لوزراء خارجيتها في القاهرة لتعبر عن غضبها الشديد بسبب الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية, قائلة أنها تنتظر منها إنهاء تلك الانقسامات وإلا وقعت عليها عقوبات.

وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى "لا نريد ولن نتعامل مع عملية مصالحة مثل عملية السلام تستمر سنة واثنتين وعشر... نحن في انتظار نتائج عملية المصالحة التي تقودها مصر مدعومة من الجامعة العربية بالإجماع", وأضاف أن الإجراءات الإسرائيلية لتغيير الوضع على الأرض الفلسطينية تجعل "كل يوم يمر يصعب من قيام دولة فلسطينية". وقال موسى إن العقوبات التي تلوح الدول العربية بها ضد الفلسطينيين ستكون "ضد الجميع إذا لم يتصالحوا".

وإذا كانت عودة الدول العربية ومؤسساتها للاهتمام بالشأن الفلسطيني مطلوبة وضرورية, فإن التهديد بفرض عقوبات على الفلسطينيين المحاصرين ابتداء وتحميلهم المسؤولية كاملة مسألة عجيبة!! نعم يتحمل الفلسطينيون قسطا كبيرا جراء خلافاتهم وصراعاتهم, غير أنه لا ينبغي القفز على حقائق الصراع الفلسطيني الداخلي وتسطيحه, كما إن تصحيح الوضع يستوجب اعتذارا عربيا عن التقصير والجمود في المرحلة السابقة, الأمر الذي عقّد الأوضاع وترك الباب مشرعا لقوى إقليمية للتغلغل في الساحة الفلسطينية وهو ما حذر منه بعض الوزراء العرب.

الدول العربية عجزت عن الالتزام بقرار وزراء خارجيتها في سبتمبر 2006 والقاضي بإنهاء الحصار على قطاع غزة, وأخفقت أيضا في كشف الحقائق التي كان من المفترض أن تعلنها اللجنة العربية لتقصي الحقائق والتي شكلتها الجامعة العربية بعد أحداث غزة في صيف العام الماضي. كما أن الدول العربية والتي أعلنت في مؤتمر القمة الأخير في دمشق عزمها على ربط مبادرة السلام العربية ببدء تنفيذ إسرائيل لكل التزاماتها فيما يتعلق بعملية السلام, وتكليف لجنة وزارية عربية لإجراء تقييم ومراجعة شاملة للإستراتيجية العربية ليتسنى إقرار خطوات التحرك العربي المقبلة في ضوئه, لم تفعل ذلك تماما.

التقصير والخلل لم يكن من الفلسطينيين فحسب, بل وتتحمل الدول العربية جزءا كبيرا منه جراء جمودها وغيابها وتغيّبها عن الساحة الفلسطينية وعن غيرها. حتى في المجال الإنساني وبعيدا عن الخلافات السياسية ماذا قدم العرب للاجئين الفلسطينيين والذين تقطعت بهم السبل على الحدود العراقية. أليس من المحرج أن تعلن أيسلندا عن استضافتها وتوطينها لنحو ثلاثين فلسطينيا من لاجئي العراق ممن يعيشون منذ عامين ظروفا قاسية في مخيمات بالعراء, فيما تدير الدول العربية ظهورها لهم ولمعاناتهم ؟

وفي الوقت الذي نددت فيه منظمات وشخصيات دولية مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والقس ديزموند توتو بالحصار على غزة ووصفوه بجريمة ضد الإنسانية, وتحرك الناشطون الغربيون نحو شواطئ غزة احتجاجا على الأوضاع الصعبة للفلسطينيين, لم نسمع صوتا عربيا رسميا يتحدث عن ضرورة فتح المعابر وكسر الحصار.


الحديث في رمضان عن عقوبات على الفلسطينيين بعد هذه الغياب العربي الطويل, لا يدل على عزم عربي رسمي للتحرك بقدر ما يدل على حرج, ومحاولة للتنصل من الواجبات, ودفع بعض الفلسطينيين لمزيد من التنازلات.

ياسر سعد